الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الايحاء ..المدخل السيكولوجي لمصادرة العقل

اسعد الامارة

2005 / 6 / 12
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


من اكثر المفاهيم شيوعاً بين عامة الناس وبين المتعلمين ايضاً وربما لا نغالي كثيراً اذا قلنا انه بين المثقفين يوجد هذا الاحساس ايضاً،فالايحاء كما عبر عنه(سيجموند فرويد)بقوله:يقال عادة عن شخص انه خضع لايحاء ان خطرت له فكرة او اعتنق عقيدة او شَعر بميل دون ان يدرك ان الفكرة او العقيدة او الميل يصدر في الحقيقة عن فعل خارجي مباشر او عن ارادة مستقلة عنه.
يلعب الايحاء دوراً مهماً في سلوك الفرد واختيار علاقاته وطرائق تعامله واساليب حياته حتى عد انه المحرك الذي يوجه الفرد الذي يتأثر به،وتعود هذه التاثيرات الى نمط الشخصية الفردية،ويؤكد ذلك عالم الاجتماع الشهير"رالف لينتون"بقوله ليس ثمة شك في ان الثقافة مسؤولة عن الجزء الاكبر من محتوى اي شخصية وكذلك عن جانب مهم من التنظير السطحي للشخصية وذلك عن طريق تشديدها على اهتمامات او اهداف معينة فتكوين الشخصية واستعدادها وتأثير الثقافة لهم الدور الاكبر في استقبال واستلام الايحاءات الصادرة من الاخرين ومدى تقبلها،فيكون الفرد حساساً الى الدرجة التي يدرك بها اية استثارة خارجية حتى تلعب الدور الاكبر في ادارة سلوكه وهذا الايحاء ليس شرطاً ان يكون فردياً،مخصص لفرد بعينه،بل ربما لجمهرة من الناس او حشد من الافراد يكون التأثير السيكولوجي لاية ظاهرة عليهم قوياً وفعالاً حتى ليبدو هذا الايحاء اصلاً للمحاكاة التي يرجع اليها تكون الظواهر الجمعية.وقديماً استخدم التنويم المغناطيسي نوع من الايحاء المتعمد.ان ما يهمنا في موضوع الايحاء هو مدى استخدامه في قوة التأثير على بعض الافراد وخصوصاً التابعين او لدى بعض الجماعات المتطرفة دينياً او سياسياً او مذهبياً،حينئذ يكون استخدام الايحاء مدخلا سيكولوجياً لمصادرة الاستبصار،والاستبصار يعد في علم النفس الحديث ،ادراك الواقع كما يريده الفرد وليس كما يصوره الآخر،فحين تتشوه المدركات تغير الصور وتتداخل وتتشابك حتى تبدو محرفة وتقول "ليندا دافيدوف"اننا لا نستطيع سماع الاصوات ذات الطبقات العالية التي يسمعها الخفاش وكذلك لا يمكننا شم رائحة العرق الذي يفوح من النعال والاحذية في حين يمكن للكلاب ذلك ولا نتأثر بالطاقة المغناطيسية والكهربائية مثلما يحدث لبعض الحشرات والاسماك والطيور ولا يمكننا رؤية جزئيات المادة منفردة او اشعة اكس ،فالانسان يدرك احياناً مثيرات غير موجودة ولكن بطريقة خاصة ذات تأثير خارجي يكون الاستعداد الداخلي مهيأ لها،وتضيف(دافيدوف)يعتمد الادراك البشري على التوقعات والدوافع والخبرات السابقة ويظهر تأثير التوقعات بسهولة في عملية الايحاء واستغلالها استغلالاً امثل.
يقول علماء الصحة النفسية ان الافراد الاكثر تأثراً بالايحاء هم الشخصيات الوسواسية التسلطية ومن خصائصها ، ان صاحبها في حالة تحفز دائم للشك،وهو يرى ان في ما يعمله هو الصواب،فهو دائم الرجوع الى نفسه ومحاسبتها ويسعى نحو الكمال في كل شئ ،وهو عنيد في الرأي وكأنه ملزم على هذا العناد ، اذا خطرت له فكرة لم يستقر او يهدأ حتى ينفذ ما اوحت له به ، وهنالك بعض الصفات الثانوية التي يتميز بها من اهمها الحساسية والانطواء المشوب بالخجل فضلا عن التشاؤم والمثالية،ونلاحظ على البعض من المتطرفين الدينيين التواضع الزائد على اللزوم والاهتمام بالتفاصيل وعدم التساهل مع النفس او مع الاخرين .
تتميز الشخصية الوسواسية بالدقة والنظافة الزائدة هذا من جانب الافعال اما من جانب الافكار ،فالافكار المتسلطة على صاحب هذه الشخصية تقوده الى قبول الايحاء حتى وان لم يعتقد به في نفس اللحظة ، الاانه يظل يراوده في كل اجزاء حياته فاحياناً تستحوذ فكرة معينة من داخل نفسه او ربما ادركها بالايحاء ، تتردد هذه الفكرة باستمرار على ذهنه وتتسلط بحيث لا يستطيع ردها او التخلص منها ،كأن يسيطر موقف سئ عليه مثل توقع حدوث حادث سيارة او موت مفاجئ او حريق سينشب في العمل او في بيته(داره) وهو غائب عنه،حتى تجعل هذه الافكار المتسلطة حالته النفسية مليئة بالقلق والخوف المستمران.
ان تقبل الايحاء يربك الاتزان وخصوصاً اذا ما كانت الشخصية بها من التطرف نحو الوسواس فيكون تأثيره فعال جداً،فنراه كثير الشك ،كثير التدقيق،كثير البحث عن مبررات وحلول يقتنع بها ولا يطبقها ،فيعيش صراع لا منتهي بين ما يراه خطأ وسخيف ويمارسه ويسير وراءه وبين ضياع استبصاره العقلي.
يعد تأثير الايحاء على البسطاء من الناس اكثر تأثيراً حتى ادى بهم الحال الى مصادرة العقل والجري وراء بعض الشخصيات المؤثرة دينياً او سياسيا او فكريا حتى كان البعض ممن يمارسون الدجل بأسم الدين هم الاكثر تاثيرا على هؤلاء البسطاء وحققوا ثراءاً وسطوة على عقول هؤلاء البسطاء من الناس او الشخصيات الوسواسية فيؤكد (لينتون) على اهمية التأثير البيئي على السلوك والشخصية وهنا يتحدث عن البيئة بشقيها الطبيعي والاجتماعي فيقول: ان البيئة تتحكم في الخبرة ثم يقول ان الثقافة عن طريق تأثيرها على البيئة تؤثر على الخبرة وبالتالي على الشخصية،لان البيئة حتى البيئة الطبيعية التي توفرها منطقة جغرافية معينة لا تؤثر على الفرد الا بعد ان تكون قد ترشحت خلال مرورها من مصفاة تقيمها الثقافة بين الانسان والطبيعة. فظهور عوامل مؤثرة في البيئة مع تدني القوة النفسية والمناعة ووجود عوامل تكوينية تساعد على الايحاء ،يجد الايحاء طريقه سالكا الى عقول الناس مهما اختلفت وتباينت ثقافاتهم وبيئاتهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مناظرة تبادل الاتهامات بين بايدن وترامب | الأخبار


.. انقطاع الكهرباء في مصر: السيسي بين غضب الشعب وأزمة الطاقة ال




.. ثمن نهائي كأس أوروبا: ألمانيا ضد الدنمارك وامتحان سويسري صعب


.. الإيرانيون ينتخبون خلفا لرئيسهم الراحل إبراهيم رئيسي




.. موريتانيا تنتخب رئيساً جديداً من بين 7 مرشحين • فرانس 24