الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معنى الرقص

محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)

2013 / 11 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تتحدث الاسطورة عن سلسلة خفية غير مرئية معلقة في عنق كل انسان تجعله يتناسى معظم الوقت حقيقة أنه سيموت وحتى حين يتذكر ذلك فإن السلسلة سرعان ما تشوش على الفكرة لتبدو بعيدة او غير جديرة بالتفكير، حتى لو كان الانسان مقاتلا في ميدان معركة...

ثم تتحدث الاسطورة عن رجل فقد تلك السلسلة فجأة ليصبح منتبها للموت طوال الوقت، لا يزيحه عن تفكيره شيء

اصبح الرجل يخرج يسير بين الناس حرا من اي سلسلة تهوّن عليه،،،، يستغرب انشغال الناس بكل شيء عن الموت... مع انهم يوميا يدفنون بعضهم... يدفنون بعضهم ويواصلون الحياة بشكل عادي

جنّ الرجل.. وقال " إما ان استعيد سلسلتي او ان انزع سلاسلهم ... "فتكونون سواء"...

لكنه لم يكن يعرف كيف تبدو تلك السلسلة اصلا

بحث طويلا...

حتى قيل له ان السلسلة تصبح مرئية لمن ينتشي سكرا من الرقص

بدا ذلك غريبا... الانتشاء سكرا من الرقص يجعل السلسلة مرئية؟!

ولكن على ماذا يرقص...

قيل له ان ثمة ايقاع وموسيقى تعمل طوال الوقت كأنها موسيقى تصويرية للمشهد، موسيقى يغفل عنها الجميع... فمن التقطها وانشغل بالرقص عليها عن السير للأمام دون انتباه لها.. بدت له السلسلة.. وله ان ينزعها او يبقيها

نغمة تشبه الموسيقى التي تعمل كخلفية طوال لعبة فيديو جيم

لا ينشغل بها من يلعب... تخيل ان يترك تتبع مراحل اللعبة وملاقاة الوحش وانقاذ الاميرة وجمع الذهبات .. ويبدأ بترقيص الشخصية التي يلعب بها على نغمة اللعبة... هو يغفل عن النغمة اساسا لكثرة انشغاله بما يعترض له

انهمك الرجل في محاولة سماع ما لا يسمعه الآخرون... بحثا عن رقص ينتشي به.. حتى تبدو له السلسلة التي تهوّن على المرء حقيقة انه سيموت...

كان يوهم نفسه في بعض اللحظات انه يسمع شيئا

قيل له انه ما ان يدرك النغمة حتى يعرفها جيدا

ولكنه اصبح يتوهم في هذا الأمر... ويبدأ يرقص وهو ليس متأكدا... هل هو يتوهم ان هذه هي النغمة المقصودة؟!

السكر بالرقص حتى الانتشاء يلزمه انهماك لا يحصل عليه من يتشكك

لذا سرعان ما كان يعود أدراجه بعد وصلة رقص بسيطة

وينشغل بالموت من جديد

فعاد وسأل

فقيل له ان النغم يكون بالربط بين ما هو كائن... وليس البحث عن صوت لا يسمعه غيره

بأن لا تُحدث له سكتات النغم -وإن طالت- غفلة عن استمرارها.. فالسكتة ايضا نوتة

السكتة نوتة مهمة جدا... يفلت معها معظم الناس عن النغمة المستمرة ان هم لم يكونوا يصغون جيدا ليتأهبوا ل"سكتة تخلق الموسيقى كما يخلقها الصوت"

وقيل له ان كلام الناس وحفيف اوراق الشجر وبكاء الصغار وتغانج المحبين وحتى صوت ضراط الكائنات هي كلها جزء من نغم واحد

ضحك على نفسه وهو يتخيل نفسه يرقص على اصوات الكلام .. والضراط...

ثم انتبه الى تلك النغمة... ضحكته.. وبدأ يرقص على ضحكته... فيدب على الارض فيخلق الدبيب صوتا يضيف الى النغم فيرقص .. ثم يتعب فيلهث فيضيف صوت نفسه نغما يرقص عليه... واخذ يدور ويدور ويفكر في جاره الاصم... الذي لن يتاح له ان يرقص... ثم يخيل له انه رأى ذلك الجار يرقص في احد الايام

واخذ يفكر ان ذلك الاصم لابد وانه كان يرقص على الصوت الذي يعمل داخل رأس كل منا... باللغة... وبدا ذلك مضحكا... فضحك.. فعاد للمذهب.. وعادت النغمة تتناسق بين ضحكة ودبيب ونفس...

بدأ الرجل ينتشي... حتى أحس بشيء يتدلى من عنقه... فإذا بها سلسلته....

شد الرجل السلسلة... فهي لم تكن مشدودة حول عنقه... لقد كانت تربط عنقه بشيء آخر........ فالتف حول نفسه يبحث عنها

فوجدها مربوطة بخيط غريب يمتد نحو النجوم.. ويبدو ملتصقا بنجمة ما....

ويبدو انه يلتف حول النجمة ويواصل سيره ملتفا نحو اللانهاية...

لقد كانت السلسلة تشده طوال الوقت نحو حضوره الكامل الذي لا يغيب

وحين ظن بانشغاله بالموت عن الحياة انه اعلم واحكم من باقي الناس الغافلين عن الموت... بدا له أخيرا كم كانوا أعلم منه بغفلتهم عن الموت لاطئمنانهم لحضورهم الكامل...وان لم يدركوا ذلك بعقلهم الظاهر...وأدرك كيف جعله الخوف يتناسى حقا يتدلى منه طوال الوقت ويرن كلما رقص... وإذا ما هو بنزع ذلك الحق، ارتداه الحق وارتاده

فعاد يرقص.. وعادت السلسلة تهتز مع الرقص فتولد رقصا يهزها ويهزه .. ورأى النجم يهتز ويهتز الخيط في اللانهاية

فقال عجبا... أأنا اهتز ام كانوا هم المهتزين؟؟

http://1ofamany.wordpress.com











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تعلق كل المبادلات التجارية مع إسرائيل وتل أبيب تتهم أر


.. ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين: جامعة -سيانس بو- تغلق ليوم الجمعة


.. وول ستريت جورنال: مصير محادثات وقف الحرب في غزة بيدي السنوار




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة