الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نوال السعداوي غاليليو العرب

حافظ ألمان

2013 / 12 / 19
الادب والفن


ما ذنب الصوت العذب إذا لم يلق آذاناً صافية ؟
هذا ما حدث بالضبط مع المطرب العالمي (غاليليو) صاحب الأغنية الشهيرة (الأرض تدور)، فعندما سمع الجمهور صوته هاج وماج، مطالباً بإيقافه وإنزاله عن المنصة وسجنه كي لا يشوه الذوق العام بصوته النشاذ، تحقق للجمهور ما أراد، فانتشى فرحاً بهذا النصر العظيم .
بعد فترة قصيرة (ثلاثة قرون ونصف فقط) اعترف العالم (الغربي) بذنبه وببشاعة الجريمة التي ارتكبها بحق غاليليو، فاعتذر منه، وأقام له التماثيل ، وجعل من أغنيته "الأرض تدور" أغنية خالدة تُغنى كل يوم .
وهاهو التاريخ يكرر نفسه ثانية مع المطربة المصرية (نوال السعداوي)، كانت تقف بكل بساطة وبراءة الأطفال لتشدو أجمل أغانيها ، غنت للحب وللحرية، ولم تفصل في أغانيها بين حرية المرأة وحرية الوطن. ولكن الجماهير لم تستعذب صوتها، فالرجال كانوا يخافون أن تغويهم حواء ثانية، وأن تنزلهم من الجنة التي وصلوا اليها أخيراً بعد عناء طويل، فقد تعلموا الدرس جيداً، ولن يسمحوا لأي امرأة ،مهما كانت، أن تفرض إرادتها عليهم، وأماالنساء فكن يرين في أغانيها حرية زائدة عما تحتمله آذانهن، فطالب الجميع بإيقافها عن الغناء ومنع ظهورها وإحراق ألبوماتها الغنائية، إلا أنهم كانوا متسامحين معها، فسمحوا لها بالغناء داخل بيتها فقط ، وحذروها تحذيراً شديداً من أن تجهر بصوتها .
نجح الهجوم الى حد ما في تحجيم نوال وحصر انتشارها ، لدرجة أن معجبيها كانوا يسمعون أغانيها خلسة ولا يجرؤن على قول كلمة حق بحقها، بل كانوا يهاجمونها لكي يدفعوا عن أنفسهم تهمة الإعجاب بصوتها.
رغم هذه الضغوط الشديدة التي تعرضت لها نوال، ورغم وقوفها شبه وحيدة أمام هذا الطوفان الجارف، إلا أنها لم تيأس ولم تستسلم، وظلت تغني وأشهر أغانيها كانت "الأرض تدور" بعد أن أدخلت عليها تعديلا في الكلمات واللحن .
جن جنون الجماهير وثارت ثائرتها، فاحتشدت مجدداً، واتهمت نوال بالهرطقة، وبأن أغانيها تثير الفتنة وتحض على الشذوذ، أملاً بقطع لسانها وإسكات صوتها إلى الأبد.
لم يكن أمام نوال سوى أن تطيرمع الطيور المهاجرة إلى حيث الدفء والأمان، وحيث الناس تقدر الصوت العذب، فغنت هناك وأبدعت، وأصبح في رصيدها ما يقارب من خمسين ألبوم غنائي، تردد صدى أغانيها في كثير من بلدان العالم، صفق لها الجمهور طويلاً ورقص على أغانيها.
كان يفرحها ما وصلت إليه من مجد وشهرة، ولكن بنفس الوقت كان يحزنها أن العرب لا يسمعون أغانيها ولا يتفاعلون معها، كانت تعرف أن مهمتها صعبة وشبه مستحيلة، فالعرب كانوا يغطون في نوم عميق في كهفهم يرون ظلال الأشياء ويسمعون صداها، مسخرين كل إمكاناتهم وطاقاتهم ليثبتوا أن الأرض لا تدور، وإن فشلوا في ذلك أحياناً وضعوا أصابعهم في آذانهم كي لا يسمعوا حركتها أثناء دورانها .
رغم هذا الوضع المأساوي عادت نوال ثانية إلى بلدها لتغني من جديد أملاً بأن ترتقي بذوق الجماهير .
إذا كان البعض يرى أن نوال قد أخطأت في اختيار كلمات أو تلحين بعض أغانيها، فهذا لا يلغي على الإطلاق موهبتها وعبقريتها، فهل من مبدع إلا وأخطأ ؟ كما أنها لم تدع بأنها قديسة وبأنها لا تخطئ، ولو إنها ادعت ذلك وأخطأت لكان يحق لنا جميعاً أن نكفر بها. التاريخ سينصف نوال كما أنصف غيرها، وسيأتي يوم نخجل فيه مما اقترفناه بحقها، ونندم على الوقت الذي هدرناه دون الإصاغ إلى صوتها والإستمتاع بعذوبته، وسنقول لها صراحة: سامحينا، فلم تكن آذاننا بمستوى صوتك القادم من المستقبل البعيد الذي نجهله تماما والذي لا نفهم لغته .
سنندم كثيراً ولن يشفع لنا سوى أن نغني معاً أغنيتها المفضلة "الأرض تدور".











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??