الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما تتحول الازمة الى مرض او ادمان

سامي كاب
(Ss)

2013 / 12 / 3
المجتمع المدني


الشخصية المتأزمة ومفهوم الازمة ومرض التأزم
-----------
الازمة هي حالة ظرفية تحصل نتيجة مشكلة او عدة مشاكل متواصلة متفاعلة دائمة لا حل لها او يصعب حلها ضمن ذاك الظرف حيث الزمان والمكان وامكانيات الحل المتوفرة
والازمة نوعان نوع حقيقي فعلي قائم محسوس مدرك بالعقل والوعي والمنطق اثر نتائج واقعية ملموسة تعمل على تغيير الواقع باتجاه السلبية
ونوع افتراضي موجود في راس من يفكر به او يتصوره فقط ولا وجود له على ارض الواقع ولا اثر له في تغيير الواقع
الازمة الحقيقية يوجد لها حل مهما استعصت اشكاليتها اذا ما تم البحث عن حلول لها وتوفرت امكانيات الحل المعنوية والمادية
اما الازمة الافتراضية او الافتعالية فلا حل لها لانها متغيرة بشكلها ومضمونها حسب اهواء العقلية التي تفترضها وتفتعلها واذ يكون الغرض اساسا من افتعالها وجود ازمة تعكر صفو الوضع الطبيعي للحياة ووضع العصا بالدولاب وحواجز امام المسيرة لغرض منافع شخصية واغراض سلبية
اذا الازمة الحقيقة هي مركب عضوي من مركبات الحياة البشرية وهي محفز لحركة العقل والجسد وتفعيل النشاط المعنوي لحشد كافة الجهود والفعل والانتاج في سبيل السيطرة والتحكم والخلق والابداع للانتقال درجات عليا في سلم التطور والرقي بواقع الحياة وعلى هذا تعتبر الازمات منعطفات حضارية في حياة الشعوب وفي حياة الانسان خاصة تفضي نحو التقدم والرقي والبناء وتحقيق الامل والرخاء
الازمة الحقيقية هي درس للانسان اذ تكسبه القوة العقلية والجسدية والنفسية فتقوى شخصيته وتكبر وتتنوع قدراته وملكاته في سبيل السيطرة على مشاكله الحياتية وتذليل الصعاب والسير قدما في عملية الخلق والبناء من اجل واقع معاشي افضل وهذا المركب التفاعلي يعتبر من اهم اسس بناء حضارة الانسان
الشخصية الناتجة عن هذا المركب التفاعلي هي شخصية مرنة ذكية فاعلة ايجابية مطواعة حرة تقدمية نشطة وبمجموعها يتكون مجتمع تقدمي متحضر
الازمة الحقيقية تعني بالتركيب المادي للاشياء ولهذا فان الحلول للمشاكل المتضمنة خلالها تكون حلولا علمية مستقاة من علوم الطبيعة وعلوم الحياة الملموسة المدركة المميزة كتلة وحجما ولونا وطعما ورائحة ووجودا حسيا له احداثياته الوجودية المحددة
ولهذا فان التعامل مع هذه الازمة يخلق واقعا ماديا جديدا افضل ويخلق معه انسانا جديدا افضل بقدراته وملكاته ومهاراته وعلومه ومعارفه وفنونه وخبراته ولياقته ونشاطه وفعاليته وانتاجه
الازمة لا تقدر ان تحل نفسها بنفسها وحسبما هو شائع في العرف الاجتماعي بان كل مشكلة مستعصية على الحل اتركها للزمن فهو جدير بحلها
في هذا المنطق يكم مقتل الانسان الراقي المتطور لانه يبقى متخلفا عن مسيرة الحياة الطبيعية ومتغيراتها ولا يسير بذات السرعة المطلوبة ولا يندمج في معادلة التغير والتطور الطبيعية للحياة بظروفها البيئية المحيطة
اصبحت المسألة هنا تحتاج لوعي وارادة حياة لتوفير جراة المواجهة وقدرة التفاعل
ومن لا يمتلك وعيا ولا ارادة او انه لا يستعمل وعية او ارادته للمواجهة والدخول في عملية التفاعل مع الازمات يروق له ان يعيش خلف الركب اذ يركن للحياة السهلة السلبية الاتكالية
هذه الشخصية المتخاذلة تدمن القعود والتطفل والاستهلاك على حساب الاخر وتدعي عدم الوعي الكافي لفهم الازمة او عدم وجود حل لها وليس من المجدي بذل اي جهد في صدد حلها
هذه الشخصية تختلق بوهمها وبتصورها ازمة افتراضية تغلف الازمة الحقيقية وتعمل عليها جدرانا سميكة منيعة وتضع الحواجز والموانع امام اي شخص يقتحمها من اجل الحل
وهذه الشخصية ترى في اي مشكلة ازمة فبدلا من اقتحامها والتفاعل معها لحلها تذهب لخلق ازمة افتراضية حولها
وكما اسلفت فان الازمة الافتراضية او المفتعلة هي ازمة معنوية وهمية تتفاعل في ذهن من يفتعلها او من يؤمن بها ويقتنع بوجودها فقط ولا مكان لها او اثر لها في الواقع المادي بمعنى انها ليست واقعية ومن هنا فانها لا حل لها حسب المنطق العلمي والامكانات المادية المتوفرة ولا حل لها في اي ظرف كان ضمن السياق الطبيعي لمسيرة الحياة
وعليه فان الازمة الافتراضية هي بمثابة الفيروس المدمر لبرنامج الحياة الطبيعية وهو القاتل لاي حياة طبيعية والمخرب لاي فعل ايجابي وقاتل لاي شخصية تقدمية حضارية
الازمة الافتراضية تخلقها وتفتعلها وتعيش معها وبها عقليات متخلفة بتكوينها وشخصيات ذات صفات تسلطية سلبية لا تمتلك الاهلية للاندماج في معادلة الحياة الطبيعية
نجد ان هذه الشخصية عدوانية ارهابية تسعى دائما للحصول الى مكتسبات بطرق غير مشروعة ودون جهد فكري او جسدي او معنوي وهي شخصية متسلطة نرجسية انانية متكبرة تمارس الاجرام في كل مناحي حياتها لغرض الوصول لاهدافها ذات الصبغة المزاجية والاهواء الغرائزية بعيدا عن اي منطق عقلاني طبيعي او مادي حقيقي
فالازمة الافتراضية لا تتعاطى مع المنطق ولا العلم ولا المعرفة ولا مهارة الحياة وبهذا يكون الغرض منها تحويل الواقع الحياتي الى ازمة دائمة من اجل سهولة الوصول للاغراض الشخصية السلبية وسهولة العيش الغير مشروع بطريقة التطفل والتواكل وسلب حق الاخر بالحياة
في اطار وجود الازمة الافتراضية يظهر الارهاب بكل صوره سواء الارهاب الجسدي او الفكري او المعنوي وتتجلى كل مظاهر العدوانية والتسلط والسلب والغاء الاخر ومنع اسباب الحياة وتتجلى مظاهر السيطرة والتحكم بشكل يؤدي للتدمير والتخريب واعادة المسيرة الى نقطة البداية
-------------
على سبيل التشخيص المجرد نقدر ان نقول بان الازمة الحقيقة يولد من رحمها انسانا جديدا متطورا راقيا يمتلك الاهلية والقابلية على اكمال المسيرة الحياتية على افضل وجه
اما الامة الافتراضية فانها المرض القاتل للانسان والمدمر لحياته
الشخصية التي تقف وراء الازمة الحقيقة نصنفها على انها شخصية قوية فاعلة منتجة متطورة تقدمية حضارية
اما الشخصية التي تقف وراء الازمة الافتراضية فنصنفها على انها شخصية جبانة متخاذلة متخلفة ناقصة سلبية متسلطة اتكالية رجعية غير حضارية وارهابية تخريبية معاكسة لمسيرة الحياة الطبيعية ولقوانين الوجود المادية
هذه الشخصية اسمها الشخصية المتأزمة
اما تركيب الشخصية المتأزمة يكون نتيجة وراثة غير طبيعية ( شذوذ وراثي جيني )
ونتيجة بيئة حياتية ذات ظروف طارئة غير طبيعية
اي انها شخصية شاذة بكل تراكيبها وبرنامج حياتها
الشخصية المتأزمة يكون صاحبها شاذ في تفكيره واحساسه وحركته وتفاعله ومنطقه اذ يعيش صاحبها في عالمه الخاص المختلف عن عالم الانسان الطبيعي فكرا واحساسا
يرى الاشياء بغير صورتها الحقيقية ويحس الاشياء بغير حقيقة تكوينها فلا ينظر للاشياء بحقيقتها القائمة وجوهرها الفعلي انما من خلال صورة وهيئة هو يختلقها في مخيلته وفي اطار شخصيته بما يتناسب مع مزاجيته وتركيب شخصيته ويداعب احلامه وخيالاته واوهامه ويتلاءم مع مستوى وعيه ومقدار معرفته وفهمه ومستوى تمييزه ودقة احساسه
الشخصية المتأزمة تمتلك تفكيرا غيبيا يسعى صاحبها دائما نحو الايمان لا نحو المعرفة ونحو القناعة لا نحو اليقين ونحو الصورة لا نحو الحقيقة ونحو الهيئة لا نحو الجوهر ونحو المنتج والفاعل لا نحو الانتاج والفعل
الشخصية المتازمة شخصية حالمة متوهمة ترسم صورا واوهاما وافتراضات وجودية مختلقة خارج حدود المادة لتفسير وفهم اي عنصر او موقف او شيء
اذ نلاحظ بان صاحب العقلية المتازمة دائما متدين لان الدين يقع ضمن الفكر الغيبي على الاطلاق فيكون الشخص المتازم مؤمن بكل شيء غيبي فهو مؤمن بالله والملائكة واليوم الاخر والانبياء وغيرها
وهو مؤمن بالقصص الخيالية والخرافات والاوهام والتوقعات والحظ والسحر والتاملات والاحلام
صاحب الشخصية المتازمة يميل للبدائية والاصولية فيغلب عليه طابع البدائية والغرائزية الحيوانية اذ يفسر الاشياء من حوله من منطلق غريزي وبالذات من منطلق الجنس والاكل ويرى الاشياء بمجملها من خلال غرائزه الحيوانية الاصيلة البدائية لا من خلال منطق الانسان المفكر الواعي المتمدن ولا من خلال حقيقة الاشياء بتكوينها الجوهري
الانسان المتازم يتجه في فهم الاشياء من خارجها الى داخلها حاملا صورة لها لا تطابق تركيبها الفعلي بل ويعمل على اسقاط حقيقة تكوينها على الصورة المرسومة في مخيلته كي يصدق نفسه ويؤمن بقناعة تامة بمفهوم حول ذات الشيء هو يريده
الانسان المتازم لا يقبل ان تعامل الاشياء تعاملا علميا وان نتجه في فهمها من داخلها نحو الخارج ولا يقبل ان نهتم بالنتائج على حساب المنتج ولا يقبل ان ناخذ بالحيثيات على حساب الاسباب ولا يقبل بحث التفصيليات على حساب الاجماليات اي انه معاكس دائما للمنطق العلمي ولطريقة الفهم البشري للحياة ومركباتها وبرامج مسيرتها وتفاعلاتها
ان الشعوب المصنفة على انها شعوب متخلفة بالمفهوم الحضاري يكون الانسان المتازم او صاحب الشخصية المتأزمة يمثل العامة والانسان الطبيعي ( الحر ) يمثل قلة في المجتمع وللاسف فان السلطة والثروة عندما تكون في يد العامة فان التخلف الحضاري يصبح منهج حياة للمجتمع باسره ويفرض فرضا على كل انسان يعيش في حدود هذا المجتمع
اما وان حصلت طفرة تاريخية وحصلت القلة ( الطبيعية الحرة ) على السلطة والثروة فان منهاج الحياة للمجتمع يصبح المنهاج الطبيعي المؤدي للتقدم والتطور والرفعة والرخاء للانسان ولا يفرض فرضا انما طوعا في سياق الطبيعة الانسانية نحو البقاء والنماء والتطور والرقي بموازاة التطور والوجود المادي في الكون
-------------
في مواجهة الذات ونقد الذات لا بد لنا ان ندرك ونعرف بان العقلية العربية عموما هي عقلية متأزمة لان الشخصية العربية عموما هي شخصية متأزمة والسبب في تحليلي الشخصي يكمن بالاصول الوراثية المتعددة الاجناس المتباعدة الانواع ( الخليط الغير متجانس في الاصول ) لمجتمع العرب وكذلك اسباب بيئية صنعها تاريخ مليء بالصراعات والحروب وتحديات الطبيعة ومصاعب الحياة مما شكل ازمة او خلق ازمة في ذهنية المجتمع وبتتابعها وديمومتها وتراكماتها اصبحت مادة قابلة للادمان في تعاطيها لتعيق العقلانية في التعامل مع المستجدات وبحث المشكلات
اي ان المجتمع العربي متازم ومدمن على التازم والمشكلة اصبحت تتطلب حل الازمة وعلاج العقلية المتأزمة والشخصية المتأزمة
المجتمع العربي دون باقي المجتمعات الانسانية في العالم يمتاز بادمانه على الازمات فهو يختلقها من واقع طبيعي لا مشاكل به ويتفاعل مع الازمة في عقليته ويسقط تصوراته للواقع من حوله على تلك الازمة الافتراضية فيحقق مراده من الحصول على مادة ادمانه الا وهي ازمة الحياة فيحس بالهدوء النفسي والاغتباط والسرور ويطمئن لذاته ويحس بالقوة وامكانية العيش في واقع التحديات والازمات
المجتمع العربي عموما متأزم عقليا ونفسيا وجسديا فلا يمتلك القابلية العقلية للتفكير العلمي ولا المنطق اللازم لحل المشكلات اليومية واتخاذ القرارات الايجابية ولا يمتلك الجرأة في مواجهة التحديات وحل المشكلات وتحمل المسؤوليات ولا يمتلك ارادة الحياة لانه لا يريد ان يمتلكها لانه مدمن ازمات ولا يقبل بديلا عنها
فالشخصية العربية هي شخصية متأزمة بامتياز ولها من الصفات المذكورة اعلاه للشخصية المتازمة وهذه الصفات من اعراض اهم مرض يفتك في صحة الانسان ليأخذ به نحو الفناء والعدم
نجد الانسان المتازم في المجتمع العربي عموما بليد التفكير متصلب برأيه غبي عن رؤية الحقائق يبحث دائما عن المشكلة ولا يبحث عن الحل ينظر للعموميات ولا ينظر للخصوصيات وينظر للاسباب ولا يهتم للنتائج وينظر للشكل والمظاهر ولا يفكر بالجوهر وينظر للصور والمجسمات ولا يفكر بالمركز والذرات والجزيئات والتكوينات بتفصيلها
نجده بليد الحركة متقاعس متواكل غير مهتم بالمسؤوليات غير مبادر غير نشيط وغير فاعل وغير منتج ولا يمتلك اللياقة اللازمة للحركة الانتاجية والتفاعل الايجابي
انه غير مبادر للفعل والانتاج وغير مقدام بل ويميل للايمان بقلة الحيلة وانعدام القدرة على الانتاج والتغيير والخلق
انه ضعيف النفس متخاذل سلبي امعي متطفل متواكل يريد كل شيء جاهز دونما تفكير او جهد يذكر وبسهولة دونما اي صعوبة حتى لو كان بكبسة سحرية
انه حالم متوهم متامل يرفض ان يعيش الواقع كما هو ولا يقبل ان يندمج بالواقع كما يتطلب
هذه الصفات تؤدي الى خلق شخصية ارهابية عدوانية تسلطية سلبية متواكلة غير منتجة وغير فاعلة على طريق التطور والنمو والتقدم والخلق وحضارة الانسان
هذه الشخصية تبقى تعيش الكآبة والمآسي والدمار والهلاك والانحدار باتجاه الفناء والعدم
--------------
اول خطوة للشفاء من هذا المرض الفتاك ( التأزم ) هو الابتعاد عن كل مادة فكرية تسبب الادمان وبالنظر الى ان كل المواد الفكرية على الاطلاق المسببة للادمان هي من نتاج الفكر الغيبي او العقلية الغيبية ويقف على راسها الدين فان الابتعاد عن الدين واتخاذ المنهج الطبيعي للانسان بدلا منه ( المادية الطبيعية او العلمانية اصطلاحا ) فان ذلك يساعد او يعمل على التخلص من الادمان على الازمات المفتعلة
وثاني خطوة هي اعادة تاهيل الشخصية على صعيد الفكر والنفس والجسد باخذ دروس والقيام بتدريبات علمية وعملية تحاكي وتتناغم مع طبيعة الحياة المادية بوجودها الفعلي
وثالث خطوة هي اتاحة الفرصة للقلة من الطبقة الطليعية في المجتمع ( الطبيعية الحرة ) الغير متأزمة للوصول للسلطة والثروة لخلق نظام حياة اجتماعية جديد خالي من الامراض والسموم واسباب التخلف والانحطاط ويمتلك اسباب النماء والتطور ورفاهية الانسان ورخائه
وهنا وفي هذا الصدد اقول بان العلمانية ( المادية الطبيعية ) هي المنهاج الحياتي الافضل لتقدم الانسان وتحقيق اقصى درجات التطور والرفاه والسعادة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيليون يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة بإبرام صفقة تبادل مع


.. كيف تنعكس الأحداث الجارية على الوضع الإنساني في غزة؟




.. كل يوم - مندوب جامعة الدول العربية بالأمم المتحدة: نسعى لتسل


.. مندوب جامعة الدول العربية بالأمم المتحدة: الوضع كارثي ومؤلم




.. مندوب جامعة الدول العربية: الجانب الأمريكي لا يريد أي دور لل