الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبد الله العروي وباطولوجيا البراكسيس!

أسامة مساوي

2013 / 12 / 3
المجتمع المدني


يقول عبد الله العروي :’’إن واجب المثقف في الظروف التي نعيشها أن يشهد شهادة أمينة على موقع مجتمعه بين المجتمعات الأخرى بدون تسامح ولا تملق,شهادة قد تكون غير مجدية في الحال لكنها أمانه لا يجوز التخلي عنها بدعوى الالتصاق بالواقع ’’.

في الأيام القليلة الماضية أثارت مذكرة رفعت لملك المغرب ’’محمد السادس’’ من طرف ’’ناشط مدني مغربي’’ يدعى نوردين عيوش رئيس’’مؤسسة زاكورة للتعليم’’ حول إصلاح التعليم,أثارت نقاشا عموميا واسعا لما للموضوع من حساسية. خاصة تلك التوصية التي أقررت بضرورة تخطي أو تجاوز التدريس باللغة العربية الفصحى(سبب الهدر المدرسي في نظر عيوش) في الأقسام الإبتدائية والإستعاضة عنها بالدارجة (التي لم يقدم بخوصها أدنى مقترح جدي لكيفة تنزيلها وتقعيدها...).
تطور النقاش فأخذ أبعادا سياسية خاصة أن بعض الجهات رأت في حضور بعض مستشاري الملك وبعض المسؤولين عن المجلس الأعلى للتعليم, نشاط (ندوة حول التعليم) نظمها نوردين عيوش رئيس مؤسسة زاكورة,ورجل الإشهار المعروف في المغرب,رأت في الأمر شرعنة أو مباركة من القصر للطرح.خاصة أن مستشاري الملك عادة مالا يتحركون دون إيعاز ولو ضمني من الملك.
انتشر الخبر فانتشرت التعاليق والخرجات الإعلامية لبعض الشخصيات الوطنية من جميع التخصصات والمجالات والحقول. والحاصل أنه كان إجماع على نزقية المطلب للدرجة التي اعتبره البعض تشويشا وإلهاءا للرأي العالم حتى لا تتبلور له أفكار إحتجاجية ’’هجومية مدية’’, في خطوة إستباقية-من صناع القرار- لموقعة الشعب في موقع الدفاع عن الثوابت والهوية بدل المطالبة بتوسيع هذه الهوية عبر مكاسب سياسية أخرى لا يبدو أن النظام مستعد لتقديمها في المرحلة. فهو يرى انه إنحنى كثيرا لرياح الربيع العربي خاصة بعد المآلات التي آل إليها الربيع العربي في دول الجوار.وكأن النظام ندم على إخراج اوراق كانت لتظمن له اللعب في المراحل القادمة!!
ولأن الشعب المغربي عرف كيف يعقلن مطالبه دون دفع تكلفة غالية في سبيل التحصيل التدريجي والإستراتيجي لمطالبه الشعبية المشروعة.في ظل هذا الجو من (شد الحبل الناعم ) وبعد غياب طويل حتى إبان ذروة الحراك الشعبي المغربي الأخير ظل فيها المفكر المغربي عبد الله العروي مطرقا ومطبقا ولم يوعز ولو بكلمة واحدة (على الأقل علنا) هاهو اليوم يختار الخروج عن صمته وصومه الكلام مد كان ماركسيا فمنعت كتبه وطرد من منصبه الجامعي على عهد الحسن الثاني,و ويختار ’’مواجهة نور الدين عيوش’’ في مناظرة سيتابعها المغاربة على قناة ’’دوزيم’’ المغربية نظرا لحساسية الموضوع من جهة ونظرا لطبيعة المحاور ’’المدافع’’ عن المطلب الشعبي (عبد الله العروي) من جهة ثانية .
في بداية المناظرة على برنامج ’’مباشرة معكم’’ قدمت دوزيم ’’روبرطاجا’’ حول آراء بعض التلاميذ(وأستاذين فقط من بين عشرات الآلاف من الأساتذة والأستاذات في المغرب تصوروا 2 فقط!!) عن الصعوبات التي يواجهونها في العملية التعليمية التعلمية. والحاصل أن الروبرطاج كان منحازا بشكل كبير لمبادرة الدارجة التي ليس هناك أدنى شك أن ’’عيوش’’ مجرد ظهير وواجهة لتصريفها. فصور الروبرطاج أن التلاميذ لا يواجهون مشكل في الدارجة ويواجهونه مضاعفا في العربية أثناء تعلمهم. وهي أمور وقع عليها الإختيار ولم توظف اعتباطا أو عشوائيا. ولم يشر المفكر النبيه الحذق للتحيز المكشوف الذي سوقته ’’دوزيم’’ ,وهو الدارس لفكر السوسيولوجي الفرنسي ’’بيير بورديو’’ حول القص الإعلامي وفكر ألتوسير حول الإعلام كمؤسسة أيديولوجية وبقية الحكاية الفلسفية التنظيرية المحضة!
واللافت للانتباه هنا-أكثر- هو أن حضور العروي كان باهتا للغاية ولم يعكس حجمه الفكري(ولا أقول السياسي العضوي الذي هو منعدم أصلا) ولا إنتظارات المغاربة التي تفاءلت خيرا بانتفاض مفكريهم للدفاع عن ثوابتهم البرجماتية.لم يكن حضوره بحجم القضية أبدا أبدا.
بدا وكأن العروي حضر لشرعنة ومباركة التدريج من خلال اقتصاره على الإنصات غالبا والاتفاق مائة في المائة مع ’’عيوش’’ على بعض النقط الملغومة والغير العلمية ولا الدقيقة.
ثم إن العروي الذي حضر للدفاع عن العربية (كما قدم نفسه وقدمته دوزيم وليس كما حال الكواليس والعمق) مالبث ينطق مفردات بل جمل باللغة الفرنسية كأنه لاوجود لمرادفات لها في اللسان العربي أو اللغة التي نصب نفسه مدافعا عنها.
صحيح أن العروي-من خلال حواره في الخماسي جريدة الأحداث المغربية - سوق دلائل حول الموقف الذي نصب نفسه مدافعا عنه,لكن حين حضوره في دوزيم طفق يواجه عيوش بافتراضات وحجج هزيلة كان من الممكن لأي شخص-دون أن يكون هو عبد الله العروي- أن يأتي بها بل بخير منها.
كما أن العروي-بجلال قدره- لم يلحظ أن الروبرطاج كان منحازا للتدريج؟ ولم يعلق على المسألة قطعا بل طرح سؤالا(حجة) يمكن لتلميذ أن يدحضه ويحاصره!!

