الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا ننتقد الإسلام!؟

ميلاد سليمان

2013 / 11 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لماذا ننتقد الإسلام وحده!؟


دائمًا يواجهنا أغلب الزملاء المؤمنين المتدينين بهذا السؤال وغيره من الأسئلة التكميمية/ الإقصائية، والتي في مضمونها أن الدين الاسلامي خط أحمر، محجوز في المصباح العجيب والسرداب السري ولا يتكلم عنه/ فيه سوى فرسان المعبد دون سواهم!؟! وقد يُبالغ أحدهم في عصبيته فيقول "طب انتوا مالكوا ... مش إنتوا سيبتوا الدين عشان خوازيقه ذي ما بتقولوا؟؟ سيبوا لنا الدين خليكوا فى حرياتكم الخالية من الخوازيق"، وكأن حضرته يعيش في كوكب فضائي ولا يرى التدخلات السافرة الوقحة من رجال الدين في حياته اليومية أو في المجتمع أو في القانون نفسه!؟. أو كأنني أعيش في "صُوبة زجاجية" ولا اتأثر بكل ناموس ذلك المستنقع الذي أعيش فيه.

مفهوم الدين ككل، سواء كان سماوي مقدس أو أرضي وضعي، حسب التصنيفات الشهيرة، أو أي فكرة أو مذهب أو مُعطى إنساني، في زمان ومكان، ليس فوق النقد، ما يدين به الفرد وتسير حياته من خلاله، كل ما يمس حياة الناس ويؤثر فيها ويتأثر بها، سواء بالسلب أو الإيجاب، يجب إخضاعه للنظر والملاحظة والمناقشة والنقد، حتى يتم إستيعابه بشكلٍ واضح. سواء لبيان فوائده، أو تجنب أضراره، لبيان قصوره أو تطويره وبلورته في صياغة جديدة. والملحد أو أي شخص صاحب موقف من الدين، لا ينتقد الإسلام كراهية، وعِندًا، وتربصًا، ومؤامرة كما يتوهم البعض، بل نتيجة لما فعله فهم الناس للإسلام، تلّون خطاب أغلب علمائه وتطرف شيوخه الأفاضل، وما نلقاه منهم مِن تدخل وطغيان في الحياة بشتى الأشكال، فأصبحت الحياة من حولنا يتم صبغتها بالوهابية وأسلمتها تدريجيًا، دون أدنى إحترام لصاحب أي دين أو فكر أو معتقد آخر. نتيجة ذلك التحريم لكل شيء، والمنع القسري لأي شيء، بسبب وجود مادة دستورية، توهم الأغلبية، أن البلد بلدهم. دون أي إحساس أو إعتراف بفكرة مواطنة، أو عدالة، أو حريات لأي شخص. نحن ننتقد الإسلام، لأن ملصقاته وآياته وأذكاره، وخُطب شيوخه أمامي في وسائل المواصلات العامة، وفي الجرائد والمجلات والقنوات الأرضية والفضائية، وصوت الأذان يطادرني أينما ذهبتُ. أعيش في بلد تقدم نفسها بإعتبارها دولة إسلامية، فهل اترك القضية الأكبر، وأذهب لأنتقد البوذية والمانوية والمزدكية!!؟.

ثم يصدمنا مؤمن آخر، بسؤال أشد سذاجة وحُمق، فيقول "المجتمع ده انتوا جزء منه ولستم معفيين من المسؤلية.. ماذا فعلتم لتغيير الأوضاع وتغيير المجتمع اكثر من الشتيمه والجهاد الفيس بووكب!؟ بدلا من لعن الظلام حاولوا تغيروا الواقع المزرى اللى البلد فيه!؟". غريب أن حضرته يسألنا ماذا فعل الملحدين للمجتمع، وكأننا منظومة أو مؤسسة أو حزب له برنامج وخطة مرحلية!؟، أو نتلقي تمويلات من جهة ما لفعل وتنفيذ مشروع ما!؟. أو كأننا شركة رأسمالية لتصنيع الحديد والصلب!؟. كيف أخدم المجتمع، وأنا لا أأمن على حياتي في أي وسط وتجمع أتواجد فيه!. الدستور والأديان لا يعترفا بوجودي ولا أهمية لحياتي عندهما!؟، وأنا مهدد بالسجن والقبض عليّ في أي وقت، بسبب طريقة ومنهج تفكيري ومعتقدي وكتاباتي؟ كيف أغيّر في مجتمع يرفض الآخر بإستمرار، ويُقدس كل ما هو متشابه نمطي تقليدي!!. أنتم جهاز الدولة المنوط بالإصلاح والتغيير والتطوير، ونحن مجرد مواطنين نقدم أراء واقتراحات لعل وعسى يستمع لها أحد.


وهنا يأتي سؤال على نفس المستوى الساذج، فيقول "أنت بتنتقد وتشتم حاجة مش موجودة أصلا... إييه العبث دا... أنت غير معترف بوجود الله وبتتكلم عنه ليل نهار!؟". أولًا، كل إنسان حر، ينتقد ما يختار ويريد من موضوعات على ساحة الوعي. ثانيًا هل تفنيدي ونقدي لشخصية أحد أبطال البوكيمون أو ألف ليلة وليلة ومغامرات السندباد البحري، يعني إيماني بوجودها بالفعل وتأثيرها في حياتي. وأخيرًا، "الإله" فكرة مفهوم معرفي، منتج بشري، في زمان ومكان، يتطور في كل حضارة وبيئة من فترة لأخرى حسب السياق. بالتالي إنتقاد الملحد لتلك الفكرة لا يعني إعتراف وإيمان بوجود الإله إطلاقًا، هو فقط يفكك ويحلل ذلك الخطاب الرسمي المقدس الذي تقدمه أنت، وتؤمن به، وتجادل وتناظر للحصول على ثوابه، وتموت وتقتل من حولك لأجله إن لزم الأمر.


وهنا تأتي الصدمة المعرفية الكبرى، حينما يقول "أنا عيشت فتره فى أوروبا واعرف هناك ناس ملحدين كتير، ولا واحد منهم تهكم او سخر من دينى او اى دين تاني.. وهى ديه الحريه -اللى للاسف شعب مصر مش فاهمها - انت ملحد حريه شخصيه وعلى عينى وعلى راسى بس في بيتك.. وممكن نكون صحاب كمان - بس ارجوك متسخرش من دينى ومعتقداتى - أنت كدا مش بتحترمني أنا". وكأن هذا الشخص مُلم بكافة المجلات والصُحف النقدية والقنوات التلفيزيونية التي تتحدث عن الأديان، ولم يجد فيها أي نقد أو هجوم على الدين مثلا!؟. أو كأن الملحد في الغرب يعيش نفس حالة التوتر والضغط النفسي، التي يعيشها نظيره في الشرق الأوسط، وسط السيوف والخناجر، بين الحَسبة والأمر بالمعروف!؟. هناك قانون علماني ومواطنة تحمي حياة كل شخص، و تسمح بتعددية الأفكار ومدارس النقد، هناك لا يعتبرون أفكارهم ومعتقداتهم جزءٍ منهم أو مقدسات مصمتة. بل فضاء مفتوح للأخذ والرد، والشد والجذب، في حوار إنساني متصل غرضه مشاركة المعرفة. في ظل الأمن والحرية التي تتساوى على الجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لقد جئتكم بالذبح . . (صلعم)
د/ سالم محمد ( 2013 / 11 / 15 - 07:59 )
المسلمون لم يقدموا للانسانية الا العنصرية و الدم و الارهاب
قالها صلعم لقريش ( لقد جئتكم بالذبح )
انهم يتشرنقون حول انفسهم و هم اعداء للحرية و الاخاء و المساواة
انهم عار على الانسانية

اخر الافلام

.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط


.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع




.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية


.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-




.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها