الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي

الطلاق . مشاكل آنية ومستقبلية تهدد المجتمع

صباح الرسام

2013 / 11 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع

انتشرت في السنوات العشر بعد 2003 ظاهرة الطلاق ولكثرة الحالات أصبح من المألوف مما جعله أمرا عاديا بعد ان كان من الامور المستغربة بل المستهجنة والمستنكرة عند المجتمع العراقي ، فتجد العراقيين سابقا عندما يسمعون بطلاق امرأة يستغربون ويطلقون الاسئلة لماذا وكيف وقائمة الاسئلة تطول ، بينما اليوم اصبح الطلاق من الامور الاعتيادية وللاسف لا ينظر لهذه الحالة التي تحتاج وقفة مهمة لانها تشكل خطرا بليغا على مجتمعنا لعواقبها .
1. الاسباب المؤدية للطلاق .
أ . ظاهرة الطلاق لها اسباب اهمها تحسن الوضع المعيشي عند الكثير مما يجعلهم يعتبرون المرأة سلعة تشترى وترمى وانها دمية فعندما يرى امراة اخرى تعجبه يسغني عن زوجته وهذه الحالة تتكرر كثيرا والسبب في ذلك هو الغنى الذي لم يعرفونه طوال حياتهم بمعنى ما شايف وشاف ، وهناك الزواج المبكر فتجد اكثر المشاكل عند الصغار الذين لا يفقهون معنى الحياة الزوجية فتجدهم بمجرد نزوة مراهقة مع تشجيع الاهل يتزوجون بسرعة وبدون دراسة للموضوع فتكون النتيجة هي الطلاق وتكثر في هذه الاعمار الخيانة الزوجية لعدم اكتمال مؤهلاتهم للزواج لصغرهم اعمارهم .
ب . وهناك الكثير ممن لا يملك مكان المناسب ويعيش في بيت مزدحم بالعائلة تجده وبدون تفكير ولا هم له الا الزواج وبعد الزواج تبدأ المشاكل التي لا تنتهي الا بالطلاق بسبب المشاجرات بين زوجته واهله ، وكان الاجدر بالزوج ان يرتب وضعه ويفكر مليا قبل الشروع بالزواج فيأخذ العهد من زوجته على تحمل وضعه وعليه ايضا ان يملأ يده من اهله قبل ان يقع الفاس بالراس .
ج . كما ان الشك والغيرة يلعبان دورا كبيرا عند الكثير مما يؤدي الى الطلاق فتجد هؤلاء يعيشون الجحيم تحت سقف واحد مع وجود جميع مؤهلات العيش الرغيد فتجد الزوجة تراقب زوجها وتفتش ملابسه وتحسب انفاسه في حال تجده انيقا معتنيا بنفسه وهذا الامر يجعلها تضرب اخماسا باسداس ولا تجد في بالها القاصر الا الشك بأن زوجها على علاقة مع اخرى وهذه مصيبة تولد العراك والمشاجرة وتجعل الزوج يلعن الساعة التي عرف فيها زوجته ، كما ان غيرة الزوج لا تقل خطرا فتجده يغار على زوجته وتصل الدرجة الى الشك وهذه مصيبة ايضا لانها تجعل الزوجة في حالة مزرية ووصل الشك الى اقصى درجاته بسبب التكنولوجيا ( المويايل والنت ) ، حالات الشك بسبب عدم التفاهم المسبق بين الزوجين وهي فترة الخطوبة التي تعتبر فترة التفاهم بين الاثنين ليعرفا بعضهما جيدا قبل الزواج ولو ان المخطوبين تعرفوا على بعضهما جيدا لماذا تصل الدرجة الى الشك والغيرة التي تنتهي بالطلاق في الغالب .
د . طلاق وحدة بوحدة .
هذا الطلاق اجباري فعندما يكون الزوج متزوج من اخت زوج اخته يعني اخ واخته متزوجان من اخ واخت ايضا وحصل ان اخته تطلقت فعليه ان يطلق زوجته ليرد على زوج اخته بهذا الرد الغريب ، واحيانا يجبر من قبل اهله على طلاق زوجته ، واذا كان الزواج كصة بكصة حتى لو حدثت مشكلة صغيرة وتركت بيت زوجها سوف تطرد اخت زوجها التي تتزوج اخيها وعند طلاق احداهن يتم طلاق الاخرى وحدة بوحدة ، وهذه من الغرائب ان كانت اخته وزوجها تطلقا لوجود مشاكل ، فلماذا يطلق زوجته التي تعيش معه بحب ووئام ؟؟؟ فلماذا تدفع زوجته ثمن اخيها ؟؟؟

2. المعاناة
أ- المطلقة ونظرة المجتمع
وللاسف ينظر الى الضحية واحيانا الى الضحايا ان كان للمطلقان ابناء وتكون الضحية الاولى هي الزوجة التي ستلاقي مشاكل كثيرة آنية ومستقبلية اولها نظرة الناس للمطلقة فالكثير سيظنون بها الظنون التي تنتقص من سمعتها ناهيك عن قلة قيمتها عند اهلها لانها ستعيش مكسورة الجناح وتعامل على انها عالة أي ثقيلة على اهلها هذا في حال وجود ابويها وفي حال انها يتيمة وتعيش مع اخوها فاذا كان متزوجا فيكون التعامل معها كخادمة وذليلة اذا كانت زوجة اخيها متسلطة وحقيرة ، ويختلف التعامل اذا كان ابويها على قيد الحياة لانها ستكون قوية بوجودهما ومحافظة على كرامتها وفي حال وجود الام فقط ستكون اقل مكانة , اما المطلقة اذا كانت يتيمة الابوين فستكون في حالة يرثى لهما ويصعب وصف حالتها وفي حال كانت ام لديها اطفال ستكون مصيبتها ما بعدها مصيبة ويصعب حتى استقبالها .
وبالرغم من ان الطلاق محلل شرعا فتجد نظرة الناس نظرة دونية بدون تمييز فاحيانا يكون الطلاق لسبب مقنع مثلا عدم التفاهم بين الطرفين فيتفقان على الطلاق الذي شرعه الدين ( ابغض الحلال عند الله الطلاق ) لكن النظرة الدونية هي نفس النظرة ، وتكون النظرة هي هي بالرغم من اختلاف حالة الطلاق بمعنى ان المرأة هي التي طلقت زوجها أي طلبت الطلاق بسبب اهمال الزوج لها مما جعلها تطلب الطلاق ونظرة الاتهام توجه الى المرأة ايضا مما يجعل المطلقات يعيشن الجحيم بسبب مصيبة نظرة الناس الخاطئة ومصيبة الطلاق فتصبح المصيبة مصيبتين .
ب - الاطفال معاناة ونتائج
كما ان الكارثة تكون اكبر في حال وجود ابناء عند المتطلقين فهولاء الابناء سيعيشون الحرمان لانهم حرموا من حنان الاباء وهذا يجعل له أثر نفسي في حياتهم فكلما شاهدوا اقرانهم مع ابائهم كلما كبر الاثر النفسي عندهم وسيعانون بصمت ويحسدون الاخرين لانهم بلا أب يرعاهم او ينتظرون مجيئه كي يستقبلونه بفرح ، وهذه الحالات التي يشاهدها ابن الابوين المطلقين تجعل منه عدواني لانه يشعر بنقص يجعله يحسد الاخرين وهذا الشعور والمعاناة تجعل منه انسانا شريرا مستقبلا في اغلب الاحيان .
وفي حال بقاء الطفل عند الاب يتزوج من امرأة اخرى وانجبت له اطفال ستكون مصيبة كبيرة ومهما كانت زوجة الاب تحبه وترعاه فحب اولادها اولا واخيرا لا تستطيع ان تساوي بينه وبين اولادها ما يجعلها تفضلهم عليه والاغلب ان الطفل سيعامل كالعبد الذي يعيش بين الامراء وسيعيش مكسورا ذليلا لايجد لطفولته ما يسره مستقبلا وسيعيش خادما مع اخوانه الذين دللوا بوجود خدمته لهم ، وهذه الحالة تجعله يكبت معاناته الى ان تصل لمرحلة الانفجار مستقبلا وغالبا ما تكون في سن المراهقة عندما يحتاج الى الاهتمام وهذه المرحلة الخطرة تحتاج عناية ، ومعلوم ان كل مراهق يعيش الغرور ويحلم كثيرا بانه يستطيع ان ينطلق ويفعل كذا وكذا ، اما ابن المطلقة او المطلق سيكون همه الخلاص من العبودية فتجد الكثير من هؤلاء يهربون من ابائهم او بالاحرى من زوجات ابائهم وستكون النتائج سلبية لانهم سوف يقعون بايدي العصابات كالتي تمتهن القتل والسطو والسرقة او التي تمتهن النصب والاحتيال .
اما الطفل الذي يبقى مع امه فسيكون اقل تأثرا لو كان مع ابيه لان الأم مهما يكن حالها فانها لاتبخل عليه بحنانها وبمواساتها التي تقلل من معاناته ، اما اذا كانت امه متزوجة فسيشعر بالنقص لو انجبت امه لانه سيجد التفرقة من زوج امه الذي يفضل ابناءه عليه ويكون حاله حال الذي يعيش مع زوجة ابيه .
مصير ابناء المطلقين سيكونون ضحايا لانهم يعيشون الحرمان في صغرهم ويكون مصيرهم المجهول عندما يصبحون شباب في المستقبل لانهم مليئون بالعقد النفسية بسبب الحرمان ما يجعلهم شريرون يرتكبون الجرائم التي تفقد المجتمع امنه وسلمه واكثر الاحيان تكون الجرائم التي ترتكب هي قتل زوج الأم بسبب تعامل الاب وتفضيل ابناءه عليه مما يجعله يكتم حقده الذي سيكبر مع عمره ليفجره بقتل زوج امه .
ولا ننسى ان الام حتى لو بقيت بدون زواج ايضا ستكون النتائج نفسها لان الابن سيجد امه مهانة من قبل اخوته او زوجات اخوتها لانه يرى معاملة امه معاملة الخادمة وهذا سيحز في نفسه ويعيش الاسى والحزن فتكبر معه هذه المعاناة ويصبح شريرا يهدد امن المجتمع .
د . معاناة الرجل
حتى الرجل رغم رجولته فمنهم من يندم على الطلاق الذي اجبر عليه بسبب الاهل فمنهم من يتزوج باخرى تجعله يرى نجوم الظهر لكنه سيجبر على تحملها لانه طلق مسبقا ويخجل من كلام الناس لانهم سيقولون كل يوم يتزوج ويطلق وايضا يخشى ان لاتقبله امراة اخرى فيبقى مع هذه الزوجة مسلما امره لله نادبا حظه العاثر ، ومنهم من يبقى وحيدا وينتهي به المطاف ان يكون عالة على الاخرين ومنهم من يقضي اواخر عمره في دار المسنين .
الخاتمة
الطلاق يؤدي الى تفكك اسري وتؤدي الى عداوات أسرية بين الزوج واهله من جانب وبين اهل الزوجة وهذه العداوات لاتنتهي ، كما ان الطلاق يولد جيل يهدد امن وسلامة المجتمع بسبب ابناء المطلقين كما اسلفنا ، وتكون الضحية الاولى والاخيرة هي الزوجة التي ستستمر في المعاناة حتى عند كبر اولادها الذين عاشوا الحرمان مما يجعلهم اشرارا ، وفي حال كانت المطلقة صغيرة ستلاقي معاناة كبيرة جدا غير معاناة نظرة الاخرين فهي انسانة ولها مشاعر واحاسيس تشكل خطرا على حيائها والخشية من انحرافها تكون واردة .
الوقوف بوجه ظاهرة الطلاق
هذه الظاهرة بحاجة الى وقفة جادة من قبل الجميع بدأ من الخطباء وعلماء الاجتماع وعلماء النفس ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الاعلام للوقوف بوجه هذه الظاهرة بالتوعية والارشاد وبيان مخاطر الطلاق لانه يهدد الاسرة والمجتمع ، ونتمنى ان تكون توعية اعلامية بتاليف قصص تعرض على شكل مسلسلات لتكون وسيلة توعية سريعة ومشوقة لكي تترسخ في عقول البعض عواقب الطلاق الذي يبغضه الخالق .

التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي

اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية

.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية

.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف

.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات

.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل

الحوار المتمدن - موبايل الموقع الرئيسي (adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({}); الطلاق . مشاكل آنية ومستقبلية تهدد المجتمع

صباح الرسام

الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي

الطلاق . مشاكل آنية ومستقبلية تهدد المجتمع