الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- المجاري- في بغداد وحضارة الخطط الستراتيجية

طه رشيد

2013 / 11 / 26
المجتمع المدني


لسنا بصدد شرح الفروقات بين الخطط التكتيكية والستراتيجية، فهي مفهومة من قبل الحكومة والبرلمان العراقيين وعامة الناس ايضا، ومما يؤسف له ان الطرف المسؤول ( الحكومة والبرلمان )، والطرف المنكوب ( عامة الناس) يهرولون مسرعين في حالة حدوث كوارث محددة الى حلول ترقيعية، مثل ما جرى وما يجري لمدينة بغداد وبقية المدن العراقية في هذه الايام، ( اشكد عيب، حفنة ماء سقطت من السماء، كانت نتائجها على الارض كارثة حقيقية ، من تداعي بعض المنازل على رؤوس ساكنيها ، الى قطع الشوارع وانقطاع الحركة بسبب المياه المختلطة بالمياه الآسنة التي دخلت للبيوت واغرقت شوارع احياء كاملة وعطلت المدارس والاشغال والافعال !اما الامراض التي ستسببها فلا يعرفها سوى سكنة الاحياء الشعبية) هذه الحلول الترقيعية والتي تسمى بالعلوم السياسية خطط تكتيكية، تمثلت بمد انابيب لتصريف قسم من المياه وليس كلها، او محاولة توسيع وتنظيف فتحات المجاري ، الى غير ذلك من حلول لا تغني ولاتسمن، والمشكلة الاكبر تتمثل بمطالبات الناس وضغطها على البلديات من اجل ان تفرغ مركباتها لخدمة هذا الحي او ذاك وهي مطالبات تقع للاسف في خانة المطالبات بحلول جزئية لحين انتظار " المطرة" المقبلة.
قبل ما يقارب من قرنين ، يعني 200سنة، قامت لندن، على يد المهندس جوزيف بازلجيت، انشاء مجاري المدينة بعد ان اكتشفوا انتشار بعض الامراض مثل الكوليرا والدزنتري والتيفوئيد التي تسببها تجمع المياه الاسنة التي كانت تصب في نهر التايمس، واحتاج جوزيف الى 300 مليون طابوقة ومواد جديدة من الاسمنت وقد خصصت المملكة مبلغ ثلاثة مليون جنيه استرليني وهو مبلغ ضخم جدا في حساب تلك الايام .
اما باريس فقد سبقت لندن بسنوات عديدة بحل قضية تصريف المياه الآسنة وغير الاسنة، حين أمر محافظها " عصمان " بالاسراع في انجاز مجاري للمدينة . ويقال ان باريس مدينة مجوفة من كثرة الانفاق، وهو ما ساعدها بانجاز سريع لمجاري الصرف الصحي وحولت تلك المجاري الى متحف يأمه مئات الآلاف من الزائرون سنويا ليطلعوا على كيفية معالجة المياه الآسنة .
بعد 200 سنة هل نستطيع ان نستفيد من الخطة الستراتيجية التي مارستها كل من لندن وباريس في بناء بنية تحتية لمدينة حضارية ؟
اخيرا لا بد ان نذكر بان مجاري لندن و باريس تتسع لدخول اكثر من سيارة ، ولا يمكن ان يسدهما اية صخرة حتى لو كانت صخرة سيزيف!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات التشريعية البريطانية: الجدل يشتد حول الهجرة والمه


.. صحيفة لومانيتيه: -لا وجود للجمهورية الفرنسية دون المهاجرين-




.. السلطات الجزائرية تدرس إمكانية إشراك المجتمع المدني كمراقب م


.. جلسة مفتوحة في مجلس الأمن لمناقشة الوضع الإنساني في غزة وإيج




.. أحداث قيصري.. اعتقال المئات بتركيا وفرض إجراءات أمنية إثر اع