الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يعقل أن يكون الله قاسياً إلى هذا الحد ؟

مناف الحمد

2013 / 11 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


• في تكية الشيخ ويس في دير الزور وهي مسجد صغير بني في عهد العثمانيين تلقيت أول دروس في الفقه ، والتي اقتصرت آنذاك على أحكام الطهارة والصلاة والصوم وكانت ابتسامة الحاج حميد الذي جمعنا ذات يوم وهو مسرور بترددنا على التكية ونحن أطفال لم نتجاوز التاسعة من العمر ليعيد علينا ما تعلّمناه عن كيفية الوضوء من الذكريات التي لم تفارقني إلى الآن
في المسجد غرفة ضغيرة جانبية كان شعوري في المرة الأولى التي دخلتها فيها شعوراً بالرهبة لأن كلمة الله كانت معلقة على الجدار لوحدها وبخط كبير وباللون الأسود
هذا الشعور بالرهبة كان مسبّباً عن مفهوم ل "الله" قدّم إلينا آنذاك على أنه إله جبار يعذّب الناس في النار عذاباً فوق احتمال البشر
ولأن الأسئلة الوجودية شغلت ذهني في سن مبكّر ، فقد كان شعور الخوف ينتابني كلما أوغلت في التفكير وحاولت تقصّي أصول المعتقد الديني
ووللخروج من حالة الرعب جرّبت أن أعايش مفهوماً غيّبه عنا معلّمونا في التكية ، هو مفهوم الله الرحيم المحبّ لخلقه ، وقد كان في التعايش مع هذاالمفهوم الأخير ما طمأن روحي إلى حدّ
جرّبت بعد سنوات أن أتعامل مع الله كمفهوم ، وليس فقط كاسم علم وهو ما مكّنني من الحفر في بنية المفهوم بقدرة معقولة على إقصاء المشاعر المغروسة منذالطفولة والتي طغى عليها شعور الخوف .
لا أستطيع الادعاء أن شعور الخوف الذي صادف في الطفولة أرضاَ خاوية قد اجتثّ من داخلي ، ولا أستطيع الادعاء أن دراسة المفهوم قد استطاعت مغالبته، ولا أن شعور الحب للخالق الرحيم المحبّ لعباده قد استأصله
المهم من كلّ هذا العرض للتجربة الشخصية هو أن الطريقة التي يتلقف بها الصغار مفهوم الله في مجتمعاتنا طريقة مشوّهة ، وليس مجانباً للصواب القول إنها أحد أسباب الانقسامات النفسية وحالات الفصام التي يلحظ وجودها بكثرة في هذه
أستطيع القول بقدر كبير من الثقة إنها أحد أسباب ظهور الإسلام المتطرف المتبني للعنف كمنهج لتحقيق غاياته ، وإسقاط لاستبطان تصوّر عن اسم علم جبار يشوي الجلود بعذاب فوق الطاقة .
ليس الخلاف على لفظ الجلالة وحامله وإنما على طريقة تمثّل مفهوم " الله " ، وطريقة التعايش معه
ليس غريباً أن يسأل الطفل نفسه وهو يلقّن تصوّراً عن عذاب " الله " :هل يعقل أن يكون الله قاسياً إلى هذا الحد ؟ وأي خطيئة تستحق كل هذا القدر من العقاب ؟
وليس بعيداً عن الممكن النظري والواقعي أن يطلّق الحالة الدينية كلها للتخلص من حالة الخوف ، أو أن يتبنّى تصوّراً وسلوكاً متطرفين إلى حدود قصوى كنوع من المحاكاة لتصور الجبّار أوالإسقاط لحالة الخوف على الآخرين من أجل تقيؤها ودفعها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - معضلة التعاليم الإسلامية
Amir Baky ( 2013 / 11 / 16 - 20:46 )
الطفل كالأسفنج يمتص المعرفة من البيئة التى حوله وأول سؤال يسألة كيف يكون الله جبار على الكافرين به وهو يمطر مطرة و يشرق شمسة عليهم؟ فهل الله عاجز عن تنفيذ إرادتة و يلجأ لمن يؤمن به من البشر للقيام بهذا الدور؟ أم من يدعون إنهم يؤمنون بالله يدلسون بأسمه لتحقيق أهدافهم الدنيوية من نهب و سرقة الغير بحجة تنفيذ شرع الله؟

اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah