الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا بروز وازدهار الطائفية بدلا من انتشار وترسيخ الديمقراطية في العراق والشرق الاوسط الكبير؟

اسماعيل ميرشم

2014 / 1 / 15
المجتمع المدني


لماذا بروز وازدهار الطائفية بدلا من انتشار وترسيخ الديمقراطية في العراق و الشرق الاوسط الكبير؟
منذ سنة 2001 وبعد احداث سبتمبر في امريكا، ركزت الادارة الامريكية وخاصة "صقور" المحافضون الجديد" جل اهتمامها على ستراتيجية سموها ب"نشر الديمقراطية في الشرق الاوسط الكبير" على امل تحقيق عدة اهداف جلها تصب في مصالحهم القريبة والبعيدة المدى لكن تبقى في النهاية من الامور الاساسية لضمان مشروعية ايه حكومة في العالم من قبل شعبها لتبقى عملها ودفاعها عن المصالح العليا لذلك الشعب والبلد بغض النظر عن اختلافنا اورفضنا او"مقاومتنا" لوسائلهم ولغاياتهم سواء كانت من وجهة نظرنا استعمارية اوانانية "خسيسة" او انسانية"نبيلة" او غيرها.
قبل احداث 11سبتمر 2001 اغلب الادارت الامريكية وبل جميعها وخاصة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية و خلال فترة الحرب الباردة ولحين احداث سبتمبر كانت السياسة الخارجية لهم في الشرق الاوسط تتركز على دعم وحماية امن اسرائيل وادامة تدفق النفط من منطقة الخليج الى الاسواق العالمية باسعار "مناسبه" فضلا عن دعم ومساندة الانظمة الاستبدادية في المنطقة للديمومة حكوماتها لانها كانت توفر الاستقرار السياسي في المنطقة فضلا عن "محاربة" هذه الانظمة للجماعات الاسلامية المحلية الاصولية المتطرفة والتي كانت محاربة بالاستعانه.
لم تهمهم"الادارات الامريكية" والحكومات الغربية ما تمارسها الانظمة القمعية العربية من انتهاكات لحقوق مواطنيها من قمع للحريات وزج الشباب في السجون وسرقة خيرات البلد وتبذيرها من قبل العائلات الحاكمة وبطانتها بينما قيامها بزج شبابها في الصراعات الاهلية وخوض الحروب الاقليمية العبثيه طالما بقت واستمرت مصالحهم مظمونه.
بعد احداث سبتمر، بعد ان اصبت الادراة الامريكية والغرب الصدمة، ففي2004 قالت وزيرة خارجية امريكا كونديلليزا في القاهرة اثناء القائها محاضرة في الجامعة الامريكية ما معناه، بسسب اعطائنا الاولوية من قبل السياسة الخارجية الامريكية خلال العقود الماضيه وتفضينا الاستقرار السياسي في المنطقة"الشرق الاوسط" على الجوانب الاخرى، قمنا بدعم الانظمة السلطوية في المنطقة، لكن في النهاية لم نحصل لا على الاستقرار السياسي ولا على الديمقراطية! اي ما معناه ولو متاخرا!"فطنوا" بان عليهم القيام بتغيير سياساتهم الخارجية في الشرق الاوسط ودعم نشر الديمقراطية لدرجة اسقاط الانظمة حتى ولو كانت "صديقة" لهم كمبارك او علي عبدالله صالح وغيره في المنطقة. ففعلا دعموا منظمات المجتمع المدني وضغطوا على هذه الانظمة لاعطاء قدر من الحرية والانفتاح السياسي بل قاموا بعمل عسكري لاسقاط بعضها الاخر كما حصلت مع نظام صدام حسين، لكن اسقاط الانظمة بالقوة العسكرية لم تنتج عن ديمقراطيات بل صراعات طائفية في العراق وفي المنطقة . فلو تقصينا اسباب وجذور بروز وربما ترسيخ الطائفية على الاقل على مدى العقود القادمة في العراق خاصة وفي منطقة الشرق الاوسط عامة سنجد بان ميراث الثقيل للانظمة الاستبدادية الذين تسلطوا على رقاب شعوب المنطقة خلال العقود الماضية هم السبب "الاهم" ان لم تكن "الاساسي" قبل ان يكون الاخرون سببها من وراء الحدود، وكما يحلوا للكثيرن تكرارها كنظرية المؤامرة ولو احيانا يمكن الالتجاء اليه خاصة في الستينات وحتى الثمانينات مثلا. في العراق لو بحثنا عن جذور الطائفية التي برزت بعد السقوط ، حيث تاسست حزب الدعوة منذ الستينات للدفاع عن مصالح الشيعة في العراق لكن وبدلا عن وجود ظروف سياسية طبيعية"ديمقراطية" في البلد لتمارس جميع الاحزاب نشاطاتها السلمية وباسلوب ديمقراطي كما في البلدان الديمقراطية، فلم تتعرض الحزب هذه كما حال اغلب بل جميع الاحزاب الاخرى في الساحة العراقية من قبل الانظمة التي حكمت العراق منذ الستينات لغاية 2003 لشتى انواع المضايقات والقمع والاظهاد وصلت اوجهها خلال الحرب العراقية الايرانية عندما طرد النظام السابق عشرات الاف من الشيعة العراقيين الى ايران بحجة"اصولهم الايرانية" فضلا عن زج الاف الشباب الشيعة في السجون وتعرضهم لشتى انواع التعذيب قبل ان يعدموا بتهمة انتسابهم لحزب الدعوة او المجلس الاعلى او انتمائهم للاحزاب الكوردية التي كانت تنشط حينها في كوردستان العراق وممارسة شتى انواع القمع وتعرضهم لشتى انواع الابادة المنظمة الجماعية باستمال الغازات السامة ضد المدنيين وهدم الاف القرى والمدارس والجوامع في حملات الانفال في السبعينات والثمانينات والابعاد القسري لميئات الاف المزارعيين عن قراهم ومصادر ارزاقهم وحرمانهم من العيش الكريم وعلى ارض ابائهم واجدادهم طيلة العقود المنصرمة.
بعد السقوط كانت الشيعة والكورد هم المنظمين الوحيدين بشكل قوي سواء خارج الحدود او داخلها ولانهمهم كانوا المعارضة للنظام مع وجود بعض من السنة العرب على شكل افراد او تنظيمات عارضت النظام بعدما هربت خارج البلاد خشية الملاحقة والقتل من قبل اجهزة النظام، لكن كانت صغيرة ولا تملك جماهيرية داخل العراق مثلما كانت تملكها الشيعة اوالكورد وخاصة الكورد كانوا قد انشاوا ادارتهم الذاتية في المنطقة الكورديه العراق بعد ان قام النظام السابق بسحب جميع الادارات والخدمات الحكومية عن المنطقة بعد انتفاضة اذار عام 1991 مما اجبر الكورد بتشكيل ادارة محلية منتخبة لتمشية امورالمواطنيين الحياتيه في ظل حماية منطقة الامنه في شمال العراق التي فرضها قوات التحالف الدولي بعد حرب الخليج الثانية لحماية السكان بعد ان هجرت بضعة ملايين ديارها ومدنها خشية انتقام قوات النطام مثلما فعلت عام 1988 عندما استخدمت ضد المدنيين الاسلحة الكيمياوية في مدينة حلبجة.
والان لو تمحصنا في الوضع السياسي في بلدان ما يسمى ب "الربيع العربي" بعد سقوط الانظمة الاستبدادية فيها كتونس ومصر ويمن وليبيا وغيرها . فسنرى بان وضع العراق لاتختلف كثيرا عن واقع ما بعد سقوط الانظمة الاستبدادية في بلدان منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا الا في درجة الاستقطاب المجتمعي والعنف وهي ثمار تقطفها اليوم الشعب العراقي المسكين مما بذرها وزرعها اساليب النظام السابق من الاستبداد والقمع التي مارستها اجهزة النظام ضد المعارضيين لسياساته من ابناء الشعب العراقي والحروب والحصار فضلا عن اخطاء قاتله ارتكبتها سلطات الاحتلال بعد الغزو عام 2003.
ففي تونس مثلا فازت حزب النهضة الاسلامي في اول انتخابات ديمقراطية بعد سقوط النظام الاستبدادي السابق لانهم اي الاسلاميون في تونس هم من تعرضوا للقمع وهم من كانوا منظمين بشكل جيد لخوض غمار العملية الانتخابية المبكرة ونفس العملية حصلت في مصر وحركة اخوان المسلمين حيث الورثة الثقيلة لنظام مبارك وقمعه واساليبه ضدهم لعبت دورا كبرا في فوزهم في الانتخابات بعد سقوط النظام.
هكذا حصلت بعد سقوط نظام صدام حسين في 2003 ولو كانت على ايدي قوات الاحتلال لكن في النهاية حصلت انتخابات ومن خلالها حصلت الشيعة والكورد كنتيجة طبيعة لموروث النظام السابق ولانهم الوحيدون كانهوا منظمين بشكل جيد وحققوا اغلبية برلمانية مما اهلهم لتشكيل حكومة وبمرور الزمن اصبحث الصراع على السلطة تاخذ طابعا طائفيا مما تركت اثار سلبية كبيرة على عملية التحول السياسي في العراق، فبدلا من التركيز على الدفع بالعملية الديمقراطية وترسيخها انشغلت كافة الاطراف"الفائزون" بالاحتفاظ بالموقع الجديد وترسيخها خشيه فقدانها والرجوع الى الوضع السابق وبينما "الخاسرون" من العملية السياسية قاموا بمقاومتها رافعين شتى الشعارات "مقاومة" "وطنية"وبتعاون مع اطراف اقليمية عديدة كانت اسقاط النظام في العراق عام 2003في ضد مصلحتها بينما قوت ونمت نفوذ قوى اقليمة اخرى في المنطقة، وكنتيجة حتمية تتطلبها "الواقعية الجديدة"استقطبت الاطراف الاقليمية والدولية كل مع جهة لتدافع وتحافظ على مصالحها الانية والبعيدة المدى تاركا "نشر الديمقراطية وترسيخها" خلف ظهرها. هكذا لم تبقى الطائفية السياسية داخل حدود العراق فقط بل انتشرت في المحيط الاقليمي وربما ستترسخ فيها للعقود القادمة وبذلك لعبت الطائفية اكبر عائق امام نشر الديمقراطية في العراق فضلا عن ترسيخها في منطقة الشرق الاوسط ولذلك ربما شعوب المنطقة سيدفعون ثمنا باهضا لانتشار الطائفية خلال العقود القادمه لانها اساس النفور من الاخر المختلف واصل تاجيج الصراعات والحرب الاهلية بدلا من نشر الديمقراطية-الحقيقية وترسيخها ليتمتعوا بالحريات السياسية والعدالة الاجتماعية والسلام وللجميع بغض النظر عن الطائفة او العرق اواللغة او غيرها من الاختلافات. فجميع هذه الحقوق يمكن توفرها وضمانها لجميع المواطنيين لوانتشرت وترسخت الديمقراطية-الحقيقة في العراق وفي منطقة الشرق الاوسط.
لكن ماذا سيجني الشعب العراقي وشعوب المنطقة من نشر الطائفية وترسيخها في العراق والمنطقة؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا الأولى عربيا وإفريقيا في حرية الصحافة | الأخبار


.. الأمم المتحدة تحذر من وقوع -مذبحة- جراء أي توغل إسرائيلي برف




.. أهالي الدقهلية يشاركون في قافلة لإغاثة أهالي فلسطين


.. يوم حرية الصحافة العالمي: قتل في غزة، قيود في إيران وسجن في




.. طلاب جامعة مكسيكية يتظاهرون تضامنا مع فلسطين