الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
آمون المستقبل .. الإيمان بالغيب
سامي حرك
2013 / 11 / 29دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
آمون المستقبل .. الإيمان بالغيب
معنى "آمون" في القواميس المصرية, يدور بين الخفاء والباطنية, عوالم الأسرار, أو الغيب!
وفي كتب علم المصريات, "آمون" هو الرب المتخفي, ملك الملوك, رب الممالك والعصور الذهبية, تأسست ببركاته مملكة الأمنمحات وممالك الأمنحتب, ثراء فنون وآداب الدولة الوسطى, وإمبراطوريات الدولة الحديثة!
بداية ظهور "آمون" في المشهد المقدس, كان مع ثامون الأشمونين, وهو مجمع ربوبي فلسفي يرعاه "تحوت" رب الحكمة, ويترأسه الزوج الخفي (أمون وأمنت).
أظن الحكاية أعمق وأبعد من ذلك كله, إنها حكاية الأمس واليوم والغد, الماضي والحاضر والمستقبل, كل الأحاجي تكونت من تلك المعاني الثلاثة, وكل الأسئلة دارت حولها!
غريزة الحنين إلى الماضي, والسعي الحثيث لإحضاره أو تحضيره, ليكشف ويعالج علل الحاضر, ويؤمن المستقبل, كما إستثمرها المنجمون والمتنبؤون!
سادت عقيدة "رع" أركان الوجود, لوضوحها وضوح نورها الشمسي الساطع, حين تشرق تدور عجلة الحياة, ينمو الزرع, وتدب الحياة في الكائنات, يُغرد الطير, يحبو الطفل وليدًا ثم يشب فتيًا وفتاة, وتتقافز الحيوانات, فله المجد في الأعالي. ظاهرًا وضاءًا, نورُ وحياة.
وكما سادت عقيدة النور بأشكالها المختلفة في حضارات أركان الأرض الأربعة, كانت الأوزيرية هي الوجه الآخر الملازم لتلك السيادة!
بعد نور النهار البهي ليل حالك السواد! كما الموت والحياة!
الحيّ الغني "رع" يمنح الكائنات نوره بلا مقابل وبلا شروط, بينما القادر القابض "أوزير" يحكم مملكة الليل وينظم حركتها, ويضمن أمان الهاجعين!
الظلام هو المقابل الملازم للنور, كما الحزن والحبور, وجهان لعملة واحدة, كلاهما أزلي وحاضر وجوبي في حياة الإنسان.
إذن الحياة "رع", والموت "أوزير", هما قدر الإنسان, بل قدر كل كائن, تلك هي فلسفة الكون والوجود ببساطة!
أيقن العقل البشري أن الحقائق المؤكدة لا تحتاج إلى إثبات أو تبرير, فالحياة تلمسها الأيادي والموت تتذوقه النفس, إذ كل نفس ذائقة الموت.
إذن ليس مطلوبًا, والأمر كذلك, سوى الإيمان, لتنطلق عجلة الحياة, ولا تعطل مسيرتها بذور الشك, وتحبط الريبة حماستها, ويربك التردد خطواتها, لابد من مقاومة ذلك الوسواس الخنّاس!
الخطر يتهدد المستقبل, ولابد من علاج!
كان الحل العبقري في الإيمان بالغيب, وتجسيدًا لتلك القيمة ظهر الجميل "أمون", هكذا هو إسمه, الخفي الباطن, علام الغيوب, شابًا وسيمًا وليس عجوزًا خرفًا, طيبًا حكيمًا وليس شريرًا نزقًا, مفسرًا لما كان, وما هو كائن, وما سيكون!
حقق الحضور الآموني أمانًا بشريًا, إذ تقبل الإنسان القديم خوارق الأساطير, وإستسلم لقدره إستسلام الأسير, لم تعد قيود الماضي ترهق فكره وتعيقه عن تحسين حاضره وتأمين مستقبله!
أصبح الإيمان بالغيب, حقيقة الوجود, تمامًا كما الحياة والموت, إذا الغيب ليس الماضي والحاضر المشهود, إنما هو المستقبل المجهول, واجب البحث والتوقع ومن ثَم التحسب والتجهز والعبور إليه بالتخطيط!
لا أحد يعرف ما سيحدث غدًا أو بعد غد, لكنه زمن قادم آتٍ لا ريب فيه, ذلك ما قصده المصري القديم من "آمون" الإيمان بالغيب, فأول علامات السبق الحضور, وأول دلائل الخيرات الشكور الصبور .. آمين .. أمان .. آمون.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من
.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال
.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار
.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل
.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز