الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دواية حبر للعير ... والنفير

ابراهيم جادالكريم

2014 / 1 / 2
التربية والتعليم والبحث العلمي


صدفه وأنا أقلب فى مكتبى وجدت دواية حبر أزرق ودواية حبر أحمر وبدأ عقلى يفكر فى أية فترة أشتريتهما !! ولم أذكر ولكن بدأ عقلى يندفع نحو ذكريات عجيبه وعن أوقات مضت من أيام الجامعه حيث كنا فى فتره لم يكن ماكينة التصوير قد أخترعت بعد !! وبدأ شريط الذكرى بأيام كنا أنا وزملائى نتبادل نقل الكتاب كتابة
يدويه لأهميته كمرجع لنا ... أيام طويله وسهرات للفجر لنقل الكتاب فى عدة كراسات وبخط جيد ليمكن قرائته للمجموعة التى أشتركت فى نقله .. وأذكر يوم أشترى والدى الراديو والحفاوة التى أستقبله بها الشارع والجيران ووفود المهنئين التى بدأت تتوافد على بيتنا (لمشاهدة) الراديو !! وكيف قام البعض ليطل على المذيع داخل الصندوق الذى يحوى الراديو وكان من الخشب وطوله حوالى سبعين سنتيمتر وأرتفاعه حوالى خنسة وثلاثون سنتيمتر !! ومع ذلك حاول بعض البسطاء أن يطل على المذيع من الخلف وكان البعض يأتون على مواعيد نشرة الأخبار .
ولذلك تعطلت الدراسه حين أحضر أحد الزملاء لراديو ترانزيستور (حجمه خمسة سنتيمترات طولا وعرضا !! وحضر الجميع (للفرجه) على الراديو العجيب !! وسؤال الزميل كيف حصل عليه ؟؟ وقد صرح أن قريبه كان فى اليمن (مجند بالجيش) عندما كان عبد الناصر قد أرسل الجيش المصرى لنصرة الثورة فى اليمن وبالتالى سألنا : يعنى اليمن فيها الترانزيتور ومصر لأ !!؟؟ وكيف حصل هؤلاء على أجهزة عجيبه مثل عذا الراديو العجيب !! وفى وقت كنا نحن نذهب الى الجامعه سيرا غلى الأقدام (حوالى عشرة كيلو مترات) لأنه لم تكن هناك ترام أو اتوبيس وكنا نتفرج على سيارات التاكسى والتى كان عددها قليلا وكانت غاليه و ليست بأعداد تغطى كل الأحتياجات فى كل المناطق ومع ذلك كنا نذهب للكليه و نعود (حوالى عشرون كيلومتر) يوميا !! ونعود لنبدأ فورا فى الأستذكار ونسهر الى الفجر لنقل كتاب كتابه يدوية ... وننزل مبكرا لكى نصل على الميعاد للمحاضرات وأحيانا الى المكتبه بداخل الكليه لقضاء يوم كامل لنقل كتاب !! وكان هذا هو العادى بالنسبه لكل جيلنا وقتها نعتمد على أنفسنا فى كل شىء لآننا لم نكن نعرف الدروس الخصوصيه ... لا فى المدرسه الأبتدائيه ولا الأعداديه ولا الثانويه ... وبالتالى ولا فى الجامعه ولم نعرف أنه يوجد مدرس واحد فى أي مدرسه يعطى دروسا ... فى أى مادة !! .
كنا نعتبر المشوار للكليه رياضه بدنيه وهى لازمه لبناء الجسم وكنا أحيانا نتسابق فى الطريق الطويل وهذا ربما الذى جعل هذا الجيل يتباهى بالقوة والعضلات ويتحمل كل شىء وكل فنون القتال والحرب بالجيش والجرى بالسلاح (كان ضخما كبيرا ثقيلا) و (الشده الكامله) على الظهر فى الرمال وفى عز أشهر الحر الشديد و لكننا تحملنا وكنا نحن الجيل الذى تحمل النكسه بسبب قيادات الجيش ونحن أيضا من حقق نصر أكتوبر والذى يدرس للآن فى أرقى المعاهد العسكريه فى العالم و نحن نتحمل و نحمل كل معداتنا الثقيلة ونعيش وسط العقارب والثعابين فى جحور تحت الأرض !! .
كل هذا وثب الى عقلى من دواية الحبر التى لم تراها الأجيال المتعاقبه فى عصر التكنولوجيا الحالى هم لم يعرفوا القلم الحبر الذى تحرص على ملأه من دواية الحبر كل صباح !! والأجيال الحالية لا تعرف الخشونه ولا الرجوله ولا تحمل أى مسئوليه ... ربما بسبب التربيه عامة أو البيت والرفاهية والسياره والتليفزيون و الدش وتكييف الهواء والكمبيوتر والموبايل والذى أصبح فى يد أطفال الحضانه !! والأب يحمل شنطة أبنه ويوصله الى المدرسه ويعود ليأخذه بعد الدراسه ويوصله الى الدرس الخصوصى وينتظره أحيانا فى الشارع وهكذا كل يوم لأن الأبن يأخذ دروسا خصوصيه فى جميع المواد !! .
وهكذا خلقنا جيلا من المرفهين سواء البنات أو الأولاد جيلا لا يعرف المشى حتى خمسين مترا !! ويعترض أذا ساله أبوه أن يسير معه الى آخر الشارع !! ولا يحمل فى يده حتى شنطة الكتب الى المدرسه وأحيانا تضطر الأم الى حمل شنط أولادها من والى المدرسه ونحمل الكتب الى الدروس الخصوصيه بعد المدرسه !! وهذا ما جعلنا لا نميز الولد من البنت فى الملابس والأزياء والألوان والشعر والطراوه والنعومه وأسلوب الحديث !! وهذا ما يهدد الأمن والأمان فى بلد تعتمد على هذه النوعية من الشباب فى الخدمه العسكريه والذى يدفع الأب الى البحث عن واسطة لوضع أبنه فى أقرب مكان ... للبيت !! أو البحث عن واسطه عاليه ليبقى أبنه طول مدة خدمته العسكريه ... فى البيت ويبدأ فى طحن نفسه من أجل شراء الشقه التى سيزوج أبنه فيها أو أبنته وهكذا فأن هذه الأجيال لا تعرف الرجولة الحقه ولا النخوة ولا الشهامه ولاالأخلاص ولا أحترام الكلمه والميعاد ولا تفرق مع طبيب من هذا الجيل مواعيد العمل أو المهندس ولا المحامى .... فكيف ستتولى هذه الأجيال مسئولية بلد و جيش وعمل و تعب وجهاد من أجل البناء وهى أجيال تربت على بابا أو ماما تحمل شنطة الكتب صباحا ومساءا فى دروس خصوصية ونقود تدفع لأجل توصيل الأبن الى الجامعه ... أو دفع أى مصاريف لتوصيل الأبن الى جامعه خاصة للحصول على مؤهل وشهاده لا تؤهل الأبن أو الأبنه للعمل ككمسرى فى أتوبيس أو تقديم الطلبات فى قهوة ... بلدى , وأن كان للأب محل أو دكان فهو يعرف أن أبنه سيعمل معه !! والشهادة التى حصل عليها بأى طريقة وبأى مبالغ نقديه ... هى شهادة للزواج فقط !! ونحن نسأل عباقرة التربيه عن الفنرة السابقه واللاحقه : هل حقا خرجتم جيل يتحمل المسؤليه ولا يحتاج ل بابا أو ماما لكى توقظه من النوم وتحضر له الأفطار وتحمل له الشنطه الى المدرسه وتدفع من وقتها وأعصابها دما من ميزانية الأسرة لكى توصله الى التخرج ... بأى شكل و أى شهاده ولا يهم معرفة الأب والأم : هل ربيا رجلا أو بنتا يتحمل أى مسؤلية ويعرف كيف يقوم من نومه وحده سواء على رنين المنبه ليذهب الى العمل ... أو النفير ليخدم .... الوطن ؟؟؟ أم أننا سنستورد مسؤلين من الخارج ... لأن أبنائنا ... لا فى العير .... ولا فى النفير . ( العير الدابه تربط للخروج فى التجارة ) والنفير لأجل الخروج ...... للحرب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بلطجي الإسماعيلية-.. فيديو يُثير الجدل في #مصر.. ووزارة الد


.. جدل بشأن عدد قتلى الأطفال والنساء في قطاع غزة




.. أكسيوس: واشنطن أجرت محادثات غير مباشرة مع طهران لتجنب التصعي


.. مراسل الجزيرة: المقاومة تخوض معارك ضارية ضد قوات الاحتلال ال




.. جيش الاحتلال ينشر فيديو لمقاومين قاتلوا حتى الاستشهاد في جبا