الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إبليس يسكن الجنة

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 1 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إبليس أو لوسيفر في الثقافة الغربية هو المخلوق الذي أوجده الله ليمثل لنا الشر المطلق في الدنيا..فإبليس هو في الأصل فكرة قبل أن يكون مخلوق يمثل الفكرة..هنا نجد أن الخير المطلق يتمثل في الله الذي يتم تحديه و تحدي أوامره من قبل إبليس المخلوق الذي صنعه بيديه ليمثل لنا هنا إبليس التمرد و الكبرياء التي تقود صاحبها للهلاك..و قرار الله بحتمية دخول إبليس إلى النار لم تكن لكونه إبليس أي الكائن و لكن لأنه المعادل الفلسفي لفكرة الشر الذي يحرك صاحبه للتمرد تجاه أوامر سيده و تجاه التسبب بالأذى للآخرين..و هكذا وجب أن تكون نهاية الشر هي الجحيم الأبدي.

لكن إذا كانت الفكرة هي عقاب الشر المطلق بالجحيم فهنا تكون نسبة احتمالية تحرر إبليس من لعنته الأبدية في تزايد..لن أتحدث عن فرص النجاة التي يمنحها له الآخرون في العالم من حولنا و لكني سأتحدث عن الفرص التي منحها و يمنحها و سيمنحها له من يحملون وكالة تصريف أعمال الرب بيننا هنا في اليمن.

فمن يتحدثون باسم الرب يدَّعون دائماً في خطابهم أنه يمثلون الخير أو في أكثر الحالات "تواضعاً" الحل لجميع مشاكلنا لو فقدنا غرورنا الشيطاني للحظات و قررنا الإصغاء لهم..لا بأس لم لا نُصغي؟؟..ألم تكن خطيئة إبليس الأولى أنه رفض الإصغاء فلم يصغي لربه؟؟..و لكي لا نسير على خطاه يجب أن نُصغي.

و لنبدأ بأكبر مشاكلنا الحضارية و هو نكاح الصغيرات..فهذه المسألة المصيرية جداً لدى الأمة تحتل حيزاً كبيراً من ثقافة الخُطب لدينا..فنحن الأمة التي سيفاخر بها النبي الكريم يوم القيامة عدداً و أن كانت كالأنعام أو أضل فلا بأس فما يهم هنا هو الكم و ليس الكيف..و إصغاءك لتلك الخطب يجعلك تشعر لوهلة أن القضية بالفعل مصيرية جداً و أن كل مصائبنا الأخلاقية هي فعلياً نتاج رفضنا لتك الفكرة..و الحوار مع أي رجل دين عن أن فكرة زواج رجل في الأربعين أو الثلاثين بطفلة في العاشرة هي فكرة مقززة يدخلك فوراً إلى خانة الكفر..وكأن كونك تشمئز من الفكرة اللا إنسانية يجعلك جديراً بحطب جهنم لترافق إبليس.

ثاني مشاكلنا الحضارية هي فكرة الجهاد..فالكثير من علمائنا "الغير" أجلاء يحشدون الشباب لفكرة الجهاد و يعدونهم أيضاً بالحور العين..لنغرق في جهاد غارق في الشهوة لا غارق في حب الرب..فلا أعلم حينها هل سيدخل المقاتلون-أو من يدعون أنفسهم بالمجاهدين-الجنة تبعاً لمقدار شهوانيتهم أم لمقدار زهدهم!!..فإن كانوا مثلنا زاهدين في الحور فمكانهم النار مع إبليس لأنهم تقاعسوا شهوانياً عن نصرة الرب.

و الجهاد هنا مفهوم "مطًّاط" يمطه شيخك حسب ما يروق له..فقد يكون الجهاد هو القتال ضد أي شخص يحثك على التفكير و قد يكون الجهاد ضد أي شخص يخالف فكره و قد يكون الجهاد ضد كل من يخالفك مذهباً أو فكراً أو ديناً و لكنه لن يكون أبداً ضد حاكم فاسد أو إسرائيل فهذان الأمران يسقط حكم وجوب الجهاد ضدهما كما يسقط وجوب الصلاة على الحائض.

ثالث مشاكلنا الحضارية هي "الوكالة عن الرب"..فالكثير من علماءنا تمكنوا من إقناع الكثير من أتباعهم أن الله قد وهن العظم منه و إشتعل رأسه شيبا و لهذا أوكلهم بمهامه فأصبحت لديهم "قُدسية" تكاد تعادل قدسيته..فتجد من يرغي و يزبد أمامك إذا انتقدت شيخه بكلمة و لكنه لا يكترث "كثيراً" لو وجد من يتبول على كتابه المقدس..هنا يصبح الشيخ أو العالم في نظر أتباعه مقدساً و يصبح أي انتقاد له هو انتقاد للرب و لدين الرب..و لو حاول ذلك الشيخ جمع "الحُسنيين" أي السياسة و الدين معاً هنا يصبح إنتقاده ضرباً من ضروب الجنون يفوق جنون قيس بليلى.

متناسين حقيقة أن السياسة و الدين مُحرم إجتمعاها..فكل مرة يجتمعان فيها ينجبان لنا طفل كأطفال "السفاح" نحتار فيه و في نسبه..فلا هو يجيد السياسة و التي تتطلب من السياسي التخلي عن الكثير من قيمه لكي يصل لمبتغاه و لا هو يجيد الدين الذي يتطلب أن يكون من يتحدث عنه نقي القلب.

هنا أجد بعد ثلاث مشاكل "فقط" من مشاكلنا الحضارية أن إبليس جدير بالجنة..فهو لا يمثل الشر المطلق كما نعتقد فهناك من تفوق عليه بمراحل كثيرة..فإبليس تكبر و لم يصغي "فقط" و لكن أساتذة إبليس اغتصبوا الأطفال و قتلوا ونحروا المخالفين و جعلوا الناس تشرك بعبادة ربها بشرا..أفبعد هذا كله نشك أن إبليس سيرافقنا "إن أراد الله" إلى الجنة!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية