الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أشعياء النبي - في التحضير النفسي للميلاد – صبي ٌّ صغير ٌ يسوقها

نضال الربضي

2013 / 12 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أشعياء النبي - في التحضير النفسي للميلاد – صبي ٌّ صغير ٌ يسوقها


"و يحل عليه روح الرب روح الحكمة و الفهم روح المشورة و القوة روح المعرفة و مخافة الرب

و لذته تكون في مخافة الرب فلا يقضي بحسب نظر عينه و لا يحكم بحسب سمع اذنيه

بل يقضي بالعدل للمساكين و يحكم بالانصاف لبائسي الارض و يضرب الارض بقضيب فمه و يميت المنافق بنفخة شفتيه

و يكون البر منطقة متنيه و الامانة منطقة حقويه

فيسكن الذئب مع الخروف و يربض النمر مع الجدي و العجل و الشبل و المسمن معا و صبي صغير يسوقها"

(من سفر النبي الشاعر أشعياء المُلقَّب بالإنجيلي، الفصل الحادي عشر الأيات الثانية حتى السادسة، السنة 740 قبل الميلاد)


في هذا الزمن نستذكر أشعياء بن آموص النبي الشاعر السابق عصرَه بروحه العالمية التي تتجاوز إسرائيل و يهوذا نحو المسكونة بأسرها، الروح َ الواعدة بالعدل و الإنصاف و رفع الظلم و تصحيح المظالم، هذه الروح التي تستسلم ُ لتأثير الله في كيانِه كاملا ً فتنطلق الكلمات من على شفتيه تصف ُ وجدانَه المشيحاني، وجدان مشيح إسرائيل الذي سيصبح ُ مشيح العالم فيما بعد، هذا المشيح الذي لم يُمسح بزيت أو دُهن أو عُطر لكن مُسِح بروح الرب الذي يحل عليه، ذاك الروح الذي نجده في كل فصول أسفاره، مثل المُسافر الفريد الذي نقلته روح الله في روحه لينظر َ المُستقبل حيث عطاء الله المجاني للجميع، في المسيح يسوع.


الزمن "المشيحاني" زمن ٌ مستمر، لا زمن ٌ حدثي، و الفرق كبير. الزمن الحدثي هو زمن ٌ يحدث ُ فيه أمر ٌ ما و ينتهي ذلك الحدث و يستمر الزمن ذاكرا ً الحدث ضاما ً له لأحداث كثيرة، بينما الزمن المُستمر هو الزمن الذي يتبدل بقوة الحدث الأول و يُصبح جوهرُه و استمراره انعكاسا ً و نتيجة ً مباشرة ً لذلك الحدث تصطبغ بصفاته و يتأثر مسارُه ُ به و يُصبح كل ُّ مجراه شاهدا ً عليه مستديما ً له، طابعا ً لكل ِّ ما تأثر به بوشمه، و هذه هي معمودية الزمن المشيحاني في المسيح يسوع.


إن الزمن المشيحاني للمسيحين يبتدأ بحدث الميلاد إعلانا ً من الله بِبدء تأثيره المباشر في العالم هذه المرَّة في المسيح يسوع، كما أثر قبلها في كل الحضارات السابقة و أعطى روحه لكل من فيها نورا ً أيضا ً يستضيؤون فيه بنفس الروح التي أعطى لمجموعات الإنسان الأول من قبل كل هذا نورأ و حضوراً في لحظة انفصالهم الأول عن المجموع الحيواني، ذلك النور الذي هو في الطبيعة، جُزء ٌ منها بصفته سيدها و مُحركها و سبب وجودها و باعث تطورها و حادي مسيرها نحو ما هي عليه الآن.


يبرُز هذا الحدث الميلادي كاستحضار ٍ فريد لكل آمال البشرية في عدالة ٍ شاملة ٍ مُطلقة تخلُف التراتبيتين الاجتماعية و السياسية الظالمتين و التوزيع المُجحف للثروات، و الامتهان المُخجل لكرامة الفرد، و تُعطي معنى ً لعالم ٍ عبثي يحضُر فيه الإنسان للوجود بدون استشارة و يمضي بدون استشارة، مُساهما ً رئيسا ً في تراكم ثروات الرأسمالين دون أن يكون له منهما أي الحياة و الرأسمالية سوى ما يبقيه حيا ً من راتب ٍ و حوافز، نحو مزيد ٍ من الخدمة و الاستعباد.


في الحدث الميلادي يجدد المسيحي إيمانه بالعدالة و الحرية والنظام و السلام، و يُعطي لجوهر المساواة البشرية الأولوية في حياتة كمبدأ ينبثق عنه كل معنى للعلاقات بين البشر، و يعيد تعريف كل العلاقات مع بني البشر أقربائه على اختلافهم في هذا الضوء المشيحاني الرئيسي، و يجعل من هذا المبدأ انطلاقه نحو مُعانقة الفرد و المجتمع و الدولة و العالم.


أما الحدث نفسه الذي فيه يتم استذكار مولد سيد السلام، فهو حدث ٌ عالمي ٌ شامل لمساكين الأرض و بائسيها و مُنتظري العدل و الإنصاف، و هو حدث ٌ كوني قادرٌ على إنشاء و استدامة و إنجاح فعل التغير في قوته الفريدة. إلا أن هذه القوة الفريدة لا تتجلى فريدة ً في القوة ِ فقط، لكنها تتجلى في انسيابيتها و بساطتها و تلقائيتها و انسجامها مع توق البشرية نحو مُجتمع أفضل و عالم أفضل للجميع، هذه التلقائية و الانسيابية و الانسجام المُعبر عنهم بجملة ٍ بسيطة "و صبي ٌ صغير ٌ يسوقها".


في هذا الزمن الميلادي المُبارك باجتماعنا إخوة ً مُتحابين في المسيح يسوع، نذكر ُ أيضا ً بكل الحب و الاعتزاز شُركاءنا في أوطاننا جميعا ً إخوتنا المُسلمين و هم أُمة ٌ ذات إرادة صالحة ترغب في الصلاح و الخير للعالم كما نرغب فيه نحن، و إن كانوا يعانون من تحديات ٍصعبة عانينا نحن منها في قُروننا المُظلمة و تغلبنا عليها، و نؤمن أنهم أيضا ً سيتغلبون عليها و إن طال الوقت، و هم ينتظرون مهديا ً قائدا ً "يملأ الأرض عدلا ً كما مُلِئت جورا ً"، و يتشاركون معنا في الروح المشيحانية التي تُكرس نفسها لله هاتفة ً "قل إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين".


في هذا الزمن الميلادي المُبارك نستذكر السيد بعد أن أنهى القراءة من سفر النبي أشعياء فطواه و أعاده لخادم المجمع، ثم نظر في عيونهم و قال "اليوم تمت هذه الأيات في مسامعكم"،،،،


،،، نعم هذا حق، فمن كانت له أذنان للسمع فليسمع!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام
مروان سعيد ( 2013 / 12 / 16 - 21:49 )
تحية محبة لك وللجميع
انا دائما اقراء من النبؤات للنبي اشعيا انها رائعة وتحقق اكثرها وكانه يعطي وصف كامل لصفات الرب يسوع المسيح من ولادته وانسانيته والوهيته وعزابه وصلبه
وايضا نبؤاته على مصر وسوريا اجدها الان تتحقق
وهذه نبؤة على ميلاد السيد المسيح من اشعيا 9
لانه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا الها قديرا ابا ابديا رئيس السلام. 7 لنمو رياسته وللسلام لا نهاية على كرسي داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الان الى الابد.
وهذه عن الامه وفدائه للبشر من اشعيا 53
3 محتقر ومخذول من الناس رجل اوجاع ومختبر الحزن وكمستر عنه وجوهنا محتقر فلم نعتد به4 لكن احزاننا حملها واوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصابا مضروبا من الله ومذلولا. 5 وهو مجروح لاجل معاصينا مسحوق لاجل اثامنا تاديب سلامنا عليه وبحبره شفينا. 6 كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد الى طريقه والرب وضع عليه اثم جميعنا. 7 ظلم اما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاة تساق الى الذبح وكنعجة صامتة امام جازيها فلم يفتح فاه. 8
واشكرك على مقالاتك الجميلة
وللجميع المودة


2 - إلى الأستاذ مروان سعيد
نضال الربضي ( 2013 / 12 / 17 - 10:12 )
تحية طيبة أستاذ مروان،

حدث الميلاد هو الأمل الذي علينا أن نحتفظ به في قلوبنا حتى نتذكر مع كل آلام هذه الحياة و استهلاكيتها الحياة ستكون أفضل و هي أفضل بهذا الأمل و بنا.

أهلا ً بك دائما ً.

اخر الافلام

.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - رئيس الوزراء يهنئ الرئيس السيسي و


.. وادي الرافدين وتراثه القديم محاضرة استذكارية وحوارفي الذكرى




.. ليبيا.. هيي?ة الا?وقاف في طرابلس تثير ضجة واسعة بمهاجمتها ال


.. 158-An-Nisa




.. 160-An-Nisa