الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الله في وسط الصمت

نضال الربضي

2013 / 11 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



يبحث الكثيرون عن الله في ضجيج الكون و علاقات البشر و اقتصاديات السوق و ظلم توزيع الثروات و انتهاكات الأمراض لأجساد المرضى و اكتشافات العلم الحديث و أنظمة سياسية تسوق العالم و حروب و مجاعات و جرائم، و يستقون دلائلهم على عدم وجوده من عـِوار المدروس من النماذج القائمة، و من جهة رفضهم لهذه النماذج و تعارضها مع أخلاقهم و أحاسيسهم.

لا بد أن نُدرك و نعترف أن الأسوياء من البشر ترفض كل تحقير ٍ لكرامة ِ بشري ٍ آخر و تستهجن الظلم و تنفر منه و تسعى نحو توازن التوزيع العادل للمشاعر البشرية الإيجابية من حب و اهتمام و للثروات المادية التي بموجبها يكون لكل إنسان ما يكفيه من الغذاء و يُزيُنه من الملبس و يأويه ِ بكرامة من المسكن.

لكن النظر إلى الإله كفكرة مجردة قائمة بفعل الاختراع البشري بدلالة النماذج السابقة هو قصور ٌ في إدراك العلاقات التامة بين عناصر الكون من جهة فهم أسرارها و أسباب ظهورها و هو ما لا نحيط حاليا ً ب واحد على تريليون منه في العلم، و قصور في إدراك فعل الروح القدس في صياغة و تهذيب النفس البشرية و ربط الإنساني بالإلهي و الارتقاء به نحو كمال الإنسانية صعودا ً نحو الله في كشف ٍ تام بعد فيضان الروح إلى بارئها حينما تحين ُ مرحلة ُ ملء ُ الكشف كل ٌّ حسب وقته.

يستطيع المؤمنون على اختلاف ديانتهم فهم عمل روح الله في النفس عن طريقة خبرة الاستسلام لعمل هذا الروح و الثقة به، و نعلم ُ بحكم هذه الخبرة المتراكمة أننا نُحس ُّ بعمل هذا الروح القدوس في الصمت و العودة لأنفسنا و التأمل الحقيقي في عمل الله دون أحكام ٍ مُسبقة على النماذج السابقة من أشكال القصور الإنساني.

عندما يلتجئ ُ المؤمن إلى روح الله فإنه يدعوه إلى الدخول إلى أعماق نفسه و الاتحاد به و يترك له مهمة الكشف عن أبعاد السلام الذي يستطيع هذا الروح وحده أن يزرعه في النفس البشرية وسط كل الضيقات و في أحلك الظروف و مع كل الصعوبات المادية أو النفسية. و من خلال هذا الروح و بواسطته و عن طريق الاتحاد به نستطيع أن نرى يد الله المُحبة في كل الأحداث و وراء كل المصاعب، إذا أن تدهور العامل البشري نحو الشر يسبقه و يتخلله و يتبعه عناية إلهية حافظة تكون آثار احتوائها أكبر من الأثر الناتج عن العمل البشري الإجرامي، و تمتد إلى ما بعد الحدث للمعالجة بنفس الهدوء الخارق الذي تتميز به و السلام العجيب الذي تشعه.

بعض الدعوات الغاضبة و المحاسبات النارية و السجالات الفكرية ضد الله و المعادية في نبرتها لروح الله تحمل في طياتها حنينا ً بريئا ً إلى عناية شاملة يود البشري ُّ أن يحُس َّ بها حارة ً و مُتدفقة من يد الإلهي و توقا ً دافعا ً نحو استفزاز الله لكي يكشف نفسه و لو للحظات في التاريخ الفيزيائي المحسوس على المستوى الإنساني. هذه الدعوات و المحاسبات و السجالات مفهومة و ندعو إخوتنا ممن يمارسونها إلى بديل ٍ يأتي بالنتيجة كما يرجونها و يتوقون إليها، هذا البديل هو العودة إلى أنفسهم و تأملها وسط الصمت و البحث عن الله في نسيمها الدافئ و الاستسلام لروحه و الطلب منه سُكنى نفوسهم و إنارتها.

ستجدون الجواب عندها.

الله مُحب، خجول و رقيق، و هو في كشفه ِ فائق ُ الروعة و غير ُ محدود ِ القدرة على الإدهاش.

هل تمتلكون الجُرأة لاختبار محبته؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في الضفة الغربية المحتلة: سياسة إسرائيلية ممنهجة لجعل حياة ا


.. إسرائيل تصادر أكبر مساحة من الأراضي الفلسطينية منذ اتفاقيات




.. مشاركة كبيرة متوقعة في الانتخابات التشريعية البريطانية


.. غزة.. أطفال شردهم القصف الإسرائيلي ونازحون ينزحون من جديد




.. ماذا قدم حزب المحافظين للبريطانيين وما مصيره؟