الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسرة الدينية فى الدولة المدنية

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2013 / 11 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كتاب السياسة عليهم أن ينتبهوا إلى أن الشباب والشابات والأجيال الجديدة لم تعد تقرأ، وإن قرأت فهى لا تقرأ إلا سطراً أو سطرين على الأكثر من أى مقال مهما عظم صاحبه وطال عنقه «كالعنقاء تكبر أن تصادا»، الأجيال الجديدة لا يمكنها متابعة الكتابات السياسية والمقالات الصحفية التى أصبحت تتضاعف مع مرور الأيام؟ ومن يمكنه قراءة هذه الصفحات الغارقة فى الحبر الأسود والأحمر والأخضر والأصفر؟ رائحة الحبر الردىء المغشوش فى السوق الحرة تزكم الأنوف الحساسة، والأسطر الرصاصية الدقيقة المهروسة بتروس المطبعة تؤلم العيون المجردة دون وقاية، فما بال القراءة فى ظل التوتر والقلق والأرق والاكتئاب العام الذى يغمر بلادنا؟

بعض المقالات تشغل صفحة كاملة أو ثلاثة أرباع أو نصف الصفحة على الأقل.

بعض الكتاب ممن يحملون لقب كاتب كبير (أو كاتبة كبيرة) يقيسون قيمتهم الأدبية أو السياسية بحجم ما يملكون من المساحة، تزيد قيمة الكاتب بازدياد المساحة، وإن كانت فى النصف الأعلى للصفحة تتضاعف القيمة، أو على عمود بارز طويل أو مستطيل أو مربع.

الإيجاز والتواضع هما الحل الوحيد لإعادة الشباب للقراءة التى أصبحت مرهقة بسبب الغرور والإسهاب.

الاقتصاد هو أساس الإبداع، إذا حققت كلمتان المعنى المطلوب فالكلمة الثالثة إهدار وتبذير ممقوت، كيف يمكن التعبير عن معركة الديوك الحزبية، أو حلبة الصراع على السلطة والدستور دون ثرثرة وإطناب؟ كيف يمكن الإشارة إلى الكذب العالمى والعربى والمحلى بجملة أو سطر أو نصف سطر؟

الكتابة السياسية فى رأيى لا تختلف عن كتابة الأدب والشعر، دون الحاجة إلى عناصر القصة أو القصيدة، ومنها التصوير والتجسيد والإيقاع والموسيقى والمجاز والاختزال والتكثيف والتلميح.

كلمة واحدة أو اثنتان أو ثلاث تبقى بعد قراءة المقال العظيم تظل تدوى فى الرأس لأيام أو شهور أو سنين، لا يبقى فى الذاكرة من أعظم الروايات إلا كلمات قليلة، فلماذا كل هذا السيل الجارف من الحبر فوق الورق؟!

أغلب النقاد يفصلون بين الكتابة السياسية والكتابة الأدبية، لكنى أرى أن التكثيف والإيجاز والإيحاء والإبداع مطلوبة فى أى كتابة جيدة. مواقع التواصل الاجتماعى المؤثرة لا تزيد على كلمتين أو سطر واحد، لكنه يدوى فى الرأس مثل نغمة موسيقية قصيرة، تبدأ بكلمة ثم تسلم نفسها لكلمة كالضربة النهائية على الوتر المشدود.

الكتابات السائدة فى العالم مصيرها الانقراض إن لم تخضع نفسها للتطور الفنى الدائم، لهذا أواصل الإيجاز واختصار ما أكتب، فالإيجاز فن وعلم دقيق يستوجب التدريب.

مفهوم الصحة النفسية لم يعد القدرة على التكيف للنظام السائد، بل أصبح القدرة على التمرد والثورة لإسقاط هذا النظام، وإذا كان النظام قاهرا مستبدا فهل الإنسان السليم صحياً هو المستسلم الذليل، أم المتمرد الثورى الشجاع؟ وهل هناك مرض نفسى أو جنون أكثر من نظم أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وتوابعها فى الدول الأخرى؟ هل هناك جنون أكثر من أن التجسس والتنصت والكذب والمراوغة والخيانة أصبحت أساس النجاح فى الكتابة السياسية والعلاقات الدولية والعائلية؟ وهل هناك جنون أكثر مما يحدث فى لجنة الخمسين وحزبها السلفى فى مصر فى لجنة نظام الحكم المدنى ونظام الأسرة الدينى فى إطار مبادئ الشريعة وأحكامها حسب مذاهبها المعترف بها فى القرن الأول الهجرى؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاستاذه نوال السعداوي المحترمه
سناء بدري ( 2013 / 11 / 24 - 07:01 )
اوافق مع كل كلمة جاءت في المقال ولكن اعتذر منك العنوان يختلف عن المضمون.ما دخل الاسره الدينيه في الدوله العلمانيه وهذا المقال.اعتقد ان العنوان لمقال اخر.
على كل حال لا احد يزاود على روعة كتاباتك ومضامينها ولن نصل مهما على شأننا الى جزء بسيط من علمك والمامك وعظمة فكرك
تحيه لك يا رائعه


2 - دولة مدنية بدعم ديني شيخ العسكر وبابا العسكر
عبد الله اغونان ( 2013 / 11 / 24 - 12:25 )
شيئ غريب الانقلابيون
يدعون -بتشديد الدال -أنهم يريدون دولة مدنية ولكن بدعم من رموز دينية
شيخ العسكر-اذ لايمثل الأزهر الذي يتظاهر شيوخه وطلابه ضد شيخ العسكر
بابا العسكر تواضروس الذي يدعي أن الكنيسة لاتتدخل في السياسة ويطالب بازالة الاسلام كدين الأغلبية المطلقة ويطالب بكوطا في مجلس الشعب
حزب النور المدافع عن ببلادة عن الشريعة
لوكانوا صادقين وقادرين على فرض دستورهم ولو بالقوة ولكنهم مستغلين للدين اذ
لايهمهم الا أن يحكموا بالقوة
أسطورة الدولة المدنية مجرد تغطية الشمس بالغربال
المقال له عنوان ومضمونه حشو وفي واد اخر

اخر الافلام

.. ندوة توعية للمزارعين ضمن مبادرة إزرع للهيئه القبطية الإنجيلي


.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا




.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج


.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان




.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل