الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا و عُمر و -ما أنا بقاريء-

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 1 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من هو عُمر؟؟..حسناً سأخبركم بالقليل عنه "هنا" و بالقليل"هناك"..القليل هنا هو أني أعرف عُمر منذ أن كنت طفلة..كنت دائماً ما أسمع صوته فيسبق صوته حضوره لدي حتى قبل وجهه..عُمر أيضاً من أنصار نظرية المؤامرة بل لعله يكون من المؤسسين لوجود تلك النظرية في اليمن..و لطالما قاربني الشك بأن تلك المؤامرة بالفعل "قد" تكون موجودة لولا تذكري أننا لا نحيا في سويسرا ليكترث الآخرون لأمرنا.

عُمر يواظب على إخباري أسبوعياً أن هناك مؤامرة على اليمن..و أن لديه الأدلة القاطعة عليها..لم أكذبه و لم أصدقه بل جعلته يتحدث و جلست أُصغي إليه لعلي أُدرك ما يدركه هو بعقله المُستنير..فبدأ يخبرني أن أول مؤشرات تلك المؤامرة هو غياب "أهل الحق"عن مؤتمر الحوار الوطني..قلت لا بأس للرجل وجهة نظره التي يُحترم لأجلها..فانتظرت أن يُسمي لي رجال من أهل الحق المزعوم و لكنه لم يُسمي فقلت لا بأس لعل الأسماء من"كثرتها" أربكته فلم يعلم بمن يبدأ!!.

عُمر الذي لم يقنعني بدأ يورد مثال آخر على المؤامرة فقال أن المُطالبة بالاعتذار عن أحداث94م ما هو إلا دليل آخر على المؤامرة..فلم أفهم حينها ماذا كان يقصد بالتحديد؟؟..هل يعني أننا كشماليين من سلالة دم أزرق لا يجوز لنا الاعتذار لمن نخطأ في حقهم!!..أم يقصد أننا لم نفعل "أصلاً" ما يُوجب الاعتذار!!.."أصبتني بالتوهان يا عُمر" هكذا رددت عليه بداخلي و لكنه لم ينتظر لأسمعُه إياها لأن عُمر ممن لا يجيدون فن الإصغاء للآخر لهذا أخرسني بمثال آخر جديد على المؤامرة.

عُمر أيضاً ضد مساواة البشر باختلاف أديانهم..و يرى أن المساواة بيننا و بين اليهود و النصارى في القوانين أو حتى كفكرة إنسانية من مخططات المؤامرة الكبرى..فكيف تتم المساواة بيننا و بين أتباع الديانات المُحرَّفة؟؟..و كأن عُمر يخبرني أن كون المرء مسلماً فذلك يجعله متفوقاُ على من هم سواه..و لكن يا عُمر أليست هذه هي العنصرية بملامحها المقيتة!!..و لكن عُمر لا يهتم فطالما أننا مسلمون فكل شيء مُباح لنا..أليس كل شيء مُباح في الحب و الحرب؟؟..ألسنا في حرب مع الآخر إلى أن تقوم الساعة؟؟..فلماذا نتقاعس و نلقي بأسلحتنا لنحيا بسلام؟؟.

هنا و كأن صوتي كان مرتفعاً قليلاً لأن عُمر سمعني أردد كلمة "سلام" و التي يملك حساسية خاصة منها فغضب و علا صوته و هو يردد "عن أي سلام تتحدثون!!"..فالسلام-كما قال عُمر-سيحدث و يستتب في مجتمعنا لو كانت لدينا فيه هيئة أمر بالمعروف و نهي عن المنكر لتضرب بيد من حديد على يد المخطئين و الضالين..لم أصارحه أني أرفض المعروف الذي سيأتيني عن طريق قطع الأعناق و التفجيرات و لكن عُمر يقرأ ما في الصدور و لهذا حدث ما كنت أتوقعه منذ أن بدأ بالحديث معي.

فلقد أشتد غضب عُمر مني لأنه أحس أني لم أقتنع بكل ما أورده من أمثلة بل و أردد عبارات رافضة له و بصوت "شبه" مسموع لهذا قرر أن يتبع الأسلوب الذي لا تخيب فعاليته إلا نادراً في اليمن..فأخبرني أنه قرر هو و جمع غفير من "أهل حقه" أن كل من يرفض الرجوع للشريعة و يفضل عليها القانون فهو كافر بل و يدعوني للتمرد على قرارات الحوار الوطني لأنها باطلة شرعاً!!..هنا شعرت بموقف بسانيو في تاجر البندقية فكل الخيارات لا تؤدي إلى قلب بورشيا و كل الخيارات لا ترضيني و لا ترضي عُمر..هنا و كأن الرب أراد أن ينقذني من تهديدات عُمر لي فقرر أن تنقطع الكهرباء لأستريح منه و يستريح مني.

لعلكم جميعاً تقرأون لتعرفوا من هو عُمر؟؟..للأسف ليس عُمر بالزوج و لا حتى بالحبيب-لحسن الحظ- لهذا سيخيب ظنكم قليلاً عندما أخبركم بالقليل عنه"هناك"..فعُمر هو خطيب الجامع الذي يُجاور منزلي و الذي لطالما أجلس عند نافذة غرفتي عندما أُصغي لخُطبه الأسبوعية فقط لأناقشه و هو يتحدث و لا يُصغي..فقط لأشعر بأن الحوار المباشر مع عُمر أو من هم على شاكلته لا يختلف كثيراً عن حواري مع عُمر أثناء خُطبه..حوار مع طرف مُصر على عدم الإصغاء للآخر و الإصغاء فقط لصوت الذات..عُمر تعود على مهاجمة الآخر المختلف لا لشيء و لكن فقط لأنه تعود على مهاجمة ما لا يفهمه فقط لمجرد أنه لم يفهمه و لأنه خجل من الاعتراف بجهله بقول عبارة "ما أنا بقاريء"..عُمر لم يعد بالشخص الواحد المتفرد بفكر إقصائي نادر..عُمر أصبح"جاثوم" يحاول جاهداً أن يجثم على عقولنا قبل صدورنا..عُمر-للأسف- أصبح بيننا أو لعله "نحن".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية