الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهفوات وفلتات اللسان وزلات القلم!!رؤية نفسية

اسعد الامارة

2005 / 6 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



ان الفطنة الى ما يصدر عنا من سلوك،لفظياً كان ام عملياً-حركياً هو في الواقع محكوم بالتفسير السيكولوجي للحياة النفسية لاي منا،فلا يوجد شئ يصدر عنا دون ان يكون له تفسيراً نفسياً حتى وان استغلق على الفهم اليوم وصعب تفسيره،ومن الواضح ان مثل هذه الظواهر النفسية مهما تعقدت وصعبت الا انها صدرت منا واصبحت واقع حال نتداولها بدون ان نشعر بها ولم تكن ظواهر محصورة عند نفر من الناس دون غيرهم وربما شاعت بين عامة الناس من البسطاء واحياناً عند علية القوم من المثقفين او الكتاب والادباء وازاء ذلك يقول(دانييل لاجاش)الهفوات ظواهر يمكن لكل شخص ان يلاحظها وان يفهمها في اغلب الاحيان،ويدرج (فرويد) في عداداها فلتات اللسان وزلات القلم والقراءة الخاطئة والخطأ في السمع والنسيان المؤقت لاسماء الاعلام والمشاريع واضاعة شئ بصفة مؤقتة والاخطاء الوقتية ولا ينكر فرويد دور الاسباب التي تسرد عادة لتعليل هذه الظواهر كالتعب والتهيج وشرود الذهن والتشتت اللغوي للالفاظ.
على الرغم من ان هذا الحديث والظواهر تبرز على حين غرة لدى الانسان بدون سابق انذار او سيطرة منه على الوعي ،قد يبدو في نظر البعض امراً غريباً غير عادي تماماً خصوصاً حينما يشكل احراجاً للآخر الذي يكون هدفاً مباشراً للهفوة او فلتة اللسان او ما شاكل ذلك فيقول"مصطفى زيور"عندما يفلت لسان احدنا فينطق بلفظ يكثف كلمتين او يلمّحِْ الى معنى خفي بالاضافة الى المعنى العادي فأنه خلط الجانب الشعوري بالجانب اللاشعوري ويضيف(فرويد)بقوله:يقصد ب-الهفوات-الاخطاء التي تصدر عن النسيان والسهو،لا عن الجهل بالموضوع،وهي زلات القلم او اللسان واخطاء الكتابة والافعال الخاطئة والعارضة،وكل هذه الظواهر تنسب عادة الى الصدفة و"عدم الانتباه".وفي رأي التحليل النفسي انها ظواهر ذات معنى يمكن تبينه اذا ما حددنا باتباع قاعدة التداعي الحر-الطليق،والظروف والسوابق المسؤولة عن احداثها وازاء ذلك يقول فرويد اذا ما فحصنا بعض نقائص الوظيفة النفسية وبعض الافعال غير القصدية في الظواهر فحصاً تحليلياً تبين لنا انها افعال تدفع اليها وتحددها اسباب لا يدركها الشعور.
ويرى علماء النفس ان فلة- زلة لا ارادية هو مصطلح عام يشمل على زلات اللسان والقلم والنسيان ومقاطعة الكلام غير المقصود وغير ذلك وهي تلك الاشياء التي برهن واثبت فرويد على انها تعتمل في السلوك بطريقة لا شعورية.
تتشابه الاحلام والامراض العقلية والنفسية والاساطير وتقبلها والفكاهة واثرها وما يصدر عن الفنانيين من انتاج فني في الادب والرسم والنحت والقصة والشعر والمسرح،فضلا عن بعض ما يقع لنا في حياتنا اليومية مثل الهفوات وما اليها من زلات القلم وفلتات اللسان جميعها ،تصدر عن منطق لا شعوري يختلف عن منطقنا العادي،بل يكاد يناقضه ويتعاض معه.

ان افعالنا هي سلوكنا تصدر منا احيانا بشكل مدروس ولكن البعض الآخر يفلت من زمام السيطرة
وخصوصاً بعض المظاهر السلوكية والانفعالات العاطفية التي تواجهنا في حياة اي منا ولا يمكن ربطها بارادتنا الشعورية الواعية ولا يمكن تعليلها حسب القوانين السببية ومنها بعض المظاهر مثل الهفوات وفلتات اللسان وزلات القلم،ولا ينطبق عليها اي تفسير منطقي وسببي الا على الحالات التي تتوفر لها الشروط التالية:
- يجب ان يكون الفعل ضمن حالة السواء
- يجب ان يكون الفعل اضطراباً نفسياً طارئاً وعارضاً
- من الضروري ان تكون الاسباب المسؤولة عن السقطة حين وقوعها مجهولة منا
- يجب ان تتوفر فيها الحالة اللاارادية-اللاشعورية
- يجب ان تكون غير قصدية
- يجب ان تكون غير مفتعلة وانما تصدر بعغوية تامة
ومن الامثلة الشائعة في حياتنا اليومية كثيرة تعتمد في تكثيف او ادماج كلمتين معاً ويقول "زيور"جديربالذكر ان عمليات التكثيف والازاحة الرمزية تتكشف اثاراها في حياتنا اليومية في فلتات اللسان وفلتات القلم او النكته ومن تلك الامثلة كأن يوجه رجل اعجابه بخطاب ألقته سيدة جميلة فيقول لها:اسمحي لي ان"اقلبك"بخطيبة الحفلة بدلاً من "القبك"التي اندست فيها رغبته الدفينة"أقبلك"فنشأ عن تكثيفهما"أقلبك"مما اثار ضحك الاخرين،ومن الامثلة الاخرى ان معيداً باحدى الكليات كان متضايق جداً من هذه الوظيفة بسبب عدم منحه فرصه لاثبات ذاته او اكمال دراسته العليا ويرى انه يستحق ما هو ارفع منها وحدث ان قامت مناقشة حادة بينه وبين عميد الكلية حول تأخير ترقيته وايفاده لاكمال مشواره العلمي ثم قدمت له عقب ذلك استمارة لملئ بياناتها،فكتب اسمه ثم كتب سهواً امام البيان الخاص بالوظيفة عميد الكلية. وهناك مثال آخر عن قصة رئيس محكمة لم يكن مرتاحاً ذلك اليوم ولديه جلسة لاصدار قرار حكم ،فافتتح رئيس المحكمة الجلسة بأن اعلن رفعها.
ويرى التحليل النفسي ان تفسير الهفوات بصورة مستمرة في العلاج بالتحليل النفسي بالغ البساطة حيث يغلب على تركيبها البساطة مثلا يعبر شخص بالاعجاب عن رغبته في الموت كأن يريد ان ينفيها. وهناك هفوات اخرى لا تنشأ عن تداخل الفاظ بعضها في بعض وانما تنشأ عن تداخل رغبتين او ميلين احدهما شعوري والآخر لاشعوري وهذه الحقائق التي يلمسها اي منا في حياته اليومية وفي احيان كثيرة خصوصاً عند مواقف الارتباك او الضغوط النفسية او اثناء حدوث ازمة مستعصية يمر بها حتى تجعل الدماغ لا يفسر او لايدرك المثيرات الخارجية كما هي بحقيقتها بسبب وجود مثيرات لا شعورية في حياتنا العقلية. وازاء ذلك يقول علماء النفس بأن الجزء الاكبر وربما الاهم من حياتنا العقلية هو محجوب عن وعينا وامكانية تأملنا له،وان ما نشعر به ونفكر به وما يظهر علينا من السلوك يحمل في جوهره اثر هذه الحياة العقلية المحجوبة والتي يعبر عنها اللاشعور ومن الجلي ان في بعض الاحيان يحدث اللبس بين الواقع والرغبة فتتداخل المعلومة في الزمان والمكان والاشخاص ويصدر عن هذا اللبس ،لبس اشد خطراً هو التفوه بالالفاظ او فلتات اللسان التي تتعارض في احيان كثيرة مع عالم الواقع.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تساؤل
رجاء ( 2011 / 10 / 20 - 01:09 )
هل هذا يعني أن اللغة يمكن أن تصدر من اللاوعي؟

اخر الافلام

.. مناظرة تبادل الاتهامات بين بايدن وترامب | الأخبار


.. انقطاع الكهرباء في مصر: السيسي بين غضب الشعب وأزمة الطاقة ال




.. ثمن نهائي كأس أوروبا: ألمانيا ضد الدنمارك وامتحان سويسري صعب


.. الإيرانيون ينتخبون خلفا لرئيسهم الراحل إبراهيم رئيسي




.. موريتانيا تنتخب رئيساً جديداً من بين 7 مرشحين • فرانس 24