الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يساء استخدام الحب

جواد كاظم البياتي

2013 / 12 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في ضوء قضية الاعتداء على العامل الاجنبي في حقل الرميلة

عندما يساء استخدام الحب
الحب كلمة سامية وقد يكون الحبيب اسمى منها في بعض الاحيان ، في حال يكون هذا الحبيب مغلفاً بهالة التقديس كالوطن والرموز الدينية في بعض المجتمعات وليس واضحاً ان يكون هذا النوع من الحب هو السائد بدليل المشاكل العميقة التي تمر بها الشعوب والممثلة بالأفكار العدائية والاختلاف الكبير في الثقافات وفي الرؤيا للثوابت ، كذلك النوايا المطلوبة لتذويب هذه الخلافات او التقليل منها على ادنى تقدير .
ومع ان ليس هناك احصائية دقيقة لتقدير نسب الحب والكراهية على الارض لكننا نرى ان هناك توازن الهي يحكمها . وهذا ما تؤكده استمرارية الحياة على الأرض على اساس ان اي صراع فوقها من علامات الصحة ، رغم انهار الدم التي سالت في ارواء
لقد قرأنا الكثير عن قصص الحب في التاريخ العذري والصوفي والوطني والعائلي التي يدعو الى التآلف والالتحام الروحي والسلام والتسامح الذي يعني تهديم كل كتل الافتراق مع من نختلف معه عن طريق الاقناع ، وبالتأكيد فأن الاقناع من خلال المعاملات والسلوك هو افضل بكثير من الاقناع باستخدام النحو والبلاغة والبديع اللغوي ، إلا أن هذا الكلام يبقى خيالاً عندما يغيب الوعي عمن يحب بل يبقى مجرد وصفة عشبية لتحنيط العقل حصراً .
فالحب عندما يرتبط بالوعي يكون مثمراً باعتباره قضية والوعي هو السماد الفعال في حقول الحب ، لكن الحب وحده كعاطفة صماء بلا وعي ولا هدف يؤدي الى التدمير والتخلف ثم مرحلة الانحسار والاضمحلال وموت القضية .. اية قضية ، اية على اعلى افتراض سيبقى الحب لتلك القضية مجرد حمل كاذب . والتاريخ ملئ بمثل هذه القضايا ، ومن اجل عبور الحب السلبي يجب البحث عن كوامن الاستخدام الامثل للحب .
وما جرى من مشكلة الاقدام على ضرب أحد موظفي شركة شلمبرجر الامريكية في حقل الرميلة يصب في هذا الموضوع ، فمهما كانت فعلة هذا الرجل الاجنبي فهو ضيف ولم يأت الى العراق حاملاً الكراهية لأفكارنا الدينية وشعائرنا المذهبية حسبا يعتقد البعض فلا يعنيه شيئاً غير العمل الذي جاء من أجله . ثم انه لا يدرك ان رفع راية من على هوائي السيارة جريمة تتصدع لها السماء او تسبب اهانة لشعيرة او معتقد ديني ، وربما كان يعتقد بأن الشركة لا علاقة لها بمعتقدات الاخرين ، وأهل البصرة والعمارة هم اكثر سكان العراق ادراكا ً لهذا الأمر لدى الشركات الأجنبية العاملة في حقول النفط او مع سلطة الموانئ سابقاً ، وان الجدية في العمل هو اول ما يطلب من الشخص الذي يعمل معهم ولا شأن لهم بأي شئ آخر ، فالشركة ليست معنية بغير الجدية في العمل الذي جاءت من اجله فللزمن عندها قيمة عليا وهذا ما يجب ان يلتزم به كل العاملين معها . وبدلاً من ان نجعل من ذلك صراعاً عقائدياً مع الآخرين كان يمكن التحاور مع أي مسؤول في الشركة لتسوية الوضع وتجاوز الأزمة ، ومع ان هذه الحادثة تم شجبها من قبل بعض المرجعيات الدينية إلا ان ما حصل في موقع الشركة من تدمير واعتداء كما عرضه مقطع شريط الفيديو على موقع يوتيوب او كما اطلعنا على بعض تفاصيل القضية من خلال شبكة الفي سبوك وما عرضته شاشات الفضائيات من احتجاج وسفر شامل للشركات العاملة في حقل الرميلة .. لمصلحة من ؟ ومن يتحمل مسؤولية اعاقة الاعمال ، فلو تصرفنا بحكمة مع من لا يعرف قدسية قضيتنا الحسينية وأبعادها الانسانية لربما كسبناه صديقاً ونصيراً لقضيتنا عن طريق سلوك أخلاقي رفيع ، وهنا يمكن القول بأن حبنا لقضية الحسين لم يتم هضمها بشكل كاف من قبل البعض لأنها أخذت مبتورة ، وان حبنا لقضية الأمام تدخلت فيه العاطفة اكثر من الوعي بروح الرسالة التي بعثها هذا الامام العظيم للأجيال من بعده . هذا الوعي الذي يمنح القضية اشعاعها الانساني والأخلاقي والفكري الشاسع ، فهي لا تقل عن قضايا الشعوب التي حملها الفلاسفة والمصلحون والمفكرون وأبطال التاريخ المعروفين اهمية ، وصولاً الى عصرنا الراهن .
لذلك فالحب المجرد من الوعي والحكمة والحلم ليس أكثر من مجرد سلاح مدمر بيد حامله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah