الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين العلم والايمان

أمير البياتي
(Ameer Albayaty)

2013 / 12 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كثيرا ما يحدث في مجتمعاتنا خلطا في المفاهيم وخصوصا ما هو دخيل على ثقافتنا وكما هو الحال بالنسبة للعلمانية (secularism) التي الى الأن هناك من يفتي بها تارة بفتح العين وتارة بكسرها دون الرجوع الى أصل هذا المفهوم الدخيل الذي هو مترجم بلفظه. ومن هذه المفاهيم الضبابية الى الأن العلم (science) والذي هو بمفهومه السائد وبحسب المعنى اللغوي هو العلم بالشيء, أو نقيض الجهل, بمعنى انني لو قرأت دليل المطاعم في المدينة التي أقيم بها فأنا عالم بدليل المطاعم وغيري من هو لم يقرأه, جاهل به. هذا هو المفهوم الغالب في مجتمعاتنا فيسمى رجل الدين الذي قرأ الأحكام الشرعية مثلا عالما بالحكم الشرعي ويجوز له أن يفتي, مع أن صفة العلم التي نالها ليس لها صلة بمفهوم العلم الحديث.
العلم بمفهومه الحديث هو المعرفة القائمة على التجربة العملية التي تنتهي بوضع النظريات والقوانين, مدعمة بالأدلة التي قادت اليها التجربة, فالعلم قائم على الدليل والاثبات. عكس مفهوم الايمان الذي هو التصديق المطلق الذي لا شك فيه والثقة التامة.
لذا أتربط مفهوم الايمان بالغيبيات والدين وكما يقال فأن الايمان بالقلب وهنا اشارة الى الإلغاء التام لدور العقل, فالعقل يبحث عن الدليل, والايمان لا يحتاج أدلة خصوصا ما يتعلق بالغيب والمقدسات.
هناك من يحاول الخلط بين العلم والايمان ويقدمهما كطبق متكامل رغم التناقضات الكثيرة بينهما, فيعمد البعض الى التوفيق بينهما بحجة ان الأيمان بالقلب مكمل لدور العقل الذي هو ناقص وليس بإمكانه ادراك كل شيء. وقد يرى البعض نفسه مخيرا بين الأثنين أما العلم أو الايمان فلا يمكن التوفيق بينهما. فالعلم منتج بشري متغير قائم على التجربة والدليل لا قدسية له. أما الدين فهو منتج سماوي مقدس ثابت لا يتغير مهما تغير الزمان والمكان.
ولكل منهما أدلته على ما يقول لكن متى بدأ الصراع بين العلم والأيمان؟
بدأ الصراع عندما حاول العلم البحث فيما يتعلق بثوابت ومسلمات الدين التي يفترض بها أن تكون خطوط حمراء لا تشكيك فيها مثل أصل الكون و وأصل الأنسان. ولعل أقوى نقاط الصدام والتي سأتخذ منها مثلا لتوضيح الفرق بين المفهومين هي تلك النظرية المثيرة للجدل التي جاء بها العالم الانكليزي تشارلز داروين (1809- 1882) التي تعرف باسم نظرية التطور (Evolution) والذي في الحقيقة أسس لها كمبدأ لكن تحولها الى نظرية علمية جاء بتراكم الأدلة على مر السنين وبتطور وسائل البحث العلمي, فأصبحت نظرية تفسر تطور الحياة وتنوعها والأليات التي قادت الى ظهور الانواع المختلفة بما فيها الانسان, مقارنة بقصة خلق أدم وحواء التي جاءت بها الأديان السماوية كتفسير لوجود الانسان والتي سأصطلح عليها (فرضية الخلق) لنضعها في سياق البحث العلمي فكونها فرضية (hypothesis) أي انها تقدم تفسيرا لكنها تفتقر الى الأدلة المادية والبحثية لتتحول الى نظرية مثبتة. هنا يتجلى الفرق بين العلم والايمان, فعلى الرغم من كون التطور نظرية مدعمة بتراكم الأدلة والبراهين على مر السنين وتنوع تلك الأدلة فمنها أدلة الأحافير التي تتعلق بسلالات انقرضت في السابق وتمثل حلقات الوصل بين الأجناس والانواع, ومنها الأدلة الوصفية بالتشابه بين الانواع المختلفة, ومنها الادلة البيولوجية وفسلجة الاعضاء, والادلة على مستوى الخلية والدي أن أي (DNA). مع كل ذلك لا تزال النظرية الأكثر تكذيبا من قبل الناس. في المقابل فرضية الخلق التي لا توجد عليها ادلة مادية سوى الكتب المقدسة فهي الاكثر تصديقا, وهذا هو الفرق بين العلم والايمان
حتى في الأوساط العلمية المتدينة في أوروبا واميركا والتي تعترف بكون نظرية التطور حقيقة وهي الألية التي أدت الى تنوع الحياة وقادت الى ظهور الانسان, تغلب عليهم ايمانهم فقدموا فرضية أخرى وهي ما تعرف بالمصمم الذكي (Intelligent design) أي انهم أقروا التطور كألية لكنهم افترضوا التصميم الذكي التي يتحكم فيها بدلا من العشوائية والانتخاب الطبيعي, كمحاولة للتوفيق بين العلم والايمان, لكن الصراع ما زال قائما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة