الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانسان ( حيوان اجتماعي بألطبع )

سلمان مجيد

2013 / 11 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


مقولة من تلك المقولات التي كانت تتردد على لسان الدكتور ( على الوردي ) في دروسه و محاضراته التي كان يلقيها علينا ، نحن طلاب علم الاجتماع في كلية الاداب التابعة لجامعة بغداد ، و ان الفكرة التي يتضمنها هذا القول ، ان الانسان ينطوي على شقين ، الاول بكونه حيوان تتمثل فيه كل مظاهر و خصائص الحياة ، كألحركة و النمو و التكاثر ، و التي هي عبارة عن نتائج طبيعية لما يحركها من ادوات طبيعية كامنة في طبيعة الكائن الحي ، كان انسانآ او من الكائنات الحية الاخرى ، و المتمثلة بألدوافع و الرغبات الغريزية اللا ارادية ، فأن كل الكائنات الحية تشترك فيها ، وان هذه الغرائز و الدوافع و الرغبات ، لم يقتصر دورها على ارضاء او اشباع حاجة الكائن الحي ، و الانسان منهم و تحقيق التوازن الطبيعي للكائن الحي في حركته و توازنه في سلوكه و فعالياته الطبيعية ، بل الغرض منه ــ كما حددته حكمة الخالق ــ في تحقيق اهداف غاية في الاهمية ، وهي العمل على حفظ النوع ، وذلك من خلال اليات التكاثر الطبيعي ،وهناك موضوعة مهمة تتعلق بألتعبير اللغوي الذي قد لم ينتبه اليه البعض ــ وقد اكون غير موفق في تفسيره ــ وهو مانطلق عليه بالحيوان ، فأني ارى ان هذا التعبير لايقتصر اطلاقه على ما هو متعارف عليه بألحيوان او الدواب من الكائنات الحية ، وحتى النباتات و الاشجار ، فانه من الممكن ان يطلق على الكل ( بألحيوان ) و ذلك لأشتراكهم جميعآ ( بألحياة )
التي تجعلهم جميعآ يشتركون بهذه الخاصية ، ( التي لايعرف سرها الا الله تعالى ) و التي تعبر عن وجودها بما تمنحه للكيان الذي يحتويها ،تلك االخصائص المشار اليها اعلاه ، و المتمثلة بألحركة و النمو و التكاثر ، ودليل سر هذه الحياة و عدم معرفة طبيعتها : ان العلم قد عجز عن معرفة مكانها في كيان الكائن الحي ، وكيفية عملها في اعطاء الكيان الذي توجد فيه تلك الخصائص ( الحركة و النمو و التكاثر ) اذن و استنادآ الى كل ما تقدم ان الانسان كغيره من الكائنات الحية الاخرى التي يشترك معها بتلك الخصائص ، و قد تبرز في الذهن موضوعة : تلك التي تتعلق بفناء بعض انواع الكائنات الحية ، على مدى تأريخ عمر الحياة على الارض ، ان كانت من البشر او من الحيوانات ( الدواب ) او من النباتات ، فأن سبب هذا الفناء لايتعلق بقصور الحياة و خصائصها ، بل يعود الامر الى عوامل خارجية تتعلق بألمتغيرات الطبيعية الاستثنائية ، كما حدث بألنسبة لفناء و انقراض ( الديناصورات ) و حتى لدور البشر في انقراض بعض الكائنات الحية و النباتات نتيجة الجور الذي تتعرض اليه تلك الكائنات ، بسبب الصيد الجائر او ابادة النباتات و الغابات نتيجة لحرقها ، و لم يقتصر الامر على تلك الكائنات ، فقد يمتد الامر الى فناء او ابادة البشر ، نتيجة لعوامل طبيعية او غير طبيعية كالحروب ، حتى ان هناك امم واقوام و اقوام اختفت عن الوجود لاسباب لازالت مجهولة ، مع ان تلك الامم كانت على قدر كبير من التحضر مما يجعلها قادرة على الاستمرار في الحياة ، ان من كل ماتقدم نخلص الى ان الانسان كائن حي تتوفر له كل مستلزمات الحياة الطبيعية الغريزية التي اولآ : تجعله قادر على تلبية احتياجاته الطبيعية ، و ثانيآ : انه يشترك مع ( اشقائه ) من الكائنات الحية الاخرى في ذلك النبض وهي ( الحياة ) .
اما الشق الأخر لكيان الانسان هو : ذلك الذي يتمثل بالخاصية الاجتماعية التي يتميز بها الانسان عن الكائنات الحية الاخرى ، و قد يعترض من ليس له دراية بمفهوم الاجتماع البشري ، فيرى ان الكائنات الحية الاخرى كلها تتصف بألعيش الجماعي ، و الرد على هذا الامر غاية في البساطة ، حيث ان العيش الجماعي للكائنات الحية غير البشرية انما هو عيش جماعي فطري و غريزي ، ليس للأرادة الواعية اي دور في تحقيقها و التحكم بمساراتها ، وذلك لان تلك الكائنات لا تمتلك تلك الاداة التي يمتلكها الانسان في التحكم بطبيعته الاجتماعية ، الاوهو ( العقل ) الذي يتميز به الانسان ، و الذي له الدور الاهم في التحكم في طبيعة هذا الاجتماع ، فبألنسبة ( للعقل ) هناك من يرى ان الانسان عندما يولد ( عقله ) هو عبارة عن صفحة بيضاء و ان ما يكتب في هذه الصفحة هو كل ما يمر به ذلك الانسان من تجارب و احداث تترسخ في كيان ذلك العقل ، حيث تصبح الاساس و القاعدة التي بموجبها يحدد ذلك الانسان سلوكه و فعله النفسي و الاجتماعي ، ولم ينس اصحاب هذا الرأي ان للعامل الوراثي دور في تعديل بعض ما يتم اكتسابه من البيئة المحيطة بذلك الانسان ، ان كانت بيئة طبيعية او اجتماعية ، ويستدل اصحاب هذا الرأي و منهم ( الدكتور علي الوردي ) على بعض الاحداث التي اكتشفت مصادفة ، ومنها حادثة اكتشاف الطفلة الهندية ( كمالا ) حيث فقدت في احدى الغابات فاحتوتها بعض من جماعات الذئاب ، فاكتسبت تلك الطفلة معظم ما اتصف به مجتمع الذئاب ، كألعواء و المشي على الاربعة الى غير ذلك ، وعندما تم العثور على تلك الطفلة اجريت عليها عملية اعادة تأهيلها و العودة بها الى طبيعتها البشرية ، فبدأت تستجيب الى ذلك التأهيل الذي كان من نتائجه ، العودة بألسير على القدمين ، واخذت تتلفظ الكلمات البشرية ،بعد ان كان كلامها عبارة عن عواء ، وان هذه التغيرات لم تحدث لو لم يكن للكائن البشري تلك الامكانية المتمثلة ( بألعقل )الذي تميز به على سائر الكائنات الحية ، و التي جعلته قادرآ على ان يتكيف مع الظروف و البيئات الطبيعية و الاجتماعية ، وهناك البعض يرى ومنهم الفلاسفة ان عقل الانسان عند الولادة لم يكن صفحة بيضاء خاليآ من الاوليات العقلية او مايطلق عليه بألبديهيات ، فأن كل عقل بشري يمتلك تلك الاوليات التي بدونها سيصبح عقل الانسان عرضة للأستنساخ حيث سيتعرض الى التبدل و التغيير المستمر دون ثوابت تعمل على المحافظة على طبيعته البشرية ، التي تجعله محافظآ على تلك الصفة ، و الا بدون تلك الثوابت سيصبح عقل الانسان كحيوانات ( السيرك ) حيث تصرفها يتبع ما تعلمته من مدربها ــ مع الفارق ــ
خلاصة ما يمكن الوصول اليه من كل الذي تقدم ، ان الانسان هو عبارة عن خليط من الطابع الغريزي الذي يلبي الحاجات الطبيعية لذلك الانسان ، حيث يوفر له الحركة و النمو و التكاثر ، اضافة الى الجانب الاجتماعي الذي لم يخرج عن الطابع الفطري الحتمي ، لأن فكرة ان الانسان قادر على ان يعيش منفردآ غير قابلة للتصديق و غير واقعية ، و هذه من افكار ( الدكتور علي الوردي ) فيرى انه من المحال ان يتحقق الحفاظ على النوع و التكاثر عند البشر ان لم تكن تلك الخاصية تتواجد ضمن الاجتماع البشري ، فأن المرأة غير قادرة على تلبية اي من احتياجاتها الطبيعية مهما كانت بسيطة اثناء حملها و ولادتها دون ان يكون هناك من يعمل على مساعدتها ، و اهم المرشحين لذلك العون هو الرجل ضمن الاسرة ، اذن نخرج من كل ما مر ان الانسان هو كائن طبيعي و هو كائن اجتماعي فطري ، ولكن الغالب عليه هي تلك الصفة الاجتماعية ، و التي للعقل الذي يتصف به الانسان عن سائر الكائنات الحية الاخرى .
( تم )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يهدد.. سنجتاح رفح بغض النظر عن اتفاق التهدئة | #رادا


.. دلالات استهداف القسام لجرافة عسكرية إسرائيلية في بيت حانون ف




.. من هو -ساكلانان- الذي نفذ عملية طعن بالقدس؟


.. أخبار الساعة | غياب الضمانات يعرقل -هدنة غزة-.. والجوع يخيم




.. مستوطنون إسرائيليون يعترضون شاحنات المساعدات القادمة من الأر