الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما هو الحب؟ - سؤال المليون دولار

نضال الربضي

2013 / 11 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تحتل قصص العشق و الغرام و الزواج و الطلاق و الهجر و الفراق معظم الفضاء الإدراكي و السلوكي البشري، و هي قصص تفاعلية تأثيرها تجاوز الداخل إلى الخارج و ترسم أشكال علاقات الفرد مع اسرته و أصدقائه و مجتمعه، و يظهر من تبعاتها الجزء المنظور أمام الناس و المعروف لديهم بينما يختفي الجزء الأكبر داخل النفس البشرية موضوع العلاقة.

يفهم العاشقون الحب على أنه تعلق بشخص ما يريد العاشق أن يكون معه دوما ً حاضرا ً حضورا ً فيزيائيا ً منظورا ً و جسديا ً محسوسا ً تفاعليا ً. أما حين يستحيل الحضور أو يتعذر فيكتفي العاشق بمستوى عشقي تكون فيه فكرة قبول المعشوق لعلاقة العشق و تفاعله معها في الحضور الفيزيائي السابق أو اللاحق كافية ً لتوفير حالة من التوازن النفسي و كبت الاضطراب الناتج عن عدم التواجد الفيزيائي في تلك اللحظة المحددة. و الفكرة السابقة تفسر لم يكون العاشق مطمئنا ً مرتاحا ً و هو في عمله مع أن معشوقه بعيد عنه، و ذلك عندما تكون العلاقة قائمة، بينما يضطرب و يتوتر في نفس الظروف لكن عندما تكون العلاقة غير قائمة.

العشق خاصية موجودة في كل المخلوقات لكنها تعبر عن نفسها بطرق متعددة و بدرجات متفاوتة بين الكائنات، فمثلا ً بعض أنواع الحمام لا ترتبط بشريك آخر حين يموت الشريك الأول و يُقال أن الإنسان تعلم همس الحب من هديل الحمائم و دفن رؤوسها في رقاب بعضها حين التودد، و الذئاب أُحادية ٌ في العلاقة لا تعرف التعددية إلا حينما ندر و لظروف ٍ خاصة جدا ً، فقطيع الذئاب يتكون من الذئب الذكر و الذئبة الأنثى، و لا يختار أحدهم شريكا ً آخر إلا حينما يموت الشريك الأول.

أما في البشر فالحب يتخذ أبعادا ً أخرى، الحب عندنا أنواع، فهناك العاشقون الصادقون الذين لا يعرفون إلا الحبيب كما هو، لا يسألون عن دينه أو لونه أو عرقه أو أهليته ذكيا ً غبيا ً مسؤولا ً متهورا ً صالحا ً لاستدامة علاقة أو طائشا ً، و هذا الحب بدائي لأنه لا يتجاوز شغف العاطفة و زخمها و عدم قدرة العاشق على ضبط إيقاع عشقه و توجيهه و قد تكون له نتائج وخيمة جدا ً يودي بحياة الفتاة أو سمعتها، أو بمستقبل الشاب و مسار حياته.

و هناك الحب المُعتدل الموزون في مراحله الأولى و الذي يستطيع فيه الشريك الثاني أن يقيس أهلية شريكه لتكوين علاقة أو مدى تناسبه مع واقعه هو كشريك أول، فيكون تناسب الطرفين بداية لعلاقة موزونة تنمو نحو كمالا، بينما يكون الاختلاف الكبير سببا ً ُينهي فيه عاشقون صادقون علاقاتهم بسبب اختلاف الدين، أو الوضع الاجتماعي أو أي أسباب واقعية أخرى. و يتميز هؤلاء العشاق عادة ً بإرادة قوية و بُعد نظر و قدرة عالية على التحكم بالنفس، و منهم من يستطيع تكوين حياة جديدة سعيدة و منهم من يعيش في سعادة جزئية لا تكتمل أبدا ً.

و هناك الحب القائم على الاعتياد و الخبرة و العشرة، و هذا الحب يستمد قوته من خصائص الحياة الزوجية نفسها فالزوجة تُحب زوجها الذي لم تعرفه قبل الزواج و هو يحبها على الرغم أنه لم يعرفها قبل الزواج، و بذلك تتفوق مدرسة الحياة على رومانسية العشق في واقعيتها و ربما في قدرتها على جلب السعادة للثنائي الزوجي.

ليس مطلوبا ً من البشرية أن تسير على نهج ٍ واحد ٍ يصف كل العلاقات، فهناك تنويعات ٌ بعدد الاختلافات الفردية الموجودة، و كل ٌّ يحيا كما يناسبه، لكن أشكالا ً معيارية ً كالزواج بأشكاله المختلفة و العلاقات قبله ترسم أُطرا ً تحدد سقوف التطلعات و قوانين التعامل، و بذلك تفسد على العاشقين الجدد فرصة َ حيوات ٍ خاصة ٍ بهم كان يمكن أن تكون لها أشكال أُخرى لولا التأثر المُسبق بالموجود.

ما هو الحب، و لم تبقى الشركاء مع بعضها، و متى يكون قرار الانفصال صائبا ً و متى يكون خاطئا ً و ما الذي يحدد صدق و حميمية العلاقة و خلوها من المنفعة المادية، هي أسئلة لا يمكن الإجابة عليها، أو ربما لا يوجد لها إجابات محددة و ستبقى خاضعة لخصوصية كل علاقة و التكوين النفسي للشريكين.

أتمنى السعادة للجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملابس الرياضيين في أولمبياد باريس: ملابس لستر أجساد اللاعبات


.. إسرائيل تدرس رد حماس على صفقة التهدئة والمحتجزين ونتنياهو يع




.. تقارير تكشف استمرار تقليص مساحة الضفة الغربية من قبل السلطات


.. إسرائيل تبحث رد حماس على صفقة التهدئة والمحتجزين | #الظهيرة




.. حزب الله يطلق عشرات القذائف والمسيرات صوب شمالي إسرائيل | #ا