الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لصوص ومسوخ الحضارة

سامي حرك

2013 / 12 / 23
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


حين ينوي أحدهم سرقة حضارة ما, والكلام هنا عن محاولات سرقة الحضارة المصرية تحديدًا, فإن ذلك لا يعني فقط سرقة أثر مادي لنقله ومحاولة نسبته إلى صناع آخرين, أو بيعه, أو إخفائه, أو حتى تحطيمه لحرمان تلك الحضارة المسروقة من أدلتها ووثائقها الدامغة!
سرقة الأثر - كمنتج مادي حضاري - جريمة خطيرة, لاااكن, نهب وإستنزاف المنتجات الذهنية الحضارية هي الجريمة الأخطر!
اليهود (العبرانيين/ الإسرائيليين/ الصهاينة – كلهم شئ واحد والفروق هامشية ضئيلة) سرقوا منتجات حضارات العالم القديم, وخصوصًا الحضارة المصرية, إنتهكوها ولا زالوا يفعلون, بأيديهم وبأيدي مسوخ مشوهة منهم صنعتها أكاذيبهم الدينية والأسطورية!
بأقاصيص مسروق معظمها يتم تنشأة اليهودي بإعتباره صاحب الحق والولاية المقدسة, المختار المميز, في مواجهة باقي البشر كأشرار قتلة مُضطهِدين, بكسر الهاء, لـ يبدو وكأنهم دائمًا المضطهَدين, بفتح الهاء, حيث يضع اليهود أبناءهم بين فكي تلك الكماشة, تحت ضغط مستمر وإستنفار دائم من الميلاد إلى الممات, وربما ذلك هو أحد أهم أسباب نبوغهم في علوم ومهن معينة, لااااكن, بذكاء وقدرة الشر في نهب خزائن البنوك وتهكير المواقع والحسابات!
الكاتب الأمريكي جورج جيمس في كتابه الهام "التراث المسروق" إتهم اليونانيين بسرقة الفلسفة والعلوم المصرية ونسبتها إلى رموزهم وعلماءهم كـ سقراط وأرسطو وفيثاغورث وغيرهم, وهذا حقيقي في جانب كبير, رغم أن اليونانيين قدموا للحضارة الإنسانية إضافات لا يمكن إنكارها, كما أنهم حفظوا للحضارة المصرية حقها في السبق وإعترفوا بتتلمذهم على يد علمائها والإلتحاق بمعاهدها ومدارسها, أما اليهود فلم يقدموا للحضارة الإنسانية شيئًا نافعًا خيرًا يمكن ذكره, ورغم ذلك إمتلأت نفوسهم المريضة حقدًا وكراهية للحضارة المصرية, جعلتهم ينكرون أي فضل لها, بل وتفننوا في إطلاق الأكاذيب عنها, وبفجور مكشوف إنتحلوا بعض علومها, ولازالت آلاتهم الدعائية ومؤسساتهم ومسوخاتهم المشوهة تعمل في دأب بإنتظام للإجهاز على ما بقي من آثار الحضارة المصرية, المادية والمعنوية!
ربما ذلك كله مرصود ومفهوم بالنسبة لليهود في ظل ظروف نشأتهم أو ظهورهم التاريخي طفيليات تتغذى على فضلات وفتات القبائل والأمم والحضارت, ديدان تمتص الدماء الذكية من الأبدان الفتية, فنالوا نصيبهم من النبذ والذل, بل أصابتهم عقوبات صارمة على ما شرعوا وإرتكبوا من جرائم التآمر والكراهية ضد سائر الأمم والشعوب, على مدار التاريخ!
أما ما يصعب رصده أو فهمه هو مسلك المسوخ المشوهة, صنائعهم من كل جنس وعرق ودين, المجرم الحقيقي قد يتعرف عليه رجل المباحث من تحركاته وسجلاته الإجرامية وأساليبه الإحترافية, أما مجرمي الصدفة فلا تحركات معروفة ولا سجلات مفتوحة ولا أساليب محددة!
مسوخ مشوهة, إتخذت لها واجهة تعمل لحساب العروبة السياسية, والحلم الوحدوي الخيالي, حيث أنفق القذافي وغيره الملايين والمليارات على أبحاث من إدعوا بعروبة مصر, لغتها وآثارها وأديانها, قبل ظهور العرب أنفسهم بآلاف السنين, مثل كتاب "آلهة مصر العربية"!
مسوخ مشوهة, إنتقدت المطالبة بعودة الدولة المصرية إلى إسمها التاريخي الأصلي "مصر" بدلا من الإسم المستحدث من سنوات قليلة "جمهورية مصر العربية", وصورت المطالبة بالعودة للإسم الأثري الحضاري كما لو كانت إيذاء لمشاعر العرب وتعريض مصالحنا معهم للخطر, وتورطت لجنة الخمسين في هذا التصور الواهم, رغم أن ذلك الإسم المعتمد لديهم "مصر العربية" هو إسم جديد كما سلف القول, ورغم أن كثير من دول الجامعة وشبه الجزيرة العربية لا يوجد في إسمها الرسمي كلمة "العربية"!
مسوخ مشوهة, قدمت ما إعتبرته مصالحة بين الإسلام والفرعونية, بتأويلات وتفسيرات بادية السذاجة للنصوص المصرية القديمة, كـ قراءة كلمة "سا-رع" كما لو أنها مجرد إختصار للآية القرآنية الكريمة: "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم"!
مسوخ مشوهة, تلهث بين دواوين الوزارت والمحافظات والحكم المحلي لتخصيص ملايين الجنيهات في أبحاث عن فرعون الخروج أو قصر العزيز أو سجن يوسف أو السبعين نخلة وغير ذلك من الأقاصيص الإسرائيلية, قبل أن تتحقق لتلك الروايات الأسطورية أسس أثرية أو علمية على وجه العموم, فقد إفترضت تلك المسوخ (أكثرهم أساتذة ودكاترة) ثبوت وصحة تلك الوقائع لمجرد ورودها في الكتب الدينية!
تأمين الحضارة المصرية وحراسة هويتها ضد سرقات اللصوص, هو عمل مرهق وشاق, وكذلك إستنزاف الطاقة في الرد على إفتكاسات المسوخ, ولا حل إلا المثابرة والصمود, لأنه لا حاضر ولا مستقبل للوطن إن ضاعت هويته وإنتهبت حضارته, بل إن الحياة فيه مع إفتقاد الهوية تصبح كالعدم أو اللا حياة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما مدى أهمية تأثير أصوات أصحاب البشرة السمراء في نتائج الانت


.. سعيد زياد: إسرائيل خلقت نمطا جديدا في علم الحروب والمجازر وا




.. ماذا لو تعادلت الأصوات في المجمع الانتخابي بين دونالد ترمب و


.. الدفاعات الجوية الإسرائيلية تعترض 3 مسيّرات في سماء إيلات جن




.. فوضى عارمة وسيارات مكدسة بعد فيضانات كارثية في منطقة فالنسيا