الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رأي في إصلاح النظام التربوي التعليمي بالمغرب

المحجوب حبيبي

2013 / 11 / 13
التربية والتعليم والبحث العلمي


رأي في إصلاح النظام التربوي التعليمي المغربي

مقدمة
الإصلاح التربوي التعليمي ضرورة للوجود والتقدم والكرامة :
لاحظنا جميعا كيف أنه منذ بداية القرن الحالي وعلى وقع الهزات التي عرفها العالم...شرعت العديد من الدول متقدمة ومتخلفة في إصلاح منظوماتها التربوية...
وكلها تعلن أن هذه الإصلاحات ستكون جذرية وعميقة وواسعة...
وشملت المراجعة:( المناهج والبرامج والكتب المدرسية والبيداغوجيات من طرق وأساليب ووسائل ووسائط ومعدات وبرامج التكوين الأساسي والمستمر للأطر، ونظم التقييم والتتبع والمعالجة والدعم، وقواعد التخطيط والتدبير والتسيير في القيادة والتأطير، كل ذلك لأجل تحقيق جودة تربوية بمقاييس ومعايير محددة...)
عوامل أخرى تدخلت لتلقي بثقلها وبخاصة أحداث التي تعيشها البلدان الإسلامية والعربية والتي وصلت حدود الحرب الدينية...والتي تمتد تأثيراتها لتشمل العالم برمته، كل هذه العوامل وغيرها تطرح مجموعة من الأسئلة على الأنظمة التعليمية القائمة في البلدان العربية... هل تستمر في نهجها رغم ما يتهددها من أخطار رجعت ببعض هذه المجتمعات إلى الوراء، حالات خراب وتمزيق واحتراب وصل حدود الهمجية...
نحن في حاجة إلى ثورة تربوية ثقافية جذرية وعميقة وقد تكون موجعةً للقوى المحافظة معالجةً وتصحيحاً ... وبها سينتقل المجتمع نحو الديمقراطية والنماء والتقدم بسلاسة ويسر وسيتجنب بكل تأكيد مواقع الأخطار والزلات... ودون هذه الإصلاحات الثورية سنكرر التجارب السابقة ونقع في دوائرها المفرغة باحتمالاتها الرهيبة...

مسارات الإصلاحات التربوية التعليمية بالمغرب:
على مشارف نهاية العشرية الأولى من الإصلاح التربوي التعليمي، الذي عبر عن توجهاته واختياراته الميثاق الوطني للتربية والتكوين... وأمام النتائج السلبية المحصلة تم الاستنجاد بخطة استعجالية أطلق عليها المخطط الاستعجالي للتربية والتعليم والذي جاء استجابة للانتقادات التي وجهتها أكثر من جهة مهتمة ومختصة ولم يعط المخطط الاستعجالي ما يتطلبه من تتبع وتقويم ومعالجة ... بل وعلى منوال ما عرفته الإصلاحات السابقة من انهيارات متوالية إذ لم يسبق أن أكمل أي إصلاح دورته فما إن يبتدئ حتى ينتهي إلى الفشل...
ـ وقد نبهنا إلى ذلك في غير ما مناسبة ومن خلال تقارير مؤتمراتنا الحزبية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي حول التعليم والسياسة التعليمية المتبعة في بلادنا ولم يتم الاهتمام بها من الحكومات المتعاقبة شأنها شان الكثير من المقترحات والبيانات التي نتقدم بها... إذ غالبا ما حكم الإهمال واللامبالاة العلاقات بما فيها المصيرية والجوهرية التي لها علاقة بمصالح المواطنين وتقدمهم وتنميتهم ومصير الوطن ككل... والتي من المفروض أن يتوحد حولها حتى الخصوم السياسيين... وهكذا كنا متخوفين من صيرورة هذه الإصلاحات وتطوراتها البطيئة والمنتكسة، وما تحقق على مستوى التدبير والتسيير من اختلالات، وما عرفته النتائج الأولية الملموسة من قصور في تحقيق الأهداف التربوية ومن إحباط وتسرب وإهدار ؟ لا بالنسبة للسنوات العشرية الأولى لتطبيق الميثاق ولا بالنسبة للسنوات القليلة من تنفيذ المخطط الاستعجالي... فكل ما تم إنتاجه لحد الآن، يناقض مختلف المبادئ والاختيارات التي رسمها ميثاق التربية والتكوين والمتمثلة في تكافؤ الفرص، وتحقيق جودة المنتوج التربوي التعليمي، وتطوير الأداء البيداغوجي والديداكتيكي تعليما وتعلما وتقويما ودعما...
وتأكد وباعتراف رسمي أن مسار الإصلاح التربوي التعليمي آل إلى الفشل ولم تكن المرة الأولى التي يؤول فيها تطبيق إصلاح تربوي تعليمي إلى الفشل تكوينا للأطر ومناهج وبرامج ومنهجيات ونتائج ولم يكن ليحقق الغايات والأهداف تجيب عن حاجيات مجتمعنا ومتطلباته في التحديث والتنمية والتقدم وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية...

عوامل وشروط موضوعية أدت إلى ما أدت إليه من نتائج منها :
• 1 ـ لقد تأكد وبالملموس من خلال تتبع حصيلة نتائج العمل التربوي التعليمي وتقويماته الداخلية والخارجية حيث صرنا نحتل أدنى الرتب في مجال التربية والتعليم والتنمية البشرية ... وإذا كنا نعتبر أن السبب يعود لعمليات معقدة تدخل المعرفة المؤسسة على الفكر والعقل ضمن الهواجس الأمنية... وما ترتب عن ذلك من تتفيه وتحقير للمعرفة وللفكر وللآداب والفلسفة والعلوم الإنسانية ولاجتماعية... وإسناد وتمجيد للخرافة والتدجيل وتعزيزها ودعم حضورها قوة فاعلة ومؤثرة بدعوى المواءمة مع العقل الجمعي المراد تثبيته وتركيزه... ومع ذلك كله لم تسلم الجرة، وما يتفاعل ويتناسل من مسخ وجهالة وأفكار تكفيرية وما يتهدد الأوطان من احتمالات رهيبة أكبر دليل على المنتوج البشري الذي تغذيه ثقافة لم يرد لها أن تراجع وتصحح بقدر من علمنة المؤسسة التربوية التعليمية...
• 2 ـ كما تأكد أن كبح الدينامية الاجتماعية وفرملتها متواصل من خلال التنشئة الاجتماعية وما تروجه من مضامين وقيم تسمى (تربوية وتعليمية) وهي حبلى بالاختلالات التي أصبحنا نعتقد كونها مقصودة في المنهاج إذ لا يمكن أن يغرب على بال المفارقات الواضحة مثلا على مستوى إصلاح النظام التعليمي بكل مكوناته، لنأخذ وفي عجالة المفارقة بين المعرفة النظرية المؤسٌِسة للتعلمات، والعقل السائد في الواقع المستقبل لتلك البنية النظرية، في واقع يحكمه التلقين والجزم والقطعية في الأحكام، مما يفضي لتناقضات تنابذية بين المضامين المعرفية المراد تفهمها ومعرفتها وما يسود من تشريب إيديولوجي لا علمي تارة، وما يسود من إضراب في الرؤية للعالم وما يترتب عنه من اختلال معرفي وتطبيقي وسلوكي وقيمي... يتضح ذلك في أن مختلف البيداغوجيات التي تم استيرادها ( بيداغوجية الأهداف، بيداغوجية الكفايات، الإدماج والعديد من المنهجيات والبرامج والإستراتيجيات... ) رغم كونها مجربة وأعطت نتائج مبهرة ومتقدمة في البلدان التي أبدعتها فإنها أصيبت بالإفلاس وسقطت واستمرت الطرق التلقينية هي السائدة والمسيطرة... الأمر أشاع التعب العي القرائي... وباختصار فمرد ذلك أن حركيتنا التطورية معاقة ومفرملة... وهذا ما عبرنا عنه بكبح الدينامية الاجتماعية...
• 3 ـ عوامل وشروط انضافت إلى ما سبق، ولعبت دورها في عرقلة الإصلاحات التربوية التعليمية التي كان من المفروض أن تجد من داخل النظام التعليمي عوامل تقنن وتوطن مضامين تلك الإصلاحات مناهج وبداغوجيات وديداكتيك، وترتقي بها وتغنيها فلماذا لم يحصل ذلك؟ وإذا حصل فلماذا لم ينتشر ويعمم؟ عبر آليات تواصلية بين أطراف العلاقة التربوية وإذا كان قد عمم فلماذا لم يعط النتائج المرجوة؟ ونكون بذلك جعلنا نظامنا التعليمي التربوي يرتقي عوض أن ينتكس نكساته المتوالية.
ـ من جملة ما كان يهمل أو لا يهتم به هو تجاهل قوى الرفض والممانعة للإصلاح، ودون دخول في تفاصيل ومكونات هذه القوى وهي متعددة المشارب، نكاد نجزم أن جل الإصلاحات غالبا ما لا يتم حولها إجماع وطني ولا مشاركة في إعدادها من كل المعنيين والمهتمين من ممثلين فعليين لهيئات التربية والتعليم:( نقابات وجمعيات تربوية وثقافية أحزاب وممثلي التلاميذ والطلبة وجمعيات الآباء ومختلف تنظيمات المجتمع المدني ومؤسسات ذات الصلة) ، وأيضا غالبا ما تحكم أي إصلاح عقلية بيروقراطية أحيانا لا تستوعب مضامين الإصلاح ولا مبادئه واتجاهاته... بل قد تعرف بعض جزئياته، وتدعي القيادة والتأطير... لتقدمه لمن سيقوم بتنفيذه وتطبيقه فيتم تداول الجهل بالمضامين والمحتويات وتغيب مختلف الحقائق المرتكزات والمنطلقات... وهكذا تكون هذه بدورها سببا من أسباب فشل الإصلاح...
ـ جلب أو ترجمة محتويات نظرية وتطبيقية تقتضي أجرأتها وامتلاكها التشبع بالمعرفة المؤطرة لها والتي تتطلب استيعاب وفهم نتائج أبحاث علوم التربية التي تشكل المرجعية الأساس لتلك الأجرأة ومبيان نموها وارتقائها (...) ولا يمكن الاعتماد المنشورات وسيط للتكوين أو التكوين عن بعد إلا إذا تم تقنين آلية ما (...) تجعل التكوين ضرورة ومطلبا... علما أن معضلة القراءة حقيقة ملموسة...
ـ من الخطإ الفادح اعتبار أن المذكرات والتوجيهات والتوصيات والأرضيات كافية ليتبنى المنفذون من هيئة التسيير والتدريس... الإصلاح أفكارا وتصورات وأهداف وغايات... بل لا بد من عمل تكويني شاق وعنيد يرتكز إلى التعبئة والمواطنة وشحذ الهمم بحضور قيادة منتخبة وبمواصفات معرفية وقدرات فكرية ومرونة وإيمان بالقضية... وإذا تجنبنا الوقوع في هذه الأخطاء هذه المرة لأن واقع المسألة التربوي وما تحفل به من أخطار لا يقبل أيا من تلك الأخطاء فحول ماذا ترتكز إصلاحاتنا ؟؟



