الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بولس رسول الأمم

صبري المقدسي

2013 / 12 / 28
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


بولس الرسول
لم يكن بولس الرسول من الأثني عشر، وإن كان يحسب نفسه رسولا مُعيّنا من قبل يسوع القائم من بين الأموات، حيث ظهر له وهو في طريقه الى دمشق: (وفي ذهابه حدث انه اقترب الى دمشق، فبغتة أبرق حوله نور من السماء، فسقط على الأرض وسمع صوتا قائلا له: "شاول شاول لماذا تضطهدني" فقال: "من أنت يا سيد" فقال الرب: "أنا يسوع الذي انت تضطهده، صعب عليك ان ترفس مناخس، فقال: "وهو مرتعد ومتحيّر يا رب ماذا تريد أن أفعل" فقال له الرب: "قم وادخل المدينة فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل". وأما الرجال المسافرون معه فوقفوا صامتين يسمعون الصوت ولا ينظرون أحدا. فنهض شاوول عن الأرض وكان وهو مفتوح العينين لا يبصر أحدا، فاقتادوه بيده وأدخلوه دمشق وبقي ثلاثة أيام لا يبصر فلم يأكل ولم يشرب، وكان في دمشق تلميذ اسمه حنانيا فقال له الرب في رؤيا، يا حنانيا فقال هانذا يا رب، فقال له الرب، قم واذهب الى الزقاق الذي يقال له "المستقيم" واطلب في بيت يهوذا رجلا طرسوسيّا اسمه شاوول لانه هوذا يصلي، وقد رأى في رؤيا رجلا اسمه حنانيا داخلا وواضعا يده عليه لكي يبصر، فاجاب حنانيا يا رب قد سمعت من كثيرين عن هذا الرجل كم من الشرور فعل بقديسيّك في اورشليم وههنا له سلطان من قبل رؤساء الكهنة ان يوثق جميع الذين يدعون باسمك، فقال له الرب اذهب لان هذا لي اناء مختار ليحمل اسمي أمام امم وملوك وبني اسرائيل، لأني ساريه كم ينبغي ان يتألم من أجل اسمي. فمضى حنانيا ودخل البيت ووضع عليه يديه، وقال أيها الأخ شاوول قد ارسلني الرب يسوع الذي ظهر لك في الطريق، الذي جئت فيه لكي تبصر وتمتلئ من الروح القدس. فللوقت وقع من عينيه شيء كأنه قشور فأبصر في الحال وقام واعتمد). أعمال الرسل 9/ 1ـ 18 .
وتقع مدينة دمشق على بعد( مائتين وثمانين كيلومترا) شمال شرق اورشليم؛ وكانت تربطها طرق تجارية بمختلف المدن الأخرى. وكان يظن شاؤول انه بإستئصال المسيحية من دمشق قد يمنع انتشارها الى المناطق الأخرى. وكان شاؤول يُحارب المسيحية، وهو في إعتقاده يُحارب هرطقة يهودية خارجة عن الإيمان القويم. إلا أن يسوع واجهه بقوله (أنا يسوع الذي تضطهده). ودعا يسوع شاؤول الى الإيمان والى التلمذة. فأستلم شاؤول (بولس) الأنجيل من يسوع المسيح مباشرة، وبَيّن صدق رؤيته وإيمانه بيسوع لبطرس والرسل الآخرين بعد أن قضى فترة سنتين في الصحراء مع العرب. ومُنح بولس لقبه المشهور(رسول الأمم) في المجمع المسيحي الأول في اورشليم برئاسة بطرس ويعقوب ويوحنا، وقوبل بترحيب كبير بين المسيحيين الأوائل، وهو المعروف جداً في الأوساط اليهودية واليونانية بوصفه فريسيّا يهوديا تقياّ ومعلماً وفقيهاً كبيراً.
أما بالنسبة الى ولادته فإنه ولد في مدينة طرسوس في تركيا من عائلة يهودية. ومن ثم انتقل الى اورشليم لإكمال دراسته الدينية. وكان شديد التعلق بالمذهب الفريسّي، قاد حملة مشهورة لإضطهاد المسيحيين، وأشرف بنفسه على رجم الشهيد اسطفانوس الذي عُد الشهيد الأول للمسيحية.
علينا أن لا ننكر بما للرسول بولس من دور عظيم في نشر المسيحية في العالم اليهودي والهيليني (اليوناني) والروماني، حيث كان قد مُنح الجنسيّة الرومانية بسبب خدماته الكثيرة للأمبراطورية قبل أن يهتدي الى المسيحية، ولربما كان هذا السبب في حمله إسمين، إذ كان يستعمل إسمه (شاؤول) اليهودي بين طائفته اليهودية، وإسمه الروماني عندما يتعامل مع الرومان والهيلينيين اليونان. وكان معروفاً بتعصّبه الشديد لليهودية قبل إهتدائه الى المسيحيّة، إذ كان قد تتلمذ على يد المعلم غملائيل. ونجد عمق تعلمه الفلسفي واللآهوتي اليوم من خلال قراءتنا لرسائله الراعوية، التي كان يبعثها للكنائس المؤسسة في عهده الرسولي. ومات بولس الرسول شهيدا لرسالته المسيحية في روما بحد السيف (اوسابيوس: تاريخ الكنيسة) ويُعتقد أنه استشهد بين سنة 64 و67 ميلادية.
ويُعدّ بولس في كل الكنائس المسيحية، قدّيسا كبيراً ولاهوتياً بارعاً، إذ لا تزال تقرأ رسائله الراعوية في الكنائس، وهي نصوص مقدسة يجب على كل مسيحي أن يقرأها لكي يفهم الإيمان المسيحي. وللقديس بولس، يوم خاص في السنة الطقسيّة في الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية، ويقع عادة في 29 من شهر حزيران ويُسمى بيوم بطرس وبولس.
وتجدر الاشارة، أن الكنائس اليوم تفضل استخدام كلمة مُبشرين missionary لرسل المسيح، لان الأعتقاد السائد في معظم الكنائس هو أن الرسالة أو لقب (الرسول Messenger)، تنحصر فقط، في الذين عاشروا يسوع وشاهدوه وعايشوه. والكلمة (الرسل Apostolos) في اليونانية، لم تكن تحصر اللقب في الذين عايّنوا المسيح وعاشروه فقط، وإنما كل من يُبشر بالمسيح إبن الله القائم من بين الأموات، هو رسول، وله الحق في أن يستخدم اللقب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا