الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق و خارطته السياسية و احتمالات التغيير

سلمان مجيد

2013 / 11 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لمعرفة طبيعة الخارطة السياسية لأي بلد لابد من الرجوع في التأريخ الى بدايات تبلور العمل السياسي ، تحت ظل اي نوع من الانظمة أن كان ديماقراطيآ او دكتاتوريآ ، فالنسبة للخارطة السياسية في العراق ، ان معرفتها يتطلب العودة الى ما بعد الحرب و تأسيس الدولة العراقية ، حيث حاولت حكومة الانتداب ان تنقل جزءآ من نظامها الديمقراطي و المتمثل بألأنتخابات البرلمانية ، محاولة في ذلك ترسيخ الجوانب الشكلية للأنتخابات البرلمانية ، وهذا الامر عمل على تحريك قوى المجتمع من اجل التعبير عن مصالح من تمثلهم ، وذلك من خلال تأسيس احزاب و جمعيات لكي تجد لها مكانآ في البرلمان فتأخذ دورها في التعبير عن وجودها و حجمها الحقيقي ، وكانت الاستجابة طبيعية حيث افرز المجتمع انواعآ من الاحزاب و المنظمات السياسية ، منها اليسار و الطبقة البرجوازية و الاقطاع الذين يتمثلون بألسلطة المهيمنة على الحكومة ، وان هذا لايعني انه لم يكن للمرجعيات الدينية دور بألعمل السياسي ، بل العكس هو الصحيح حيث كان لهذه المرجعيات الدور الفعال في ايقاد الشعور الوطني و لكنها لم تتخذ من التنظيمات السياسية او الحزبية وسيلة لذلك ، بل اتخذت من الولاء العقائدي وسيلة للتواصل مع الجماهير ، حتى من انتظم منهم في حزب او منظمة سياسية ، و الايجابي في دور المرجعيات الدينية انها لم تنزلق الى الانتماء الطائفي في عملها السياسي ، حيث كانت المرجعيات الممثلة لكل الطوائف تعمل و كأنها ممثلة لنسيج واحد دون ان يتبين اي اختلاف ، و السبب في ذلك انما يعود الى سيادة الشعور الوطني المهيمن عليها و على جماهيرها ، و استمرت العملية السياسية مع ما اكتنفها من سوء تطبيق للعملية الانتخابية ، وذلك نتيجة لتزوير ارادة الناخبين و العمل على ايصال ممثلي السلطة الحاكمة من الاقطاعيين و الرجعية ، ولكن بألرغم من ذلك فقد نجحت احزاب البرجوازية الوطنية و حتى بعض قوى اليسار من الوصول الى البرلمان ، و لكن بقت الهيمنة بيد السلطة الحاكمة الى حين قيام ثورة ( 14 تموز ) حيث عملت هذه الثورة على تحريك المياه السياسية الراكدة التي سادت المرحلة السابقة ــ الاماكان يحدث بين الحين و الاخر من تحركات جماهيرية ــ فنقلبت المعايير السياسية فتغيرت خارطتها فأنقلبت الموازين و برزت على الساحة السياسية قوى اليسار و البرجوازية الوطنية و بعض الحركات القومية ، وكان من الممكن ان تشكل هذه القوى مجتمعتآ ( جبهه وطنية )، وفعلآ كانت هذه الجبهة موجودة وكان بألأمكان تفعيل دورها في قيادة المجتمع نحو مستقبل تسوده المودة والسلام ، الا ان ما حدث هو احتدام الصراع السياسي بين قوى المجتمع نتيجة لأسباب عديدة منها :
1 / التدخلات الخارجية لتظرر مصالح تلك القوى الخارجية نتيجة للاعمال الثورية و منها اصدارقانون رقم ( 80 ) المتعلق بأستعادة حق العراق بثرواته النفطية ، أضافة الى فتح علاقات جديدة مع دول العالم الاشتراكي ، و التي اعتبرها الغرب تحديآ لمصالحها في المنطقة .
2 / انحراف حكومة الثورة نحو سيادة الحكم الفردي .
3 / استنفار القوى التي تضررت مصالحها من انجازات الثورة في مقاومة تلك الانجازات ، كتشريع قانون الاصلاح الزراعي و تحديد الملكية الزراعية ، وقوانين العمل وغير ذلك الكثير .
4 / انحراف القوى القومية عن مسار الثورة ، مما افضى الى حدوث كارثة انقلاب ( 8 شباط 1963 ) و التي صاحبتها اشنع المجازر بحق الشعب العراقي ، ثم انفردت القوى القومية بألسلطة ، مستخدمة اعتى اساليب القمع ، حتى انسحب الصراع الى داخل تلك الحركات القومية ، مما ادى الى التغالب فيما بينهم فأنتهت الامور الى سيطرة ( الحزب الواحد ) من عام ( 1968 ــ 2003 ) فما حدث خلال هذه العقود يعد اكبر كارثة يتعرض لها شعب نتيجة الحروب العبثية التي خاضها النظام ، ليس فقط ضد دول الجوار بل امتدت الى قمع الشعب بكافة قومياته بأعنف اساليب القتل و التدمير و بأحدث الطرق البشعة ومنها استعمال الاسلحة الكيمياوية ، وكذلك التي تلك تعد اقدم اساليب القتل بدائية وهي : دفن الناس وهم احياء في حفر ، ما اطلق عليه ( المقابر الجماعية ) ,
ثم حصل ما حصل في ( 2003 ) حيث استبشر الناس خيرآ ، ولكن كانت هناك الهواجس المشروعة التي كانت تنتاب مشاعر الناس و التي مصدرها التساؤل الذي مفاده : عن ماهية مصالح الغرب و امريكا في تغيير النظام ؟ ولماذا لم يتح للشعب و قواه لتغيير النظام ؟ هل هناك من لايرغب ان يقوم الشعب في تحقيق هذا الامر ؟
كل هذه التساؤلات لم تأخذ نصيبها من البحث و التقصي لتدارك التداعيات المحتمل حدوثها ، نتيجة للفرحة العارمة التي سادت و عملت على تعتيم رؤيا الحقائق ، الى ان تمكن الغرب و امريكا من اقتناص الفرصة و ذلك بتنفيذ مشروعها الذي جاءت من اجل تنفيذه ، وذلك من خلال اول مجلس تشريعي معين وهو ( مجلس الحكم ) الذي بذرت في ارضه اول بذرة من بذور الطائفية المقيتة ، و التي تجسدت في اول حكومة تم تقاسم المناصب فيها على اساس طائفي و الذي لم يعرف العراق على مدى تاريخه هذا الفرز الطائفي الذي لو استمر سوف لم يكن للعراق لا حاضر و لامستقبل ، وكان من المنتظر بعد انتهاء المرحلة الانتقالية و قيام اول انتخابات برلمانية ان تتوازن الامور وذلك بولادة برلمان وحكومة تتخذ من الوطنية بوصلة لها ، الا ان النتائج كانت مخيبة للامال ، لانها تولدت عنها برلمان و حكومة استنادآ الى المحاصصة الطائفية ، ومن اخطر ما مهد لهذه النتيجة هو بروز ظاهرة ( الارهاب ) و الجماعات التكفيرية ، التي اجبرت حتى الكثير من الرافضين للطائفية الى الالتجاء الى طوائفهم نتيجة لما حدث ما بين ( 2006 ــ 2008 ) من قتل وتهجير على اساس طائفي ، ثم استتبت الامور وكان الاولى في ان الخارطة السياسية قد تعود الى وضعها الطبيعي منتظرين ذلك في اعقاب انسحاب القوات الامريكية ، الا انه وما يؤسف علية ان حالة الفرز الطائفي و المحاصصة السياسية استمرت على حالها حتى اخر انتخابات محلية ، ومن المتفائلين من ينتظر الانتخابات التشريعية البرلمانية القادمة ، على امل ان تتغير الخارطة السياسية ، نتيجة لفشل الحكومات السابقة و الحالية في تأمين الخدمات و الامن ، ولكن المشكلة تكمن في : هل هناك البديل السياسي القادر على منافسة القوى السياسية الحالية ، لكي تحلل محلها و تنهي مرحلة العشرة سنوات السابقة ، التي اتسمت بعجز الحكومة عن تجاوز اخطاءها في تأمين الخدمات وتوفير الامن ، وما يمكن ان يأمله المرء ان هناك شعورآ عامآ مدعومآ ببعض التحركات الشعبية و دعوى بعض المرجعيات الدينية الى ضرورة تغيير الخارطة السياسية من خلال صناديق الانتخابات القادمة ، ولكن ليس كل ما يأمله المرء مدركه ، الا ان الامل بوعي الشعب بأن يتجاوز هذه المرحلة للوصول الى بر الامان .
( تم )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جامعة كولومبيا الأميركية تهدّد ب«طرد» الطلاب الذين يحتلّون أ


.. دونالد ترامب يحمل نتنياهو مسؤولية هجمات 7 أكتوبر 2023| #مراس




.. ما تداعيات ومآلات تدخل شرطة نيويورك لفض اعتصام الطلاب داخل ج


.. مظاهرة لأهالي المحتجزين أمام مقر وزارة الدفاع بتل أبيب للمطا




.. الرئيس الأمريكي جو بايدن: سنعمل مع مصر وقطر لضمان التنفيذ ال