الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجهاد المقدس :من بلاد الرحمة الى نشر النقمة

واصف شنون

2013 / 12 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


المشاهد التي صدمت العالم في الإسبوع الماضي للاجئين السوريين في المخيمات التركية وهم يدفنون أحياء في الثلوج ، بحيث أن الأمهات يستيفيقن ليجدن أطفالهن وقد فارقوا الحياة متجمدين من البرد والصقيع ،دعت عدة جهات عالمية وإقليمية لفتح قنوات التبرع والمساعدات والمعونة لهم ، حتى أن في العراق المحطم بالإرهاب والفساد أطلق فيه عدة نشطاء حملة بعنوان ( دَفَيني ) لجمع البطانيات والأغطية والمدفأت لهؤلاء اللاجئين الذين يعيشون محنة لامثيل لها أمام كل العالم الحرّ وغير الحرَ بحيث ان أحد رجال الدين السعوديين المتشددين قد أفتى بحرمة القتال في سوريا تجنبا ً لمزيد من المآسي الإنسانية التي تشهدها سوريا منذ تحول الثورة السورية ضد النظام هناك الى حرب طائفية ذهب ضحيتها حتى الأن أكثر من 125 الف إنسان أغلبهم من المدنيين الأبرياء كالعادة في الحروب الإنتقامية العشوائية التي لاتميز بين البريء والمحارب ، فالجهاد المقدس وعبر التاريخ تكون ضحاياه بالدرجة الأولى هم الأبرياء من البشر .
الجهاد المقدس وتأويله بين متشددي الطائفتين المسلمتين في كل من العراق وسوريا أخذ أشكالا ً مرعبة من القسوة والإنتقام والوحشية ، فهناك ألاف المقاتلين الأجانب والعرب والسوريين والعراقيين يقاتلون في سوريا الى جانب داعش (دولة العراق والشام الإسلامية ) وجبهة النصرة القاعدية ،أجانب من بلجيكا وفرنسا واستراليا والشيشان والباكستان وافريقيا ،بدعم سعودي وتركي وخليجي مكشوف وواضح للعلن ، وعلى الجانب الآخر هناك النظام السوري وحزب الله وايران أما العراق وعلى الرغم محاولة حكومته الإسلامية النأي بنفسها عن التدخل خوفاً من (العمّ الأميركي ) صاحب النعمة الذي منح السلطة والشرعية لها ، فأن هناك أكثر من عشر ميليشات عراقية تقاتل في سوريا وأشهرها ( لواء أبي فضل العباس ) ولواء ( سيد الشهداء ) وهذه الألوية ولو أنها عراقية الملامح إلا انها تضم إيرانيين وأفغان وباكستانيين ولبنانيين ، وتقدر المصادر أن حوالي 15 الف مقاتل أجنبي وعربي يقاتل جنبا ً الى جنب مع قوات النظام السوري .
في الشهر الماضي إجتمع اكثر من 600 شخص استرالي مسلم ، نساء ورجال ،في غربي سيدني من أعضاء حزب التحرير الإسلامي العالمي – الفرع الإسترالي في مؤتمر الحزب السنوي ، وتباحثوا في ضرورة عدم التعاون نهائيا ً مع الحكومة الأسترالية ومؤسساتها الأمنية المتمثلة بالشرطة الفيدرالية وجهاز المخابرات الأسترالية ، واتهموا تلك المؤسسات بالتضييق عليهم ومراقبتهم ومنح ( رشوة ) قيمتها 500 دولار للشخص الذي يقوم عن الإبلاغ عن أي عمل أو (نوايا مشبوهة ) لشخص أو أشخاص من المسلمين وخاصة فيما يتعلق بالجهاد المقدس في سوريا ، وقبل أقل من اسبوعين قامت الحكومة الأسترالية وجهاز مخابراتها بالغاء 200 جوازا لمسلمين استراليين على خلفية تتعلق بالذهاب والقتال في سوريا ، مصادر الحكومة الأسترالية تؤكد أن هناك اكثر 100 استرالي يقاتلون في سوريا ضد النظام السوري في (جبهة النصرة ) الإسلامية المتشددة ، وان ذلك ُيعد إحراجا ً للحكومة الأسترالية ، فهذا نوع من التدخل الإسترالي في الحرب الطائفية – الأهلية الدائرة هناك منذ ثلاثة اعوام تقريبا ً ، وهذا الأمر يخالف سياسة الحكومة الأسترالية في الدعوة الى السلام وإنهاء القتال من خلال المفاوضات لوضع نهاية للأزمة التي تحولت الى مآساة إنسانية كارثية ، وأن 100 مقاتل من مواطنيها هناك هو نوع من نشر النقمة من بلاد الرحمة ، فاستراليا بلد وقارة وحكومة وشعب مشهود لها في مساعدة الدول والشعوب بكل انواع المساعدات اكثر من تدخلها السياسي والعسكري بسبب ارتباطاتها المصيرية وتحالفاتها السترايجية من أجل امنها القومي واستقرارها السلمي وتقدمها العلمي ونهوضها الإقتصادي والأقليمي .
إلغاء جوازات هؤلاء ، أعطى اشارة حمراء وتهديد صارم باتخاذ فعل شديد لمن يتورط في استخدام حرياته التي يكفلها القانون للذهاب ونشر الفزع والرعب والموت والمساهمة بقتل الأبرياء وتخريب البلدان ورفع راية التشدد ، وهو قادم من بلد يصون الحريات الدينية للجميع ويكفل العيش بسلام وكرامة لكل المواطنين ،المقاتلون الأستراليون في سوريا ، تركوا عوائلهم في استراليا يعتاشون على أموال دافعي الضرائب ، يتمتعون بالسلام والإستقرار والرفاهية وكل نعم الله ، بينما هم ذهبوا الى سوريا لكي يتشرد الأطفال والنساء والشيوخ ، وتحترق الأرض وما عليها ،وتسيل الدماء ، بحجة الجهاد كفريضة دينية ، المشكلة التي سوف تواجه استراليا تكمن حين يعود هؤلاء الى المدن والضواحي الأسترالية ، فالجهاد هو فعل مستمر مادام المؤمن يعتبره فريضة مستمرة وقائمة .
ياله من عالم وحوشي مقلوب ..!!؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - استاذ واصف
سلوان ساكو ( 2013 / 12 / 18 - 09:33 )
يا استاذ واصف استراليا هي أول دولة طردت السفير السوري لديها ، وهي أول دولة كانت تريد أن ترسل جيش الى سوريا في بداية الازمة ، انا لا ادافع عن احد ولكن سياسة حكومة استراليا مزدوجة المعاير .


2 - تعليق
عبد الله خلف ( 2013 / 12 / 18 - 22:31 )
تم التعليق في خانة الفيس بوك , و السبب : سعة مساحة الكتابة .


3 - غايـــة الجهــــاد
كنعان شـــــــــماس ( 2013 / 12 / 19 - 17:25 )
ان كان نشر وتعريف العالم بالاسلام ففي بريطانيا تبرعت بلديات لندن بعدد من الكنائس للمسلمين واي انسان يريد ان يصير مسلما لايمنعه احد الناس هناك احرار ... اما موضوع استخدام القوة والقهر فيضع صاحبه رقبتــــه تحت مقصلة شريعة حقوق الانسان وطاماتها كارثيـــــة . احدى البلدان الافريقية منعت الاسلام باعتباره عقيدة استعلاء على الاخرين وتخريب للسلم الاجتماعي تحيـــــة

اخر الافلام

.. المسلمون في الهند يؤدون صلاة عيد الأضحى


.. عواطف الأسدي: رجال الدين مرتبطون بالنظام ويستفيدون منه




.. المسلمون في النرويج يؤدون صلاة عيد الأضحى المبارك


.. هل الأديان والأساطير موجودة في داخلنا قبل ظهورها في الواقع ؟




.. الأب الروحي لـAI جيفري هنتون يحذر: الذكاء الاصطناعي سيتغلب ع