الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هيثم الخوجة, رضا حداد , جناحاي إلى قمة سيزيف

اسماعيل خليل الحسن

2005 / 6 / 16
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


إلى الصديق أحمد مصارع

ما يجمع بينهما أكثر ما يفرق, و لا أعرف إن كانت روحاهما قد التقتا في عالم الغيب , فإن كانا يسمعاني , فإنني أطلب منهما , التعارف , و التعانق كصديقين حميمين , أو كشهيدين حميمين , و أقول لهما لا تأسفا على ما فاتكما من أحوال الدنيا بعد أن ذقتما كثيرا من أهوالها , بل و إهمالها, و اعذراني إن كنت أستعين دائما بأبيات من الشعر العربي الذي استحضره مما بقي لي من ذاكرة , و أخص أبا الطيب في قوله :

صحب الناس قبلنا ذا الزمانا ..... و عناهم من شأنه ما عنانا

ولقد تُحسن الصنيع لياليه ..... لكنّه يكدّرُ الإحسانا

و لو أنّ الحياة تبقى لحي ..... لعددنا أضلنا الشجعانا

فإذا لم يكن للموت بدّ ..... فمن العجز أن تموت جبانا

أما ما يجمع بينهما, فهو كثير, فهما ينتميان إلى نفس التيار الفكري و السياسي , وكلاهما يمتهن الكتابة, فهيثم كان قاصّا , و رضا كان صحفيا , وأيضا: اليساريّة, و الديمقراطية, و, وتلمّس ما هو ثالث بين مأزومين و بين استحكامين , و بين ساقطين تاريخيا , و بين خطّين شعبويين ظاهرهما التناحر و باطنهما التماثل في الاستئصال و نبذ الآخر, و لكنّ المؤسف في هذه الأمة أنّ الطريق الثالث غائب و معدوم فيها دائما , أمّا صوت اللاعقل فهو الأعلى , فكأننا أمة من ضجيج .

بدأت علاقتي مع هيثم سياسية, و تطوّرت, كنا نهيم في شوارع مدينتنا (الرقة) نتلمّس خيوط التميز الفكري الذي كنا نطمح إليه, و عشيّة الاعتقال افترقنا إلى الأبد, أما رضا فقد تعرفت عليه بعد ثماني سنوات من الاعتقال, وذلك في سجن عدرا , و بعد أن فرغنا من تبادل الآراء السياسيّة, تبادلنا الحديث في أدق أسرارنا الشخصيّة فقد كانت مادّة ممتعة للحديث , و بالألوان المائيّة رسمت صورة ملوّنة لصغيرته الوحيدة لبنى, ولعلّها إن قرأت هذه السطور تتذكر ذلك , وفي الأيام الأخيرة معه بدا لي مهموما و متكدّرا , و سألته إن كان الشقاق قد بدأ مع شريكته في الحياة السيدة الفاضلة سلمى , فكان يفضفض حمولته من الهموم , و أحاول تشجيعه , و شدّ أزره , باعتبار ذلك سحابة صيف لا بد أن تنجلي .

كان هيثم نقيّا صافي الروح, أذكر آخر مرة استعرت منه كتاب الهزيمة و الأيديولوجية المهزومة لياسين الحافظ ولم أكمل قراءته حتى باغتنا الاعتقال, فليسامحني إن مازلت أحتفظ بالكتاب كذكرى عزيزة و أثيرة, لكنني لم أجد النسخة التي أهداها لي من قصته التي كانت معنونة بالقحط إن أسعفتني الذاكرة, كان يتلمّس أسلوبه الخاص في كتابة القصة, لقد مضى و في رأسه أفكار كثيرة.

كان رضا صحفيا واعدا فقد حدّثني عن التحدّي الذي وضع نفسه فيه حين أراد أن يجري مقابلات لصالح جريدة تشرين مع ثلاثة من أكبر قادة المقاومة الفلسطينية وهم الذين أصبحوا شهداء أيضا أبو إيّاد و أبو جهاد وأبو الهول , و كان هؤلاء يرفضون التحدّث إلى الصحافة السورية لأسباب معروفة لا داع لشرحها في هذه المقالة, و لصلاته الطيبة مع الفتحاويين فقد أنجز التحدّي , وعاد بالمقابلات , التي ما لبثت أن أصبحت حديث الصحافة العربيّة و العالميّة , وقد أوعز إليه رئيس التحرير أن يقص كل مقتطف ورد في الصحافة العالمية , ليصار إلى ضمّه إلى ملفّه الخاص .

في ذهني ما هو كثير للحديث عنهما (رحمها الله ) ولكن التأثّر يكبح مقدرتي على الاسترسال, فالملفّ يبقى مفتوحا , و للحديث صلة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب


.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال




.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني




.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