الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الولادة الكوردية الجديدة بعد كل ذلك الشقاء

مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)

2005 / 6 / 19
القضية الكردية


1
مهاباد.. المهد الأول بعيدة .
تسكن درفات أرواح الكرد وحنينهم إلى جنين الدولة .
ومن مهاباد بقي للكورد الضالعين في الثورات والانكسارات وعقد الصداقات مع الجبال , المزيد من الذكريات وألبومات صور
تقرأ مآلات الأحوال ومدارات الحزن الكردي .
ومن مهاباد بقي للكورد مسعود البارزاني , الذي ولد في زمن الدولة / الحلم , ليبقى بعدها حالماً كبيراً حتى يثمر شجر كردستان .

2
على حدّ الشفرة ولد البارزاني الحالم .
على حدّ الشفرة يعيش البارزاني الحالم .
القدرية الثورية عمدته طفلاً في مهاباد المخاض الأول , والقدرية الثورية تباركه اليوم , وهو يقود أكراده رئيساً في هذه النهايات القصوى .
بين الزمنين خَبِرَ الرئيس / الحلم السياسات العفنة التي تميد تحت الأكراد والبُعاد والمنفى والحلم والموت وحكمة الجبال وتاريخ الوجع الإنساني
وماكينة الفاشية البعثية . ليخرج بعد كل ذلك واثقاً من أن على أرض كردستان ما يستحق التضحية وما يستحق الحلم وما يستحق الحياة .

3
مراراً سقطنا من قطار الثورات .
مراراً سقطت ثوراتنا من قطار التاريخ .
اليوم يمكن لنا أن نوقف كل النزيف التاريخي الكردي , ويمكن أيضاً أن نرسم على ألواح الجغرافية الأزلية , المنسية من الله اسم كردستان شاهقاً كما لم يكن .

4
تاريخنا الكردي رحيل بين الممكن والمستحيل .
في مهاباد كان المستحيل ممكناً . سرعان ما اندلق من بين أصابعنا .. من بين أرواحنا . لندخل بعدها متاهات المحاولة , ومتاهات البحث عن أفق .
في هولير . فتح الأخ مسعود البارزاني المحكوم بالأمل . المحكوم بالحلم المستحيل . الرحالة الكردي الباحث عن خيط الأفق بقجة الثورة , ليخرج قاضي محمد
والخالد البارزاني ورجالات الأمس ويضعهم مجدداً على خارطة العالم , وهكذا تولد مهاباد من جديد , لكن هذه المرة في أزقة هولير والسليمانية ودهوك وزاخو وكركوك .
وهكذا نصبح شهوداً نحن قرّاء الأمس على تصاريف القدر الكردي الذي يخرج من بين الأنقاض كردستان أخرى بفضل بيشمركة كردستان وقائدهم.. المؤتمنين على أسرار الفجر الكردي.

5
بانتخاب البارزاني / البيشمركة رئيساً يصفع أكراد الألفية الثالثة وجه التاريخ , ووجه السياسة , ووجه الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي كان هدفها الأوحد بيع الأكراد في مزادات سرية
إلى الأنظمة العاهرة والمتاجرة بقضية هذا الشعب الذي ينسخ الموت منذ آلاف السنين , ورغم أن الكورد كانوا الوحيدين في مواجهة آليات القمع والموت والتهجير والمبيدات البشرية
والأنفالات والمقابر الجماعية لعقود وعقود ولا أصدقاء سوى الجبال والكلاشينكوف وعلب التبغ والروح القومية الهادرة , فإنهم أثبتوا دونما مواربة أو قهقرى أنهم سائسو المستحيل ومروضو المستحيل , فلهم اليوم دولة وإن لم تك على مقاس الحلم الكردي ورئيس وبرلمان ووزارات , وكفى بعلم كردستان الوضاء شهيداً .

6
يوم انتخاب الرئيس الكردي . كان يوماً لتكريم روح الأجداد . كان يوماً لإعادة الاعتبار إلى التاريخ الكردي والثورات الكردية . التي لطالما أجهضت وأحبطت بفعل تلاقح المصالح العالمية على ظهر الكرد . يوم العرس الكردي وُضِع أكليل نرجس كردي على قبور البدرخانيين الذين حملوا الحلم الكردي على ظهر حبرهم وتبعثروا مرغمين على المنافي ليكتبوا ويناضلوا باسم هذا الشعب العظيم الخالد الحي القيوم . يوم العرس الكردي وضع إكليل نرجس على قبور البابانيين , وإكليل نرجس على قبر قاضي محمد والمهاباديين الأفذاذ , وإكليل نرجس على قبور عبيد الله النهري ومير محمد الرواندوزي والشيخ سعيد بيران وإحسان نوري باشا والجنرال شريف باشا وسيد رضا والبارزاني الكبير .
يوم انتخاب الأسطورة الكردية مسعود البارزاني قَبّرَ الكورد لوزان والجزائر وصُنّاع حلبجة والأنفال وأحزان مهاباد وأحيوا روح الأجداد وعظام الأجداد .

7
نساء الأكراد لن يندبن بعد ذا .
ولن يلدن على دروب النزوح الجبلية بعد ذا .
ولن تمطر الطائرات المحلقة في سماء كردستان فوق الأكراد نابالماً أو كيماويات أو مساعدات إنسانية بعد ذا .
هذه نهاية تراجيديا الكرد , والمشهد الأخير من مسرحية التلذذ بمرأى الدم الكردي الذي أنبت كل هذا الشجر الذي يموت كبيشمركته واقفاً .
ولن نحبس بعد ذا دموعنا ونحن نقرأ الثورات الكردية في تحولاتها الدراماتيكية , فنحن اليوم أقوى من أي وقت مضى , ونحن اليوم نتنفس أوكسجين الأبد الكردي والزمن الكردي الذي يخضر أكثر في وجه كل أعاصير الحقد الجوفاء .

8
ما يحلم به الكرد بعد الحدث الجلل ذاك . أن تتحول كردستان من طقس الشرعية الثورية إلى مناخات الشرعية الدولتية .وأن يتم قطع حبل السرة مع الأيديولوجيات الحزبية في اختصارها لكردستان إلى مجرد كردستان على المقاس الحزبي , للانتقال إلى مفاهيم المجتمع المدني ودولة المؤسسات . حيث يتم تكثيف كردستان إلى حالة مفارقة للحالات الأخرى في دول الجوار .
كردستان الجنوبية تشهد منذ بدايات التسعينيات القرن المنصرم دوراناً في حلقات التحول الديمقراطي بسبب من القلق السياسي والاقتصادي وآن لهذا التحول الديمقراطي أن ينتقل إلى طور الديمقراطية الحقة والناجزة , فالكورد كانوا يقارعون الأنظمة الهمجية لعقود وعقود في سبيل دخول فضاءات الديمقراطية واحترام الاختلاف والتعددية وحقوق الإنسان , وينتظر الكرد والأقليات الأخرى في كردستان من الرئاسة الكردستانية تعميق المفاهيم الديمقراطية وخلق مجتمع الأنوار والنهضة التي كانت الأنظمة الديناصورية المنقرضة حجر عثرة في وجهها .
ما يلزم الكورد بعد كل الشقاء القومي الذي عانوه على أيدي الأنظمة الشمولية الكُلّيانية الرجيمة هو الوعي القومي الديمقراطي وهذا برأيي يشكل انتصاراً بحدِّ ذاته وغلبة على كل عقود الاجتثاث والإقصاء والتهميش المديدة بحقهم .
نحن ككورد نريد أن نكون مفارقين لكل الشعوب الأخرى في الجوار . نحن ككورد نريد أن نكون واحة حرية في صحراء الاستبداد والقمع والمصادرات الكثيرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حكم تاريخي في إسبانيا.. السجن لـ3 متهمين بالعنصرية ضد فينيسي


.. فياض للحرة: سوريا ترى أن تعاطي اللبنانيين في ملف اللاجئين ال




.. وزير المالية الإسرائيلي: إسرائيل لن تنتحر للإفراج عن الأسرى.


.. مراسل العربية: قصف إسرائيلي يستهدف النازحين في المواصي ونسف




.. السودان.. قوات الدعم السريع تطلق سراح مئات الأسرى بمبادرة أح