الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شاركهم رغيفك

سماح هدايا

2013 / 12 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حين أكّد شعار"شارك رغيفك مع الآخرين.."..المكتوب والمرفوع بأنامل أطفال ثورة سوريا على واحدة من الجداريات، أن ّ الثورة تشاركية في العمل والامل لبناء واقع أفضل، كان هناك عقول كثيرة تستمرّ في غبائها، ولا تولي الشعار اهتماما، بسبب البنية الذهنية التي تأسست عليها أجيال تاريخية في سوريا . فالعصبيّة والتخلف، حتى عند حملة الشهادات العليا والألقاب العلمية الكبرى، وأصحاب المناصب الحزبية الرفيعة، منتشران متجذران يسوّغان للسوري النخبوي وغير النخبوي، ألا يقبل الآخر وألا يعترف بحقه وحريته وشراكته الوطنيّة العادلة. بل يتجرأ لإلغائه، ولو بالقتل.
وبالتالي ...لا يمكن فهم مايحدت في سوريا خارج الصورة المباشرة لمنطق سلطويّة الأقليّة العنصريّة والفئويّة الانعزاليّة؛ فما يجري في سوريا الآن هو حصاد طبيعي سياسي وثقافي واجتماعي وعسكري لمنطق عنصريّة منطق الأقلية فعبر التاريخ عندما تحكم أقلية أو فئة بلدا ما، تقيم حكمها على الاسئثار والتسلط ثم العنف والاستبداد. وغالبا ما تكون قوى خارجية تدعم حكمها؛ لأنّ حكمها القسري ينافي طبيعة الواقع الاجتماعي التشاركي ومطلب الحرية الفردية والجماعاتية، ويتجذر في الطغيان ونكران حقوق الإنسان و أغلبيّة الشعب، ويلزمه لكي يبقى، قوة من دعم خارجي متواطيء معها. وليس حكم عائلة الأسد وطائفته وعصاباته إلا مثالا صارخا يجسّد، بكل وحشية وبدائيّة، هذا التصوّر.
عندما تحكم دويلة الأقلية العنصريّة الناهبة، فليس أمامها إلا أن تستبد وتطغى وتشجّع الفساد والانتهازيين الجشعين والمستغلين من جميع الطوائف، لكي تبقى في الحكم، ولكي تحافظ على مكتسباتها الطائفية، وعلى وجودها وسط الأغلبية التي تتحكم بها. ومن باب التأكيد، فإن عقائد البشر ليست للحكم عليهم، لأنّ المهم أعمالهم، لكن، من الضروري جدا تفحّص عقائد البشر وإخضاعها للدراسة والتحليل عندما تحولهم إلى مجرمين وسفاحين، وإلى طغاة وشياطين.
مأساتنا الان هي في حصاد تخاذلنا التاريخي الطويل لمرحلة الغزو الأوروبي والغربي والشعوبي، سياسيا وعسكريا وثقافيّا، وهو الذي استغلّ ورقة دويلة الأقليّة، وعقد الصفقات مع الدول التي ترعى دويلات الأقلية العنصريّة في بلادنا. ولعل مايحصل الآن وما حصل في العراق، من قبل، بدعم عالمي وبسلاح الاحتلال الأمريكي وتحت نفوذه ثم نفوذ إيران ، أهم حقبقة قرببة، زمنيّاً، إلى أذهاننا؛ إذ يبقى المكوّن الطائفي العصبي من أهم المكونات التي استخدمها ويستخدمها الغزو من أجل التفتيت وإشاعة الفوضى والاقتتال وتمزيق الوطن؛ فيشحد الأحقاد التاريخية ويثير الفتن برغبة الفتك والانتقام، ويستمد من تنوّع بلادنا، ومن اختلافاتها وخلافاتها مادة والتقسيم والتجزئة والهيمنة والتضليل.
لمّا سقط مشروع الدويلة العلوية التي أنشأتها فرنسا قبل أن تخرج من سوريا، انزرع في أرض سوريا المشروع السياسي العنصري للدويلة العلوية. جرى استعمال حزب البعث مطيّة سياسية لتحقيق المبتغى، وتم إفراغه من محتواه الوحدوي الوطني، وجرت تصفية المعادين للتطلعات الأسديّة ولمشروع حافظ الأسد السياسي الاستبدادي ، من قبل رجال في الطائفة ورجال من خارجها من الطوائف الأخرى، من الفاعلين في الحزب ومن الواجهات الشكليّة غير الفاعلة، لتقوم بعد ذلك الدولة السياسية الطائفية الأسدية. دولة عقل الأقليّة العنصري.ولدعم دولة الأقليّة نشأ تحالف قوي بين إيران العدو السياسي القومي والمذهبي للأكثرية العربيّة والسنيّة وبعض الأحزاب والفرق الشيعية السياسيّة الداعمة لها، وبين النظام الأسدي، ، ثم عملت إيران على نشر تشييع الطائفة العلوية في سوريا، ونشر فكرة الثأر للمظلومية الشيعية والعلوية في مواجهة التسلط السني الشامي الطويل الجائر. وصار الثأر لزينب محركا عنصريا فظيعا يرتكب أصحابه افظع الجرائم لأجله.
لكنّ الثورة السورية التي هزّت العقل الطائفي العنصري في سوريا من جذوره. هدّدت بإسقاط دولة الأقليّة، على يد ثورة الأغلبيّة، فجاء الرد الوحشي الدموي على الثورة وشعبها من النظام الأسدي وجيشه وعصاباته، ومن المجرمين المرتزقة العاملين في خدمة دولة الأقليّة. وكان أمام كثير الضحايا وشديد المجازر والفظائع المرتكبة والمجازر بحق الأغلبية الشعبيّة، حتميّة تكوّن كتائب جهادية متطرفة باسم نصرة السنة،، كرد عسكري مسلّح على هذا التوحّش والإجرام.
حتما لا يمكن أن يقوم نظام أمني بفعل هذه الجرائم والمجازرالمخيفة؛ الممنهجة والعشوائيّة بحق شركائه في الوطن والثقافة والجغرافيا والعيش ، إلا إذا كان المنطلق عصبيّة عنصرية طائفيّة متخلّفة، يستغل كل مورثات الحقد، ويستمد منها فلسفة العنف والجريمة والغبادة والتطهير. لكنّ الثورة السورية على الرغم من الانسداد السياسي ومن شلالات الدماء والضحايا الكثيرة والمخاطر الشديدة، ومن تمذهب الحرب، مستمرة في إسقاط النظام. ولا مكان للحل السياسي والخطط الترقيعيّة. ولا للحكم العنصري.
لابدّ أن يتحقق النصر وتبنى دولة الحرية والعدالة والكرامة التي يتساوى جميع أفرادها أمام دولة القانون والعدل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بناه النبي محمد عليه الصلاة والسلام بيديه الشريفتين


.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ




.. كنيسة السيدة الا?فريقية بالجزاي?ر تحتضن فعاليات اليوم المسيح


.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا




.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم