الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسائل حول الدين والإله في ضوء العلم والمنطق والعقل [1]

إبراهيم جركس

2014 / 1 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مسائل حول الدين والإله في ضوء العلم والمنطق والعقل [1]
قصّة الخلق: لماذا لا تتشاركها جميع الثقافات؟
أودّ هنا أن أعالج سؤالاً في غاية الأهمية، لماذا لا تتشارك قصّة الخلق جميع الثقافات والحضارات في العالم، إذا كانت قد حدثت فعلاً؟... قد يقول البعض معترضاً أنّ هناك ثقافات وحضارات تتشارك بعض تفاصيل القصّة، وهذا التشابه وحده كفيل لأن يعطي المصداقية لها... حسناً، لكن لا ننسى أنّ هناك تفاصيل لا تتشاركها أيضاً... دعونا لا نكون انتقائيين وننظر بعين العقل إلى الموضوع، لذلك سأعالج المسألة من ناحيتين:
1)إذا كانت هذه القصّة حقيقية، ماذا نتوقّع رؤيته فعلاً؟
2)إذا لم تكن هذه القصّة حقيقية، فما الذي نتوقّعه إذن؟
*إذا كانت القصّة حقيقية
إذا كانت قصّة آدم وحوّاء صحيحة وحقيقية، فمن المعقول توقّع أن يروي آدم وحوّاء قصتهما لأولادهما، والأولاد بدورهم يمرّرونها لأولادهم، وأولاد الأولاد يمرّرونها للأجيال القادمة، ومن ثمّ فإنّ جميع الحضارات والثقافات من مختلف أرجاء الأرض سيشاركونها وتكون لديهم قصّة خلق واحدة مشتركة. لابدّ أنّ الآباء الأوائل كانوا قد أجابوا أولادهم على سؤالهم الفضولي: ((من أين جئنا؟)) بسرد قصّة الجدّ الكبير آدم والجدّة الكبيرة حوّاء وتلاعب الأفعى أو الثعبان بهما عندما كانا في الجنّة، وقصّة التفاحة، وغضب الرب عليهما وطردهما من الجنّة... جميع هذه التفاصيل كانت لتكون مشتركة بين مختلف الشعوب.
إضافةً إلى أنّه لو كان عمر الأرض 6000 سنة فقط، فإنّ هذه القصص لم تتمّ روايتها شفهياً إلا منذ 2500 سنة أو ما يقارب ذلك قبل تدوينها وتسجيلها. قد تبدو هذه الفترة الزمنية طويلةً جداً، لكن بوجود بطاركة وآباء توراتيين كآدم ومتوشلح ونوح كل واحدٍ منهم عاش قرابة 1000 عام، فلابدّ أنّ القصّة تتمتّع باستمرارية عالية ما بين تاريخ الوجود في جنّة عدن وتاريخ تدوينها. ولن تكون هناك حاجة لنزول وحي خاص من عند الله ليرويها، إذ أنّها ستكون قد أصبحت معرفة عامّة وشائعة منذ بداية حدوثها.
إذا كانت قصّة الخلق التوراتية صحيحة، فلابدّ أن تكون هناك تفاصيل عديدة قد نشأت منذ بدايتها ولابدّ أن تتشاركها جميع الشعوب والحضارات والثقافات في العالم بوصفها معرفة مشتركة لأحداث حقيقية وواقعية.
*إذا لم تكن القصّة حقيقية
أمّا إذا لم تكن القصّة حقيقية أو واقعية، أو حتى خاطئة، فمن المرجّح أنّنا سنرى الرواية تخرج من زمان ومكان محدّدين، وأنّ باقي العالم قد نسي تفاصيلها أو نسيها كلّها.
ما يحمله لنا التاريخ هو تشكيلة متنوّعة من القصص والروايات المختلفة من جميع أرجاء العالم، وليست كل هذه الروايات تكرّر تفاصيل رواية آدم وحوّاء والثعبان الناطق والطرد من الجنّة وغيرها من التفاصيل المحورية والجوهرية في القصّة.
وفي حين أنّه من المرجّح أنّ اليهود الأوائل قد شاركوا بعض العناصر من قصصهم مع جيرانهم من الشعوب القريبة منهم والمحيطة بهم والتي هم على احتكاك دائم بها، إلا أنّ هؤلاء الجيران كانوا يختلفون في رواياتهم مع اليهود في تفاصيل قليلة أو كثيرة، أي أنّهم كانت لهم نسختهم الخاصّة من قصّة الخلق. بينما الثقافات والحضارات الأبعد، كالأزتيك والمايا في القارة الأمريكية، أو شعوب الشمال في القارة الأوروبية العجوز، أو الهند والصين في القارّة الآسيوية، أو القبائل الإفريقية في قارة إفريقيا، بقيت جاهلة أو غافلة كلياً عن رواية الخلق اليهودية التوراتية.
*نتيجة
إذاً لماذا لا تتشارك جميع الشعوب قصّة الخلق ذاتها؟
لماذا لا تكون لها قصّة واحدة تجمع نظرتها وتعكس وجهة نظرها الجمعية حول حادثة حقيقية فعلية واحدة إن كانت قد حدثت فعلاً؟
إنّ حقيقة عدم وجود قصّة خلق موحّدة تتشاركها جميع الحضارات والثقافات (أو بعض الثقافات التي تتشارك جميع تفاصيلها على الأقل) متوافقة مع فكرة عدم حدوث هذه الواقعة أو القصّة بشكل فعلي. كل إنسان يتوق ويرغب بمعرفة أصله وكيفية مجيئه إلى هذا العالم ولماذا، لذا من الصعب تصوّر أنّ هذه الرواية _والتي تعتبر أهمّ معلومة حيوية ورئيسية تخصّ جنسنا وأصله ونشأته_ لم تتمّ روايتها أو تناقلها من جيل إلى آخر بشكل دقيق. وحتى إذا كانت كل حضارة قد نسيت قصّة خلقها وأصلها ونشأتها، ألا تعتقدون أنّه سيكون من المفيد أن يقوم الله بنفسه بتذكير هذه الحضارات بهذه القصّة، ويخبرهم إيّاها بطريقة جمعية، بدل أن يخبر بها شعباً بدوياً أمياً، ويختار شخصاً واحداً من هذا الشعب ليخبر العالم كله بقصّة خلقه؟؟!!!!
غريب أليس كذلك؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فعلا
قاسم ( 2014 / 1 / 6 - 15:07 )
أولا تحياتي لشخصك المضيء .. يزداد اهتمامي بما تكتب لأنه يضيء مناطق مظلمة و أحيانا أجد أن تساؤلاتي تعبر عنها بصورة أفضل بكثير مما لو حاولت أنا ، و ربما يشاركني البعض ذلك . حقيقة يوما بعد يوم تتكشف هشاشة مقولات الأديان الإبراهيمية و سيأتي يوم تنهار تماما إما بحدث علمي كاشف أو بالتراكمات الكمية التي ستتحول لتغير نوعي كاسح يكنس كل جهالات التاريخ ... طبعا لا نتوقع زوال الخرافات بين يوم و ليلة لكن نتوقع انحسارها .. تحياتي أستاذ ابراهيم


2 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 1 / 6 - 15:19 )
المفاجئة الصادمة للتطوريين هي ما يعرف بالإنفجار الكامبري .
حيث تبين طبقات الارض أن الحياة المعقدة ظهرت فجأة على سطح الأرض , أي خلقت ولم تتطور, ففي طبقات الارض للعصر الكامبري أي قبل حوالي 600 مليون سنه ظهرت فجاه ولأول مره معظم مجموعة اللافقاريات الأساسية , وقد عثر عليها في شكل كامل و متطور (بعيون مركبة مثلا وليست بسيطة) فيما يعرف بطبقة الصخور الكامبريه .
هذا الانفجار الكامبري هو دليل قوي على الخلق , والإنفجار الكامبري ضربة قاتلة لنظرية التطور توقعها دارون في كتابه (أصل الأنواع) حيث توقع أن ظهور أنواع كثيرة تنتمي لنفس الأجناس أو الفصائل ستكون الضربة القاتلة للتطور لأن ذلك يعني أنهالم تتطور عن بعضها البعض .
راجع :
https://www.facebook.com/photo.php?v=580061928742361&set=vb.161052080643350&type=2&theater


3 - المفاجأة
قاسم ( 2014 / 1 / 6 - 18:54 )
المفاجأة الصادمة لصديقنا عبد الله خلف أن ما يعرف بالإنفجار الكامبري ينقض نظرية الخلق و هي حجة من حجج الخلقين أوهى من خيوط العنكبوت و على طريقة عبد الله خلف نحيله على الروابط العلمية التي ترد على ترهاته ، انظر
http://alex-logic.blogspot.com/2012/03/blog-post.html


4 - الى الزميل قاسم
لهب ( 2014 / 1 / 6 - 20:24 )
.المؤمنون بالاديان الخرافية لن تقنعهم اية ادلة عقلية كانت او علمية خارقة اوكاشفة الان هناك المئات من الحقائق العلمية المثبته والتي تصطدم مع خرافات الاديان ولكن وكما قال المتنبي لكل داء دواء يستطب به الا الجهالة اعيت من يداويها


5 - التبسيط المخل
زينهم عبد الفتاح ( 2014 / 1 / 7 - 02:06 )
عندما يلجأ أحد ما إلى ارتداء عباءة العلم فعليه أن يفهم كيف يكون العلم،نتفق أولا أن العلم هو الوسيلة التى يتخطى بها الإنسان حواجزه الثلاثة : الزمن ومحدودية قدرته الحسية ووانحسارها فى دائرة الطبيعة وهى الحواجز التى تحول بينه وبين الادراك الحسى (البصرى) لواقع ما ولكى يبلغ هذا العلم فهو يتخذ طريقا تضمن له صدق هذا العلم ويتبلور أى منهج علمى فى كلمة واحدة (البرهان)على الصدقولايكون البرهان برهانا إلا إذا كان واقعا محسوسا يؤدى بالضرورة إلى هذا العلم
أنت تبرهن على عدم صحة الخلق بعدم تواترها بين البشر وهو برهان وهمى ليس له وجود واقعى بل هو فى وهمك أنت فلندع البشر والبشرية وننظر إلى شعب واحد ولتخبرنا أنت ماهى القصة التاريخية التى تتحدث عن أحداث ما مرت بهذا الشعب الواحد وتناقلها أفراده تواترا منذ حدوثها وحتى وقتنا هذا؟ وأمامك شعوب الأرض انتق منهم من تشاء؟ ولماذا احتاجت الأمم إلى كتابة التاريخ مادام التاريخ كما تدعى ينتقل بالتواتر ؟
فبرهانك ليس إلا لغوا تحاول به لى الحقائق لتصنع من هواك حقيقة


6 - الانفجار العظيم والوهم العظيم
زينهم عبد الفتاح ( 2014 / 1 / 7 - 02:18 )
بعد أن أصبح العلم على مقربة من حد اليقين أن الكون بمافيه وماهو عليه جاء من لاشىء ....جاء خلقا .... نجد من يدافع عن الوهم العظيم أن الكون جاء بذاته محمولا على أكف الغباء


7 - سؤال
بلبل عبد النهد ( 2014 / 1 / 7 - 04:49 )
اريد فقط ان اعرف اذا كان الله او الرب قد خلق ادم من طين وصنع له زوجته من ضلعه فمما صنع باقي الحيوانات وكيف صنع لها ازواجها


8 - الحجة الكونيه على وجود الخالق
عبد الله خلف ( 2014 / 1 / 7 - 08:14 )
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?52146-%C7%E1%CD%CC%C9-%C7%E1%DF%E6%E4%ED%C9-%DA%E1%EC-%E6%CC%E6%CF-%C7%E1%CE%C7%E1%DE-Fine-tuning-amp-Cosmological-constant


9 - الحضارات تجتمع على خطوط عامة لخلق الكون
رائد الحواري ( 2014 / 1 / 7 - 15:45 )
الحضارة المصرية والحضارة الهلالية تجتمع في اكثر من مسألة فيما يتعلق بخلق الكون، ارجع الى ملحنة -في العلى عندما- البابلية موجودة في كتاب فراس السواح - مغامرة العقل الاولى، وايضا في كتاب -المنثلوجيا السوية- لوديع بشور، وكذلك في كتب -ملاحم واساطير من الادب السامي- لانيس فريحة، واذا رجعنا الى الكتب التي تتحدث عن الديانة المصرية مثل كتاب -الديانة الفرعونية- لالسير ولس بدح، الصادر عن دار منارات في عمان، وكذلك كتاب -الديانة المصرية القديمة- لخزعل الماجدي ستجد العديد من العناصر المشتركة بين الديانتين، وسيكون قريبا جدا على موقع الحوار المتمدن دراسة حول هذا الموضوع


10 - اللاجئون
زينهم عبد الفتاح ( 2014 / 1 / 15 - 00:34 )
يلجأ كثير من المهتمين هوسا بإثبات أن الأديان مصدرها أساطير الأولين إلى الغوص فى كتب الميثولوجيا والإمساك بما تحتويه من أساطير ويقارن بينها وبين ماورد فى الكتب السماوية وتراه يطير فرحا بما يراه من تشابه بين هذه الأساطير المنسوبة لكتب التراث الخاصة بشعوب الشرق والقصص المذكورة فى الكتب السماوية والحق أن لهم العذر فى تعطيلهم لطاقة التفكير لديهم - إن كان لديهم - فالمهووس بالهروب من التزامات الدين الشغوف بتبرير خروجه عن الدين يبحث عن أن أى مبرر يخدع به نفسه معميا بهوسه ليريحها من وغزات ضميره.
ولهم نقول فلتهدأ نفوسكم ولنلجأ قليلا لشىء من التفكير
الرسالات السماوية لم تنقطع منذ الإنسان الأول وكانت كل رسالة سماوية تتحدث للمرسل إليهم عما سيأتى من رسالات وأنبياء وتتحول هذه الرسالات المتنبأ فيها بما سيأتى إلى كتب وروايات تراثية محرفة بالتوازى مع تحريف الرسالة - الدين - نفسها وتحويله إلى دين وثنى فتتحول هذه الروايات التراثية المحرفة عن رسالة سماوية إلى أساطير ترتبط بهذا الدين الوثنى ويأتى صاحبنا المهووس فيمسك بتلابيب هذه الأساطير المتنبأة بما هو قادم ويصرخ هذا هو أصل الأديان ...ياللهوس الغبى

اخر الافلام

.. عدد العائلات المسيحية في مدينة الرقة السورية كان يقدر بنحو 8


.. -فيديو لقبر النبي محمد-..حقيقي أم مفبرك؟




.. -روح الروح- يهتم بإطعام القطط رغم النزوح والجوع


.. بالأرقام: عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان بعد اغتيال الاح




.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت