الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هكذا أراد الحسين !

هادي بن رمضان

2013 / 11 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كثيرون جدا هم اليوم من يتباكون ويلطمون أنفسهم و يقيمون الطقوس والشعائر الغبية حزنا على الحسين !! وكثيرون جدا هم اليوم من يلعنون معاوية وابنه يزيد وغيرهم دفاعا عن الحسين !! وما أكثرهم من يعتقدون أنهم سيكونون في صف الحسين لو عاد الزمن إلى الوراء !! إن الوجود الإجتماعي هو مايحدد الوعي الإجتماعي وليس العكس وان أفكار الانسان واخلاقه وضميره والهته تتغير بتغير وجوده المادي فالجزم بأنك ستتخذ موقفا ثوريا في عصر معين تحت ظروف معينة يعد نوعا من البلاهة !!

في عصر الحسين لم تكن قد مرت فترة طويلة على نزول الوحي ومع ذلك فقد كان الإمام وحيدا في مواجهته للوثنية الأموية بقيادة يزيد بن معاوية محاولة طمس المبادىء التي دعى إليها نبي الإسلام .. كان الحسين وحيدا لا يملك السلطة والموارد التي يملكها أعدائه ومع ذلك فقد أعلن الثورة وتوجه إلى مركزها بالكوفة مصحوبا باهله واصحابه ممن امنوا بالقضية الحسينية.

لقد رفع الحسين في عصره راية النضال, وخرج من أجل الحق والحرية والعدل ومات شهيدا من أجل ذلك . رحلت روح الحسين وبقيت كربلاء الحسين .. كربلاء الثورة .. كربلاء التي طالما أرهقت الطغاة قبل أن يحولها أتباع الحسين إلى مجرد طقوس أفيونية لا تخدم القضية التي خرج من أجلها الإمام في شيىء !! وما أكثر هؤلاء الذين يحاولون طمس كربلاء بغير قصد !

إليهم , أيها الإخوة . إنكم مهما بكيتم ولطمتم وسلختم أجسادكم ... إن كل ذلك لا يمكن أن يجزم بأنكم ستكونون من شهداء كربلاء لو عاد الزمن إلى الوراء !!
إن الإيمان بالقضية الحسينية يجب أن يتجلى في تصرفاكم وأرائكم لا في تخيلاتكم وطقوسكم.
إن الإيمان بالقضية الحسينية هو الدعوة إلى الحرية والعدل والدفاع عن حقوق الفقراء والمستضعفين والوقوف في وجه الطغاة مهما كانت جيوشهم كبيرة ومخيفة !
حاربوا الفساد والفاسدين, اطعموا الجياع والمساكين, ساندوا الشعوب التي يسحق الطغاة كرامتها وحريتها وذكاءها كما فعل أعداء الحسين ذات مرة !
إن لعنكم لطغاة بني أمية ووقوفكم إلى جانب طغاتكم هو امر أساليب الهجاء للحسين وكربلاء !
إن وقوفكم في صف الإنسان ضد جميع الطغاة والمذاهب المتعصبة هو أقوى أساليب المدح للإمام الحسين !
فليكن التشيع سلوكا وليس مجرد طقوس !

لقد خرج الحسين بن علي من أجل الإنسان .. من أجلنا نحن !! لقد كان الإمام الحسين يعني بخروجه أن الإسلام لا ينهى عن الثورة كما يزعم وعاظ السلاطين . فالحسين بخروجه يرمي بالأحاديث الافيونية التي تجعل الثائر مذنبا وتجعل شهيد الثورة قد مات ميتة جاهلية عرض الحائط ! لم يكن الحسين ساذجا ليقاتل هو وأصحابه جيشا نظاميا مدججا بالمال والاسلحة والفتاوى الرسمية طمعا في الإستيلاء على السلطة . لم يكن الحسين من طينة أولئك القادة "الثوريين" الذين يعقدون صفقات مع المستبدين . لقد كان الحسين من طينة سبارتكوس وأبي ذر ... لهذا اختار طريق الشهادة ليبلغ رسالته إلى كل الناس والثوار في كل الأزمنة والعصور . لا هدنة مع الطغاة والمستبدين وأعداء الإنسان !
فأولئك الذين يزعمون أن الحسين لم يكن ثائرا بل أراد بخروجه ان ينزع السلطة من بني أمية ويعيدها إلى ال البيت فهم مخطئون . لقد كان الحسين اول من طالب اخاه الحسن بالاستمرار في قتال معاوية لعلمه بما يحيكه ابن ابي سفيان من مؤامرة ضد ثورة محمد ابن عبد الله . فلو كان الحسين كما يزعم هؤلاء لكان قد اختار الإنزواء إلى المعبد بعد اطمئنانه على توطيد أركان حكم أخيه . لكن الحسين ليس من يفعل ذلك , لقد رفض الصلح مع معاوية وأراد الإستمرار في قتال الجاهلية الجديدة حتى هدده الحسن بالسجن ... ثم تحدى النظام وأمته التي أصابتها جيوش ودراهم يزيد بالبكم ... ثم استشهد بشرف, وبقي قتلته ومن خانوه أذلاء !
أما قتلته فليست جيوش الحسين من جعلتهم اذلاء.. الحسين لا يمتلك جيشا, بل كلماته حين صرخ فيهم لما تجاوزت وقاحتهم كل القيم الأخلاقية بتخويفهم للأطفال والنساء فنادى: ان لم يكن لكم دين فارجعوا الى احسابكم ان كنتم عربا كما تزعمون .
أما من خانوا الحسين فقد دفعوا ثمن هوانهم بتعاقب الطغاة عليهم ليعلموا أن الركوع قد يعني عدم القدرة على الوقوف مرة اخرى !

أيها الإخوة . لا تذرفوا الدموع حزنا على الحسين ... فالحسين لا يحتاج إلى دموعكم .
لقد كان أول من ذرف الدموع حزنا على مذبحة كربلاء عمر بن سعد بن أبي وقاص أحد المشاركين فيها !! ثم بكى أهل الكوفة الذين بايعوا الحسين ثم خانوه تحت وطأة الخوف من يزيد !! أولئك الذين خاطبتهم زينب "صوت كربلاء" بقولها: أتبكون وتنتحبون؟ أي والله فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً ...


لقد عاش الحسين عظيما ومات عظيما وترك لنا كربلاء العظيمة, كربلاء الثورة والمجد والشرف والشجاعة ... أما اولئك الذين إنزووا في المساجد هربا من "الفتنة" طمعا في الجنة وأولئك الذين إشترى يزيد شرفهم ليقفوا في الصف المعادي للثورة وأولئك الذين كانوا أجبن من ان يقفوا في صف الحسين فقد نسيهم التاريخ .. لعنتهم الثورة !! ...

كربلاء ... تحولي إلى رسوم تعرض فوق كل الجبال والاقمار والنجوم والكواكب ليراها كل الطغاة والمستبدين ! ليراها كل الثوار والمستضعفين !

تحولي إلى قصيدة تتلى فوق رؤوس وعاظ السلاطين والعبيد والجبناء ... لتخبريهم أن الثورة قوية كالفولاذ، حمراء كالجمر، باقية كالسنديان، عميقة كحبنا الوحشي للوطن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صلوات ودعوات .. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسي


.. زفة الأيقونة بالزغاريد.. أقباط مصر يحتفلون بقداس عيد القيامة




.. عظة الأحد - القس باسيليوس جرجس: شفاعة المسيح شفاعة كفارية


.. عظة الأحد - القس باسيليوس جرجس: المسيح متواجد معنا في كل مكا




.. بدايات ونهايات حضارات وادي الرافدين