الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إذا كان الأمر هكذا فإني أفضل أمي على العدالة!

أسامة مساوي

2013 / 12 / 6
المجتمع المدني


قال مانديلا ذات يوم للغرب :" كل من يشعر بالضيق من علاقة صداقتنا مع القذافي يستطيع أن يقفز في بركة ماء "

في هذه الأيام على الفايسبوك عدد ليس بالقليل ممن كانوا يحملون-في بروفايلاتهم-علامة ’’رابعة’’ تضامنا مع قتلى ما أسموه بالمجزرة,هاهم اليوم يحملون-على ذات البروفايلات- صورا للشاعر الراحل’’فؤاد نجم’’ ومن المعلوم أن ’’نجم’’ كان مع السيسي بل كال له المدائح عبر قصائد –قيل أنها - تلطخت بدماء شباب مصر, يطلبه من خلالها لكمل خيره ويتقدم للرئاسة. إذ هو رجل المرحلة حسب رأيه ورأي محمد حسنين هيكل ’’المثقف الناصري’’ الطائر الصيت والشهرة في العالم العربي قاطبة!
الكثير الكثير ممن تأسفوا أو حزنوا -فيسبوكيا- على رحيل الشاعر المصري ’’فؤاد نجم’’ بالأمس والزعيم الإفريقي ’’نيلسون منديلا’’ اليوم وشخصية أخرى ربما غدا-أقول الكثير وليس الكل- فعلوا ذلك بالعدوى الفايسبوكية وليس قناعة ولا تمجيدا لشيئ آخر غير تفريغ مشاعر الإنبهارية بالأبوية والتقمص الثانوي كما في التحليل النفسي.
إني لأكاد أجزم-والحالة هذه- أن 90 في المائة ممن ينحازون ’’للثورات العربية’’ لا ينحازون لها من حيث المبدإ والوعي بفعل الإنحياز هذا من -حيث هو إلتزام- بل فقط لأنهم يخافون الموت أو يكرهونه كما قال جون بول سارتر ذات يوم لألبير كامي حين انحاز الأول للفدائيين في ثورة التحرير الجزائرية بينما فضل ألبير كامي ’’أمه’’ على العدالة والحرية التي كان يطمح لها الشعب الجزائري قائلا في ندوة صحافية عقبت فوزه بجائزة نوبل للآداب سنة 17 أكتوبر 1957 :

’’في هذه الأثناء نسمع عن تفجيرات في الجزائر في الترامواي,ربما تكون أمي في الترامواي نفسه,إذا كانت هذه هي العدالة فأنا أفضل أمي على العدالة’’. انتهى كلام ألبير كامي.

وما الذي تفعله أمك في الجزائر يا كامي؟ سأله أحد المعارضين فيما بعد,بعد أن انتظر منه أغلب الجزائريين-كمثقف- أن يدين الإستعمار الفرنسي خاصة في هذه السنة ,لكن أشد ما أعيب على ’’ألبير كامي’’ من طرف الجزائريين هو عدم فهم الحالة الثورية سنوات الخمسينات معتبرين أن أهم أعماله الأدبية لا تصور سوى جغرافيا البلد: الأرض والجماد أما حضور الأهالي في تناقضاتهم وصراعهم مع المستعمر لم يكن سوى ديكورا خلفيا,ووجودهم لم يكن ضروريا ولا حيويا.

فألبير كامي الذي عاش حياة عامرة بالمواقف السياسية,آمن أيديولوجيا بامكانية العيش السلمي بين المستعمر والثوري! ساوى بين الجلاد والضحية! وهو نفس الموقف الذي يروج اليوم بخصوص إمكانية العيش بسلام على الأراضي الفلسطينية بين المستعمر والمستعمر!

وبنفس المنطق قد يجيبك من يتضامن مع قتلى ’’رابعة’’ مثلا! أو مدعما لما يسميه بالشرعية وهو في نفس الآن حزنان على رحيل فؤاد نجم الذي هو مع السيسي بلا قد او شرط. بل هو ضد المسمى ’’شرعية’’ هذا إن توفرت الإجابة أصلا !
فمثلا كان جون بول سارتر قد انتقد ’’كامي’’ في شأن علاقته مع الثورا الفيتناميين وانحيازه للإستعمار الفرنسي.معتبرا أن كامي-في كتاباته- يتمرد فقط ضد الموت وليس ضد الإستبداد الذي يؤدي في النهاية إلى الموت!
وهؤلاء الناس-المتأسفون فايسبوكيا- في العمق ليسوا ضد الديكتاتور أو الإستبداد أو مع العدالة كمبادئ وليس كشعارات,بل هم فقط يهابون الفناء الذي قد يلحقهم ويفزعهم التفكير فيه. يهابون الموت مثلهم في ذلك كمثل ألبير كامي مع أمه والثوار فيتنامببن.
فإذا كان كامي قد فضل أمه على العدالة فربما هؤلاء-من داخل منطقهم- يفضلون اليوم ’’بروفايلاتهم’’ على العدالة!

فبالأمس كان هناك صبيب وافر من الحزن على قتلى ’’رابعة’’ واليوم حزن على مؤيد القتل في رابعة (فؤاد نجم) وسرادق العزاء واحد. بالأمس حزن مضاعف على قتلى القذافي واليوم حزن على رجل كان على خطى القذافي بل دعمه. وأيضا سرادق العزاء واحد!

ليس القصد هنا إصدار حكم على أي من الرجلين-فلهما مالهما وعليهما ما عليهما وهذه طبيعة الماهية البشرية-لكن فقط أردت الوقوف على مشارف مشاعر مندلقة تنم عن تفريغات وانجرارات غير مبررة بالمرة في نظري.انجرارات(ولا أقوا إنحيازات) تؤكد شيئا واحدا هو أن المواقف هذه-يما في ذلك السياسية منها- إنما تبنى جزافا واعتباطا وتبعا لسيكلوجية الجماعة التي لا تفكر عادة كما يقول جوستاف لوبان عند الأغلبية من الناس! تبعا للسيكلوجية الميديا البديلة التي ليس هناك أدنى شك أن جهات معلومة توفر الغداء للمستهلكين من خلالها.تطبخ الطعام ريثما يأتي الزبون المغفل! فاقتصاد السوق والإستهلاك لا يقوم على براعة المصمم بل على سداجة المستهلك.مثلما يقول إيريك فروم.

هل غابت عن فؤاد نجم مجازر السيسي؟ وهل يمكن أن نبرر دعم انقلاب لمجرد أن جماعة من ’’الإخوان’’ قد وصلت إلى الحكم؟يتساءل أحد مدعمي ’’الشرعية’’ بمصر. وهل غابت عن ’’نيلسون منديلا’’ ديكاتوترية وعنترية وغطرسة بل وألوهية... القدافي التي كان قد تصدى لها الفيلسوف الفرنسي روجي جارودي(صاحب كتاب الأساطير المؤسسة للسياسية الإسرائيلية) حين رفض دعوة من القدافي لحضور حفل توقيع أحد أعماله وجائزة-رشوة-له؟ يتساءل أحد معارضي حكم القدافي قيد حياته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هيومن رايتس ووتش تدين تصاعد القمع ضد السوريين في لبنان


.. طلاب في جامعة كاليفورنيا يتظاهرون دعمًا للفلسطينيين.. شاهد م




.. بعد تطويق قوات الدعم السريع لها.. الأمم المتحدة تحذر من أي ه


.. شاهد - مئات الإسرائيليين يتظاهرون ضد حكومة نتنياهو




.. بعد أن فاجأ الجميع بعزمه الاستقالة.. أنصار سانشيز يتظاهرون ل