الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذهب إسلامي جديد.. -شيعة مرسي-

سيد القمني

2013 / 11 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حتى زمن قريب، كان المسلم المصري يعلم عن أسرته أنه مسلم، وأنه مثل أبيه أو أستاذه على مذهب أبي حنيفة النعمان، أو على مذهب أحمد بن حنبل، أو على مذهب الشافعي، أو على مذهب مالك، هذا إضافة إلى مذهب مخالف للمذاهب الأربعة السُنية، هو المذهب الجعفري لشيعة الإمام علي واّل البيت، الأربعة السُنية لها نفس المساجد ونفس المعاهد الدراسية ونفس الصلوات ونفس الأذان، والاختلافات بينها ليست في العقائد، ولكن في تفاصيل الفقه التشريعي "المعاملاتي"، ويتباعد عنها الجعفري الشيعي - سواء في العقائد، كالاعتقاد بأنه كما أن محمداً هو رسول الله، فإن علياً هو ولي الله وسرّ قدسه - وكما للشيعة مساجدهم الخاصة بهم وطريقة صلاة خاصة بهم، فيضعون الجباه في السجود على تربة من تراب كربلاء، ويختمون الصلاة بالضرب على الأفخاذ، ويضعون بالأذان إقراراً بولاية الإمام علي بن أبي طالب على المسلمين، كل هذا معلوم لدى المسلمين، وكانت تتم ممارسته دون حظر أو تبديع إلا في أزمان الأزمات، ما بين الكبيرين: السُني والشيعي، وعندما ظهر محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية، قدم للإسلام قراءة هي الأشدّ تشدُداً أو نصيّة بين المذاهب جميعاً، قراءة تجعلك تشعُر أنك أمام دين جديد، أو دعوة جديدة غير دعوة محمد التي نعرفها، ويبدو أن صاحبها "محمد بن عبد الوهاب" كان يُضمر ذلك، فلم يُطلق على ما قدّمه من فهم للإسلام اسم مذهب، ولم يقف في طابور المذاهب السُنية خلف الدعوة المحمدية، وإنما سمّى ما قدمه باسم "الدعوة"، لتقف الدعوة الوهابية في مقدمة الصفوف إلى جوار الدعوة المحمدية، ولم تُقدّم نفسها مذهباً، وإنما بديل وحيد عن كل المذاهب، ومن بعدها يلحظ الباحث أن الوهابية أينما حلّت وتمكّنت، اختفت معها المذاهب الأربعة السُنية، وقيادتها "الدعوة المحمدية"، ووضعت المسلمين بين خيارين: الدعوة الوهابية المتشدّدة في التدين الظاهري، أو المذهب الشيعي المُتمَسك بمذهبيتِهِ وإسلامه المُمتَد إلى الدعوة المُحمدية.

في وطني مصر - وفي مسقط رأسي - كنت أعلم أن أبي كان شافعياً، وأن عمي كان حنفياً، وكان النِقاش بين الطرفين يدور حول قضايا تبدو إسلامية، ويأخذونها بجدية شديدة، وهي لا تٌقدم ولا تؤخّر، وفي النهاية يؤمّ أحدهما صلاة الجماعة دونما تحفّظ من الثاني.


في ذات الوطن - وبعد الغزو الوهابي الجديد - لم تعُد تجد مُسلماً يعرف شيئاً عن مذهبه، ناهيك عن معرفته بإسلامه أصلاً، والخطر في هذا أن أشدّ الناس تطرُفاً في التعصب للدين، هم أشدّهم جهلاً به، وقد حدث هذا الجهل بتراجع كتب المذاهب الكُبرى، لتبقى بأيدينا دعوة وهابية بديلة للدعوة المحمدية، تنشطر إلى عدة فصائل أو مذاهب، منها الإخوان ومنها السلفيون ومنها الجهاديون، لم يعُد المصري يقف في صف ابن حنبل، أو صف الشافعي، بل أصبح يجهل من هما، أصبح إما مسلماً إخوانيّاً أو مسلماً سلفيّاً أو مسلماً جهاديّاً، وغير ذلك هو كافر، وخاصة الشيعي، أصبح لدينا دين جديد بمذاهب جديدة، الأدهى من هذا كله، هو استعادة الدين الجديد لأسوأ ما كان في تاريخ الدين القديم، وضمن هذه السيئات، حروب الصحابة ضد بعضهم البعض في فتن متلاحقة كارثية.

للتذكرة فقط بما هو معلوم، فإن هناك من وقف في صف جنود "عائشة"، ضد من وقف في صف جنود الإمام علي، وهناك من وقف في صف معاوية ضد من وقف في صف علي، وهناك صحابة وتابعون وقفوا في صف ابن الزبير في استقلاله بمكة عن الحُكم الأموي الناشئ، وهناك صحابة وتابعون شاركوا الجيش الأموي في واقعة الحرة المُخزية، واستباحة مدينة رسول الله واغتصاب نساء الصحابة وبنات الصحابة المقيمين بالمدينة، حتى حبلت ألف عذراء من سِفاح، فمَن بين هؤلاء جميعاً كان يُحارب في سبيل الله؟، ومن كان منهم يُجاهِد في سبيل الله ونشر دينه؟، إن الصحابة كلهم عدول، وعلينا الغَض عن أخطائِهم، هذا ما أمرنا به قرار المذهب السُني.

الآن يقوم الإخوان بمثل هذا الجهاد، ليس لفَتح وليس لنشر دين وليس في سبيل الله، وحتى ليس في سبيل الوطن بالمفاهيم الحديثة، كان الصحابة يتقاتلون من أجل الدنيا وتدعيم كلٍ منهم لسلطانه، وليس لردِ كافرٍ ولا لنشرِ دعوة، وهو ما يفعله اليوم الإخوان بمصر وسائر بلاد العُرب والمسلمين، وكما انقسم أصحاب دعوة محمد إلى شيعة وسُنة، فقد قرر الإخوان تقسيم المجتمع المصري المسلم إلى مسلمين كافرين بولاية مرسي، كالسُنة الكافرين بولاية علي، فهُم كافرون بالدعوة، وشيعة مرسي، هم المؤمنون المجاهدون في سبيل عودة مرسي، وعند عودتِهِ يتوقف الجهاد، فلا جهاد هنا للإسلام ولا لنشر دعوة، هو في سبيل مرسي وليس في سبيل الله، لذلك اعتزل الإخوانُ عامةَ المصريين في الصلاة، واتخذوا لهم مساجدَ خاصة كما حدث من شيعة علىٍ من قبل، وفي العيد الماضي أدوا الصلاةَ في ساحاتٍ خاصة بهم لا يدخلُها سواهم، ولم يعودوا مع جماعة المسلمين التي لها إمامها - شيخ الأزهر - فقد جعلوا لأنفسهم إماماً غير إمام المسلمين، هو سئ الذكرِ "يوسف القرضاوي"، وكما أصبح لهم إمام خاص ومسجد خاص، فقد صنعوا لأنفسهم فقههم الخاص الذي دبّجه "سيد قطب"، ولهم رؤيتهم الخاصة في فهم المجتمع من كتابه "معالم في الطريق"، الذي يجعل الإخوان أهمّ السادة العارفين بالله وكتبه، وهم الصحابة الجدد رضي الله عنهم، وهم سادة العالمين القادمين وأساتذة العالم، ويرون غيرهم ممّن يعيشون معهم قد مرقوا من الإسلام وعادوا جاهليين، يصحُ قتالهم وقتلهم وسلبهم وسملهم بثواب الخلد في النعيم، جزاء حسنا عن القتل والتخريب والتدمير، أصبح لهم فقههم الخاص الذي لا يرتبط إلا بـ "ابن حنبل"، بفهم ابن القيم، وقواعد ابن تيمية، أصبحوا مسلمين غير المسلمين، لوناً جديداً من العقائد يعود إلى دعوة جديدة، ودعوتهم الجديدة لا تشغلها الدعوة المحمدية الأولى القديمة، إلا كوسيلة تستخدمها لخدمة الدعوة الجديدة، وتحوّل "الإخوان" إلى شيعة الدعوة الجديدة، التي تُقاتل لنصرة الإمام مرسي، كما قاتلت شيعة الدعوة الأولى لنصرة الإمام علي، وأغلقوا مجتمعهم على أنفسهم، فهم لا يتزاوجون من عامة الشعب، ولأن دعوتهم الجديدة ليست في سبيل الله أو الإسلام، فقد اختفت شعاراتهم التي كانوا يرفعونها مزايدة أنهم المسلمون الصحاح، مثل: "القراّن دستورنا والنبي إمامنا والإسلام هو الحل"، وعندما تمكّنوا من العمل السياسي - حكم مصر - غابت الشعارات وأصبح الكرسي والسيادة هما هدف الجهاد.

وبمناسة انقضاء 100 يوم على سقوط مرسي، وقفوا يندبون حظهم على "مرسي" كما يندب الشيعة على "الحسين بن علي" في عاشوراء، وكما تقاتل الصحابة على الدنيا، ولا نستطيع الحكم عليهم بدخول جهنم، وكما لا نستطيع الحكم على "عثمان" بفساد الذمة عندما أخذ من بيت مال المسلمين، ولا نستطيع الحكم فيمن قتلوه - وفي مقدمتهم محمد بن أبي بكر - ولا نستطيع الحكم على صحابي مثل "علي بن أبي طالب"، كاتب الوحي، وصحابي مثل معاوية بن أبي سفيان - كاتب الوحي - أو مبَشَر بالجنة مثل "عثمان"، بأنهم كانوا يحاربون بعضهم في سبيل الله.

هذا هو التاريخ الذي يستند إليه الإخوان، ويلقبون اّحادهم بلقب رضي الله عنه، ويسمّون أنفسهم بالصحابة، لذلك يخوضون الفتنة الكبرى المعاصرة وهم مطمئنون أنهم أكفاء للصحابة وأنداد لهم، ويجوز لهم ما جاز للصحابة دون التعرض للمساءلة، إنهم الصحابة رضوان الله عليهم في الدين الجديد، الذي دعى إليه محمد بن عبد الوهاب، هم في سيناء وكرداسة وأسوان ينادون بعضهم بالمجاهدين، في اقتتال دنيوي سياسي لا علاقة له بالجهاد، وليس في ديننا - ولا في شرعنا ولا حتى في عاداتنا - الجهاد من أجل "مرسي".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شيعة مرسي المسيحيون
عبد الله اغونان ( 2013 / 11 / 29 - 19:07 )

لم تذكر شيعةمرسي من المسيحيين
مسيحيون ضد الانقلاب
أيها الانقلابيون الرافضون للديمقراطية
لانامت أعين الجبناء
أنتم في عنق الزجاجة
حتى قنينة الغاز والرغيف والبطالة وأرواح الشهداء وشباب الثورة والصلاحيات لزعيم الانقلاب ومن والاه بدعوى حسن النية ضدكم ستهزمون وتولون الدبر


2 - مذهب
ناس حدهوم أحمد ( 2013 / 11 / 29 - 22:25 )
لقد أصاب العرب إنحطاط عظيم
قامت الثورة من أجل القضاء على الإستبداد والطغيان وتحقيق الكرامة
للشعوب
فإذا بهذه الشعوب تأتي لنا باستبداد قديم وطغيان فاشي ليرجع
بنا القهقري نحو أفكار عفا عليها الزمن
إذن الشعوب العربية لم تنضج بعد من أجل القيام بثورة حقيقية
الشعوب العربية لا زالت قاصرة
ولهذا نجد تونس وليبيا واليمن ومصر في حالة استنفار و أصبحنا
نستعد لحروب أهلية ولا أحد منا يريد الحوار وأصبحت الحركات التي
تسمي نفسها إسلامية مسعورة من أجل الإستحواد على السلطة
ولهذا كان لزاما على الجيش المصري أن ينقذ البلد من سرطان
الإخوان ويصحح الأوضاع بوضع خارطة طريق واضحة


3 - إذا تقاتل اللصوص خرج المسروق.
أحمد حسن البغدادي ( 2013 / 11 / 30 - 01:19 )
تحية لك إستاذنا السيد القمني.
لقد كتب السيد القمني مقالا ً بتأريخ 22 /8/2012 مقالا ً بعنوان ؛
إذا إختلف اللصان ظهر المسروق.
وهذا ينطبق تماما ً على محمد وعصابة قطاعين الطرق الذين يسمونهم بالصحابة، فما أن مرض محمد قبل موته، بسبب وضع السم له في الشاة من قبل المرأة اليهودية لقتل محمد زوجها وأهلها ومن ثم إغتصبها بنفس اليوم،
حتى إقتتل الصحابة فيما بينهم على الخلافة، والتي تعني أموال السرقات من الغزو وأموال غير المسلمين المسماة الجزية، وإغتصاب النساء المسماة بالجواري، وهن زوجات القتلى من غير المسلمين.
فهؤلاء الإخوان والوهابيين هم الوجه الحقيقي لمحمد وشريعته،

أما المسلم الذي ينكر مايقوله الوهابيون والإخوان، عليه أن يمزق الآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة التي تدعوا للعنصرية الإسلامية ( كونوا أشداء على الكفار رحماء بينكم..الفتح 29 )، وقتل كل ماهو غير مسلم ( إقتلوا المشركين حيثما وجدتموهم ..التوبة 5 )، ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لاإله إلا الله.. حديث صحيح ) كي نصدق إدانته للإرهاب الإسلامي المتمثل بالإخوان والوهابيين.

إن هؤلاء المجرمون إنعكاس لتعاليم القرآن والحديث.


4 - توارد خواطر
عدلي جندي ( 2013 / 11 / 30 - 12:52 )
رابط لتوارد الخاطر مع الفارق في المهنية
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=374153
تحياتي للمناضل والمفكر الاستاذ القمني المصري الأصيل


5 - حذف التعليقات يدين فكركم بالنسبة للاخر
احمد خالد ( 2013 / 11 / 30 - 17:14 )
لماذا حذفت تعليقاتى ؟
هل الحوار المتمدن متخصص للعلمانيين والملاحدة فقط ؟
لقد علقت على المقال بما يتناسب مع المقال بدون تجريح وبدون اى لفظ خارج
على العموم لكم مطلق الحرية فى حذفكم لتعليقاتى ولكننى سعيد جدا لانكم لاتتحملوا فكر الاخر ولن تتحملوه لانكم لاتريدون فكرا الا فكركم الخاسر


6 - رائع
إبراهيم جركس ( 2014 / 5 / 17 - 09:45 )
د. سيد رائع كعادتك
أتمنى لك دوام الصحة والعافية والعطاء