الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة إلى شاب متديّن

داود روفائيل خشبة

2013 / 11 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


رسالة إلى شاب متدين

صدقنى يا عزيزى، إننى أحيانا أغبطك، أقول لنفسى ما أسعده حظا، ينعم براحة نفسية ويطمئن إلى أن كل ما يصادفه من متاعب وآلام يضاف لحسابه الذى يضمن له مكانا فى النعيم. لكنى حين أسأل نفسى: هل أرضى أن أكون مكانه؟ تكون إجابتى واضحة قاطعة: كلا!
عزيزى، أنا لا أريدك أن تترك دينك الذى وُلِدت عليه. لكنْ انظر هذه العبارة: دينك الذى وُلِدت عليه. لكن لك جارا، ربما يكون صديقا صدوقا لك، كل منكما مستعد لأن يتحمل الكثير ويضحى بالكثير فى سبيل صاحبه. لكن دين كل منكما ينقض دين الآخر، لكنكما فى صداقتكما لا تـُدخلان ذلك فى حسابكما ولا تسمحان لاختلافكما فى الدين أن يؤثر فى صداقتكما وودّكما المنبادل، وهذا عين الحكمة وهو أجمل ما فى الأمر. ولكنْ أليس هذا شيئا يبعث على التفكير؟
أنت تعلم أن صديقك ليس أقل منك ذكاء وعلما، وليس أقل منك تمسّكا بمبادئ الأخلاق وبالقيم التى يعتبرها كل منكما أثمن ما فى الحياة الإنسانية. لكن العقائد التى يعتبرها صديقك أساس دينه وجوهر عقيدته يعتبرها دينك خطأ وسخفا وضلالا. ودين صديقك بدوره يعتبر أساس وجوهر عقيدنك سخفا وضلالا. فكيف تفسّر تمسّك صديقك الذكى الطيّب الصادق بعقيدة يقول لك دينك أنها كلها ضلال وبهتان لا يقبله عقل؟ وكيف يفسّر صديقك تمسّكك أنت بعقيدة يقول له دينه إنها كلها زيف وبهتان لا يقبله عقل؟
التفسير بسيط يا عزيزى. كل منكما إذ كان طفلا صغيرا لقـّنه والداه وأهله ورجال الدين الذى ينتمى إليه الوالدان أن عليه أن يؤمن بهذا، وأن هذه العقيدة حق جاء من أعلى، وأن أى شك فى هذه المعتقدات وأى مساءلة لآسسها وتفاصيلها هو زيغ خطير يبثـّه الشيطان الذى يريد أن يقوده إلى العذاب الأبدى فى الجحيم.
أنت تدرك يا عزيوى، إذا فكرت فى الأمر قليلا، أن العقل يقضى بأنه لا مفر من الاعتراف بأن أحدكما مخطئ حتما. وأنت تحسّ أنك أنت على صواب ولا يمكن أن تكون أنت مخطئا. لكن عقلك يبيّن لك أن صديقك بدوره يحسّ أنه هو دون شك على صواب وأنك أنت مخطئ.
قلنا إنك وصديقك على درجة طيّبة من الذكاء والإدراك والأمانة الفكرية. ألا يدعوك هذا يا عزيزى أن تقول لنفسك، ولو على سبيل التجربة الفكرية المجرّدة: ألا يمكن أن يكون صديقى على صواب وأنا المخطئ؟
لكنى أعلم أنه ليس من السهل على أىّ منكما أن يقول لنفسه هذا ولو على سبيل التجربة الفكرية. العقبة الكأداء التى تقف أمام هذا أن كلا منكما قد لـُقـِّن وهو صغير أن العقيدة التى نشأ عليها ليست من صنع البشر بل جاءت بوحى من السماء، وأن الكتاب الذى يتضمّن هذه العقيدة هو كلام الله ولا يمكن أن يكون فيه خطأ.
لماذا لا يمكن؟ هكذا، لا يمكن، إنه كلام الله. من قال إنه كلام الله؟ الكتاب يقول هذا. لماذا نصدّق الكتاب؟ لأنه كلام الله؟ من قال إنه كلام الله؟ الكتاب.
عزيزى، إنك ترى أن هذه دائرة مفرغة، ما كنت لتقبل مثلها فى أى مجال آخر. إن أردت يا عزيزى أن تخرج من هذه الدائرة التى تحبس عقلك وفكرك وتمنعه من أن يفكر فى حرية فلتدرس نشأة الأديان فى مسيرة التاريخ البشرى. وأنا فى فترة سابقة نشرت فى هذا الموقع سلسلة مقالات فى هذا الاتجاه، وربما أعود فى وقت آخر لأحدثك عن الأديان وتاريخ الأديان، إن كان عندك استعداد لأن تقرأ وإن كانت عند الرغبة فى أن تفكر.
مدينة 6 أكتوبر، مصر، 19 نوفمبر 2013
http://khashaba.blogspot.com








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اخطاء وعثرات للاخ داود خشبه
حكيم العارف ( 2013 / 11 / 20 - 03:16 )

انت كتبت كلام كثير وتبنى على افتراضاتك الخطاء نتائج ايضا خطاء .. مثال :

أنت تعلم أن صديقك ليس أقل منك ذكاء وعلما، وليس أقل منك تمسّكا بمبادئ الأخلاق وبالقيم التى يعتبرها كل منكما أثمن ما فى الحياة الإنسانية ..

--------

كيف عرفت ان صديقك هذا ليس اقل ذكاء منك ؟؟؟ او علما، او ليس أقل تمسّكا بمبادئ الأخلاق..

انت تفترض مثالية الناس وخاصة الملحدين منهم ... بينما ليس لديهم اله اومايخافون منه لكى لايخطؤا ...


طبعا مش كل الناس زى بعض ...

انت تسال : لماذا نصدّق الكتاب؟ لأنه كلام الله؟ من قال إنه كلام الله؟ الكتاب.


والسؤال .... لماذا لانصدق بل ونمتحنه لنتأكد انه كلام الله؟


انا شخصيا اختبرته ووجدت ان الكتاب المقدس هو كلام اله صادق يعطى سلام .


سلام ... ولاداعى ان تحسدنى ... لان الباب مفتوح و من الممكن ان تختبره ايضا


2 - الحل
د.قاسم الجلبي ( 2013 / 11 / 20 - 10:30 )
سيدي , امتناع تدريس الآديان في مراحلهاالآبتدائيه والثانويه واقتصار تدريس تاريخها في بعض الجامعات اكرر تاريخ الاديان وبأنما الانسان هو الذي خلق الاديان ولكل دين له حجته , فالآصح ان نكون فكره لكل ابنائنا وافراد مجتمعنا ان نتبنى دوله علمانيه مدنيه الدين لله والوطن للجميع , الجميع يمارسون طقوسهم الدينيه ولا دين اقرب الى الله من دين اخر الكل متساون في الحقوق والواجبات, نأمل ان تحدث صديقك في مقالتك القادمه حول علمانيه الدوله والتحرر من الآوهام الطوبائيه لكل الافكار الدينيه اليهوديه والمسيحيه واخيرا الآسلام , مع التقدير


3 - ليش متعب حالك مابعرف
عبد الحكيم عثمان ( 2013 / 11 / 20 - 12:44 )
الاخ الكاتب ليش متعب حالك مابعرف وليش تحاول التشويش على فكره لااعرف بما ان تدينه ماجعله يرفض المخالف له في العقيده وسمحت له بان يقيم علاقة وثيقة متينه يسودها الحب والوئام والتفاني لبعضهما وتضحية الاخر للاخر فليش متعب حالك لااعرف حقيقة الامر فهل تريد ان تفسد عليهما حيتهما المسالمه ماطول عقيدتهما لم تفسد علاقتهما ولم تؤثر عليها ليش بشوش عليهم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
خليهم لاتفسد عليهما علاقتهما ولك التحيه


4 - الفقهاء اكثر فتكا
سلام محمد ( 2013 / 11 / 20 - 17:38 )
ولكن من يأجج الصراع والتناحر حين لا تستطيع الاديان ان ترتقي الى مواكبة التطور البشري الهائل في كل مجالات الحياة ,سوى الفقهاء الذين يسرقون جهد الفقراء ويكدسون الاموال بأسم الله ,فهؤلاء هم الطامة الكبرى في تجهيل وتسطيح عقول المغلوب على امرهم .ولولا هؤلاء لكان العالم مليئا بالمحبة والسلام والتعايش وهناك تجارب تأريخية كثيرة ,انحسر فيها دورهم وابعدوا عن الناس ,فكانت الحرية والعدالة والسلم والمحبة والتاخي والتفكير السليم .اكثر ما يسمم اجواء كوكبنا هو فقهاء الاديان وبضاعتهم الكريهة

اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah