الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غياب الوسطية عن العقل العربي

علي ناجي

2014 / 1 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قبل كل شيء يجب أن يعلم القارئ ( والمبتدأ على وجه الخصوص ) ماذا تعني الوسطية أو الاعتدال ؟ وماهية الوسطية ؟ الوسطية تعني أن تؤمن بأيديولوجيتك وفكرك أو مبدأك في الحياة وأن تحترم كل الأيديولوجيات والأفكار المجاورة لفكرك الذي تعتنقه وأن يكون الاحترام نابع من قوة فكرك المعتدلة لا رياءٍ أو مجاملة, أن المتتبع لسيرة العقل العربي وأفكاره ( التي هي غالباً ما تكون مستوردة ) يلاحظ غياب التيار الوسطي وسطوع نجم الراديكالية والأصولية والتطرف في سماء الفكر العربي , فذاك أسلامي يبغضُ كل أشكال العلمانية والليبرالية ! وأخر علماني يبغض كُل مظاهر الدين حتى لو كانت عن قناعة ! وهناك قومي يحبذ رؤية دمائه على رؤية ما هو أجنبي ! ,الجميع يدعوا للشرب من وعائه الفكري ويحذر من الوعاء الفكري للأخرين . الأيديولوجية هي بنات أفكار الواقع البشري في مرحلة ما كانت تعاني فيها الجماهير فهي نقيض ما يعانيه الشعب من ظلم وتعسف وكبت فتأتي الأيديولوجية حزمة من الأفكار أشبه بطوق نجاة لتخلص الناس من القاع وترفعهم الى القمة و لتؤثر في المجتمع وتحثه للانقلاب على الجهل والظلم والقمع والكبت وللتحرر لعلي لااخطأ أذا قلت أن الأفكار وعلى مر العصور جاءت كيابسة أوبر أمان للبشر التائهين في بحر الرجعية والظلم , لكن كيف تسلل التطرف الى هذه الأفكار ؟ في مجتمعاتنا رغم أن اغلبها تدعوا للوسطية ( حتى المدارس ألابراهيمية لنظرية الاله )
لا عجب فيما طرحنا سلفاً النشأة في المجتمعات الشرق أوسطية تكون متطرفة أكثر من كونها معتدلة كما هو الحال في المجتمعات الأخرى, فيحشى في عقل الفرد عند نشأته بأن هناك حقيقة واحدة مطلقة فقط ! وكل ما دونها ضرب من الخزعبلات ! فينشأ الفرد متطرفاً وفق قانون ( الحقيقة المطلقة ) التي هي سيدة الحقائق في نظره وما دونها لا تستحق الاحترام , ثم أضف الى ذلك التطبيق الحرفي للمعتنقين الجدد لفكر ما وثم الانتهازية والميكافيلية فيتسلق الانتهازي الهرم على كتف الأيديولوجية وحزمة أفكارها وفي كثير من الأحيان يكون غير مؤمن أصلاً بالأفكار التي صعد من خلالها الى العلياء وأخيراً وليس أخر تفريغ المكبوت تحت مسمى الأيديولوجية
لعلي لا أخطأ في تشخيصي لداء التعصب ! وشرحه بأ يجاز
1- النشأة المتطرفة : الشريحة الكبرى من طبقات الشعوب الشرق أوسطية هي وسطى وكادحة هي التي تعمل وهي التي تطعم وهي التي تحارب وتتحمل أعباء الدولة وأخطائها وتُعكس الوقائع السياسية ظلالها على هذه الشريحة وكما يقول المثل الشعبي ( في وجه المدفع ) هذه الشريحة ذو مستوى تعليمي وثقافي متوسط أو شبه معدوم معظم ثقافتها مستندة على العادات والتقاليد البالية والموروث العائلي والقصص والأساطير الشعبية الفلكلورية والمنظومة التعليمية المحددة من قبل النظام السياسي الحاكم وولائها عادة ما يكون للدين أو القبيلة أكثر من مصلحة الوطن العليا فهي مؤمنة أيمانا جازماً أنها تسير في النجد الصحيح وما دونها في النجد الخاطئ فتورث هذا التعصب لأطفالها فيصاحبهم هذا التعصب طويلاً خصوصاً أذا قضوا حياتهم المتبقية في بيئة مغلقة تدعم توجهاتهم وقد يهدئ تعصبهم قليلاً في البيئات المفتوحة لكن الاختلاف في الكمية لا بالنوع , والمتتبع لخلفيات الطغاة يجد معظمهم أبناء هذه الطبقات المهشمة جراء التعسف والاستغلال ألا فيما ندر , فهو لا يكاد يمسك حبلاً قد يُنجيه من القاع ألا و تشبث فيه بكل قوة وتطرف فهو بتطرفه يلوذ عن صمام نفسه الروحي ومصلحة الشخصية لاعن صحة الفكر الذي يدعي اعتناقه .
2- التطبيق الحرفي والخاطئ للمعتنقين الجدد .
3- ألانتهازية والصعود على أكتاف الأيديولوجية : ألانتهازية أن يوظف المرء كُل ما في متناول يده من دين أو علم أو عاطفة المجتمع وحماسهم , لبلوغ مسعاه الذي يقصده وعادة ما ترافق الانتهازية أحداث فظيعة وقذرة وغالباً ما يقتنص الانتهازي عواطف الناس ولحظات الضعف ونقاط ضعفهم والفراغ الكبير من عدم وجود أفكار وشخصيات تنير فكر الشعوب فيحقق ما يبتغيه وينسلخ من انسانيته بأبشع الصور .
4- تفريغ المكبوت تحت مسمى الأيديولوجية : على سبيل المثال التعصب المذهبي للمسلمين فهم لا يتبعون مفكرين معتدلين يدعون الى الوسطية واحتكام العقل أمثال ( علي شريعتي وعدنان أبراهيم ) أنما يتبعون تجار يدعون الى الفرقة والعنف فهم في أتباعهم لهؤلاء التجار يفرغون مكبوتاتهم وأحباطاتهم اللاشعورية تحت مسمى ألاله مقابل تمزيق بلدانهم لمصلحة أنظمة سياسية معروفة .
قال مارتن لوثر كينغ مخاطباً العنصريين ( أما أن نعيش معا كالأخوة أو نهلك سويةً كالحمقى ) مقولة كينغ المكونة من بضعة الكلمات قد شخصت داء شعوب بأكملها وأعطتهم الدواء الصحيح أن الأوان كي ندرك أن الأنسان هو أغلى ما في الوجود وهو أغلى من جميع الأيديولوجيات ( علمانية – أسلامية – شوفينية .. الخ )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الوسطية هي منهج الاستقامة
ابراهيم احمد الثلجي ( 2014 / 1 / 3 - 19:43 )
مع احترامي للكاتب لست انت من تحدد معنى الوسطية فانت لست معجم لكلمات اللغة العربية ، انما ما فعلته انك اعطيتها معنى يجول في خاطرك لتصل لنتيجة تدعم فكرتك وعليه تفقد لغة التواصل مع القراء لانهم لن يفهموك تماما لاختلاف معنى المفردات
فالوسط بالعنى المجرد منتصف الشيء ذاته المتجانس فاذا كان يعني الطريق فهو وسطه واذا كان يعني الاعمال الفاضلة فهو ارقاها واما المفهوم الحالي المتداول فهو اصبح يعني اللون السكني اسود مع ابيض او قهوة شقرة ومحروقة فهذا يا ساده اسمه مخلوط وبالنسبة للاعمال لا يمكن خلطها لانها ستنتج صنفا اخر فلا يخلط الكذب مع الصدق كما لا يخلط السم مع العسل وهناك من فسر الوسط بان تكون على مسافة واحدة من الناس وهذا حلم جميل لو يتحقق ولكنه غير ممكن لان الناس ليسوا ثوابت فتفقد خاصية الوسط بعد ثوان من حركة الناس غير المتجانسة ، فالامة الوسط هي الامة ذات المباديء السامية التي تسير في وسط الطريق لتحافط على سلامة مسلكها ويكون امامها فرصة لتعديل الخطا مقارنة لو كانت على الاطراف فخطا صغير ممكن ان لا يتدارك وتهوي في واد سحيق وامامنا المثل الواضح حالة الامة العربية غير المتزنة على المنحدر

اخر الافلام

.. 180-Al-Baqarah


.. 183-Al-Baqarah




.. 184-Al-Baqarah


.. 186-Al-Baqarah




.. 190-Al-Baqarah