ولم يكلف نفسه-قبل حضور المناظرة- حتى ترجمة فقرة من كتاب فضل أن يقرأ أجزاءا منه بالفرنسية على قناة دوزيم والمغاربة العرب والأمازيغ يسمعون!
ثم إن العروي استغل الفرصة لعرض وجهة نظر قديمة-إلغاء المثنى والإعراب في اللغة العربية إسوة بالإنجليزية والفرنسية- وهي المسألة التي كان قد رد عليه بخصوصها المفكر المصري فؤاد زكيراء في مقال علمي, مواجها إياه بالضرب في صميم العقيدة الإسلامية(إنما يخشى الله من عباده العلماء...لو ألغي إعرابها كيف تقرأ وكيف تفهم؟) فلم يحرك العروي لاساكنا ولا متحركا.بل لم يجب علىحجج فؤاد زكيراي أبدا.
المفكر المغربي محمد عابد الجابري كان قد دعا العروي لمناظرته في قضايا فكرية لها ارتباط بمشاريعهما الفكرية خاصة قضية إلغاء الإعراب والقطيعة مع الثرات هكذا بجرة قلم كما يقول عابد الجابري ,فرفض العروي الحضور والصمت. ووجه له طه عبد الرحمن دعوة مماثلة فرفض أيضا وصمت. وهاهو اليوم يقبل (أو من يدير يطلب منه) مناظرة شخص لاعهد له لا بالفكر ولا بالثقافة,شخص كان نكرة قبل هذه الضجة!!
فهل يكون هذا هو الحجم الحقيقي للعروي؟ رجل يرفض مناظرة المفكرين ويناظر رجل إشهار!
هل يكون العروي بيدقا أيضا؟

الحقيقة التاريخية للرجل(العروي المؤرخ المغربي) تذكرنا-مع كامل الأسف- بشرعنته لسنوات الجمر والرصاص, بطلب من وزير الداخلية حينها ’’إردريس البصري’’ من خلال كتاب-ساهم فيه وأشرف عليه- هو ’’مغرب الحسن الثاني’’.(انظر مقالا لهند عروب تحت عنوان مثقفون في مزاد السلطة بخصوص هذه الواقعة التاريخية).

كثر هم الذين رأو في من اتهام العروي بالمباركة والشرعنة تحاملا على الرجل، عبر ثلاث نقط، أولا: تقيم حضوره في برنامج مباشرة معاكم، حضر العروي بدافع الحاجة الملحة لكي يقف أمام وضع خطير جدا، وكان حضوره وازنا،قيما، قدم أطروحته القائلة بعدم جدوى التدريس بالدارجة. وقدم دلائل مقنعة على ذلك.
النقطة الثانية في علاقته بالمخزن، القصر، هناك مبالغة إذ لو صح هذا الطرح ، فصمته كان سيكون أفضل، وقبل ذلك لم يكن ليمنع من التدريس في الجامعة، ويصادر كتابه ’’الأديولوجيا العربية المعاصرة’’ وكل نشاطاته في حينه.
النقطة الثالثة, فيما يخص علاقته بالمثقفين المغاربة الجابري، وطه عبد الرحمان، إنتقادات الجابري للعروي، هل هي مقنعة؟ بالنظر إلى الوقت الراهن ما هي الأطروحة التي كانت قريبة من فحص جاد للحالة العربية ومقدمة لحلول ناجعة لتجاوز تأخرنا وسباتنا الطويل؟

بعد هذا الاعتراض كان لابد من تبرير القول والحكم,على الأقل تاريخيا مادام الراهن لا يلغي التاريخ بل يحمله.وهو الأمر الذي يرفضه العروي بدعوى القطيعة. القطيعة مع التاريخ السلطاني!
فهل يكون المفهوم تبرير نفسي وتكفير عن الماضي وليس طرحا جادا يتقصد إسعاف الإسم العربي الجريح؟

القول أن الرجل عاش ولازال يعيش شيزوفرينا قاتلة قول مبرر للغاية في حدود المرحلة. خاصة أنه دخل في صمت مطبق مند سنين,ولم يدل بدلوه في قضايا راهنية مد شهد شهادة زوره الشهيرة سنة 1986.

حقا العروي كان ماركسيا في بداية مشواره,وقد دعا لما أسماه بالماركسية الموضوعية(وهو طرح موضوعي إلى حد ما). وحين أصدر كتاب ’’الأيديولوجية العربية المعاصرة’’ أثارت ضجة في العالم العربي ككل وليس في المغرب فحسب. فمنع لبرهة من النشر ,لكن حين أحرق ورقة ممانعته أو لنقل حياده وعدم انحيازه للمخزن,حين دخل في شيزوفرينيا لازال يعيش إرتداداتها إلى اليوم, أمسيت تجد الكتاب في كل رف بل في الأكشاك وبدعم من وزارة الثقافة.
المقصود بالشوزيفرينا -هنا-تناقضات العروي النظرية والمماراساتية او ما اطلقنا عليه: باطولوجيا البراكسيس,التي نجد أولى تمظهراتها وأعراضها داخل قول العروي في كتاب ’’مفهوم الدولة’’ :
’’لا يمكن للدولة أن تعود رمز كجتمع سياسي إلا إذا وجدت أدلوجة دولوية.فهل هذا الشرط متوفر لدينا اليوم؟ إرثنا هو إرث الدولة السلطانية وقد كانت السلطنة دولة القهر والسطو الإستغلال....’’
وأيضا كتب العروي في كتابه ’’العرب والفكر التاريخي’’ :
’’إن واجب المثقف في الظروف التي نعيشها أن يشهد شهادة أمينة على موقع مجتمعه بين المجتمعات الأخرى بدون تسامح ولا تملق,شهادة قد تكون غير مجدية في الحال لكنها أمانه لا يجوز التخلي عنها بدعوى الالتصاق بالواقع ’’.

هذه الدعوة التي ستذهب أدراج الرياح سنة 1986. لأن المثقف الذي كان يفترض فيه الانحياز -على الأقل- لفكره وتنظيراته, هاهو سيناقضها بل سيضرب بها عرض الحائط حينما خطبت السلطة وده.

العروي يمتدح العتمة والظلام:

سنة 1986 أشرف العروي على كتاب’’مغرب الحسن الثاني تشييد الدولة المعاصرة’’ بمعية وزير الداخلية إدريس البصري حينها,حينما طلب الحسن الثاني من إدريس البصري إنجاز كتاب عن فتوحاته وانجازاته على امتداد 25 سنة من الحكم.(وربما لا حاجة هنا لوصف الظلام من جديد ,فالواقع المرير للمغرب في عهد الحسن الثاني أقرت به الدولة نفسها حينما أخرجت ’’هيئة الإنصاف والمصالحة’’ للوجود, إعترافا منها بالانتهاكات الجسيمة التي مارسها المخزن في حق الشعب المغربي إبان حكم الحسن الثاني ).
لكن ما الذي سيقوله العروي ’’المثقف الموضوعي’’ الذي يوزع التوصيات على المثقفين ويعلمهم أصول الإلتزام والعضوية في كتاباته وتنظرياته الأكاديمية؟ ما الذي سيقوله وهو الشاهد الحاضر, وهو المؤرخ لتاريخ المغرب؟.

إنحاز وبارك العروي فرقة إدريس البصري التي تشكلت من ثلة عريضة من الأساتذة الجامعيين وشخصيات من الأوساط السياسية المختلفة الاتجاهات-فالقضية كانت تحتاج لجوقة كاملة الأركان حتى تكتمل جريمة كاملة الأركان- وقرروا مدح العتمة.قرروا تشييد دولة معاصرة-ظلت صورية- تؤكد على أن مغرب الحسن الثاني هو مغرب الإنجازات الديمقاطية والرفاه والرخاء.
وكتب إديس البصري(وزير الداخلية) في مقدمة الكتاب (الوثيقة) حينها قائلا: على رأس هذه المساهمات شهادات شخصيات وطنية وأجنبية آتية من عوالم سياسية وثقافية متمايزة ...وجميعهم اجتمعوا للتأكيد -كل بطريقته- أن (مغرب الحسن الثاني) هو دولة الحق والقانون والديمقراطية’’.
لن نعرض هنا لمواقف أولئك المثقفين(بين ظفرين) ولكن سنكتفي بعرض موقف العروي الذي لم يتعد الورقتين,فكان كافيا أن يحرق نفسه وكل مشاريعه بجرة قلم لم تحتج منه وقتا كبيرا بل فقط شهادة زور مدفوعة الأجر كانت كفيلة بتشويهه إلى الأبد!
لكن قبل عرض شهادة الزور تلك, لا بأس أن نعرض لشهادة حق منسوبة للعروي في كتابه ’’العرب والفكر التاريخي’’ يقول الرجل معترفا:
’’أن مساعي النظام القائم في المغرب حثيثة نحو الإبقاء والحفاظ والاستمرار في ظل هذا الهاجس المسيطر على الملكية ولا مجال لأية عقلنة. إذ لا مفر من الإعتراف بأن حظوظ العقلنة الشاملة عندنا ضعيفة جدا وربما مستحيلة.إذ النظام مشيد أصلا لكي يضمن لذاته الاستمرار على الحال التي هو عليها’’

وفي الوقت الذي يقر بهذا الكلام الثقيل وكان أيضا قد أقر بأن إرثنا هو إرث الدولة السلطانية في كتابه مفهوم الدولة. وأضا في الزمن الذي يوصي فيه المثقفين بالشهادة الأمينة على واقعهم من باب تبرئة الذمة , هاهو-كبيرهم الذي علمهم السحر- يقول اليوم في شهادة زوره الشهيرة : ’’الحسن الثاني وريث أجداده الملوك العلويين, وبطبيعة الحال يواصل ما بدؤوه ويتم مامهدوا له,ونظرا لازدواج ثقافته القانونية وصلابتها يدرك في ذات الآن ماهية الدولة العصرية والأخلاق الإسلامية والتقاليد المغربية.

ومتى كان للأخلاق الإسلامية والتقاليد حضور في فكر العروي الحداثي؟

ويضيف العروي في نفس الشهادة, وهو المفكر ’’الحداثي العقلاني’’ قائلا: فقبل أن يعتلي العرش (وهل ثمة مفهوم للعرش في أسس المقاربة الديمقراطية الحداثية التي مافتئ العروي يصدح بها في كتبه؟) ومند أن كان مستشارا أولا للراحل محمد الخامس إبان الكفاح من أجل الإستقلال, وأثناء السنوات الأولى من المغرب الحر,كان يملك وعيا بما تتطلبه الثقافة الحديثة وبما تسمح به التقاليد(ربما كان يقصد حزب الأصالة والمعاصرة(الحداثة والتقاليد) الذي سيظهر فيما بعد ’’مع فؤاد عالي الهمة’’ الذي حضر ندوة نور الدين عيوش حول التعليم بزاكورة من يدري!!).

ويضيف: وأيضا كان يعلم مسبقا(يقصد الحسن الثاني) كيف يبلور تصورا حول الإصلاح وبأي صيغة يقدمه وتوقيت تطبيقه(هل إصلاح سنوات الجمر والرصاص التي لا يماري حتى القصر في بشاعتها مع الحسن الثاني في هذه الحقبة التي امتهن العروي إبانها مدح العتمة والظلام؟).
ويستمر العروي في القول : والملك الحسن الثاني حضي بالبركة الإلهية ( ومفهوم البركة الإلهية يناقض تصور العروي للدولة والحداثة والعصرنة, لكنه هلى حين غرة تحول لفقيه بين يدي الحسن الثاني ,في الوقت الذي طالما أكد على القطيعة بين الدين أو التأييد الإلهي والسياسة).
يضيف: وحضي بالوقت الكافي الذي يكفل تطبيق برنامجه الإصلاحي العريض.فبناء الدولة وتربية الشعب سياسيا (التربية والتعليم التي سيحتل المغرب مراتبها الأخيرة بعد أن أغلق الحسن الثاني -في هذه الفترة التي يمتدحها العروي- معاهدا وعسكر أخرى ومنع تدريس الفلسفةوالعلوم الإنسانية التي يعد التاريخ منها,والرجل مدرس للتاريخ!!) يحتاج إلى الوقت والصبر وقد أشار إلى ذلك جميع منظري السياسة. ويقول :والملوك السعداء في التاريخ هم من منحهم الله الفرصة الزمنية الكافية للتحكم في جدولهم الزمني حتى يتمكنوا من أن يروا أبعد ويتصوروا أكبر’’.
ومتى كان الساسة ينتظرون المنح الإلهية في فكر العروي وتنظيراته؟ ومتى تحدث العروي في كتاباته كاملة عن مفهوم المنحة الإلهية وهو العقلاني العلماني الداعي للقطع مع الثرات ومع نظرية الحق الإلهي وولاية الله في الأرض وحكاية المدد والتأييد الطوبوية الحالمة؟
أليس العروي القائل في كتاب مفهوم الدولة : إن الدولة كانت معزولة كليا ومرفوضة ذهنيا,حيث كان الجميع ينتظر بزوغ الخلافة أي الدولة الفضلى...كلما تخارجت الواقعية والطوبوية تركزت السلطانية...أو أليست الطوبوية رفيقة السلطانية؟ أو أليس اليأس من تانيس الدولة إقرار بدوام القهر والإستغلال؟

وعوض أن يعمل العروي على تنزيل هذه المقاربة (تأنيس الدولة والابتعاد عن الطوبيوية التي تركز السلطانية كما صرح, هاهو يمتدح البركة الإلهية والمنحة الزمنية البرانية!!
أليس ما يقوم به تركيز للساطانية وشرعنة لها؟

أخيرا :

بينما كان العروي يردد في شهادة زوره :’’لنشكر الله تعالى وبكل يقين حازم فإن السنين القادمة ستثبت الوعود التي يجعلنا الحاضر نلمحها ونستشرفها...المغرب دولة الحق والحرية والديمقراطية.إنه حلم محمد الرابع والحسن الأول ومحمد الخامس غدا حقيقة مع الحسن الثاني’’ بينما كان يخط هذه الصلوات تقول هند عروب : كان معتقولوا تزممارت ودار المقري وأكدز ودب مولاي الشريف..يئنون صلاة ويصرخون صلاة ويسألون -هم أيضا الله العلي- رؤية شمس الحرية أو أن يسمع أنينهم أحد.أو التمدد في راحة أبدية بين راحتي عزرائيل بدلا من قسوة معتقلات دولة قال عنها العروي أنها عصرية ديمقراطية!!
هل غاب كل هذا عن مؤرخ طائر الشهرة في العالم العربي؟ كان يخط شهادة الزور والمعتقلون يئنون في السجون, بل كان الحسن الثاني قد خرج في خطابه الشهير سنة 1984 يسب المغاربة ويصفهم بالأوباش! والرعب مزروع في كل الدروب.والمخزن يبطش بمن يشاء.بينما العروي-المؤرخ- يمدح العتمة والظلام!

وأخيرا تقول هند عروب في مقال قيم لها: التعاسة التي أقرها العروي’’في كتبه’’ ستتحول مسيرة مباركة في شهادته حيث يقول : إن الخمسة وعشرين سنة المنصرمة تمثل بلا شك مرحلة مباركة في مسيرة الشعب المغربي. وفي ظل هذه المرحلة التي وصفها بالمباركة منعت كتبه وطرد من منصبه كأستاذ جامعي. أما عن علاقته بالجابري وطه عبد الرحمن فتلك قصة تطول فصولها سنعود إليها لاحقا.
لعل ما يستفاد هنا-على العموم- هو ذاك النقاش وداك الحوار المتمدن الذي بات تقليدا داخل الفضاء العام بالمغرب.وهو الامر الذي يتطلب التحصين والتوسيع حتى يصير جزءا من هوية لطالما ربطت بالماضي للدرجة التي يمسي الأهل فيها ريهني الماضي في مستقبلهم. لكن يبدو ان المؤشرات والخطى حثيثة للمضي قدما في عصرنة وعقلنة الحاضر في أفق قطف ثمار الحرية والعدالة والكرامة التي لا تنشأ أشجارها إلا داخل اسوار المدينة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادل شديد: الهجوم على رفح قد يغلق ملف الأسرى والرهائن إلى ما


.. عشرات المحتجين على حرب غزة يتظاهرون أمام -ماكدونالدز- بجنوب




.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - الأونروا: يجب إنهاء الحرب التي تش


.. الأمم المتحدة تنهي أو تعلق التحقيقات بشأن ضلوع موظفي -الأونر




.. أخبار الصباح | حماس تتسلم الرد الإسرائيلي بشأن صفقة الأسرى..