متطلبات الإصلاح التربوي التعليمي
إذن ما هي المقومات أسسا ومرتكزات التي يمكن في نظرنا إدخالها على ما يوفره الميثاق المطلوب مراجعته بعمق وتطهيره من عوامل ارتداده ونكوصه التي يحملها ضمن بنيته وسياقاته... وصياغة إصلاح قابل للتطبيق عبارة منظومة تربوية وتكوينية قادرة على إخراج الإنسان المغربي مما يلم به من معاناة وقادرة على شحذ ذكاءاته وقدراته العقلية والإبداعية ليكون القوة الفاعلة في جعل المغرب وطنا للديمقراطية والحرية والعدالة والنماء قادر على مواكبة مختلف التطورات التي يعرفها العالم ويحافظ على وجوده وقدراته لخدمة مصالح شعبه الواعي والمسؤول...
• وهو كيف يمكن للتربية والتعليم أن تكون مستمدة من رؤية فلسفية تعكس ما في الواقع من تعدد واختلاف مؤمنة بالحق في التساؤل والتفكير والتعبير وإبداء الرأي واحترام خصوصية الضمير ... ،والمساهمة في تكوين إنسان مغربي مؤهل معرفة ومرونة وقدرات ليفكر وليبدع ويجدد ويعي مختلف التحديات والمشكلات ويساهم في حلها مسلحا بالعلم وبرؤية مستقبلية وإنسانية وفى إطار يتقبل مختلف الخصوصيات الإنسانية دون مصادرة ولا تعال ؟

• تربية وتعليم تمتاح من الأطر العلمية المعرفية مرجعيتها المفاهيمية والنظرية والمنهجية وتتفهم بعمق توجهات العولمة وعواملها وتأثيراتها وتحدياتها، وشروط استيعابها ومقومات مواجهة التأثيرات السلبية والمتوحشة. مع اعتبار المبادئ التالية حاجة متوازنة دون تغليب مبدإ على مبدإ: المبدأ الإنسانى، مبدأ التربية للإنسانية. مبدأ التربية المتكاملة المستمرة، المبدأ التربية للعلم والمعرفة، مبدأ التربية للعمل. المبدأ الديمقراطى مبدأ التربية للحياة، مبدأ التربية للفن، المبدأ التنموى، مبدأ التربية للقوة والبناء، المبدأ الروحي القيمي الأخلاقي، مبدأ التحديث والتجديد، المبدأ الوطني والقومي...

الإصلاح التربوي التعليمي وأسبقية المعرفة :
• إذن نحن أمام حالة وجود تمثل المعرفة عصبه فهل سيضطلع نظامنا التعليمي بدوره في بلورة مجتمع المعرفة الذي يقوم أساسا على نشر المعرفة وإنتاجها وتوظيفها بكفاءة في جميع مجالات النشاط الإنساني (...)
• المعرفة محرك قوي للتحولات الاقتصادية والاجتماعية... وثمة ارتباط بين المعرفة والقوة الإنتاجية للمجتمع (...)
• وهي السبيل للحرية والعدل والمساواة...
• عانت وتعاني المعرفة في بلداننا من شح الإمكانيات المتاحة للأفراد والأسر والمؤسسات...كما أنها كانت عرضة للتضييق والمحاصرة...
• فالمؤسسة التعليمية (من الروضة إلى الجامعة) تعتبر المجال الأساسي لحد الآن في مجتمعنا لنشر المعرفة، من خلال الفعل التربوي التعليمي التعلمي: (تنشئة وتربية وتعليم وتكوين وبحث وإعلام وترجمة...)
• وعلى المؤسسة أن تجد حلولا لأزماتها المتراكمة والتي وصلت حدود المأزق. وكان من نتائج ذلك قصور فعالية هذا المرفق على تهيئة المناخ المعرفي المجتمعي اللازم لإنتاج المعرفة وتداولها.
• السلطة التربوية تعيش اضطرابا يتمثل في حالات من اللامبالاة وحالات من التسلط والتذبذب والاحتكام للعادات والأعراف (كنا وكانوا) عوض المعرفة العلمية بالنشء وحاجياته وفي مختلف مراحله العمرية... والأسرة باعتبارها نتاج هذه التربية مختلة توجهاتها فإما مهملة أو متسلطة بلا مبالاتها أو بحمايتها الزائدة فكيف يحمل الإصلاح معالجة حاسمة لهذا الاختلال السلبي الذي تعاني منه المؤسسة التربوية مدرسة وأسرة...
• كيف نعالج نمو أطفالنا أو تلاميذ هذه التربية ونخلصهم من السلبية،ونكسبهم معرفة تحقيق الذات ومعرفة كيفية الإنجاز وإتقان المهارات واتخاذ القرار في الممارسة وأساليب التفكير،
• كيف نتجاوز المنتوج المختل للتنشئة حيث اعتاد إنسانها منذ صغره كبح السؤال والتساؤل وبالتالي الاكتشاف والمبادرة والإبداع إلا من نجا من سيطرتها وهو قليل...



ضرورة قيام تعبئة من أجل أن تصبح التربية والتعليم مطلباً اجتماعياً :
• هناك قناعة أصبحت مشتركة بين جميع المهتمين بأوضاع التربية والتعليم بأن لا يمكن لأي إصلاح أن يحقق غاياته وأهدافه في تحسين جودة التربية إلا إذا تم تدعيمه شعبيا وأصبح ضرورة ومطلباً اجتماعياً وذلك من خلال الوعي والتعبئة واعتباره جزء لا يتجزأ من الممارسة الديمقراطية تتبعا ورقابة، وبالاشتراك في مواجهة مختلف التحديات وبإرادة صادقة ومشتركة تجعل الجميع يقدر مسؤوليته ويساهم وعن معرفة حقيقة بمختلف بإرادة في حل مختلف المشكلات... وقد يحسم أي تردد أو تلكأ أو إفشال لأن التربية ستصبح مطلبا جماهيريا حيويا له تنظيماته ووسائل دفاعه ومقاومته...
• نعتقد هذه خطتنا لإشراك أوسع الجماهير في المساهمة في بناء المنظومة التربوية النوعية وللخروج من الأوضاع المثقلة بالمعيقات المتراكمة والحابلة بمصير ملتبس ومستجدات ومتغيرات ليست كلها مدعاة للاطمئنان... وأمام الحاجة إلى استثمار المقدرات الفكرية والإبداعية والإنتاجية للإنسان، تصبح التربية والتكوين الملاذ والمطلب، لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية على قاعدة الوعي والمشاركة الجماعية...

• إن هذا المطلب الجوهري، يواجه فيما يواجه من تحديات خطيرة، أهمها الأمية التربوية التعليمية المجتمعية فقولة (يقرا) قولة عامة وتسري على كل أفعال المؤسسة التربوية من (مرحلة التعليم الأولي إلى المرحلة الجامعية) وبالتالي ينبغي معالجة هذه العلاقة بين المجتمع والتربية والتعليم ليفهم الجميع ويعي العمل التربوي التعليمي وتعقيداته باعتباره الحياة بكل مكوناتها ومعطياتها أي تكوين رؤية للعالم والتفاعل مع مختلف حقائقه ووقائعه ومقتضيات العيش وحيثيات الوجود وذلك من خلال منهاج يوجه للآباء والأمهات يتم الاشتغال عليه بالتوازي مع إطلاق الإصلاح المرتقب:
ـ مستوى وعي السياسة التعليمة والمبادئ والاختيارات ومتطلبات المرحلة، ويتأسس هذا الوعي على المواطنة والروح الجماعية والتعبئة والتشارك والتكامل...
ـ المناهج من حيث المضامين والمحتويات والمنهجيات... أي معرفة تنوع المحتوى والمضامين التربوية المعرفية وأهدافها وأهميتها...
ـ ومن خلال حلقات التواصل يتم التعرف على ثقافة المربين وقدراتهم وخبراتهم المهنية وإبداعهم ليحصل التبادل والتحفيز والإلتزام...
ـ وعلى قاعدة التواصل الدائم والتفاعل والتبادل والتشارك بين أطراف العلاقة التربوية أباء وأمهات وأساتذة وتأطير وتسيير، حول القضايا والمشكلات التربوية التعليمية تصير شروط العمل وصيانة الحقوق والعدل والإنصاف وتكافؤ الفرص بين المتعلمين حقيقة ملموسة ونقترح لهذه الغاية برنامجا أسبوعيا تقوم به كل مؤسسة لصالح الأباء على ضوء دليل يتم إعداده لهذه الغاية...

التكوين الأساسي والتكوين المستمر كقاعدة للإصلاح:

- التكوين ثقافة:
1 ـ إن التغيرات المتسارعة التي يعيشها مجتمع المعرفة اليوم وما أفرزته من مفاهيم جديدة في كل المجالات ومن بينها مجال التربية تتطلب من الجميع التعامل معها بعقلية جديدة قائمة أساسا على أن التعليم لم يعد مرتبطا بمرحلة أو فترة زمنية معيّنة أو بمكتسبات ثابتة وإنما أصبح ضرورة ترافق الإنسان طول حياته: "التعليم مدى الحياة".
هذا التطور الجديد يتطلب من المربي تعديل مفهومه للتكوين حتى يواكبه فيتعامل معه على أنه ضرورة متأكدة بل وثقافة يلتزم باكتسابها وتعهدها باستمرار مما يساهم في رفع أدائه المهني وبالتالي يتدعم مردود المدرسة وتزداد نجاعتها.
2 ـ التكوين واجب فردي:
فعلى الرغم من الضرورة القصوى للتكوين الذاتي وسعة الإطلاع للأستاذ... فالضرورة تقتضي أيضا وضع برنامج مكثف للتكوين الأساسي والتكوين المستمر لمعرفة المستجدات المعرفية التربوية التعليمية وكذا تتبع المقتضيات وحيثيات الإصلاح ومتطلباته والتمرن على الأجرأة وشروطها...
وعلى هذا الأساس ينبغي أن يمنح الإصلاح التربوي الجديد الأستاذ تكوينا غنيا معرفة و إتقانا مع توفير مجال واسع لإدماج الأنشطة المسماة موازية لمكونات البرنامج (مسرح، تربية بيئية، التربية على الفنون والإبداع، التربية الصحية والوقاية، التربية على المواطنة والواجب، أنشطة المكتبة والقراءة الحرة، المجلة المدرسية،...) هذا الشق من الأنشطة ينبغي أن يكون له موقعه المركزي في البرنامج والحصص الدراسية ليلعب الأستاذ أدورا أكثر فعالية في المنظومة التربوية على ضوء غايات وأهداف مبادئ المنهاج، اعتماداً عما يتوفر له من معرفة ودراية ودربة تلقاها وعاشها وأسهم فيها، خلال التكوين بمختلف أنواعه فينبغي أن يحقق معرفة بمختلف نتائج أبحاث علوم التربية وأن يملك المعرفة الديداكتيكية ومختلف منهجيات التنشيط والطرق المجربة مع القدرة على حل المشكلات والتعامل بمرونة متى دعت الضرورة لذلك.
وحتى يواكب الأستاذ هذا الارتقاء والتطور الذي ندعو له يقتضي ذلك ملاحقة ما يستجد في أبحاث علوم التربية والذي أصبح يتوفر بكيفية غير مسبوقة بفضل ثورة المعلوميات ووسائل الاتصال حيث صرنا ملزمين كمربين أن ننظر إلى التكوين على أنه واجب فردي يمكن من تطوير المهارات و دعم الكفايات . إن تشبع الأستاذ بهذا التصور الجديد للتكوين يجعله أكثر حرصا عليه استجابة لحاجياته المهنية ومتطلبات تحيين خبراته مما يجعله يرتقي من خلال كسب عادة التثقيف ومتعته الى مرحلة يصير فيها الأستاذ المربي المسؤول الأول عن تكوينه.
3 ـ التكوين واجب جماعي:
إنّ التكوين المستمر – في خضم هذه التحولات- لا يمكن أن نعتبره واجبا فرديا فحسب بل ضرورة جماعية أيضا بحيث تصبح المؤسسة التربوية فريقا متكاملا يتبادل المعرفة والخبرات ويتحمل المسؤولية الجماعية في الارتقاء بالمؤسسة وتحقيق الجودة التربوية التعليمية بمختلف مستوياتها... بحيث يصبح للمؤسسة مشروعها المنفتح عن قضاياها ومشكلاتها وطرق حلها ... إضافة إلى التكوين المستمر حيث يتم تحديد حاجيات للتكوين الفردية والعمل حسمها ومعالجتها لأجل تحسين الأداء الفردي للأستاذ (ة) وكذلك الحاجيات الجماعية للفريق التربوي في مجال أو مجالات معينة بهدف تحسين الأداء المتقن للمؤسسة ككل . وبالتعاون مع مؤسسات التكوين الجهوية ودوائر التكوين عن بعد للتربية والتعليم تترجم تلك الحاجيات الى برامج تكوين لفائدة الفريق التربوي لأي مؤسسة تكسبه الكفايات اللازمة لتجاوز المشكلات وحلها وتحقيق الأهداف المبتغاة. وبفضل هذا النهج يمكن تجاوز الكثير من المشكلات... ويتم كل ذلك تحت التتبع والتقييم والتقويم...
إن تحقيق هذه المبادئ في المنظومة التكوينية يصقل كفاءة الأساتذة ويجعلهم يُقدّمون تربية وتعليما فعالا وجيدا مما يساهم حتما في تطوير دور المدرسة في المجتمع ويرفع من أدائها ومردوديتها... ويجعلها تحت حسن ظن المجتمع الذي أصبحت بالنسبة له ضرورة حياتية وحيوية...

الإصلاح والمنهاج الكتاب المدرسي:
وحيث أن الكتاب المدرسي بكراسة التلميذ ودليل الأستاذ يعتبران ترجمة للمنهاج فهما أيضا للأسف الشديد يحتلان عندنا موقعا أماميا في الفعل التربوي نتيجة الوضع الثقافي العام ونتيجة عدم توفر أجواء الثقة والقدرة حتى ترك أبواب المنهاج مفتوحة للاجتهاد والتصرف الشخصي للأستاذ استجابة للحاجيات والمتطلبات التقييمية والتقويمية التي قد تتطلب تدخلا محددا وهذا ينبغي أخذه بعين الاهتمام كرؤية مطلوب الانفتاح عليها وإقرارها...
مطلوب إعادة النظر في منهجية وتوجهات دفتر التحملات الخاصة بتأليف الكتب المدرسية على أن ينصص صراحة عن الاختيارات الأساسية في الحرية والتحديث والديموقراطية والعلمية...
وأن يفسح المجال للتجريب والبحث في مجال الديداكتيك، وأن ترعى التجارب الوطنية المشهود لها في المجال البيداغوجي،
الحرص على أن يترك للمجالس التربوية الإقليمية والجهوية حق اختيار الكتب والمراجع وأن يحرر التأليف من الضغوط والملابسات التي تقول بتعدد المراجع، وتفرض مسطرة غالبا ما أجحفت في حق مربين بذلوا جهدا نوعيا ولكن لاعتبارات تم إقصاء أعمال بقرار بيروقراطي لا يخلوا من ريبة...
نحن في هذه المرحلة في أمس الحاجة إلى كل طاقاتنا الخلاقة للتوفر على مراجع وكتب مدرسية نوعية، وأدلة دقيقة وواضحة في منهجياتها ونماذجها وحججها العلمية... تحقيقا لكتاب يتميز برصانة المنهج والمعرفة...والجودة التربوية ولذلك ينبغي تحرير التأليف التربوي وإعطاء الحق للجن التربوية بالجهات والأقاليم كي تختار ما تراه مناسبا ويتوفر على عناصر الجودة وبذلك تكون وسائل الرقابة ديمقراطية وواضحة...





الإصلاح البيداغوجي
مرحليا نتابع استيعابنا وتطبيقنا لبيداغوجية الكفايات كونها نشاطاً معرفيا وتعلميا ( Apprentissage) بامتياز، وكونها ترتبط بباقة من المنهجيات والبيداغوجيات ك: بيداغوجية المشروع والبيداغوجية الفارقية ومنهجية حل المشكلات، والمقاربة التواصلية، وبيداغوجية المشروع، التي منها المقاربة الورشية وأنشطة دينامية الجماعة، ولذلك كما يمكنها أن تتكامل مع بيداغوجية الأهداف التعليمية السلوكية عند تخطيط بعض الأنشطة ذات الخصوصية... وبذلك يصبح خيار الكفايات مطلبا وحاجة بيداغوجية إلى حين توفر شروط تقنينه وتوطينه بما يمكن أن يقوم به مركز أو مراكز البحث التربوي وطنيا وجهويا...

والكفايات خيار بيداغوجي مفتوح، قائم على أساس ديمقراطي تعاقدي، مما يجعلها تتكامل مع بيداغوجية الإدماج وما توفره من إمكانيات للانفتاح على المحيط وتبادل التأثير الإيجابي معه في ضل خيار (التربية مطلب الاجتماعي) إضافة إلى ما تحققه من احترام لشخصية المتعلم، وذكائه الخاص فهو الذي يساهم في تخطيط تعلماته، وتوفير ما يستطيعه من عدة متاحة وممكنة، كما يساهم في الممارسة والتنفيذ، ضمن إطار من الأنشطة الفردية والجماعية.
إذن بيداغوجية الكفايات منهاج للتعلم Curriculum، وليست برنامجا Programme للتعليم؛ تعلم يهدف إكساب المتعلم كفايات (معارف connaissances)) قدرات (capacités) ومهارات إتقانية savoir-faire)، وليس تعليم لمراكمة المحفوظات والمعلومات؛ تعلم يرتبط بالحياة، حياة التلميذ الحاضرة والمستقبلية.
وهي بيداغوجية دينامية، تفسح المجال واسعا للممارسة التعليمية، حيث تعطي الأستاذ مجالا واسعا، للتصرف والإبداع، كفاعل مشارك ومساعد ومنشط للتعلمات.
ومع بيداغوجية الكفايات والبيداغوجية الفارقية، يلعب التقويم دورا أساسيا، في التعرف على النتائج، ومستوى نجاح التعلمات، ومواطن القصور والتعثرات... لتحديد مجالات التدخل التعليمي والدعم، بالنسبة لكل مجموعة من المجموعات الفارقية؛ وعلى ضوء نتائجه ينجز التخطيط الديداكتيكي الفارقي، استجابة لتنوع الحاجيات، وتحقيقا لتكافؤ الفرص وهو على وجه العموم، نوع من المرونة والتكييف والتحويل، والإضافة أو التعديل، حيث يتم التعامل مع الوحدة الديداكتيكية من زوايا نظر متعددة لتتلاءم مع تلك المتطلبات والحاجيات ولخلق توازن بين مستويات القسم الواحد الأمر الذي يخفف من الفوارق وذلك بتنظيم وتدبير التعلمات الفارقية التي تقتضي: (تفريد التعليم، أي تجميع كل مجموعة أفراد متقاربة القدرات والذكاء في مجموعة عمل خاصة).
تحديد مراكز القوة والضعف بالنسبة لكل مجموعة، وتحديد النماذج والأنشطة بالنسبة لها.
أن يتم الاشتغال لإكساب المتعلمين كفايات محددة قد تزيد أو تنقص بالنسبة لكل مجموعة عمل.
أن يساهم التلاميذ في توفير أدوات ومعدات العمل المتاحة والممكنة.
أن يحكم سير عمل المجموعات النظام والمرونة والمواءمة وحسن التصرف، وادخار الجهد. وتقييم الأعمال وإصدار الأحكام والتقديرات الموضوعية...
أن يكتسب المتعلمون روح التعاون والتكامل والمساعدة وأن ينقلوا خبراتهم للممارسة الحياتية المجتمعية...
أن يحصل انسجام وتفاهم وتعاون بين الأستاذ ومجموعات القسم لجسر الفجوة المعرفية بين مختلف المستويات، والمساعدة في حل مشكلات الأفراد.

الإصلاح واختيار الأستاذ المربي:
لا أحد ينكر أن نجاح التربية والتعليم والتعلم، رهين بكفاءة ونموذجية وقدرة الأستاذ، على القيادة والتدبير والتوجيه، فهو يتصف بكونه مجرب، يصلح ليكون نموذجا يقتدى به، إذ يقدم نماذج تعليمية وبيانات محددة وواضحة ؛ متى كان ذلك ضروريا.
وهو منشط يخلق ديناميكية معينة، حسب متطلبات الموقف التعلمي، ويساهم في استقلالية المتعلم، ليعتمد على نفسه في استمرار تعلمه، كما ينمي كفاياته بالتدريب والتمرين، ويثير دافعيته للاستزادة والتوسع، وهو موجه، يوجه قدرات المتعلم في الاتجاه الملائم.
وهو خبير، ينجز أنشطته التعليمية بارتياح وكفاءة وهو واع ومسؤول بمتطلبات عمله، وحاجيات متعلميه في الحال والمستقبل ولذلك ينبغي اختياره لهذه الرسالة / الوظيفة بناء على مقاييس محددة وصارمة (سلامة ومعرفة وإقبالا وسلوكا) باعتماد وسائل وروائز واختبارات لأن المهام والأدوار التي سيضطلع بها تعادل أو أكثر من أي وظيفة أخرى تطلب معرفة واسعة وإتقانا في علاقة بتنمية وتطور قدرات الإنسان وكفاءاته وسلوكاته... وحيث انه يتأثر باتجاهات العصر وبأهداف المجتمع الذي يتحمل مسئولية توجيهه، فإن أدواره ومسئولياته وإعداده من أجل تحمل مسئولية التوجيه في هذا التعليم لابد من النظر إليه بعين فاحصة استشفافا لمؤثرات الثقافة التي تشربها والتي قد تجعله يروج قناعات قد تكون مضادة للمنهاج تفسر ما يأخذ به من اتجاهات وما قد يساهم في إنتاجه من شخصية غير متزنة ولا توافقية... أخذا بعين الاعتبار أنه سيكون أستاذا ومربيا لكل المستويات من الابتدائي بكل أطواره الأربعة، مرورا بالثانوي الإعدادي وصولا إلى الثانوي التأهلي والأقسام المختصة... ولذلك فتكوينه يتكون من شقين شق علوم التربية بكل مباحثها وشق تخصصي معرفي وفي منهجيات التدريس...

الإصلاح ومواصفات المدرسة الناجحة:
أن المؤسسة التربوية مطلوب أن تكون بيئة مناسبة ومريحة، وخالية من أي تهديد أو ضجر، وأن تمنح المتعلم الثقة في نفسه وأن تكون مجالا للانفتاح العقلي والمعرفي، ومجالا للتشجيع. ومجالا لرعاية القدرات الإبداعية.
أن توفر شروط التعلم، كفضاء غني بمصادر التعلم وأنشطته ووسائله، وتعطي بما توفره من مقتضيات وشروط لتكافؤ الفرص للمتعلم إمكانيات للنجاح.
أن يتم فيها احترام شخصية المتعلمين، والاعتراف باختلاف مستويات الأداء عندهم، وتنوع ذكاءاتهم.
احترام القاعدة القائلة (أسمع وأنسى، أنظر وأتذكر، أمارس وأفهم). بمعنى ان توفر الوسائل والمعدات التعليمية مهما يعتبر ضرورة بيداغوجية...
جعل الأقسام ورشات لممارسة البيداغوجية الفارقية، وما يرتبط بها من ديداكتيك فارقي، فالأمر لم يعد مجرد نافلة، يمكن ممارستها أو تركها، وإنما حقيقة لا غنى عنها، ليس فقط بالأقسام المشتركة، بل وبالأقسام العادية، التي لا تخلوا من تعدد المستويات والميول والحاجيات...

الوسائل التعليمية التكنولوجية والمعلوماتية
عرفت الوسائل التعليمية، (تجهيزات ومعدات وأدوات...) تطورات متلاحقة، منذ ظهور الطرائق الفعّالة والحديثة،
أدركت في العقود الأخيرة، مستويات عليا من التقدم والرقي، خصوصاً في ظل نظرية الاتصال ونظم التواصل والمعلوميات ... إذ أصبحت هذه الوسائل تدعى تكنولوجيا التربية، وتعني "علم تطبيق المعرفة، في الأغراض التعليمية بطريقة منظمة"، ومهما تكن الشروط والأوضاع والإمكانات المتوفرة، فالذي ينبغي معرفته بكل تأكيد، أن الوسائل أصبحت ضرورة من الضروريات، لضمان نجاح أي ممارسة تعليمية وتربوية، على وجه الإطلاق، لأنها جزء لا يتجزأ من الاختيارات البيداغوجية، التي تم اعتمادها.
الوسائل التعليمية وتحسين جودة التربية : وإذا كانت مدارسنا تعاني من فقر بيِّن في هذه الوسائل، فإن المتوفر منها، غالبا ما لا يستخدم في الدروس، أو إذا استعمل يكون استعماله شكليا؛ وبخاصة أدوات الإيضاح، من صور ومجسمات ومشاهد، ولوائح وبيانات، وسبورات وبرية وعينات... دون الحديث عن الحاجة الماسة، في تدريس هذه الوحدة، للوسائط التكنولوجية العادية، من تلفاز وفيديو ومسلاط، وعاكس مسلط، وصور ثابتة، (Diapositives) أما إذا أضافنا إلى ذلك الحواسب، والبرامج المعلوماتية ووسائطها المتنوعة، فإن الموضوع سيصير ضربا من الترف الفكري، بالرغم من ضرورته الأكيدة، غير أننا نطالب ببرنامج واضح وأكيد وملزم إلا بتوفير الممكن، وفق أجندة للتجهيز على قدم المساواة لكل الجهات والأقاليم والحث والتكوين على استغلال ما يوجد استغلالا مكثفا ورشيدا.

آليات تطبيق الإصلاح وإنجاحه:
وحتى يمكن تجاوز مختلف المعيقات والمشكلات التي ساهمت إلى هذا الحد أو ذاك في إفشال الإصلاحات التربوية التعليمية كليا أو جزئيا، منضافة إلى ما سبق تبيانه في فقرة (مسارات الإصلاحات التربوية التعليمية بالمغرب) نؤكد على أن البيروقراطية الإدارية الممثلة في الدواوين والمديريات والأقسام والعلاقات التراتبية على الرغم من أهميتها في تسير وتدبير المتطلبات اليومية، فإنها بفعل مواقف سياسوية واحترازات وظنون كانت في الغالب الأعم مكمنا لإنتاج أسباب الفشل وعبر تداعيات أدت بطبيعتها إلى تناسل العوائق والمحبطات فإذا كان الإصلاح لا يخص هذه التوجه والذي يعاديه فإنه يصنع ما لا يعد ولا يحصى من المطبات مما يحول دون أن يحقق أي إصلاح من الإصلاحات أهدافه زيادة على ردود الأفعال والصراعات السياسية وصراعات المصالح وما إلى ذلك حيث تغدو القضايا الخلافية سببا في كشف نقط الضعف وإبراز مواطن الوهن وطبعا غالبا ما تتم مراكمة عوامل الفشل فقد يرى البعض أن التعريب معضلة، في حين يراه البعض الآخر ضرورة مجرد أمثلة والأمثلة كثيرة في هذا المضمار... وقد تتدخل مصالح وأغراض خفية من هنا أو هناك... لذلك وخروجا مما أصبح معروفا ومؤكدا وحصلت في شأنه العديد من التجارب والوقائع نرى من الضروري بل من المؤكد العمل على تحقيق :
مقتضيات لتفعيل الإصلاح:
1 ـ هيئة إعداد إستراتيجية الإصلاح ومخططاته: وتتشكل من أطر تربوية وعلمية أكاديمية ذات خبرة ومراس تربوي مشهود به. ولها معرفة بخلاصات الانتقادات ونقط ضعف الإصلاحات السابقة وتعمل تحت إشراف المجلس الأعلى للتعليم أو منبثقة من أعضائه وتستشير مختلف الجهات والمعنيين من نقابات وأحزاب وجمعيات ذات الاختصاص آو الاهتمام بل تجري لقاءات معهم من أجل استيضاح المقترحات واستبيان التصورات والرؤى...
2 ـ تنبثق ـ عما سيتم ذكره من لجن وهيئات ـ بالاختيار أو الانتخاب لجنة وطنية دائمة تسمى لجنة إصلاح التربية والتعليم وبمواصفات وكفاءات محددة وهي القيادة العليا لمختلف العمليات والمهام التي يتطلبها الإصلاح التربوي التعليمي وهي ذات صلاحيات واسعة معززة قانونيا وتمسك ملف الإصلاح وملف السياسية التعليمية وتتميز بكونها مستوعبة ومتفهمة بوضوح تام للأهداف والغايات... ومكونات الإصلاح بمختلف التفاصيل إلى أدق الجزئيات... وهي المشرفة على إنزال مضامين ومحتويات الإصلاح وتتبع نتائجه في مختلف المجالات بكيفية تفاعلية ولها امتداداتها في الجهات والأقاليم... وتشرف على ترجمة المبادئ والاختيارات الفلسفية توجيهات تتبلور في مختلف مكونات هرم النظام التعليمي وترسم الخطط والهندسيات قابلة للأجرأة والتطبيق... وفق خطة وطنية شاملة وموحدة ذات (جدع مشترك)... وذات فروع تراعي التنوع الذي تقضيه بعض المتغيرات الجهوية الثقافية والبشرية والتنموية.
3 ـ اللجان الإقليمية الدائمة: يتم انتخاب اللجنة الإقليمية لإصلاح التربية والتعليم من المفتشين والمديرين والأساتذة وجمعيات الآباء ونقابات مهن التربية والتعليم وعن الأحزاب السياسية والجمعيات ذات الاختصاص كل داخل هيئته وفق محددات يتم تقنينها بما يضمن الفعالية والنجاعة ـ وتعتبر هذه اللجان الإقليمية هيئات للقيادة والتأطير والتتبع والتقييم والتدخل للوقاية أو للمعالجة فهي من جهة لأجل تكوين وتحيين ورسكلة وتعبئة الأطر الميدانية بما يتلاءم ومقتضيات الإصلاح وتوجيهات اللجنة الوطنية، وهي من جهة أخرى مركز للتعبئة وإشراك جميع المعنيين فعليا في الإصلاح التربوي التعليمي، وآلية من أجل تحويل ونقل الإصلاح من مستواه العام إلى مستويات أكثر خصوصية أي أن يصبح الإصلاح هما شعبيا ومؤسسيا وممارسة يومية... ويتم ذلك بالتنسيق مع النيابات الإقليمية وفق خطة تكاملية وتشاركية واضحة الاختصاصات محددة المهام والأدوار بعيدا عن كل ما من شانه أن يحدث التناقض أو التنافي
4 ـ اللجان الجهوية وتكون منتخبة من اللجان الإقليمية ومهمتها الدراسة والبحث وإجراء التقييمات وتنسيق العمليات وتبادل الخبرات والمعارف وإصدار نشرة تواصلية وإعداد متطلبات التكوين وبرمجته وتوفير متطلباته وتنسق اعمالها مع الأكاديمية بناء على مقتضيات تنظيمية محددة وواضحة...
5 ـ وتمتد فعالية اللجان الإقليمية إلى الأطر الميدانية ونقصد بذلك أطر الإشراف والقيادة والإدارة وهيئة التدريس بمختلف مستوياتها... العاملة ميدانيا وذلك من خلال حملات تعبوية مباشرة وغير مباشرة عبر وسائط إعلامية ومعلوماتية وتفاعلية تعبر عن مختلف مكونات الإصلاح وتجيب عن الحاجيات التكوينية لهذه الأطر.
6 ـ التنسيق بين اللجن الإقليمية للإصلاح وباقي الأطر من مراقبة تربوية ومديرين ومنسقي الفرق التربوية ومنسقي مجالس المؤسسات التعليمية... هؤلاء الذين يشكلون قوة ومرتكز إنجاح الإصلاح... وهم من انتخب مختلف اللجان... ويتم التنسيق معهم مباشرة وبكيفية مستمرة وعبر أقنية ووسائط مشغلة بشكل دائم ووفق استراتيجية واضحة ومحددة...
7 ـ هذه الاستراتيجية ينبغي لها أن تتحقق من منطلق مشترك وأساسي قوامه: الربط الجدلي بين الديمقراطية المجتمعية وديمقراطية التربية.
التعليم والتربية من الحقوق الثابتة لبناء مجتمع المعرفة...
التعليم استثمار لتحقيق التنمية...
والتعليم والتربية مرتكز أساسي لتحقيق السلم والأمن والتواصل بين الشعوب...
د. المحجوب حبيبي
عضو اللجنة المركزية
لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