الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقع أهل القرآن بين العدالة والتطبيل للظلم

علي سيريني

2014 / 1 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ملاحظة: بعد أن نشرتُ هذا المقال في موقع أهل القرآن قام صاحب الموقع بحذف المقال وإطلاق وابل من المسبات من بندقية الشتيمة، فضلاً عن الإفتراء حولي وحول مقالي. لست ممن يبادلون الشتيمة بأخرى، ولا ذلك مما تطيب له نفسي. لذلك سأترك ما لهج به لسان الطعّان خلف ظهري، مارّاً مرور الكرام...
وكان الأولى به أن يربأ بنفسه النزول منزلة الشتائم، وهو رجل كبير في العمر. والتقدم في السّنّ يوجب التروي والإتزان في القول والعمل (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد). إنّ قوة الكلمة هي في الحجة والموضوعية، وليست في الهجوم على الناس بوابل من الشتائم.
أود الإشارة إلى أن الموضوع الذي طرحته، لا علاقة له بنقد الخلفاء والصحابة. هذا نوعٌ من التهرب من الأسئلة المحيّرة التي طرحتها، وتجاهلها الرجل، وبدلاً من ذلك قام بإطلاق المسبات (للقارئ أن يتأكد من ذلك بنفسه في مقاله الذي أعاد نشره في موقع الحوار المتمدن). والغريب أن الرد نُشر على عجل، فيما المردود عليه حُذف. وكيف للقارئ أن يتحقق بعقله وإختياره بين المقالين، بينما الطرح محذوف والرّد عليه منشور؟!
بقي أن أقول أنني درست في البحث المقارن بين السنـّة والشيعة منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي في معاهد وجامعات ومدارس المذهبين، وتبلورت لدي فكرة أن البشر في أي مرحلة من مراحل التاريخ ليسوا مقدسين، وأن أفعالهم ليست ميزانا لتقييم النص. ولكنني لن أسوق جرّافة بسم البحث العلمي، لأكنـّس كل ما مضى نحو القمامة!
درست في مدارس المذهبين، قبل أن يظهر موقع أهل القرآن في الإنترنيت بسنين طويلة جداً.
أخيرا يجب أن نقف ضد الظلم كلـّه، ونقف مع العدالة كلـّها. ليس من العدل أن نقف ضد ظلم معين ونطبّـل لآخر ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون)!

