الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الفساد..(1)

كمال هماش

2013 / 12 / 9
المجتمع المدني


الفساد اجمالا هو السعي لتحقيق مصالح ومنافع لفرد او منظومة بوسائل تخالف الاتظمة والقوانين والاعراف والاجراءات الموضوعة والمتخيلة لتحقيقها، بغض النظر عن أثر هذه العملية على شركاء المجتمع والتي غالبا ما تكون اثارا تدميرية للطبيعة والمجتمع والدولة والاقتصاد والثقافة في المسار التاريخي للفساد.
ولعل اخطر اشكال الفساد على حياة الشعوب هو الفساد السياسي ، الذي يرسي هياكل مؤسسية تجعل من اركان الدولة حمارا يجر عربة فسادها المحملة بمراكز النفوذ السياسي والاقتصادي ، على عجلات من النخب الثقافية والاعلامية وقوى السمسرة الطفيلية .
ولم يكن هاجسا لحركات الاصلاح الاجتماعي والاديان والثورات التقدمية تاريخيا اقوى من هاجس القضاء على الفساد قبل ان تتسلل القوى المناهضة للفكرة الى سدة القرار في هذه الحركات بعد نجاحها وانتقالها الى موقع الفاعل الاساسي والمتنفذ الاول في المجتمع، مما يعيد للاذهان سؤال ثنائية الارتباط بين رأس هرم الحكم وظهورالفساد المعزز للقمة.
وحتى يتمكن رأس الهرم من الاستقرار على قاعدة متنوعة شاملة المحتوى، قان وشائج الشد والربط تنظلق من طفيليات القاعدة لتلتقي مع تمددات مركز النفوذ الفاسد، لتنتج في النهاية شبكة متحالفة تمثل حديد التسليح لجدار هرم الفساد، فتظهر الدولة المتكاملة فسادا بمظهر استحالة التغيير فيها ،ويمسي خيار هدمها هو خيار الانتحار والوقوف على ركام هرم سابق.
وكلما تطورت دائرة الفساد تتسع بالمقابل دائرة المتضررين المباشرين وعير المباشرين، ممايزيد من جهة مخاوف مركز الفساد ونواته الصلبة ، ويدفع القوى المتضررة من جهة اخرى لمحاولة تنظيم نفسها والتعبير عنها باشكال متعددة احداها بناء مؤسسات مكافحة الفساد في الدولة و المجتمع.
ولانه عادة ما تسبق الحكومات شعوبها بخطوة فقد تتجه الحكومة ذاتها لاعلان نفسها مكافحا للفساد وتبني المؤسسات والهياكل لهذا الغرض، والتي تتحول الى أداة ترهيب سياسي ضد المنافسين والمناوئين للحكم من الفاسدين تحديدا، والذين يمثلون بامكانياتهم وعلاقاتهم بديلا لمنظومة الفساد الحاكمة ومقبولا لدى الشبكات الحاكمة اقليمية ودوليا.
وهنا فان الحكومات هذه لا تختلف كثيرا عن شركة لصناعة الادوية ، تصمم فيروسا وتنشره لتنتج الدواء وتبيعه للمصابين في محاكاة لديناميكية ذاتية يستديم بواسطتها الفساد ويشتد عوده .
وقد استوى الفساد على عرش الامم مرتبطا بالتقسيم الطبقي اقتصاديا منذ العبودية وحتى عصر المعلوماتية ،ساندا ومستندا الى الفئة القابضة على خيرات الشعوب وسبل بقائها، مما ترك البشر في حرب يومية مستديمة من اجل لقمة العيش بعيدة عن الانتباه للجذور الحقيقية لمعاناتها.
فلا فساد بعيدا عن الملكية الخاصة او ما يسمى بالقطاع الخاص تحضرا،ولا ملكية خاصة دون اطماع في امتلاك كل شيئ ، والذي من اجل امتلاكه لا بد من التحكم في تفاصيل حياة البشر من جهة وامكانيات الطبيعة من جهة اخرى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلام إسرائيلى: إسرائيل أعطت الوسطاء المصريين الضوء الأخضر ل


.. كل يوم - خالد أبو بكر ينتقد تصريحات متحدثة البيت الأبيض عن د




.. خالد أبو بكر يعلق على اعتقال السلطات الأمريكية لـ 500 طالب ج


.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان تنديدا بالحرب الإسرائيلية




.. الأمم المتحدة تحذر من التصعيد في مدينة الفاشر في شمال دارفور