الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحمد القبنجي ... إلى أين ؟

محمد السباهي
(Mohamed Ali)

2013 / 12 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أحمد الفبنجي ... إلى أين؟
لا يخفى على مطلع ظهور الحركات الاصلاحية التي مرّت في عموم أنحاء العالم، ومنها وطننا العربي الكبير. وبوادر ظهور هذه الحركات نمت وتماشت مع انتشار المطبوعات. فظهر لنا عبد الرحمن الكواكبي وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وعلي عبد الرازق. وفي العصر الحديث ظهر لنا محسن الأمين العاملي وعلي شريعتي ونصر حامد أبو زيد وخليل عبد الكريم ، ويمكن مع بعض التحفظ ان نضيف إليهم عادل رؤوف وعبد الرزاق الجبران، وغيرهم كثير.
وفي مجال النقد الديني ظهر لنا أحمد الكاتب و ابن قرناس والسيد احمد القبنجي، محل الكلام اليوم .
واحقاقاً للحق، نذكر بما تعرض له المفكر العربي بصورة خاصة والمثقف العربي بصورة عامة؛ وخيرُ شاهد على مانقوله هو مقتل فرج فودة والمحاكمات العلنية والسرية بدءاً من محاكمة طه حسين وانتهاءً باعتقال السيد القبنجي في إيران.
وهذا النوع من حظرالحريات والكبت الفكري وامتلاك الحقيقة المطلقة هو الذي يؤدي ببعض المفكرين للخروج من دائرة وهيمنة الاستبداد الفكري واعلان الاستقلال التام عن أية تبعية فكرية أو أيديولوجية. وهذا الأمر في حدِ ذاته جيد ويبعث على الفرح والاطمئنان بوجود بعض النُخب القادرة على السباحة وبقوة ضد التيار المسيطر على الحياة الفكرية العربية؛ ولا نُريد في هذه العجالة أن نناقش المخاطر الفكرية التي تتزايد من اعتلاء شخص واحد لسدة الفكر وامتلاكه الحقيقة المطلقة والتي يتحول من خلالها إلى- طاغية فكرية – هو وحده من له الحق في تأويل النصوص. وغيره مستمع متبع؛ وهو لا يرى في نفسه – مبتدعٍ، ضال أثيم- كما يراه من يخالفه في هذا الجدل الهرمونطيقي.
خفي أوار النار التي اوقدها أحمد الكاتب بعد نفاد ما يملك ويمتلك من بضاعة وعدم تمرسه في علم الرجال وهو العلم الذي كان يلزم أحمد الكاتب في سبيل تطوير تجارته في مجال نقد النص الدين/ الحديث النبوي- بحسب تعريف الشيعة لهذا الحديث-. أما ابن قرناس فكان نقده للحديث نقداَ شكلياً لم يتجاوز – توضيح الواضحات- ولم يستطيع أن يتعامل مع الحديث ومعطياته تعاملاً (انثربولوجياً) لكي يستفيد من بعض الهنات والإضافات التي تلحق بالنص الديني/ الحديث في رحلته من العصر النبوي إلى عصرنا الحالي؛ وبذا لم يستطيع ابن قرناس وأحمد الكاتب في بسط الأرضية المناسبة والتي تسمح بمواصلة جهدهما من خلال غيرهم من الكتاب. لكن الواضح والجلي أن كلاهما قد ساهما في أحداث الصدمة.
ثم ظهر لنا السيد (أحمد القبنجي) على ساحة النقد الديني؛ بشقيه؛ الحديث والنص القرآني. ولا يخفى على مطلع أن تلمذة السيد القبنجي على يد (محمد شبستري وعبد الكريم سروج)، وكذا تلقيه فكر فيورباخ وسبينوزا وغيرهم من المفكرين الغربيين، والعمل على تلقيه وتلقينه ونشره – وهذا ليس عيباً ولا سُبة .
في البدء ينبغي التنويه والإشارة إلى مسلّمة، إلا وهي، إن جميع الذين ساهموا في حركات التصحيح أو الذين شاركوا في عملية النقدي الديني، قد خرجوا من (حاضنة دينية)، اللهم إلا أن نستثني السيد محمود القمني .
نعم، لقد كسر السيد القبنجي (تابو الدين) من خلال النقد المباشر للدين وللمؤسسة الدينية، وهو ربّما – هنا- يحاول أن يضارع عمل (مارتن لوثر) - مع الفارق- في زعزعة المؤسسة الكهنوتية من خلال أحد أبناءها اللامعين في (فاتيكان) الشيعة، أعني: مدينة النجفالأشرف .
السؤال الآن، هل جاء أحمد القبنجي بدينٍ جديد؟
هل يمتلك السيد القبنجي منهجية في نقد الدين والمؤسسة الدينية؟
إلى أين يُريد السيد القبنجي الوصول من خلال هذا الطرح – الاستفزازي- ؟
إلى أيّ حدّ استفاد السيد القبنجي من (الزي الديني+ العمامة السوداء) لما لهما من اجلال وتقدير في نفوس العوام من الناس؟ كذا إلى أيّ حد استفاد من الانتماء لاسرة (القبنجي)ذات التوجه الديني؟ وهل وفرت إمامة جمعة النجف لأخيه صدر الدين القبنجي وكونه أحد الأعمدة الرئيسة للمجلس الشيعي الأعلى غطاءً في التحرك دون مضايقات كما حصل مع مدعي المهدوية (أحمد بن الحسن) ؟.
لماذا لم يتخلى السيد القبنجي عن الزي الديني، طالما هو ينقد المؤسسة الدينية والتي من دعائمها هو هذا الزي (الكهنوتي)؟. يراجع سفر (اللاويين) لمعرفة ما لهذا الزي من أهمية .
المتيقن، إن السيد القبنجي أصبح (ظاهرة) يُشار إليها بالبنان – بالسلب والإيجاب-، وهنا نعود لسؤالنا القديم: هل جاء القبنجي، بدين جديد؟ والجواب المتيقن والكيد، هو : لا. لأن هناك الكثير ممن سبقوه في مجال النقد الديني. ولنفترض سؤالاً أقل حدّة: هل جاء بقراءة جديدة للنص الديني؟ والجواب كسابقه: لا. فهو لم يأتي بقراءة جديدة للنص الديني ولم يعمل على هدم النص الديني من خلال الدين نفسه، أعني، الاستعانة بنصوص أخرى من نفس المؤسسة والتي تهدم الكثير من النصوص؛ أو كما يفعل من يقوم بتفسير القرآن بالقرآن، وهذا المنهج شائع عند بعض المفسرين. كذا لم يستعن بعلمي(الاركولوجيا) و(الانثربولوجيا) في قراءة النص قراءة -- جديدة – موضوعية
فقوله: (إن الجنة طوّلة مالت زمايل). يُعبر دون أدنى شك أن القبنجي لا يمتلك أية منهجية في النقد الديني ((الموضوعي))!ولا يمتلك أية لغة في إيصال طروحاته الفكرية بلغة سليمة. ولو أجرينا مقارنة بين ما فعله (سيد محمود القمني) في كتابه (الحزب الهاشمي) وما فعله (نصر حامد أبو زيد) في كتابه (مفهوم النص) وبين لغة الخطاب التي يتبناها السيد القبنجي لرأينا البرزخ بين العذب الفرات والملح الاجاج.
فدكتور نصر وسيد محمود يحاولون إيصال الحقيقة –بحسب الزعم- بلغة مهذبة، عالية ومتعالية عن التجريح والمساس بكرامة ومعتقد الآخر بصورة مباشرة واستفزازية. وهذا مالم نجده في اطروحات السيد القبنجي. فغياب اللغة المهذبة التي تستهوي الآخر وتجذبه كانت غائبة عن منهجية وفكر الخطاب والتخاطب مع الآخر. وقالوا في الأمثال الشعبية (الحجي الحلو يطلع الحية من الزاغور.)!
واستطيع بكل بساطة أن أرجع سبب هذه الحدة في الخطاب إلى امرين :
الأول منهما: إن الرجل – القبنجي- يرى في نفسه إمكانيات لا يرى فيه من يخالفه في الرأي، كما وأنه يرى في نفسه امتلاك الحقيقة وأن الوقت لا يسعفه فيإيصال مايريد إيصاله في هذه الفسحة المتبقية من عمره القصير. حيث صرح لبعض الأخوة المقربين منه –إنه مقتول لا محالة- .
والثاني: نوع التربية الدينية والاجتماعية التي نشأ عليها السيد القبنجي. فالمعروف في عرف المجتمع الشيعي، أن ما يقوله السيد لا يمكن الرد عليه، وقول السيد هو: فصل الخطاب.
إن ما فعله السيد القبنجي حينما قام بتفسير/ شرح/ نقد سورة (الرحمن) يُشير بما لا يقبل الشك عند كل له أدنى فهم بالقرآن الكريم جهل السيد القبنجي بلغة القرآن وأن تفسيره كان تفسيراً (روزخونياً) ساذجاً حيث قام بتبسيط المفاهيم وتحجيمها وفق قياسات معينة لم يقُل بها النص القرآني!. ولو رجع وراجع السيد القبنجي ما كتبه في كتابه (أحاديث الشيعة)لوجد نفسه أحد أولئك الأشخاص الذين تم نقدهم في الكتاب.
نرجع للزي الديني/ الكهنوتي- زي اللاويين- الكشيدة/ اللاسه/ العمامة...
ما فعله (سبينوزا) هو أنه تخلى حتّى عن اسمه في سبيل تحقيق ما يؤمن به. لكن اللافت للنظر أن السيد القبنجي مازال مصراً على التمسك بالزي الكهنوتي رغم اعتباره ان المؤسسة من الأصل مبنية على وهمٍ كبير !!. وربّما أن الأخ (علي زغير) لا يشاطرني الرأي بشأن الزي الكهنوتي، وانه يمكن من خلال الزي أحداث كوة أو خرق في المؤسسة الكهنوتية، لأن الوصول للجمهور سوف يأخذ مسافة ووقت أقصر وواقعية أبلغ .
وأنا أؤكد، إن هذا هو النفاق بعينه، ولا استطيع تسميته بالتقية أو أية تسمية أخرى.
أنا من المدافعين عن حرية الرأي، ولا يضيرني أو يضرني ان اختلف مع غيري حتّى لو كان هو على خطأ وانا على صواب، فالاختلاف حالة صحية تنشر الأفكار وتعمل على تلاقحها، وفيه نوع من تصويب الأفكار والآراء. وهذا – في حدِ ذاته- أمرٌ جيد.
اتمنى على السيد القبنجي ...
إن يضع له خطة عمل ومنهجية في نقد الدين، وأن يُكثر من قراءة التاريخ والتاريخ الديني وان يُشبع نصوصه ومحاضراته فحصاً ونقداً وتمحيصاً قبل أن ينثرها كالريح السوداء في وجه من أحبّ أو كره. لأن من أحبّ سوف يبتعد عن متابعة هذا الفكرالذي يملؤه القصور او التقصير، ومن كره سيلعنه على هذا التطاول الكبير ...
لا حقد لا ضغينة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القوى السياسية الشيعية تماطل في تحديد جلسة اختيار رئيس للبرل


.. 106-Al-Baqarah




.. 107-Al-Baqarah


.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان




.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_