الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واحدة من النساء تكفي

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2013 / 11 / 13
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


حاولت أمى تعليمى تقميع البامية وطبخ الملوخية بالطريقة التى يحبها أبى، وكان أبى لا يأكل البامية أو الملوخية الا بطريقة أمه الريفية، يدفن وجهه فى الطبق متشمما رائحه امه او طفولته، فإن لم يجدها أصابه الضيق.
أمى ابنة المدينة تنتمى لأسرة مثقفة دخلت مدرسة فرنسية، وكان حلم حياتها اكتشاف دواء جديد مثل مدام كيوري. عشت بين طبقتى أبى وأمى المتناقضتين، الى جانب التناقض الأكبر الموروث منذ الاف السنين، أعنى التناقض المفروض بين عقل المرأة وجسدها أكبر ادباء الغرب والشرق كتبوا ان عقل المرأة يفقدها انوثتها، وأكبر أدباء مصر توفيق الحكيم اشتهر بانه عدو المرأة، لكنه اعترف أنه يحب المرأة الجميلة فقط بدون عقلها، وقال أن المرأة تصبح قبيحة حين تمارس السياسة أو الفلسفة أو الكتابة، وأن الرجل الغبى هو من يتزوج امرأة ذكية مأساة لا يمكن انكارها تعيشها الكتابة أو أى امرأة لها عقل يفكر فى أمور غير البامية والملوخية!
كاتبات العالم عشن مآسى مختلفة تؤدى أحيانا الى الموت أو الانتحار، كما حدث لفرجينيا وولف الانجليزية وسيلفيا بلاث الامريكية وأروى صالح المصرية. لهذا تتظاهر الكاتبة بالغباء للحفاظ على عملها وزواجها، تتفادى الكتابة عن قضايا المرأة لتنال رضا الرؤساء وأصحاب النفوذ، خاصة فى العهود التى تتصاعد فيها قوة الاخوان المسلمين والاحزاب السلفية. إحدى صديقاتى كاتبة موهوبة، نشرت سيرتها الذاتية منذ عامين، لم تتعرض فيها للقهر الذى عاشته فى ظل سلطة أبيها المطلقه، أو الاستبداد الذى مارسه زوجها عليها وبناتها الثلاثه، تخلى عنها وعنهن ليتزوج إمرأة أنجبت له ولدا ذكرا يحمل اسمه وعائلته تحدثت الكاتبه فى سيرتها الذاتيه عن ذوات الاخرين، لم تذكر حرفآ عن ذاتها، أشاد بها نقاد الادب الرجال، تحدثت عن المباديء الثورية الانسانية العليا:
عيش، حرية، عدالة، كرامة انتقدت النخب المصرية الذين يتحولون بسرعه من عهد الى عهد وسيل الكتابات السلة غير العميقة، والصراع ضد الفساد والاستبداد، حكت عن طفولتها السعيدة على شاطيء البحر، والجوائز الادبية التى قدمتها لها الدولة، وميدان التحرير الذى نزف فيه الثوار الدماء، والشهيد الذى مات وهو يهتف تحيا مصر وفلسطين والعراق وتحدثت عن أبيها البطل الذى قاتل فى حرب فلسطين، بلغ كتابتها 350 صفحة لم تكتب فيه حرفآ عن أمها التى ماتت وحيدة فى غرفة معتمة بالسيدة زينب وكاتبة مصرية أخرى بارزة على المسرح السياسى الثورى، سافرت لمؤتمر أدبى فى فرنسا يناقش مشكلات الكاتبات فى ظل النظام الأبوى، بعد عودتها نشرت مقالا طويلا لم تذكر فيه كلمة واحدة عن موضوع المؤتمر، بل راحت تعبر عن لوعة الحنين للاسرة والوطن، رغم أنها لم تغب عن مصر الا أسبوعا واحدا، كانت تمشى فى شارع الشانزليزيه الواسع النظيف المظلل بالأشجار فتشعر بالحنين الى الحارة فى بولاق، التى مشى فيها أخوها فى المظاهرة قبل أن يسقط بالرصاصة الحية، والدم فوق الأسفلت، وروائح القمامة وأصوات الميكروفونات من فوق المنارات تعانق أجراس الكنائس، الأبخرة المتصاعدة من الكباب المشوى، بخور الحاج متولى يطوف به فى سيدنا الحسين، وعوادم السيارات والميكروباصات والتوك توك، وابتهالات الشحاتين، والجرافيتى على الحيطان يقول الثورة الثورة كل هذا جميل لكن لم تكتب كلمة واحدة عن موضوع المؤتمر الذى سافرت اليه، حيث نوقشت مشاكل النساء الكاتبات فى ظل الانظمه الابوية، وهى نفسها تعرضت للقمع الأبوى حين رفضت الزواج من الرجل الذى اختاره أبوها لها ثم أحبت زميلها فى المؤسسة، الذى اكتشف بعد الزواج أنها لا تطبخ البامية والملوخية بطريقة أمه، وأنها تفضل الكتابة عن الطبيخ، رمى عليها يمين الطلاق، كما يفعل الرجال فى بولاق التقيت بها صدفة فى الطريق، قالت أنها تأكدت من صدق كلمات توفيق الحكيم، سألتها لماذا لم تكتبى عن مؤتمر الكاتبات؟ قالت الا تعرفى عقلية رئيس رئيس الحزب الذى نا فيه؟ وعقلية رئيس التحرير الذى أكتب عنده؟ هل أعرض نفسى لما تعرضت أنت له يا صديقتى؟ يكفى واحدة تعاقب بالنيابة عنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما قلتيه حق
نضال الربضي ( 2013 / 11 / 13 - 07:05 )
تحية ًطيبة ً أستاذتنا الكريمة،

ما تفضلتي به هو الصدق التام تماما ً كاملا ً.

نحن لا نرى المرأة على حقيقتها في مجتمعاتنا العربية لأنها لا تنمو كما تفرض طبيعتها الأنثوية أو كما تقودها إمكانياتها، هذه الإمكانيات التي لا تخرج إلي حيز الممارسة فلا تنمو الأنثى أبدا ً لتصبح امرأة، لكنها تبقى أنثى بدائية بقالب ِ الذكر.

مجتمعاتنا لا تعرف من هي المرأة أصلاً و لا تفهمها، و تخاف منها، و تتمناها و تحقد عليها و تتكل على إنتاجها التناسلي المضبوط بإيقاع الذكر الإلهي.

كلما أطللت ِ علينا شعرت بالبهجة لأنك ِ دليل ٌ أننا ما زلنا أحياء و لم نمت.

أطيب التمنيات مع احترامي العميق و مودتي الخالصة.


2 - استاذة نوال
منى العلي ( 2013 / 11 / 13 - 08:43 )
اسمحي لي اليوم ان هناك اذا اردنا ان نقتصر بالحديث عن الشرق الاوسط حيث معاناة المرأة في كل مكان و لكن اكثر تحديدا في شرقنا، أعتقد أنه لازم يكون هناك أشخاص لديهم العقلية المنفتحة و لا يجب الاستسلام.. من الصعب اقناع افراد بمجتمعنا الذي يطلق الاحكام و الذي لديه الافتراضات المسبقة حول كل شئ فما بالك البطريركية او الشوفينية تجاه المرأة. و لكن في عالم بعضه يبدأ بالشك من أجل الوصول لليقين على طريقته الخاصة يجب أن يكون هناك امل.. ليس صعبا و ليس تاريخيا ان هناك نساء بطلات او مقدمات و لكن الصعب منها و ربما بعد الوقت يصير متوقعا أن تكترث بما ينقله المجتمع أو سواء كانت تنقل ما تكتبه بصدق أو لا.. الحقيقة التي تريحنا لاننا خلقنا بكل عيوبنا نساء كاملات و لسنا مثاليات

كما نتابع كل يوم العالم الذي يميز الواقع و الادراك عن الجهل يجب ان يكون هناك واجهة مشوقة و ايجابية اما عن ردود فعل الرجل الشرقي او المجتمع او الشارع العربي فدعيهم يحلوا عقدتهم مع الزمن خصوصا فيما يتعلق بالمرأة.. هذه ليست وحدها المشكلة فيهم لو أردتي تقييم ذلك!

بالمناسبة هل طالعتي هذا الاستطلاع..:
http://maktoob.news.yahoo.com/%D8%B5%D9


3 - لن تقوم لهم قائمة !!
قاسم حسن محاجنة ( 2013 / 11 / 13 - 10:45 )

تحية اجلال واكبار
لن تقوم للرجال العرب قائمة طالما يخافون من عقل المرأة
ولن يتقدم هذا المجتمع الا الى الخلف !!
لك اخلص تحياتي


4 - تحية احترام وتقدير للمرأة المفكرة
الناسوتي ( 2013 / 11 / 13 - 12:25 )
سيدتي، رغم الشيب الذي بدأ يتسرب إلى شعر لا زلت عازبا ليس لأني أكره المرأة، بل لأني أبحث عن المرأة المفكرة التي أستطيع مناقشتها في قضايا الفكر والسياسة والفلسفة و.. فأنا سيدتي لا أريد جسدا بلا روح فتلك جثة، ولا أريد طباخة فتلك خادم، ولا أريد امرأة مغرية فتلك جارية.. ما أريده أو الأصح من أبحث عنها هي إنسانة قبل أن تكون امرأة، وهذا في عصر العولمة والفقر المتفشي أصبح جد صعبا. ومع ذلك لم أفقد الأمل ولن أفقده.
مع احترامي لتوفيق الحكيم الذي قرات له الكثير، فإني أقول في حقه أنه ابن بيئته وزمانه.


5 - المرأة بين دائرة البيت والمطبخ والبامية والملوخية
فؤاده العراقيه ( 2013 / 11 / 13 - 17:39 )
تحية اجلال وتقدير لكِ وأنتِ انبتِ عن اغلب النساء وخصوصا العربيات منهنّ لما تمتلكيه من شجاعة معجونة بالذكاء وروح التحدي والتمرد على كل أنواع الكذب والزيف ولكل ما هو بالي وسائد منذ قرون
هذه القرون لم تخرج منها نساء مؤثرات إلا البعض منهنّ والمعدودات على اصابع اليد وان كنّ بآلاف لكن نعتبرهنّ معدوات نسبة لأعداد النساء من البلايين اللواتي عشنّ حياتهنّ بالعبودية والذل ومن ثم ذهبنّ خسارة دون ان يتذوقنّ طعم الحياة
قوة القمع والحصار على النساء كان ولا يزال قوي جدا , ولهذا نجد غالبيتهنّ بحال من الإستسلام ويضاف الى القمع لديهنّ انعدام الوعي والذي نتج من دائرة البامية والملوخية تلك والبيت والمطبخ التي لصقت بها وقتلت حسها بكونها انسان لا يختلف ولا حتى بشعرة عن الرجل , بل هي تفوقه قدرة
تحتاج المرأة للوعي ومنه ستعرف طعم الحياة ومن ثم ستمتلك شجاعة التمرد والتعبير عن نفسها بصدق وان تكشف الزيف والكذب اينما حلّت


6 - واحدة قد لاتكفي
عبد الله اغونان ( 2013 / 11 / 16 - 20:39 )

هل تظنين أنك تنوبين عن كل النساء وتتحملين التضحية عنهن؟ وهل فوضنك لتنطقي باسمهن؟
من جهة أخرى فكثير من الرجال يتمنى اثنتان وبعضهم ثلاث وأربع ان تمكن من ذلك ماديا وصحيا.ماذا تقدمين لهؤلاء العوانس والأرامل؟ ان صحبة نساء ولو كن أمهاتهن وأخواتهن لاتعوضهن عن زوج ولو كان متزوجا بدلالة أنهن يتقبلن ذلك
أفكارك بعيدة عن الواقع والواقعية

اخر الافلام

.. كوباني تحتضن مهرجان زيلان الثالث


.. -الشهيدة زيلان رمز للمرأة الكردية المناضلة-




.. لمناهضة قتل النساء منظمة سارا تطلق حملة توعوية


.. مسرحية غربة




.. دعاء عبد الرحمن طالبة بكلية الصيدلة بجامعة أم درمان