الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يحاول المسلمون الجدد أن يغيروا معالم الإسلام

أسعد أسعد

2005 / 6 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عندما هاجر النبي محمد من مكّة تحت إضطهاد قريش له و لدعوته قاصدا يثرب التي أُطلق عليها فيما بعد إسم المدينة المنوّرة أخذ معه صاحبه و أبا أحب نسائه و الذي صار فيما بعد خليفته أي أبا بكر المكني عنه بالصديق و كان قد سبق النبي محمد إلي يثرب بعض ممن آمن به و اعتبروه نبيا من عند الله ليُمَهدوا له طريق الهجرة و يستطلعوا رأي أهل يثرب في استقباله و معظم هؤلاء الاتباع لم يعرفوا من قبل من هو الله أصلا فالعارفون بالله في مكّة كانوا يُدعَون نصاري و القليلون كانوا يهودا أما أتباع النبي محمد فلم يكونوا تابعين لهذا أو لذاك رغم معرفتهم المحدودة بالنصرانية و اليهودية فخرجوا من مكة فئة قليلة ضعيفة تاركين ديارهم و امتعتهم و اهلهم علي ايمان دين جديد و هم لا يدرون ما يخبئه لهم المستقبل
و فور أن استقر النبي محمد في يثرب أعد العدة الحربية و حشد أتباعه في تدريبات عسكرية قوية و كوّن له فريقا من المهاجرين و الانصار و قام بالعديد من الهجمات علي القوافل العربية العابرة تحدّ يا لقريش و لاهل مكّة الذين اضطهدوه و اضطروه إلي الهجرة و تركِ بيته في مكّة . و الثابت أنه في هجوم النبي محمد علي قوافل قريش العابرة في سلام لم يعرض عليها الاسلام رغم أنه كان في قوّة و صُحبة عدد من أتباعه في مواجهة القوافل المسلحة سلاحا محدودا. فقد كان هدفه هو الاستيلاء علي البضائع التي تنقلها هذه القوافل استعادة لحقوقه و حقوق المهاجرين معه التي سلبها منهم أهل مكّة و اضطروهم للتخلي عنها و الهجرة إلي المدينة تحت ضغط الاضطهاد . فبعد عدّة معارك قررت قريش إعلان الحرب علي النبي محمد و أصحابه و سيّرت إليه إلي يثرب جيشا أقل ما يقال عنه أنه لم يدخل حربا و لم يخوض أي معركة من قبل و كان يجهل تماما أن النبي محمد كان قد حوّل يثرب إلي معسكر حربي لتدريب المجاهدين المقاتلين في سبيل الله فكان النصر في جانب النبي محمد لجديته و تفانيه في إعداد نفسه و أتباعه لخوض المعارك الحربية و ليس فقط لخوض الاقتتالات القبلية العربية . ثم توالت إنتصارات المسلمين علي بقية القبائل العربية و امتدت سيطرة النبي محمد العسكرية الحربية علي الجزبرة العربية استعدادا لارسال الجيوش العربية إلي خارج حدود الجزيرة فيما بعد
و واضح إن يثرب قبل أن يهاجر اليها النبي محمد لم تكن تدري شيئا عن المعارك الحربية و لا القتال التكتيكي في الهجوم و الدفاع بل كانت العقلية العربية البدوية قبل أن ينقل النبي محمد إليها الثقافة العسكرية لا تعرف سوي الكر و الفر القائم علي البطولات الفردية المحدودة اللازمة لحالات الصراع القبلي في المنطقة . فلا أحد يستطيع أن ينكر إذا إنتشار الاسلام بالمعارك الحربية و سيطرة النبي محمد علي الجزيرة العربية و إخضاعها و إجبار أهلها علي الاسلام إليه كنبي من الله . فقد زرع النبي محمد من البداية الروح القتالية في أتباعه و كل من ينضم اليه و لم يزرع فقط عبادة الله و الصلاة و الصوم و بقية الفرائض . لذلك فعندما قام نبي آخر في الجزيرة العربية أيام النبي محمد و هو النبي مسيلمة الذي دعا أيضا إلي عبادة الله و هو الذي دعاه النبي محمد بالكذّاب فلم يفصل بين نبوة محمد و نبوة مسيلمة الاقناع و لا الحوار و لا البرهان فقد كان السّيف هو الفاصل حتي قُتِل النبي مسيلمة و صار النبي محمد هو نبي الله بلا منازع في الجزيرة العربية و ما وراءها فيما بعد
لقد نقل النبي محمد الثقافة العسكرية عن طريق احتكاكه بالامبراطورية البيظنطية التي كانت تسيطر علي الشّام و التي طالما ذهب اليها النبي محمد قبل نبوته أيام كان يعمل بالتجارة و مكث بها و راقب العقلية العسكرية المنظّمة في جيوش نظامية و طبعا كان قد سمع أخبار المعارك و الحروب التي خاضها الفرس و الروم ضد بعضهما البعض و أخبار الحروب المحلية مما جعل ثقافته العسكرية متقدمة علي أترابه في الجزيرة العربية . و نلاحظ أن التكتيكات العسكرية و فنون الحرب في الدفاع و الهجوم لم تكن بوَحي و ليست من ضمن النصوص القرآنية التي كانت تأمر بالقتال و تشجع علي إعداد العدة و السلاح و الخيل و الشجاعة و الاستبسال أما الحرب فكانت ثقافة النبي محمد التي علّمها لامته التي اتّبعته . و استطاع النبي محمد أن يضع أساسا لأعظم إمبراطوية عرفها التاريخ من الوجهة العسكرية القتالية التي سيطرت علي جنوب شرق اوروبا و آسيا الصغري و غرب آسيا و شمال أفريقيا و جنوب غرب أوروبا
و الامبراطورية العربية الاسلا مية في طبيعتها مُركّبة من عدة إمبراطوريات أهمها الآموية و العباسية و الفاطمية و الآيوبيه حتي نهاية الامبراطورية العثمانية في مطلع القرن الماضي فدامت هذه الامبراطورية كقوة عسكرية و سياسية و اقتصادية إلي ما يقرب من أربعة عشر قرنا من الزمان . و لا يستطيع أحد أن يفصل بين تاريخ الاسلام و تعاليمه و بين تاريخه العسكري و السياسي و ما زال العالم الاسلامي إلي اليوم مقسم إلي الدول العربية الاسلامية و الدول الاسلامية الغير عربية . فالاسلام في وجوده و استمراره تاريخيا و واقعيا اليوم مرتبط ارتباطا وثيقا بالدولة مهما قربت أو بعدت شرائع الدولة من تعاليمه و لعل أصدق الدلائل هو قيام حركة الاخوان المسلمين حديثا و انتشارها و هي التي تنادي بعودة الخلافة الاسلامية إلي سابق مجدها و تطبيق الشريعة في جميع حدودها
و الذي لايمكن إنكاره أن التعليم الديني الاسلامي يقدّم جميع رُمُوز الاسلام علي أنهم قادة عسكريين من أوّل شخص النبي محمد ثم الخلفاء الأربعة و من تبعهم من قادة العرب الابطال الذين قادوا الجيوش و غزوا الممالك و قهروا الامبراطورية الفارسية و الامبراطورية الرومانية باسم الاسلام و ليس باسم العرب
فعلي العكس من ذلك نجد أن التعليم المسيحي علي سبيل المثال يقدّم المثال الكامل في شخصية المسيح يسوع في سلوكه الكامل و تعاليمه المتسامية ثم تضحيته العظيمة باستسلامه إلي الصليب و غفران خطايا أعدائه و ندائه بمحبة الله لكل الناس و وصياه التي هي إلي ما فوق الطبيعة البشرية . ثم أتباع المسيح و جهادهم الروحي و اضطهادهم و استشهادهم جميعا و قصص التضحية بالحياة في عصور الاستشهاد الرومانية و من بعدها الاسلامية
و هذا التناقض الواضح بين الديانتين ناتج عن ما أعطته المسيحية من مثال كامل في شخصية مسيحها و ما أعطاه الاسلام في عمومية شخصية النبي محمد و أنه كواحد من البشر له اخطاؤه و هو كقائد حربي حمل السيف و قاتل و قَتَلَ مما يجعل مثاله متناقضا تماما مع مثال المسيح يسوع . و كما يتمثل أتباع المسيح المخلصون الحقيقيون بشخصية سيدهم و هو بني بهم مملكة سماوية غير أرضية فان المسلمين أيضا علي مر العصور يتمثلون بشخصية نبيهم و سيدهم . فاذا كان المسيح قد ضرب أكمل الامثلة في التضحية و الفداء حتي للاعداء فان النبي محمد قد قدم لاتباعه شخصية القائد الحربي و المحرّض القتالي و هو وضع أساس التحريض القتالي الحربي و أسس به فعلا ملكوت إسلامي و اتّبعه أصحابه و المؤمنون به علي مر العصور
و إذا كان التاريخ يُظهر أن أتباع المسيح قد حملوا السيف و قاتلوا و كوّنوا دولا وحاربوا و قتلوا باسم المسيح فالأمر سهل وضوحه إن كل هذا مُخالف و مُناقض تماما لمثال و تعاليم المسيح و للدين الصحيح لكن كل الحروب و الغزوات القتالية في الاسلام تمت بحسب وصايا القرآن و سُنّة حياة النبي محمد و أحاديثه إلي أتباعه
فاذا أرد البعض اليوم نزع الصفة القتالية عن الاسلام فكيف يمكن ذلك و النبي محمد نفسه قد قَتَل المئات و ربما الالوف بسيفه شخصيا في حروبه و غزواته تثبيتا و نشرا للاسلام و كيف يمكن نشر ثقافة الاسلام علي أنها المحبة و التسامح بينما جميع رموز الاسلام من عهد النبي و ما بعده رموزا مقاتلة مثل جميع الخلفاء ثم قادة الاسلام مثل خالد بن الوليد و عمرو بن العاص و طلحة و الزبير و طارق بن زياد و جميع الامثله التي يتم تربية النشئ بها رموزا عسكرية مقاتله ليس للدفاع عن الوطن بل لقتال كل من لا يؤمن و لا يقبل الاسلام دينا و لا النبي محمد له رسولا فلا محبة و لا تسامح و كيف يمكن للعقلية المسلمة المتدينه التي لا تقبل المسيح يسوع مثالا للمحبة و السلام و تطلب إتّباع سيرة النبي محمد سنّة و منهاجا كيف يمكن لهذه العقلية أن تتسامح في حق نفسها و دينها و أن تترك الامر لله وحده و أن تضع السيف جانبا و تأتي بالكُتُبِ تفحصها و بالحجج تُضاهيها. هل يريد المسلمون الجدد أن يقوالوا إن أربعة عشر قرنا من القتال و الغزو و السيف و الاحتلال كانت كلها خطأ . و إذا كان المسلمون اليوم يريدون نشر رساله المحبة و التسامح و السلام فهل هم مستعدون لنشر رسالة المسيح في محبته و مثاله الكامل في تضحيته المبرهنة في صليبه و قيامته . و أين يجد المسلمون شخصية مثله ـ و هم في قرانهم قبلوه ـ أعظم من شخصية المسيح الذي أحبهم و أسلم نفسه للصلب لاجلهم و قام منتصرا علي الموت لاجلهم و هذا هو التسامح و هذه هي المحبة فهل تقبلوه و هل تنادوا بها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية