الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمع المدني بين الولادة و التشوهات

إدريس نعسان

2013 / 12 / 14
المجتمع المدني


إن المجتمع السوري عامة و الكردي خاصة على أعتاب خوض معترك المجتمع المدني لأول مرة في تاريخه لذا فإن غموضاً كبيراً يلفه و غشاوة كثيفة تُرتسم أمام ناظري رواده الاوائل فيتوهون بينه و بين غيره من المجتمعات، مما يرتب على عملهم الكثير من الأنتاكسات و المتاعب و تظهر بين الفينة و الفينة التناقضات و حتى المصادمات أو ما نستطيع تفسيرها بإساءات تفاهم إذا أردنا أن نحسن النوايا دائماً، و هذا يتطلب من الحريصين على ولادة مجتمع مدني بصحة كاملة و دون تشوهات خلقية و على عكس باقي الأطر و المؤسسات الأخرى في المجتمع، البحث في غياهب هذا الخوض الغامض و تبيان خطوطه البيضاء من السوداء و الأبتعاد عن هواجس السياسة و منافعها الآنية و تياراتها الهوجاء التي قد تعصف به و بما يدور في فلكه.

فما يحدث إلى الآن إرهاصات لميلاد هذا المجتمع المنشود و إن كانت جميع اليافطات الموجودة كبيرة، فما بداخلها صغير جداً و لم يلد بعض، أو ولد و فيه تشوهات كبيرة تحتاج إلى ترميم و معالجات فيزيائية و عمليات تجميل و تحسين كثيرة كي يستطيع القيام بشيء مما ينوط به كمجتمع مدني مستقل، و كي يكواكب عمله كصلة وصل بين المجتمع الاهلي و السلطات أو المنظمات السياسية، دون التحول إلى طرف أو جزء من طرف ضد آخر، و هذا يبدء برأيي من الأنقلاب على ثقافة الإقصاء و الحذف التي نشأنا عليها طيلة عقود من الزمن و التي نحاول إعادة إنتاجها في غمرة التحولات الجذرية التي تشهدها المجتمعات الشرقية و العربية فيما تسمى بربيع الشعوب و ثورات الفيسبوك بقيادة الثائر التونسي "محمد بوعزيزي".

كما و يستدعي أن يثور أؤلئك على إرث العشائرية و القبلية و معتقلات الطائفية و القومية الضيقة و كذلك التحرر من الشعوذات الدينية و بدعها التي لا تنتج أكثر من الإرهاب و القمع و الظلم، ليتسنى للحرية و التعددية الانبثاق بين ركام التشوهات التي خلفتها العقود الماضية في كل ذرة من ذواتنا المهترئة، و لتلد الديمقراطية رويداً رويداً و تشد معها قبول الآخر المختلف من يده و تستطيع إدخاله إلى ثقافتنا، عندها فقط سيلد ذلك المجتمع و سينمو في بيئة طبيعية و عندها فقط سيكون بمقدورنا النظر في أعين شعوب مصر و تونس و المغرب دون أن نخجل من انعدام أية مؤسسة او منظمة للمجتمع المدني التي ينعمون بالآلاف منها، و بعدها سنتمكن من مخاطبة الألمان الذين يتباهون بوجود منظمة أو مؤسسة من المجتمع المذكور لكل ثلاثة أفراد لديهم.

و هنا أتوجه بالسؤال لكل من يعمل من أجل أو يتطلع إلى إخراج هذا المجتمع إلى النور، هل أنتم قادرين على مجابهة ما ذكرناه آنفاً؟ أم أننا أعتدنا أجترار الماضي بقوالب حديثة لأننا لإرث الأسلاف حافظون و لخطاهم متتبعون؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة كولومبيا.. سجل حافل بالنضال من أجل حقوق الإنسان


.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح




.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف


.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي




.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية