الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الناسخ و المنسوخ طريق بلا نهاية

الحسين الطاهر

2013 / 11 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم ينزل القران كاملا في ليلة واحدة ليعرّف الناس بخالقهم و يشرع لهم طريق حياتهم، بل نزلت اياته متفرقة على مدى 23 عاما من حياة الرسول، و قد تأثرت هذه الايات بظروف المرحلة التي نزلت فيها، فحين اتهم الكفار النبي بان هناك بشرا يلقنه القران، نزل القران بتكذيب ذلك و دفع التهمة عن النبي بوصفه عربيا بينما المعلم المتهم اعجمي لا يعقل ان يؤلف الايات القرانية "البليغة". و حين سمع الرسول بان هناك من يريد ان يتزوج احدى نسائه بعد وفاته، نزلت الاية التي جعلت نساء الرسول امهات للمؤمنين لا يحق لاحد الارتباط بهن حتى بعد وفاة الرسول.

بل ان بعض الايات نزلت لتشرع للمؤمنين امرا ما ثم نزلت بعد فترة –حين تغيرت الظروف- ايات اخرى تبطل ما جاء قبلها و تشرع امورا جديدة للمؤمنين، حتى ان هناك تشريعات تغيرت مرارا اثناء حياة النبي، مثل زواج المتعة الذي حرم و حلل مرات لا حصر لها وفق بعض الروايات. و الايات التي تشرع لامر ما تشريعا يخالف تشريع اخر سبقه تسمى ايات ناسخة، اما تلك التي امرت بامر ما ثم تغير الحكم فيه بعد ذلك فيطلق عليها مصطلح الايات المنسوخة.
اذا كان القران من الله، و كان الله يعلم كل شيء مما كان و سيكون، و اذا كان الله خيرا يحب الحق و لا يرضى بالباطل، فكيف اذن يغير الله احكامه، فهل زواج المتعة زواج مشروع ام هو زنى؟ فان كان زنى فكيف حلله الله حينا و ان كان زواجا يرضى به فلم حرمه حينا اخر؟ هل غير الله رايه؟ ام انقلب الحق و الباطل في غضون السنين القليلة التي عاشها الرسول؟
و حين امر الله المؤمنين بالصبر و عدم قتال الكفار، هل كان حينها الها متسامحا، ثم حين امرهم بالقتال انقلب الها دمويا؟ هل اكتشف فجاة ان الكفار لن يتركوا المسلمين بحالهم فشرع للمسلمين القتال؟ ام هناك الهان كان وحيهما يحرك النبي محمد، كل وحي يشده في اتجاه؟!

اذا خالف ما سبق هوانا و ايماننا، فليس امامنا الا القول بان الله ارشد الرسول الى الامر الصحيح وفق ظروف مرحلة معينة، و حين تغيرت الظروف تغيرت الاحكام، و بطلت عقوبات و شرعت اخرى، فأحل الله حراما و حرم حلالا، و كل ذلك يعتمد على الظروف الدنيوية و الدينية التي عاشها –و احاطت بـ- النبي و اتباعه.

استمر تغير الاحكام وفق الظروف طيلة حياة النبي، و فجاة ثبت الحلال و الحرام بوفاة الرسول كما يقول رجال الدين، و علينا –ان اردنا اتباع الصحيح من ديننا- ان نهمل كل حياة النبي و نركز على اخر لحظة منها فقط لنعرف ديننا الصحيح. اذن وفق هذا المنطق علينا ان نزيل كل الايات المنسوخة من القران، فهي لم تعد ذات فائدة بالنسبة لنا، و ماذا نستفيد ان علمنا بان "فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر" اذا نسختها اية "فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم" ؟!
و حين تسأل رجال الدين كيف استقرت الاحكام فسيقولون "حلال محمد حلال الى يوم القيامة و حرام محمد حرام الى يوم القيامة"، كأن الظروف التي غير لاجلها الله احكامه لم تتغير بعد وفاة النبي بتاتا، و كأن المجتمع قد استقر فلا يحتاج لحلال و حرام جديدين ! لكن فهم الناسخ و المنسوخ بهذه الطريقة فهم عليل، فهناك سبب وراء اثبات الله في قرانه لتغيير الاحكام، و لم يفعل الله ذلك اعتباطا (الا اذا امنت بان الله يلهو و ينسى و يقوم بافعاله لاعبا لا جادا).
لقد اختط الله لنا طريقا في الناسخ و المنسوخ، لقد قال لنا ان الظروف هي التي تسير الحلال و الحرام، و ان الدين –ان اردنا ان نحيا به حياتنا- يجب ان يوافق ظروف عصرنا و متغيرات حياتنا. فهل تغيرت الظروف في فترة 23 سنة هي سنوات نبوة محمد اكثر مما تغيرت خلال ال 1400 سنة التي تبعت وفاته؟! اما الوصول الى الحقيقية و معرفة ما يريدنا الله ان نفعله فلن تكون وفق نقاط ثابتة في الفراغ شرعت قبل 1400 سنة لمجتمع معين بل اعتمادا على الخط الذي خطه الله في القران ليدلنا على الحقيقة اذا سرنا عليه و استمرينا بالسير عليه دون ان يوقفنا رجل دين او يقيدنا فكر اكل الدهر عليه و شرب.

فنحن نسالم من سالمنا و نحارب من حاربنا وفق الظروف، و علينا بملاحقة من يريد المساس بدولتنا مثلما لاحق الرسول من اراد بدولته الشر. الظروف هي التي تحكمنا و القران هو الذي يرشدنا للفعل الصحيح، ان امنا بالله و بالقران. اما اثبات حكم ما رغم تغير الظروف فذلك ما لم يفعله الله و لا الرسول نفسه، و ما حكمنا الجديد على امر ما وفق ظروف جديدة الا حكم مسترشد بالقران ليقودنا، فالقران ليس نصوصا نحفظها بل روح نعيش بها، هذا ان اردنا ان لا يكون الاسلام قد نزل –فقط- لقريش التي سكنت مكة قبل 1400 سنة ! و روح القران واضحة لكل ذي عينين، و الخط الذي يرسمه لنا واضح ايضا، و لا نحتاج لنقاط ثابتة تكبلنا و تجعلنا نعيش حياة لم نخلق لها في عصر لم نخلق فيه.
و كل تبريرات رجال الدين لثبات الاحكام لا تعنيني في شيء، فالتبرير سهل على كل انسان فيحق به الباطل و يبطل الحق، لكن المفترض في الانسان ان يسيره ضميره و يقوده عقله، فان ارتضى بالاسلام دينا فعليه ان ينظر الى كلام الله و منه سيعرف الحق و الباطل.

من القران نعرف ان الله غير الاحكام وفق تغير الظروف، و عقلنا يدلنا على ان الظروف تغيرت بعد وفاة الرسول اكثر مما تغيرت في حياته، فالاولى ان تستمر هذه القاعدة العامة و يستمر هذا الحكم الثابت الذي لم ينسخ، و هو تغير الاحكام وفق الظروف، و ان نكيف ذلك لحياتنا. و بذلك نفهم لماذا حرم الخمر على المصلين فقط في فترة ما و حرم على المسلمين في فترة اخرى، و نفهم لماذا احل الله القتال حينا و حرمه حينا اخر، و نفهم لماذا حرم الله زواج المتعة في وقت ما و احله في وقت اخر. علينا ان نفهم المباديء العامة في عدم جواز الظلم و محاولة اصلاح المجتمع و البحث عن السلام كلما وجدنا لذلك سبيلا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الناسخ والمنسوخ طريق مسدود
ألأمل المشرق ( 2013 / 11 / 13 - 13:40 )
الناسخ والمنسوخ طريق مسدود
الناسخ والمنسوخ طريق ملتوي
الناسخ والمنسوخ طريق أعوج
الناسخ والمنسوخ طريق الكذب والخداع والمكابرة
لن تجد مقالا واحدا يمدح الناسخ والمنسوخ، حتى القرآنيين ينكرونه
http://goo.gl/Fs8y78


2 - إختلاف العلماء فى الناسخ و المسوخ كارثة
Amir Baky ( 2013 / 11 / 13 - 14:27 )
الناسخ و المنسوخ أضر بفكر الشرع. حيث يوجد إختلاف فقهى بالإعتراف به أصلا. وبالتالى لا يوجد إجماع من أهل الجماعة علية. فالحكم و عكسة صحيحان عند بعضهم و حكم الناسخ عن المنسوخ هو الصحيح للبعض الآخر. إذن كيف يتم تطبيق شرع الله و هناك إختلاف بين الفقهاء فى هذه النقطة؟ فالشرع أساسة الأحكام و فهم الأحكام عليها إختلاف و ليس إجماع. فالنسخ بالقرآن وصل إلى أكثر من 70% بكل أنواعة. فلماذا يدلس السلفيون بمصر بمحاولة تمرير المادة 219؟ فهل يعتمدون على جهل الناس بخطورة إختلاف الفقهاء بموضوع الناسخ و المنسوخ؟
ومن جهة آخرى فلو الأحكام تتغير بتغير الظروف خلال نزول ما يسمى بالوحى اليس بالأولى تغير الشرع كله بعد مرور أكثر من 1400 عام وتغير الظروف نهائيا؟


3 - صلعميات
د/ سالم محمد ( 2013 / 11 / 13 - 17:19 )
الكاتب يعيش فى خزعبلات و خرابيط صلعم
لندعه فى عالمه الافتراضى يجوس فى دروب مكة و شعابها
لنعمل نحن على إعلاء مبادئ الحرية و الاخاء و المساواة


4 - الردود
الحسين الطاهر ( 2013 / 11 / 13 - 20:01 )
الامل المشرق: المقال لا علاقة له بمدح او ذم -الناسخ و المنسوخ- ،هو يتجه الى المؤمنين بهذه الفكرة و يدعوهم لتطبيق روحها حقا، و لا ادري كيف يكون -الناسخ و المنسوخ- في المقال طريقا مسدودا بينما هو يدعو الى الاختيار من بين مجموعة اكبر من الاحكام وفقا للظروف
amir baky: ليس الغرض من المقال هو الدعوة الى تطبيق شرع الله بل هو موجه لمن يؤمن بحكم الناسخ على المنسوخ ليراجع حكمه و يطبق روح الفكرة بتغير الاحكام وفق الظروف على عصرنا الحاضر، و ذلك لا يعني بحال -فرض- احكام الاسلام على الجميع، و هو امر واضح في المقال، فالمقال يعطي حرية اختيار الحكم بحسب الظروف للمرء ليطبقها على نفسه لا ليفرض وجهة نظره الخاصة على الاخرين !
سالم محمد: اولا احترام الرأي مهما كان لا يضيف شيئا (مثل رأي حضرتك) واجب ! ثانيا هو ليس عالما افتراضيا فنحن نعيش وسط شعوب تؤمن بهذا الحديث و تطبقه على نفسها و تحاول تطبيقه علينا، و كل ما نطلبه هو ان يعملوا العقل فيما يطبقون على انفسهم و يدعوا الباقين ليروا رأيهم في الموضوع فالاحكام -مهما كانت- تخضع للظروف و تتغير مع تغير المجتمع !
مع كل التقدير


5 - كل ما نطلبه هو ان يعملوا العقل فيما يطبقون
ألأمل المشرق ( 2013 / 11 / 14 - 04:54 )
شكرا على الرد سيد الحسين، الآن فهمت ما تريد، كل ما تطلبه إعمال العقل فيما يطبقون؟ ظننت انك طلبت اكثر من ذلك، ولكن بما ان الطلب هو فــــقـــــط إعمال العقل إذن الأمر بسيط.. لو انك قلت ذلك من البداية.. فالأحكام كما تقول تخضع للظروف وتتغير مع تغير المجتمع... اكتشاف عظيم
---
منذ 1200 سنة وشيوخ الإرهاب من ابن تيمية وابن القيم وصولا إلى ابن عبد الوهاب والقرضاوي والعريفي وأجيال تحرق وراء أجيال يقول لها شيوخك ان القرآن كلام الله يصلح لكل زمان ومكان.. 1400 سنة والببغاوات تردد ان لا شيء بعد القرآن أصح من الصحيحين.. 1400 سنة وأنتم تقرأون قصة رجم القرود للقردة الزانية في صحيح البخاري وتصرخون ان الإسلام دين العقل..14 قرنا وانتم تخوفون الأطفال والعجائز من عذاب القبر ومن ناكر ونكير والملائكة والجن والشياطين ومقامع حديد النار، 14 قرنا وأنتم تقولون: إذا نودي للصلاة هرب الشيطان وله ضراط.. 14 قرنا وشيوخكم قد أقفلوا العقل ورموا المفتاح في المحيط حتى أصبح عقل المسلم أصغر من البرغوث
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=350383
والآن تأتي حضرتك لتقول ان كل المطلوب فقط هو إعمال العقل؟؟؟


6 - الردود
الحسين الطاهر ( 2013 / 11 / 14 - 10:12 )
الامل المشرق: نعم ان الطلب بسيط و انا لا اعتقد انه اكتشاف عظيم ! ان من يؤمن بالناسخ و المنسوخ انسان كغيره، تستطيع دعوته الى ان يغير كل افكاره و مقدساته مرة واحدة، و لن يستجيب لك غالبا ! و تستطيع ان تحاول الوصول اليه بطلبك منه استخدام عقله فيما يؤمن به ! بغض النظر عن مقدار ايمانه بالصحيحين و بغض النظر عن كون القران صالح لكل زمان و مكان و بغض النظر عن وجود دين هو -دين العقل- !
ملاحظة: ان الصحيحين كتبا بعد وفاة الرسول بحوالي قرنين من الزمن ، و لم يكتبا في حياة الرسول طبعا !
اما عن رجم القرد، فاخبرني كيف تعمل العقل ثم ترجم حيوانا -غير مكلف- ؟! بل كيف يحق لك رجم انسان اخر اصلا لانه زنى ؟! اختلاف مجتمعاتنا عن مجتمع مكة - الذي كان يقبل ذلك- يمنع هذا الامر !
و هكذا بالنسبة لبقية الامثلة التي سقتها...
لكنني لا افرض رأيي على احد، فالانسان حر فيما يؤمن به، و كل ما اقوله هو ان يفكر فيما يؤمن فان اقتنع فبها، لا ان يتبع ما يقوله -شيوخي- !
بالنسبة للموضوع المرفق فانا لا ارى بان هناك خللا دائما في عقل المسلم بل غشاوة خلقها .
شيوخي- جزئيا قابلة للعلاج.
و شكرا لك على المتابعة و التعليق

اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي