الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الضمائر المخنثة وادعاء الحياد

محمود الزهيري

2013 / 12 / 22
المجتمع المدني


من يدافع عن عصابة الإخوان والعصابات الدينية المساندة لها , أري أنه يحمل ضمير "مخنث " , يستتر خلفه؛ فحينما ينتقد الجنرالات والإقطاعية العسكرية والإجهزة الأمنية في تلك اللحظة الفاصلة في تاريخ الأمة المصرية , ولا يستطيع أن يلوم أو ينتقد عصابة الإخوان , في خروجها ضد المجتمع والدولة , مستخدمة الدم والنار والحرائق والأسلحة والزخائر والإتلاف للممتلكات العامة والخاصة , ثم يدعي أنه صاحب رؤية وتصور , ويدعي أنه يمتلك ضمير حي , ولا يستطيع أن يتنازل عن مواقفه الأخلاقية والعقلية , مدعياً الحيادية , فهذا مردود عليه بتخاذله ضد إبداء رأيه في جرائم عصابة الإخوان والعصابات الموالية لها ..

أصحاب "الضمير المخنث " , يتحركون بيننا , وكأنهم أنبياء للحق ومرسلين بالحقيقة , في حين أنهم رسل الشر , وأنبياء الباطل , يسعون جاهدين مجتهدين خلف مصالحهم المدنسة , بزرائع مؤداها أنهم ضد الفاشية العسكرية , في حين أنهم رموا بأنفسهم في أحضان الفاشية الدينية , يتحدثوا بلسانها , ويستخدموا أدواتها , وتطفح علي وجوههم خيراتها بهمزاتهم ولمزاتهم اللعينة , وانحراف حواجبهم وتكشير أنيابهم في وجوه من يقفوا ضد طموحات عصابة تسعي لتحقيق مصالح أعضائها بمزاعم دينية توظف المقدس الديني لعرقلة مصالح المواطن والوطن , وتستخدم من الله والرسول والمقدسات أدوات للقتل والحرق والإتلاف والعنف والإرهاب ..

مازلت ضد الفاشية الدينية , ومازلت ضد الفاشية العسكرية , ومازلت معتقد أن الفاشية الدينية من الصعب السيطرة علي طموحها الهارب إلي الآخرة , وإذا تمكنت من العمود الفقري وأوصال الدولة المركزية , ووصلت إلي مرحلة التمكين من السيطرة علي المؤسسة العسكرية وجهاز مخابراتها , والمؤسسة الشرطية , وجهاز المخابرات والأمن القومي , وكافة الأجهزة والمؤسسات الأخري الحيوية والهامة لكيان الدولة وعصبها , في هذه اللحظة سيتم السيطرة علي مؤسسة القضاء والنيابة العامة والإدارية , ويكون مصير المخالفين للجماعة هو مصير الكفار والمشركين الخارجين عن إرادة موظفي السماء والموقعين بالأحكام نيابة عن الله ..

وهذا قد يستمر طويلاً , بمساندة أجهزة الإستخبارات الدولية العتيقة في التعامل مع هذه الحالات بإتخاذها مبرر لتواجدها في الحفاظ علي الأمن القومي للأوطان التابعة لها , وتكون الزرائع مبررة في سلب ونهب ثمار الأوطان بدعاوي مكافحة الإرهاب الدولي ومجابهته , أو العمل علي تقسيم الأوطان مقابل الصمت علي جرائم العصابات الدينية الحاكمة , ومثالها البين , حالة البشير في السودان وانفصال الجنوب عن الشمال مقابل الصمت عن ملاحقة البشير دولياً , والسكوت عن جرائمه ..

أما عن الفاشية العسكرية , فحينما أتهمها بالفاشية أكون علي قدر من الحنق والغيظ الداخلي , لأنني لا أريد أن توصف المؤسسة العسكرية بالفاشية , علماً مني بأن المؤسسة العسكرية , مؤسسة وطنية تتكون من جميع أبناء الأمة المصرية من أقصي شمالها حتي أقصي جنوبها , ومن شرقها وغربها , ومازال لي عليها العديد من الملاحظات التي أتبناها لكي تصل المؤسسة العسكرية المصرية إلي أعلي المؤشرات في التدريب والتقنية والكفاءة القتالية والمعلوماتية بإعتبارها درع حامي للمواطن والوطن , ولا أريد لها أن تكون بمثابة إقطاعية عسكرية يتم إستخدام الجنود والضباط في التخديم علي مصالح القيادات العليا ..

ولا أريد لها أن تختص بميزانية منفصلة عن ميزانية الأمة المصرية , بل تكون مخصصات المؤسسة العسكرية متسمة بالمعالنة والمكاشفة والشفافية خاصة وأن العولمة العسكرية أصبحت لايخفي في ظلالها مدي قدرات ومقدرات الجيوش والمؤسسات العسكرية في كل دول العالم أو أغلبها حسب التقنيات العالية في التجسس عبر الأقمار الصناعية وغيرها من الأدوات الحديثة ..

في هذه الحالة , من حق أي إنسان أن يصيغ مطالبه وأهدافه ورؤاه وتصوراته تجاه كافة مؤسسات الأمة المصرية , بما فيها الشرطة والجيش والقضاء والأجهزة السيادية , مادامت هذه المطالب والأهداف تصب في مجري نهر المواطن والوطن , بما فيه الخير والنماء والسعادة للمواطنين ..

قد لايرضي المؤسسة العسكرية هذا النقد , أو هذا التوجيه , وقد أخرج في مظاهرات سلمية ووقفات احتجاجية , وإضرابات واعتصامات حتي يتم تلبية مطالبي وأهدافي , وقد يتم حبسي واعتقالي , ولكن هذا يتم في ظل دولة , وقد يتم تعديل أو توفيق وضع المؤسسة العسكرية ومعها مؤسسات الأمة المصرية , في نهاية المطاف , وقد تأخذ وقتاً يطول أو يقصر , ولكن في النهاية سنكون كما نريد !

أما وضع المؤسسة العسكرية التي تمثل صمام الأمان والقوة للدولة والمجتمع في مواجهة العصابات الدينية فهذا أمر مشين للمؤسسة العسكرية , ومشين للمواطن المؤمن بالمواطنة ودولة الدستور والقانون , إذ حتماً هذا الإيمان سيصل في نهاية المطاف إلي دولة المواطنة " الدولة المدنية " التي تكون فيها المؤسسة العسكرية خارج الأطر السياسية الحاكمة للدولة والمجتمع ..

بالحتم أستطيع أن أخرج ضد المؤسسة العسكرية , وأنتقدها , وأصحح من مسارها , ومن المستحيل أن أنتقد العصابات الدينية أو أن أخرج عليها محاولاً تصحيح مسارها , فساعتها سيكون مصيري القتل أو النفي هروباً , والفارق أن المؤسسة العكسرية مؤسسة وطنية تؤمن بحدود الأمة المصرية ومواطنيها , في حين أن العصابات الدينية لاتؤمن بالقطرية , ولاتؤمن بالمواطنة , وتتعداهما إلي حيث الأممية الدينية والجغرافية , وهذا هو الفارق الجوهري اللعين ..

والبعض يري أننا مازلنا في إنتظار نظام أسوأ من نظام ماقبل 25 يناير 2011 , وإذا كان ذلك , فإن ذلك النظام الذي أوصلنا إلي تشكيله وهيئته عصابة الإخوان , ليتم إعادة إنتاج ذات الحماقات وذات السفاهات وذات الجهالات , حيث عبادة صنم القوة العارية الغاشمة .. وعبادة أصنام الوطنية والقومية والدينية , ذلك النظام الذي يعبد صنم الدولة المركزية ..

ولن نكون , حيث نريد أن نكون , إلا إذا تخلصنا من صنمية الدولة المركزية ,و ضم ميزانية ومخصصات الجيش والأزهر و الأوقاف والكنيسة إلي ميزانية الدولة المصرية ..

ساعتها سينعدم الحديث عن القلاع والإقطاعيات العسكرية ومعها الإقطاعيات والمعابد الدينية , وساعتها سينتهي دور الإقطاع الديني , وسينتهي الإقطاع العسكري ويصير حتماً إلي زوال , هنا , نستطيع أن نكون , حيث نريد أن نكون , وستنتهي وصايات سماسرة الأديان , وسماسرة الأوطان , وينعدم وجود أصحاب الضمائر المخنثة من حياتنا !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار السابعة مساءً - الأونروا: غارات الاحتلال في لبنان


.. لبنانيون ولاجئون هجّرتهم الغارت الإسرائيلية يروون معاناتهم و




.. طلاب جامعة السوربون بفرنسا يتظاهرون من أجل غزة ولبنان


.. شاهد| دبلوماسيون يغادرون قاعة الأمم المتحدة بعد بدء خطاب نتن




.. نزوح من مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في لبنان