الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع بين الثقافة الرفيعة وثقافة الاستهلاك

أحمد علوانى

2013 / 12 / 30
المجتمع المدني


الصراع بين الثقافة الرفيعة وثقافة الاستهلاك
إن الثقافة هي الطرق أو الأنماط أو السلوكيات التي يمارسها البشر، في حياتهم، وفى كلامهم، وفى أدبهم، حتى اعتادوها أو مارسوها أو توارثوها أجيالاً بعد أجيال، حتى صارت مرجعيات ثابتة، وضوابط وأعراف وتقاليد سائدة، ومن ثم فمن يخرج عليها يُعدُّ غريبًا عنهم، أو مخالفًا لتقاليدهم وأنساقهم الثقافية.
وتمثل الثقافة عملية تطور فكرى وقيمي وروحي وذوقي وفني تنعكس على الإنسان، حيث يرى "مايك فيزرستون" أن مصطلح الثقافة هو «مصطلح إشكالي جدًا، إنه مفهوم خلافي بالضرورة ويغطى مدى واسعًا من المعاني. إنه يستخدم بأشكال مختلفة ليشير إلى قواعد وأفكار ومعتقدات وقيم ورموز ولغات وشفرات ... وكذلك هي في الرأي الأنثروبولوجى "طريق كامل لحياة الجماعة، والناس، والمجتمع"، وبهذا المعنى الأخير "الثقافة" كطريق كامل للحياة" تحمل مجموعة عامة مشتركة من المعاني والعقائد والقيم بين الناس التي تتلاحم في كلٍّ متكامل»( ).
ولا شك أن لكل عصر طابعه الخاص، وفى هذا العصر الذي نحياه نشهد تغيرات وتحولات في الثقافة والذوق، فقد تنوعت ألوان التحضر والتمدن في المجتمع. وظهرت تغيرات اجتماعية وتحولات ثقافية، وامتزاجات ذوقية في المأكل والمشرب والملبس. فالثقافة الرسمية التي كانت تُعلى من شأن المثالية والتناسق والذوق الرفيع اختلطت وامتزجت بالثقافة الشعبية، ولا شك أن الإعلام والدعايا والإعلان لعبت دورًا مهمًا في التحفيز على هذا الاختلاط، وما نشأ عنه من انقلاب الذوق العام وما يرتبط به من مظاهر الحياة العصرية من موضة ومظهر وفن وأثاث ومعمار ومفروشات. ولذا «أصبحت العلاقات الاجتماعية مشبعة بالرموز الثقافية المتغيرة إلى حد أننا لم نعد نستطيع الكلام عن طبقة أو معيار»( ).
لم تستطع الثقافة الرفيعة أو ثقافة النخبة أن تحافظ على سمتها الأصيل، ولكن تم تهجينها بالثقافة الشعبية، فامتزجت الطبقة الأرستقراطية مع الطبقات الشعبية، وأخذت تشاركهم في أذواقهم الجماهيرية. ويظهر ذلك في الاحتفالات أو الكرنفالات حيث «تقدم تقاليد الكرنفالات الشعبية في الأعياد والمناسبات تغييرات عكسية رمزية ومخالفات للثقافة الحضرية أو المدنية الرسمية، وتفضل الإثارة، وعدم انضباط العواطف، والعمل الشعبي والسعادة البدنية من الطعام الذي يسمن أو الطعام الدسم والمشروب الذي يُسكر والجنس غير الشرعي»( ).
إن السينما والتلفاز والإعلانات وما تبثه من خطاب ثقافي جماهيري أدى إلى مزج ذوقي بين الرسمي والشعبي، وتدمير الأنساق الثقافية التقليدية أو محو الثقافة الرفيعة، وحدوث فوضى ثقافية وهذا من ملامح عالم ما بعد الحداثة فمن بين «الصفات أو الملامح النظرية الرئيسية المرتبطة بما بعد الحداثة في الفنون نجد محو الحدود بين الفن والحياة اليومية وانهيار التميز التراتبى بين الثقافة الرفيعة والثقافة الجماهيرية والشعبية وخلط الأسلوب وتفضيل الانتقائية وخليط من الشفرات والقواعد؛ جد فى هزل، مزج المختارات الأدبية، السخرية، الهزلية، واشتهار الثقافة السطحية الضحلة، وانحدار وتدهور الأصالة والعبقرية في الإنتاج الفني، وادعاء أن الفن يمكن أن يكون تكرارًا فقط»( ).
كما أن المشاهير والشخصيات العامة والمطربين والفنانين من الرموز المؤثرة على اتجاهات المجتمع، ولذا يتم اختيار شخصيات مؤثرة لعمل الدعايا والإشهار للسلع الاستهلاكية من : طعام وشراب وملابس ومصنوعات ومنتجات العناية بالشعر والجسد والبشرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدبابات الإسرائيلية تسيطرعلى معبر رفح الفلسطيني .. -وين ترو


.. متضامنون مع فلسطين يتظاهرون دعما لغزة في الدنمارك




.. واشنطن طالبت السلطة الفلسطينية بالعدول عن الانضمام للأمم الم


.. أزمة مياه الشرب تفاقم معاناة النازحين في ولاية القضارف شرقي




.. عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تطالب بوقف العمليات في رفح