الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من التراث اليهودي: الحاخام باشي والبطريرك وسرقة كيس المال

سيلوس العراقي

2013 / 12 / 26
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


كان رئيس الرابيين في سالونيقيا الرابي رافائيل آشير كوفو، شخصية ذكية وقوية في تحليلاته، حكيما، وخبيرا في الأدب الرابيني. كان الأول الذي يحصل على لقب (حاخام باشي) رسميا، وكان ذلك بأمرمن السلطان العثماني عبدالحميد حين قام بزيارته الى سالونيقيا في عام 1858 م. وخدم رابي رافائيل في منصبه لمدة سبع وعشرين سنة من دون انقطاع، لغاية وفاته في سنة 5635 عبرية (1874 م).
تروى حول الحاخام باشي هذه القصة اللطيفة التي تبين مدى دهائه وذكائه :
" أتى تاجر مسيحي من بلغاريا الى سالونيقيا لغرض القيام ببعض الأعمال التجارية، فذهب للاقامة في سراي للمسافرين (مسافرخانة) في المدينة. كان في حوزته مالا بقيمة 100 دينار تركي، قد وضعها في كيس مصنوع من الخرز الصغير، ووضع أيضاً في داخل الكيس خاتم زواجه الذهبي المحفور عليه اسمه. ولكونه مقيم في فندق كهذا مع عدد من المسافرين، وخوفاً من تعرضه الى سرقة، بحث عن مكان أكثر أماناً ليؤمّن ماله ويطمئن باله. أخذ كيس المال واتجه صوب البطريرك المسيحي في سالونيقيا وأمَنه لديه، معتبراً أنه المكان الأكثر أماناً.
بعد أيام قليلة وحين أتم تعاملاته التجارية، رجع الى البطريرك وسأله عن ماله المؤمّن لديه، لكن البطريرك نكر بأنه قد استلم مالاً من التاجر البلغاري، قائلا له : أنا لا أعلم عن أي مال تتحدث، ليس لدي أي فكرة.
فاندهش التاجر ولطم على رأسه، باكيا، راجياً البطريرك أن يعيد له ماله الذي لا يملك غيره، وكل عمله يتعلق بهذا المال. لكن كل توسله من البطريرك ذهب هباءاً.
فخرج التاجر حزيناً منكوباً من بيت البطريرك وتوجه في استشارة محامين وأناس متنفذين. فقالوا له : مادام ليس معك أي مستمسك أو وثيقة تثبت تسليم مالك للبطريرك، فلا يمكننا مساعدتك. وما كان من التاجر الا الذهاب الى القاضي المسلم الذي أخبره بأنه لا يمكن فعل أي شيء من دون شهادة تثبت ايداع المال لدى البطريرك.
بعد أيام وبينما كان التاجر يمشي في حي لليهود، لاقاه أحد معارفه الذي تفاجأ برؤية صاحبه التاجر شاحب اللون مصفر الوجه. فسأله عن سبب هذه الحال، فأخبرالتاجر صاحبه بالقصة وعينان دامعتان.
اقترح صديقه عليه أن يذهب ويخبر قصته للحاخام باشي اليهودي. فأخذ بنصيحة صاحبه. وذهب التاجر المسيحي وأخبر الحاخام باشي رابي رافائيل آشير كوفو بتفاصيل قصته. سأل الحاخام باشي التاجر إن كانت قصته حقيقية فأكد له التاجر ذلك. وطلب الحاخام باشي من التاجر العودة اليه بعد اسبوعين قائلا له : " بمعونة الله سوف أحاول أن أسترد لك مالك". فشكر التاجر الحاخام باشي وغادره.
بعد أيام قلائل قام الحاخام باشي رابي رافائيل بزيارة البطريرك في بيته وتناقش معه في أمور عديدة ومختلفة، واثناء تلك المناقشات أخبر الحاخام باشي البطريرك : "قبل أيام جاءني رجل ليراني، يدّعي بأنه قد ترك مالاً له لديك كأمانة، وانت رفضت اعادة المال حين عاد ليستعيده منك. فنهرته وقمت بطرده من بيتي لأنني رأيت بأنه لم يكن صادقاً. وربما ترك ماله مع شخص آخر ويعتقد بأنه قد أمّنه لديك، وقدأصابه ربما النسيان الذي يُفقد عقل ورجاحة الانسان".
لما سمع البطريك ما قاله الحاخام باشي رافائيل، شعر بوقوف الحاخام باشي الى جانبه وكان مسرورا، وبدأ بشتم ومسبة ذلك التاجر.
بعد أيام قليلة قام البطريرك بردّ الزيارة للحاخام باشي. فاستقبله الأخير بحرارة وأمر بأن يتم احضار مائدة من أشهى الحلويات وأن توضع أمام البطريرك.
كان للبطريرك سبحة (مسبحة) خاصة به يلعب بها، وكانت من نوعية ثمينة من الخرز النادر، ومعروف البطريرك بها. كان يلعب بها وهو في بيت الحاخام باشي.
حين ابتدأ البطريرك بتناول الحلويات والانشغال بأكلها بشهية ، تمكن الحاخام باشي من أخذ السبحة خلسة وخرج من الغرفة الى القواس (الخادم الخاص بالحاخام باشي) قائلا للقواس : "خذ هذه السبحة بيدك واذهب الى بيت البطريرك وقل لحارس بيته بأن البطريرك طلب منك جلب كيس مصنوع من الخرز موجود في غرفته، وأره السبحة الخاصة بالبطريرك كعلامة، وحين تعود سلّمني الكيس والسبحة سراً".
فذهب القواس الى بيت البطريرك، وحين رأى الحارس سبحة البطريرك وثق بالقواس وبكل براءة ذهب وبحث عن الكيس الى أن وجده وسلمه للقواس الذي عاد به الى الحاخام باشي سراً مع السبحة.
أعاد الحاخام باشي السبحة للبطريرك. وحينما عاد البطريرك الى البيت لم يخبره الحارس بأي شيء، والبطريرك لم يدر في خلده أي شيء ليتحدث به مع الحارس.
بعد أيام قام الحاخام باشي بزيارة البطريرك ثانية. قائلا للبطريرك : "أتعلم أن السماء كشفت لي بأن كيس التاجر البلغاري هو لديك، وأنت الذي أخذته منه، فان قمت باعادته كان خيراً، وإن لم تقم بذلك، فسأجعل من هذه القضية السرية عامة أمام الجميع".
غضب البطريرك من كلام الحاخام باشي، ناكراً، مدعياً بأن كل ذلك سخافة وهراء.
بعدها ذهب الحاخام باشي الى القاضي المسلم والى والي سالونيقيا ليجبروا البطريرك على الاعتراف بالحقيقة لكنهما لم يتمكنا من ذلك.
أخيرا دعا الحاخام باشي كل من البطريرك والقاضي ووالي المدينة الى بيته مع بعض وجهاء المدينة إضافة الى التاجر المسيحي، ليبرهن للجميع بأنه على حق.
قبل أن يصل المدعوون، وضع الحاخام باشي كيس مال التاجر في جرّة صغيرة وغطاها ووضعها على طاولة دائرية سيجلس حولها المدعوون.
وبعد أن وصلوا بقليل، وقف الحاخام باشي طالباً من البطريرك للمرة الأخيرة بالاعتراف، وإن لم يفعل سيستخدم قدراته وموهبته (المقدسة والفائقة) لجلب كيس المال واحضاره هنا.
لم يعر البطريرك أي أهمية لكلام الحاخام باشي.
فقام الرابي بقراءة وتمتمة بعض الصلوات والمزامير ومدّ يده واضعا إياها في الجرة وسحب كيس المال منها، وأراه لجميع الحاضرين.
فقفز التاجر المسيحي من مقعده: "يا حاخام باشي أنت على حق وصلاتك وتوراتك على حق".
وتعجب باقي الحضور مما رأوا قائلين أحدهم للآخر، ان الحاخام باشي كان معه الحق، كأنه ملاك من ملائكة السماء الذي يعرف الخفايا والخبايا. بينما البطريرك أطرق برأسة نحو الأرض خجلا محمرّ الوجه. بينما الحاخام باشي كان فرحاً مبرهنا بأنه كان على حق.
وحين غادر الضيوف ، اقترب الحاخام باشي من البطريرك وأخبره كيف تمكن من القيام بكل الأمر زكشف الحقيقة.
اندهش البطريرك من حكمة ودهاء الحاخام باشي رابي رافائيل كوفو الذي تمكن من الوصول الى كيس المال من دون علم البطريرك.
وبعد اسبوع من ذلك تم اعفاء البطريرك من منصبه وغادر سالونيقيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - merchint of ventiea
autonabishtem ( 2013 / 12 / 26 - 14:33 )
Dear selos
There was a writer with the same name, Sealos al Araqi, I was amusead with his way of writing, it was a sort of fun but wel deep in thoughts, if u are not the same writer u may ignore mij comment , on the other side if u are the same persoon u must read whate u wrote years ago and it is now you who distribute shofnism and racism .
U have killed and buried the old nice sarcastic Iraqi Selos.
Either way I read this page every day and I am/was a fan of Selos al Iraqi
Best regars


2 - Dear Selos
autonabishtem ( 2013 / 12 / 26 - 14:44 )
See for example whate you wrote in alhewar al motemden dat 13/1/2010
Over tarek and Saddam and Nazaar


3 - absolutely there is no racism in the article
سيلوس العراقي ( 2013 / 12 / 26 - 15:07 )
first of all, i will be thankful if you could show me where you met the racism in this article which is from the jewish folklore and popular stories ? you couldnot accuse the others in this simply way, as you could not cancel the history of the humankind just because there were hating times about the nations, what is happened in the past is already documentated in the humans memory, and we must learn to not return it. although in this my article nothing of racism, it is just a story from the jewish folklore, with regards


4 - Thanks sir but I have right for more
autonabishtem ( 2013 / 12 / 26 - 17:22 )
First of all , I am sorry if you think that I have a ccused you of being racist,
Second, I am sad because you are so defensive and didnot accept that , as far as I knouw, folklore can be just meths, if u understand whate I mean because english is mij third language, , you sir didnt answer the question if u our Selos, the Iraqi who I have loved, in the west they have banded the w. Shaksopers great novel The Merchant of Viense just because that Shelook was a jewish, and personally I agree with them, u wanted in the past prove over a lot of things and u had right and now as a fan of Selos I dont see this article belong to our Selos, maybe I liked him too much ,´-or-maybe I want to read something about jewish in Iraq who worked so hard for Iraq yet they where thrown uit Iraq as a piece of s..t,
Jewish deserve beter, they made a great nation.Bij the way I stil think that this folklore says that the Jewish was beter than the others. Thanks for u reaction


5 - التاجر اليهودي والتاجر الخليلي
عتريس المدح ( 2013 / 12 / 27 - 15:38 )
اشترى تاجر يهودي حاوية كبيرة من السوتيانات (حمالات الصدر النسوية)لكنها كسدت لديه بسبب حجمها الكبير ولم يستطع تسويقها، فحاول إغراء تاجر فلسطيني من الخليل لشرائها عارضا عليه تسهيلات بدفع ثمنها لاعتقاده بأن التاجر الخليلي لن ينجح في تسويقها،ومضت مدة من الزمن بعدها قام التاجر اليهودي بالاتصال بالتاجر الخليلي متوقعا أن يرد عليه التاجر الخليلي بغضب واتهام بالغش والخداع، لكن التاجر الخليلي أجابه بكل هدوء وجامله بشكل جيد ، تحرقت نفس التاجر اليهودي ليعرف ما مصير صفقة السوتيانات التي لم يستطع هو تسويقها ، فسأل التاجر الخليلي عن مصير البضاعة فأجابه التاجر الخليلي بأن البضاعة تم تسويقها وعملت لديه ربحا جيدا، تعجب التاجر اليهودي وهوالذي ظن بأن التاجر الخليلي سيصاب بجلطة لفشله في بيع البضاعة،فسأل التاجر اليهودي التاجر الخليلي عن كيفية تسويق الصفقة، فأجابه التاجر الخليلي بأنه لم يستطع بيعها كحمالات صدر لذلك قام بقصها من الوسط وتجرديها من الرباطات حولها ومن ثم أعاد بيعها لتاجر يهودي كقبعات لليهود المتديين


6 - السوق الديني مربح
سيلوس العراقي ( 2013 / 12 / 27 - 17:04 )
نكتة قوية ولطيفة
أشكرك عليها أخ عتريس
دليل لطيف على وفرة أعداد المتدينين
والتجار يربحون على رؤوس المتدينين

تحية


7 - التحية لعتريس
علي الأسدي ( 2013 / 12 / 27 - 18:05 )
السيد عتريس المحترم
ليتك اتصلت بالتاجر الخليلي وتسأله فيما اذا بقيت واحدة من تلك القبعات ليرسلها لليهودي العراقي سيلوس وسادفع له الثمن مضاعفا
تحياتي


8 - كلك ذوق
سيلوس العراقي ( 2013 / 12 / 27 - 18:58 )
لا يمكنني الا أن أشكر علي الاسدي
على ذوقه الرفيع
وعلى احترامه لليهودي العراقي
شكرا علي: كلك ذوق
لكنني سأهديك اياها كهدية لرأس السنة لانها تنفع في حفلة تنكرية ، قبل تحويرها وعلى حالها من التاجر اليهودي قبل أن يبيعها الى التاجر الخليلي
أرجو أن تكون على مقاسك
مع تحيات حارة جداً من اليهودي العراقي


9 - عزيزنا الدكتور الاسدي-الاخ سيلوس
عتريس المدح ( 2013 / 12 / 27 - 19:07 )
تحياتي لكم جميعا
هذه ليست بنكتة هذه قصة حقيقية ونشرت بصحيفةالقدس المقدسية منذ ما يزيد عن العشرين عاما

اخر الافلام

.. الانتخابات الأوروبية: من هم نواب البرلمان الأوروبي... وما ال


.. الوزير بيني غانتس يستقيل من حكومة الحرب الإسرائيلية ويدعو إل




.. دراسة إسرائيلية: جبهة حزب الله لا تحتمل الانتظار. فهل تشتعل


.. ما المشهد بين عائلات المحتجزين وأقطاب السياسة الإسرائيلية؟




.. رئيس لجنة الطوارئ برفح: توقف مولدات الكهرباء في المستشفيات س