الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


( لو كنت مكانه لأصبحت مثله )

سلمان مجيد

2013 / 11 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


من المقولات التي كان يرددها ( الدكتور علي الوردي ) على مسامعنا من خلال المحاضرات التي كان يلقيها علينا نحن طلاب علم الاجتماع في كلية الاداب في جامعة بغداد ، (( لو كنت مكانه لأصبحت مثله )) و ان مضمون هذا القول ينطوي على اهمية البيئة في صياغة و تكون معالم الشخصية في معظم جوانبها ، وحتى تلك التي تكون للظروف الطبيعية دور في تكونها ، و بذلك يقلل من دور العوامل الوراثية في المساهمة في تشكيل معالم شخصية الانسان ، و يعطي ( الوردي ) بعض الامثلة على ذلك ، حيث يروي رواية مفادها ان هناك اخوان توأمان ، احدهما قصير القامة و الاخر طويل القامة ، قاما بسرقة رغيف خبز من الفران ، فلاحقتهما الشرطة فقبضت على قصير القامة ، لقصر خطواته ، اما الاخر و لطول خطواته تمكن من الافلات من قبضة الشرطة ، و تمر السنين حيث نشأ قصير القامة بين جدران السجون و بين عتاة المجرمين ، فعندما خرج من السجن أصبح من أخطر رجال العصابات الاجرامية ، اما طويل القامة حيث اتيحت له الظروف ان يلتجأ الى احد المعابد الذي وفر له الامن و الامان ، ونشأ بين رجال المعبد فأصبح من مشاهير رجال المعبد في اخلاقه و تقواه ، مايراد بهذه الرواية هو : ان اخلاق و خصائص شخصية الاخوين كانت متشابه و ذلك كونهما قد كانت نشأتهما في بيئة واحدة اضافة الى انهما توأمان ، ولكن الظروف التي فرقت بينهما خلقت لكل واحد منهم بيئة و مكان مختلف ، اخذ كل واحد منهم صفات شخصية من تلك البيئة ، ان هذه الرواية حتى لو كانت صادقة ، فأنه لايشكل قاعدة ، بل قد يكون استثناءآ ، وحتى لو حصل فأنه يحصل بصورة جزئية ، لان شخصية الانسان انما هي مجموع الصفات الطبيعية و الاجتماعية و النفسية التي تشترك في تكوينها عاملين رئيسيين ، اولهما : الاستعدادات الطبيعية المتمثلة بألعوامل الوراثية ، وثانيهما : عوامل التنشأة الاجتماعية التي يستمر الانسان في اكتسابها منذ ولادته حتى اخر حياته ، ومع هذين العاملين : الوراثة و التنشأة الاجتماعية يتحدد الاطار العام لمعالم الشخصية عند حدود سن السابعة من عمر الشخص ، الا ان العملية التراكمية لعوامل تأثير البيئة الاجتماعية المحيطة بذلك الشخص تعمل على احداث بعض التعديلات في معالم الشخصية ، وان هذه التعديلات قد تختلف من مجتمع الى اخر ، فهناك المجتمعات الراكدة او التقليدية ، حيث ان الموروثات الشعبية تلعب دورآ في ترسيخ خصائص الماضي و عدم المساس به حتى قد يصل الى درجة ( المقدس ) و مما يساعد على ذلك هو انغلاق هذه المجتمعات وعدم احتكاكها مع المجتمعات الاخرى ، اما المجتمعات الحديثة فأن التعديل او التغيير في خصائص شخصية افرادها يكون اسرع وذلك نتيجة لعوامل التأثير الخارجي و المتمثلة بوسائل الاتصال الحديثة التي تتيح للمجتمع و افراده ان يقتبس كل جديد جاعلا منه صفة اضافية لخصائص شخصية افراد ذلك المجتمع ، اذن خلاصة الامر يتمثل بأن الشخصية الانسانية ماهي الا ذلك التفاعل بين عاملي الوراثة و البيئة ، و العامل الذي يعمل على تحريك ذلك التفاعل هو ذلك التواصل المتدفق في المجتمعات الحديثة التي جعلت شخصيات البشر تميل الى التماثل و التجانس الذي دفع البعض ان يطلق على شعوب العالم بأنها اصبحت و كأنها ( قرية صغيرة )
( تم )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة نار من تحدي الثقة مع مريانا غريب ????


.. الجيش الروسي يستهدف تجمعات للقوات الأوكرانية داخل خنادقها #س




.. الطفل هيثم من غزة يتمنى رجوع ذراعه التي بترها الاحتلال


.. بالخريطة التفاعلية.. القسام تقصف مقر قيادة للجيش الإسرائيلي




.. القصف الإسرائيلي المتواصل يدمر ملامح حي الزيتون