الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هلوسات ما قبل النوم – من أصبحنا؟

نضال الربضي

2013 / 12 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هلوسات ما قبل النوم – من أصبحنا؟

حين أفكر في كل ما نراه من سجالات حولنا حول الله و الدين و المذهب أسأل نفسي: لماذا؟

أفكر كثيرا ً فيما يحدث و في الكيفية التي يحدث فيها، فأتعجب تمام العجب أننا جميعا ً نسعى إلى نفس الهدف و هو أن نعرف الحقيقة أولا ً و أن نضم إلينا من نظن أنهم لا يعرفونها ثانيا ً. لكن كل ما نفعله يبعدنا عن الحقيقة و يبعد الآخر عنها و عنا.

أصحاب الدين يهاجمون أصحاب الدين الآخر و يحاولون إظهار عواره و سمو دينهم بالمقابل، بينما يقوم أصحاب الدين الآخر بالرد لإظهار العوار في دين الأول و السمو في دينهم هم. و في وسط هذا ننشغل بما يجب أن نفعل و كيف يجب أن نفعله و بالحجة و الحجة المضادة حتى نكاد ننشغل عن أنفسنا و عن الحقيقة نفسها. لا أحد منا يعلم الحقيقة كاملة ً و لا أحد منا لا يملك شيئا ً منها، فكلنا يمتلك جزءا ً و كلنا يبحث عما يتمم ذلك الجزء، لكنه لا يبحث عند الآخر.

نتكلم عن النصوص و دقتها أو اكتمالها، بينما لا نسأل أنفسنا لم عالمنا غير كامل إذا كانت نصوصنا كاملة؟ نحن متأكدون أننا نملك الحق و الحقيقة لكننا لا نسأل أنفسنا، لماذا ما دام أن الحق في صفنا قد فشلنا في استحضار الملكوت السماوي إلى هذه الأرض؟

عقدة الذنب تأكلنا و نحن نتذكر خطايانا و آثامنا و لهذا نحن متأكدون أن الله غاضب و بعيد، و أننا يجب أن نصلي و نصوم و نقرأ النصوص و نؤمن بها بينما لا نسأل أنفسنا لماذا فشلنا بعد كل ذلك الامتلاك للحقيقة و الأصوام و الصلوات أن نمتنع عن الخطايا و نتوب عن الذنوب؟

كل ما نصنعه أننا نستمر أكثر فأكثر في دوامة الضياع و الوهم و الغوغائية الدينية، نحلم بحكم الله على الأرض بينما الله في سمائه ينتظر منا أن نحكم أنفسنا و أن نكفيه شرنا و نكفي أنفسنا ذات الشر أيضا ً و نكفي الآخر شرنا و شره.

نصوص ٌ و أنبياء و ملائكة و شياطين و عقائد و تسابيح و أصوام و صلوات و كنائس و مساجد و ما زال هذا العالم شريرا ً كما هو، ظالما ً مُنتهكا ً لإنسانيتنا، قاسيا ً بائسا ً شديد السطوة ِ مليئا ً بكل المجاهيل التي تأتي بها المادية الاستهلاكية و نزوات السياسة و أسواط الدين.

عندما يأتي أطفالنا إلى العالم لا نتركهم يكتشفونه لوحدهم، نخاف عليهم من الحق و الحقيقة فنسارع لإلباسهم نظاراتنا نحن و نزرع في عقولهم نفس أفكارنا و نورثهم رؤيتنا و قناعاتنا التي فشلنا في تسويقها لعقولنا فسوقناها لهم. رجالنا آلات و نساؤنا لٌعب و أطفالنا مجرد امتداد ٍ و مخزون ٌ خلفي لمزيد ٍ من الآلات و مزيد ٍ من اللعب.

من الذي فقأ عقولنا و طمس نور البصيرة و رفع إلى السماء موهبة التميز و شجاعة الاعتراف؟

كيف سمحنا لإنسانيتنا المُتسائلة أن يصيبها الخرس و يضربها الشلل و يقتلها الخوف؟

على ضوء ٍ من القمر يستلقي ذئبان عاشقان، تتعانق ُ الأنوف و تُبحث عن أماكنها في فرو الرقاب، بينما تتدلى الألسن و تنخفض الهامات في استسلام ٍ لذيذ ٍ للآخر، و تنطلق العواءات الخافتة المستكينة قبل أن تتحول إلى آهات تحمل نفسها إلى القمر، لتشهد على هذا الكوكب، الذي أذكى من فيه من البشر لا يجرؤون على أن يتعروا تحت ضوء ِ آلهتهم الأولى.

لا عجب أننا ضائعون، لقد نسينا من أين أتينا و ماذا كنا.

عجبا ً!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - رئيس الوزراء يهنئ الرئيس السيسي و


.. وادي الرافدين وتراثه القديم محاضرة استذكارية وحوارفي الذكرى




.. ليبيا.. هيي?ة الا?وقاف في طرابلس تثير ضجة واسعة بمهاجمتها ال


.. 158-An-Nisa




.. 160-An-Nisa