الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اخر فصول الفاشية الدينية والعسكرية

كوكب محسن

2013 / 11 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


خريطة الجماعات الدينية في مصر كانت ولا تزال كجبل التلج أكثره تحت الماء ، وبالرغم مما أبرزته الأحداث الأخيرة من قوة لهم الا ان ما خفي كان أعظم ، حيث لم يتم الكشف عن القوى الحقيقية لهم في التنظيمات المسلحة والميليشيات خوفا من بث الرعب في نفوس العامة التي هي ابعد ما تكون بلا شك عن منهج العنف وإراقة الدماء لبلوغ الأهداف مهما كانت قدسيتها . الحقيقة ان تحالفات الخفاء والجهر بين تلك الجماعات المتأسلمة المتشددة منها والوسط وكذلك المعروفة بالتحالف مع الشيطان من اجل تحقيق أهدافها لم تكمل الصورة الحقيقية في فترة وجيزة مقارنة بتاريخها الطويل في الصراع البيني والصراع مع السلطة الحاكمة في مصر . الاتفاق على تبادل الأدوار تم تجاهله تماماً بين الأخوة الأعداء ما أوضح طبيعة العلاقة بين هذه الجماعات من خلال بعض المؤشرات التي جاءت مصدومة للبعض وطبيعية ومتوقعة تماماً للمتابع لتاريخ تلك الحركات على مدى العقود الخمس الأخيرة . عند تقاسم المناصب بعد تولي ممثلهم السلطة وهي فرصة لم ولن تتكرر لتلك الجماعات اثر الإخوان الاستئثار بكافة المناصب العليا والدنيا ضاربين بتحالفاتهم مع باقي الجماعات عرض الحائط ، وهو اول خطأ أوقعت الجماعة نفسها فيه ، ما جعل السقوط سهلا في المقابل بتخلي معظم تلك التحالفات عنها في اول محاولة لاستعادة السلطة من الجماعة ( الإخوان ) حتى وان كان الفاعل عدو مشترك . كان ( النور ) اول المتحالفين ضد ( الإخوان ) فقصم ظهر البعير ، تلك القشة لم تقتصر قوتها على تفتيت قوى المتأسلمين في مصر بل أبرزت طبيعة العلاقة بينهم ( المصالح ) كانت البطل في تلك العلاقة ، فلا فكر ولا دين ولا سياسة ، فقط المصلحة ليس الا . أما ( الجماعة المسلحة ) التي حاولت ضبط النفس خلال تلك الحقبة القصيرة ، وتجميل صورتها وتسويق فكرها المعتدل بدلا من صورتها الملطخة بدماء الأبرياء لعقود ، فقد كانت الأقل حظا ، لأن النفاق لا وطن له ، تلك الجماعة التي حاولت التحف مع الجميع ولفظها الجميع لم تجد دورا على الساحة لا قبل ولا بعد سقوط حكم ( الإخوان ) فأثارت حماسة عناصرها من جديد وعادت بوجهها الحقيقي العنف والدم سياسة لا بديل عنها للجماعة التي اغتالت ( السادات ) على المنصة وسط حشوده العسكرية ، في عرض لم يسبق له مثيل في تاريخ الحركات الإسلامية في مصر ، والمفاجأة ان أبطال جريمة المنصة هم انفسهم من وقفوا على منصة ( رابعة ) يتحدثون عن الشرعية والرئيس ، لا شك طالما هو من أخرجهم وأعادهم للحياة السياسية في مصر معززين مكرمين وأبطال لا مجرمين تلوث ايديهم الدماء . البحث عن دور في حكم مصر كان ولا يزال حلم تلك الجماعات بالرغم من فشل واحدة من اهم فصائلها في الاحتفاظ به ، الا ان البقية لم تأت بعد ولن تيأس أبدا ، لكل فصيل مشروعه الخاص الذي يختلف كليا عن بقية الفصائل ، فإن سقط حلم ( الإخوان ) في حكم مصر على يد الجيش والشعب فلا يزال هناك حلم ( السلفيون ) وبالطبع حلم ( الجماعة الإسلامية المسلحة ) ومن باطن هؤلاء سوف تخرج الخلاي النائمة والنشطة لاستكمال المشروع ولو بعد حين . القضية فكرية بالأساس ، وأي محاولات لطمسها وفض الاشتباك معها بالقوة لن تصل إلى حلول نهائية معها بل سيتم ترحيل الصراع إلى حقبة زمنية أخرى ، لان الفكر لا يقضى عليه بالقضاء على معتنقيه ، الفكر يورث ، فإما ان يتم التحاور معه أو إقصاؤه ، تلك سياسة ينبغي التروي في التعامل معها ، لانها قد تحقق نتائج سريعة على الأرض ، وخطيرة على المدى الطويل . والحقيقة ان الواقع اثبت على الأقل في مصر ان الفكر يمكنه ان يحرق أصحابه اذا لم يقدم ما يفيد المجتمع بكل أطيافه ، الفكر بمكن ان يفضح نفسه ويبرز نقاط ضعفه بمجرد التطبيق على ارض الواقع ، سقط الاخوان في اول محاولة لتطبيق فكرهم على الأرض ، وجاءت أخطاءهم بالجملة ، حتى ان اي محاولة مهما كانت كبيرة لنقدهم لم تكن لتنجح كما نجح سلوكهم السياسي وتفاعلهم المجتمعي السالب . لذا أتوقع الا تفيد محاولات الجيش في زج الشعب في مواجهة تلك الجماعات والتصعيد ضدهم من خلال دعوات الاحتشاد في ميادين الحرية ، لأن الشعب بالرغم من معاناته من سياسات ( الاخوان ) الا انه لن يرضى باستبدال حكم ديني بحكم عسكري من جديد ، القيام بثورتين وإسقاط رئيسين لن تكون نتيجتهما مرضية بإعادة سياسات لفظها الشعب ولن يستنسخها تحت اي شعارات ، الأمور باتت واضحة تماماً ، ومساوئ الحكم العسكري ومساوئ الحكم الديني لا تقل فظاعة ، الاثنان استخدما سياسة القمع والاذلال لشرائح واسعة من المجتمع كل ما طالبت به ممارسة حرياتها والحصول على حقوقها المشروعة التي كفلتها كافة المواثيق والأعراف والدساتير في العالم اجمع . لا بديل عن حكم مدني حقيقي ، لا سطوة فيه لعسكر على رئيس منتخب أو برلمان أو جمعيات اهليه أو نقابات أو ائتلافات ، الفصل الحالي قصير المدى ، الالتفاف حول الجيش سياسة عبقرية يتبعها الشعب تلك المرة عن وعي فقط لإنهاء حلم الدولة الدينية بشكل تام ، حتى تستقيم الأمور ، بعدها يأتي الفصل الأشرس الذي نأمل الا نصل اليه المواجهة مع حلم اخر تخلصنا منه بصعوبة بعد أكثر من ثلاثين عاما . المعادلة صعبة لكنها ليست مستحيلة ، وعبقرية المصريين تتجلى في تمكين الإرادة الشعبية مهما كانت التحديات ، ومن قرأ هذه المعادلة يمشي على الصراط المستقيم ، الا انه بمجرد الكشف عن نوايا أخرى سيواجه بنفس المصير ، لا مستقبل للفاشية في مصر لا دينية ولا عسكرية ، مجرد فصول تنهيها ارادة شعب يكتب تاريخه من جديد بحرية دفع ثمنها مسبقا ولا يزال على استعداد للدفع من اجل مستقبل افضل لأبناءه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قواعد النشر بالحوار المتمدّن
صافي عرنوس ( 2013 / 11 / 13 - 19:05 )
قواعد النشر بالحوار المتمدّن

لا يجور إرسال أكثر من موضوعين في اليوم الواحد

اخر الافلام

.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم


.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا




.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است


.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب




.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت