الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اتحاد الكتاب السودانيين ينعي سعاد إبراهيم أحمد ...

جابر حسين

2013 / 12 / 31
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


تحاد الكتاب السودانيين ينعي سعاد إبراهيم احمد
بقلوب يعتصرها الحزن والأسى ينعي اتحاد الكتاب السودانيين الأستاذة سعاد إبراهيم أحمد (1935-2013م) التي رحلت عن دنيانا إلى رحاب ربها بالأحد 29 ديسمبر الجاري. وخطب سعاد يَجُل وفقدها يهول. فقد كانت أذنها صاغية للمشروع الإبداعي ورعايتها له سابغة. أشرفت خلال عملها بمعهد الدراسات الإضافية بجامعة الخرطوم على نادي السينما، ووضعت سائر إمكانيات المعهد تحت تصرفه. كما لم تبخل لا بوقتها ولا مواردها ولا حماستها لجيل من السينمائيين يؤدى واجباته الثقافية للوطن منذ حين. كما شغفت بشباب المسرح الجامعي في الستينات، وبذلت وسعها لعرض أعمالهم بتشجيع منقطع النظير.
لم يكن الولع بالفن إسقاطاً بسيطاً من شاغلها السياسي المعروف في الحركة اليسارية، بل كانت فنانة بالأصالة، حيث عرفت طريقها للمسرح الجامعي قبل أن تعرف طريقها للسياسة وهي، بعد، طالبة بجامعة الخرطوم (1955-1959م). لقد جاءت إلى الجامعة بشغف للمسرح اختارت لأجله كلية الآداب دون غيرها لما كانت توفره من وقت لممارسة الكثير من ضروب الإبداع أو مشاهدتها. وما زالت أصداء صيحتها المشهورة: "كيف ما في مسرح!" تتمايح في عرصات الجامعة، وذلك حين علمت أنها خلو منه. وهكذا سرعان ما أعلنت عن قيام جمعية للمسرح توافد إليهـا الطـلاب، وصـانت المسـرح المهمــل. وسعت إلى بروف عـبد الله الطيب ليرعى الجمعية، ففعل، وترجم للعربية مسرحية جورج برنارد شو الكوميدية "أندروكليس والأسد"، فقامت الجمعية بتقديمها.
كانت السياسة هي المحطة الثانية لسعاد بعد محطة الإبداع. ولذا كانت سياسة سعاد لطفاً خالصاً، وذوقاً، وطلباً للحق. بل يمكن القول إن الإبداع هو الذي ساقها للسياسة. فقد وجدت، خلال أداء واجبها كمبدعة، تخذيلاً من التيارات المحافظة بالجامعة. فلم ترحب هذه التيارات بدخول المرأة عالم التمثيل. وفي مرة وجدت أن صوتها في أداء نشيد وطني مجرد عورة عند أصحاب هذه الاتجاهات. وكان سعيها الإنساني في دروب سياسية مبتكرة محاولة منها لإنصاف موهبتها من المتربصين بها.
كان عائد السياسة عليها كبيراً في حفز ملكاتها الثقافية. فرغم أن ذلك العائد كثيراً ما قادها إلى السجن، إلا أن نضالها المعروف منذ الستينات الأولى ضد ترحيل الشعب النوبي، وكسر تواصله التاريخي، فتح عينيها على تنوع الهويات في الوطن الواحد، وعزة لسانها الأصلي الذي تشردت عنه. فكانت وراء كل مشروعات نهضة الثقافة النوبية التي تتوجت بمركز الثقافة النوبية في القاهرة في عقد التسعينات، مثلما لم يتأخر سرجها، يوماً، في أي زحف يستهدف الدفاع عن حقوق النوبيين خصوصاً، وسائر أهل السودان عموماً. وقد حفزتها السياسة، كذلك، لتلقي بثقلها في العناية بالتعليم من زاوية ديمقراطيته لفتح الفرص أمام شباب السودان وشاباته بالسوية. ولم تكن اهتماماتها النسوية ممارسة وفكراً سوى امتداد لما تنشأت عليه في بيتها، حيث ثقافة تحقيق الذات بحرية كانت هي فلسفة والدتها التي حرصت ألا تتزوج، مثل بنات جيلها، قبل أن تستكمل تعليمها، وألا تكتفي منه بغير غاياته القصوى.
لقد قاومت سعاد، ببسالة قلَّ نظيرها، وصبر ندر جماله، نهش العلة في جسدها الناحل، لسنوات طوال. ودائماً ما كانت تجيب سائلها عن صحتها بكلمتها الصارمة الأثيرة: "أقاتل!"، فما تلبث عدوى الحماسة أن تنتقل إلى روح السائل بدلاً عن مشاعر الإشفاق!
إننا لنحزن لفراق سعاد التي أسعدتنا دائماً بالإصغاء الجميل لكل ما يعن لنا من أفكار وظلال أفكار. وقد كان تشجيعها للكُتاب مثالياً، فلم تبخل علينا بالمتابعة اللصيقة، والنصح السديد، بل لم تقعد بها العلة عن تلبية دعوتنا لها، في إحدى أمسيات رمضان قبل الماضي، لمؤانسة مشهودة بذلت خلالها للجمهور الغفير الذي ضاقت به حديقة اتحادنا جوانب مهمة من خبراتها وذكرياتها القيِّمـة. ونسـأل الله أن يوفقنا إلى رد دينها علينا بتبني استكمال نشر كتاب سيرة حياتها الذي أملته في التسعينات، ومسودة رسالتها عن التعليم، وكل أوراق أخرى بيد الأسرة أو غيرها.
رحمها الله رحمة واسعة، وجعل مقامها الجنة مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
الرئاسة والأمانة العامة
30 ديسمبر 2013م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. - الغاء القوانين المقيدة للحريات ... آولوية -


.. أليكسي فاسيلييف يشرح علاقة الاتحاد السوفييتي مع الدول العربي




.. تضامناً مع غزة.. اشتباكات بين الشرطة الألمانية وطلاب متظاهري


.. طلبة محتجون في نيويورك يغلقون أكبر شوارع المدينة تضامنا مع غ




.. Peace Treaties - To Your Left: Palestine | معاهدات السلام -