نص المقال المحذوف من موقع أهل القرآن:
يلاحظ المرء كميّة كبيرة في موقع أهل القرآن، من مقالات وكتابات تنقد بشدة وحدة غريبتين، ليس فقط تاريخ المسلمين في الأربعة عشر قرناً فحسب، بل وتتضمن هجوما لاذعاً على هذا التاريخ وعلى الإسلاميين في الوقت الحاضر، بل وعلى المسلمين وتراثهم. يتمترس ناشرو وكتـّاب هذا الموقع خلف مفاهيم جميلة جداً مثل العدالة، الحرية، السلام وحقوق الإنسان. ولا يملك المرء في واقع الأمر إلا أن يوافقهم، لأنه لا يوجد عقل سليم يرفض هذه المفاهيم والمبادئ الخيرة.
لكن المفارقة تكمن في التناقض الصارخ بين الإدعاء وبين الفعل. لكأنـّي بهم، وهم ينقدون غيرهم على أفعال وأقوال مردودة، يكررون آياتهم في الظلم الذي هو مبعثهم على النقاش وميدانهم لمقارعة خصومهم، الذين يرى أهل هذا الموقع فيهم، نماذج غير صالحة لعالمنا المعاصر.
يشغل الإخوان حيزاً كبيراً في الهجوم الذي يُشن هنا على الإسلاميين، وعلى ما يُسمى بالدين الأرضي لهم (الإسلام السُنـّي). فعند أهل القرآن ليس هناك إسلامٌ غير ما هم عليه، وما عدا ذلك فأديان أرضية. وهذا في حد ذاته تكفيرٌ واضح لملـّة الإسلام. لكننا لن نناقش هذا الأمر ولا هو يعنينا هنا. المهم أن نقيّم صدقية أهل هذا الموقع مع ما يدعونه من نصرة للعدالة، ووقوف بوجه الظلم والعدوان.
منذ الإنقلاب المشؤوم، بقيادة عبدالفتاح السيسي، ينحدر مطبّلوه من مهزلة إلى أخرى، ومن مطبٍّ إلى آخر، ومن تناقض مضحك إلى أضحك منه.
إلى يومنا هذا، فإن الحجة الأبلغ لهواة الإنقلاب هي أن الإخوان استغلوا الديموقراطية لأنفسهم، وبدأوا يرتكبون الأخطاء حيث أدت إلى "ثورة شعبية عارمة"! ومازالت المحكمة المصرية، ومن ورائها إمبراطورية العسكر، وميليشيات العلمانيين والأقباط، تجتهد حد الإنهاك لإصطناع تهم كبيرة لقادة الإخوان، لكنها فشلت في إخراج ما يقنع المراقب الخارجي (أي المحايد) بشئ معقول، يُسكت ضحك العالم من هذه المسرحيات التي تثير الشفقة أكثر من الضحك. فتهمة التخابر مع حماس لم تزل الأعظم، رغم محاولات حثيثة لإلصاق تهمة القتل والفساد بهم، لكن واقع الحال في ما مضى، مازال يعرقل هذه الجهود لإيجاد ما يثبت ذلك. فقادة الإخوان ظلوا مرابطين في ميدان رابعة العدوية لأسابيع طويلة، بما فيها شهر رمضان في عز الصيف والحر، ولم ير أحد منهم سلاحا أو لكمة، على أقل تقدير، لكي يقتنع العالم أن القوم إرهابييون يستحقون ما أرتكب في حقهم. وظل شعارهم "سلميتنا أقوى من الرصاص" يقض مضاجع العسكر والفلول الملتفة حولهم، وهم جميعا تربطهم سلسلة طويلة من الأحقاد العمياء ليست على الإخوان المسلمين (ومن ضمن ذلك الحسد والضغينة)، بل على الإسلام نفسه (وأحيانا كدأب القوم منذ عقود، بسم الإسلام أيضا، وليس أقلـّه إستعمال بيادق الأزهر الجاهزين في كل عصر)! في غضون هذه الجهود الحثيثة مرّت الدبابات والقنـّاصات والجرّافات وأرطال الأمن والبلطجية، تنشر بلا هوادة، أنواع التعذيب والقتل والإهانات للإخوان والمدافعين عن شرعية الإنتخابات! وعلى طريقة البهاليل والدراويش، وقف العَلمانييون، والديموقراطييون، والأقباط، وخصوم الإسلاميين كلـّهم على منصاتهم ومواقعهم يهللون و يصفقون للمجازر التي ترتكب بحق بني جلدتهم، وأبناء وطنهم (الوطن الغارق في البؤس والحرمان)!
من أغرب هؤلاء قاطبة، هم نفرٌ يُسمون أنفسهم بأهل القرآن أو القرآنيين!
والغريب أن السلفيين الممثلين بحزب النور (وهم على أقل تقدير في أدبيات الذين اتبعوا الإنقلاب، أكثر ظلامية من غيرهم من الإسلاميين)، أصبحوا ركنا أساساً "للحركة التنويرية الحضارية" التي يقودها جنرال غارق في الأحلام وأحلام اليقظة منذ 35 عاما، ممسكاً بسيف مقطر بالأحمر، وفوق رأسه ترفرف رايات الديموقراطية وحقوق الإنسان، وأحزاب وشخصيات علمانية وفنيّة (لاحظ فنيّة!)، تهتف فوق جثث الآلاف من المتظاهرين، والآلاف من الجرحى والمسجونين: نريد نظاماً ديموقراطيا ليبراليا تعدديا حضارياً!
هذا الجنرال أكـّد سابقا، أن لا مطمح له في السلطة، رُفع عنه قبل فترة وجيزة ستار الكواليس، عبر تسريبات غريبة، تؤكد شوقاً وإشتياقاً كبيرن لديه نحو الرئاسة، وطمعاً بحصانة لمنصبه كقائد للعسكر لكي لا يكون عرضة للمسائلة حول المظالم، يوم يقوم طـّلابها بردها إلى أصحابها، الذين يُقدَّمُون الآن قرابين على مذبحة شهوة السلطة والأحقاد المشتركة على الإسلام، الذي دُفِعَ من أجله الإخوان نحو صفوفه الأولى، ليكونوا ضحاياه المجانية!
وهل لنا أن نسأل، إذا كان الإخوان حقاً قد استغلوا الديموقراطية والإنتخابات لصالحهم، مما أدى إلى ارتكاب أخطاء، دفعت بالفلول إلى ثورة مضادة (يدّعون أنها بلغت 33 مليون متظاهر)، فلماذا تسكت هذه الملايين عن العسكر، وقد غرقت مصر منذ شهور في الدماء والديكتاتورية والظلم والقمع للحريات؟! هل من مقارنة بين أخطاء الإخوان وجرائم العسكر، وهم مدعومون اليوم من قبل العالم الغربي بشقيه الأوروبي والأمريكي، ومشيخات الخليج "الديموقراطية جداً" وفلول عَلمانية وأخرى قبطية مسيحية؟!
ولنسأل القائمين على موقع أهل القرآن، لماذا حين يكون هناك خبر صغير يخدش حياء الإخوان المسلمين، أو تصرف قد يدينهم ويدين الإسلاميين المدافعين عنهم، يُنشر فوراً وبتشفي واضح، بينما الآلاف من الضحايا، والسجناء تحت التعذيب (من بينهم بنات في أعمار صغيرة جدا) وإهانات مستمرة ليست ضد الأحياء فقط، وإنما ضد أمواتهم الجثث فوق الشوارع والأرصفة، وكلنا شاهد الجرّافات وهي تطيح بها؛ هي أخبارٌ غائبة بالتمام والكمال عن هذا الموقع، الذي يدّعي العدل والإنصاف للبشرية جمعاء!
لماذا ينبش زعيم أهل القرآن، عن كل شاردة وواردة يدين تاريخ المسلمين (وهو يسميهم أتباع ديانات أرضية على أي حال!) بينما لايرى أطنان الظلم أمام عينيه في بلده مصر، لكي نقرّ له بالموضوعية والعدل، ولكي نرى أنهم كـ"طائفة وحيدة على الحق"، تختلف عن غيرها بأنها ناصرة للعدالة في أي وقت وأي مكان؟
لماذا، يحرّم على المسلمين أي نوع من النقاش مع المسيحيين (باستثناء: باللتي هي أحسن) ويحرّم مطلقا تكفيرهم، بينما هو يكفر الإخوان والإسلاميين، بل وعامة المسلمين منذ الخلفاء الأربعة وإلى الوقت الراهن، حيث يقسمهم إلى أتباع ديانات أرضية سنـّية وشيعية؟ هل المسيحييون أيضا أتباع ديانات أرضية؟ إذا كان الجواب بنعم، فلماذا لا تسري عليهم نفس الأحكام التي تُطلق على عامة المسلمين من أتباع الديانات الأرضية؟! لماذا كل هذا الحقد والغلظة تجاه المسلمين، والود والليونة تجاه المسيحيين؟!
أسئلة محيّرة حقا!
لماذا يرى زعيم موقع أهل القرآن، وأتباعه، تفاصيل الظلم الذي وقع في عهود الخلفاء الأربعة، ومن ثم الأمويين والعبّاسيين والعثمانيين، لكنهم لا يرون الظلم الذي يجرف الإخوان المسلمين في مصر؟! على أقل تقدير إن لم يكونوا يحسبونهم مسلمين أو شركاء في الوطن، فهم أيضا بشر لهم الحق في عيش كريم؟! أو ليس الإخوان بشرا؟!
لماذا لا ينشر أصحاب هذا الموقع كيف قُتل أبناء قادة الإخوان، والآلاف من الشباب والكهول والصبيان في ميادين المظاهرات، ولماذا لم نر إدانة خجولة لألوان العذاب النازل بأنصار مرسي وعودة الشرعية؟! دع السياسة جانبا، وقيّم الأمور على مستوى حقوق الإنسان والموضوعية، كما فعلت جمعيات حقوقية وإنسانية ومسيحية غربية، حيث أدانت منذ بدأ الإنقلاب وإلى يومنا الحاضر الإنتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان من قبل العسكر ومطبليهم؟!
هل أهل القرآن أقل إنصافا من جمعيات حقوق الإنسان والمنظمات المسيحية؟!
إذا كان أهل القرآن يرون أنفسهم الطائفة المسلمة الوحيدة، وما عداهم أتباع ديانات أرضية، وموقفهم من الظلم في بلدهم ليس فقط أقل بكثير من موقف المنظمات المسيحية الغربية، بل من المستحيل إجراء أي مقارنة، فلصالح من يُعرض هكذا إسلامٌ متواطئ مع ظلم شنيع، وهجوم كاسح على تراث المسلمين وتاريخهم من الألف إلى الياء؟!
أسئلة محيّرة حقا!
لماذا حين ينطق إخوانيّ، أو سلفيّ أو إسلامي، بجملة أو حديث أو قول يومئ إلى خرافة أو خزعبلات، يهرع موقع أهل القرآن إلى نشره حثيثا، نكاية بهم وببطلان عقيدتهم ودينهم، بينما الأحلام المقدسة "لمولانا المعظم"، مخلّص الديموقراطية والعلمانية الجنرال السيسي الذي استغرق في أحلامه المليئة بالسيوف واللون الأحمر، غابت عن نشرة أهل القرآن وتعليقاتهم وكتاباتهم الساخرة؟! هل ثمة خرافات مقبولة وأخرى مرفوضة، أو خزعبلات مردودة لأنها من أصحاب الديانات الأرضية (الإسلام السنـّي والشيعي)، وخزعبلات جميلة لأنها من العسكر والديموقراطيين والعَلمانيين؟!
لماذا يسكت "أهل القرآن" عن الظلم الذي نعجز عن ذكره هنا، وحتى بمقالات، والذي يُصب فوق رؤوس الإخوان وعوائلهم ليل نهار؟! أهكذا هو منهج القرآن الكريم؟!
أسئلة محيّرة حقاً!
أهذا هو طريق العدالة والسلام والحرية وحقوق الإنسان، الذي يناشده أهل القرآن؟!
إذن وحين يلاحظ مراقب خارجي هكذا مواقف، ممن يزعمون أنهم وحدهم المسلمون الحقيقييون، وعلى نقيض ذلك يرى أفضلية واضحة لجمعيات ومؤسسات مسيحية –على سبيل المثال- في العالم الغربي، تجاه ما يحدث في مصر، لجهة الإنصاف والضمير مع الإخوان والإسلاميين، فهناك لاشك خسارة مقصودة ومتعمدة للموقف الصحيح لصالح هذه الجهات الغربية، لتكون حينئذٍ صورة الإسلام سواداً بالكلـّية وقاتمة بالمطلق: غالبية مسلمة تتبع أديانا أرضية (مليئة بالخرافة والإرهاب والتخلف)، وأقلية صغيرة صغيرة جدا تدعي أنها هي الإسلام الحقيقي، لكنها متواطئة مع الظلم، وتبث الأحقاد تلو الأحقاد على شرائح كبيرة، تواجه ليل نهار الظلم والقهر والحديد والنار والسجون ومصادرة الأموال والأملاك! آنئذٍ شئنا أم أبينا، يختزل الإسلام في لاشئ (في أكثرية ضالة وأقلية صغيرة موالية للظالمين)!
إذن فعلى الإسلام السلام! وبذلك يتحقق ما يصبو إليه أعداؤه الكثر في شتى بقاع المعمورة. وما يلاحظه المراقب الخارجي في هذا الموقع ومحتوياته، هو الجري نحو هذه النتيجة المخزية!
هل يجري هذا الأمر بتعمد وقصد، أم سذاجة وجهل يُساقان بالأحقاد الشخصية والحزبية؟ أقول الله عزوجل أعلم!
ولكنها فعلا أسئلة محيّرة حقاً!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية من قوات الاحتلال


.. لايوجد دين بلا أساطير




.. تفاصيل أكثر حول أعمال العنف التي اتسمت بالطائفية في قرية الف


.. سوناك يطالب بحماية الطلاب اليهود من الاحتجاجات المؤيدة للفلس




.. مستوطنون يقتحمون بلدة كفل حارس شمال سلفيت بالضفة الغربية